وفي بستان منيمنة وفي سوق القطن في محلة النصارى في باطن بيروت
أوقفها على نفسه وعلى أولاده الذكور من بعده وفي حال إنقراض نسله
توقف على فقراء ومساكين أهل الحرمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة
في 13 ربيع الأول سنة 1259هـ آذار 1843م
لدى متوليه
حضر إلى مجلسنا الشرعي الأنور السيد أحمد إبن المرحوم الحاج حسين القبّاني وهو بأكمل الأوصاف المعتبرة شرعاً في صحة عقل وسلامة بدن، ووقف وحبس وخلد وأبد وسرمد وتصدق بما هو له وفي يده وجار في ملكه وحيازته وتحت مطلق تصرفه النافذ الشرعي إلى حين صدور هذا الوقف ومنتقل إليه بطريق الحق الشرعي البعض من إرثاً والبعض الآخر شراء.
وذلك الموقوف هو جميع كامل الدار العلويّة المعروفة بوالد الواقف المذكور المشتملة على عليتين مسقوفتين بالجسور والأخشاب، يعلو كل واحدة منهما تخت من الخشب وعلى فسحة سماويّة ومطبخ ومرتفق مسقوفين بما ذكر وعلى حقوق ظاهرة ومنافع شرعيّة. يصعد إلى الدار المذكورة بسلم حجر في فسحة الدار التحتيّة الجارية في ملك إبن عم الواقف الحاج مصطفى آغا القبّاني وجميع الأود المعقودة بالمؤن والأحجار الواقعة أسفل السلم المذكور، وجميع النصف الشايع في كامل البير الماء النابع الواقع في الدار التحتيّة المتقدم ذكرها، الكاينة هذه الدار في سوق الحدادين، بطريق المينا الشهير ما ذكر باطن المدينة المزبورة.
يحد الدار الموقوفة قبلة دار محفوظ وشمالاً الخربة الجارية في ملك الحاج مصطفى آغا القبّاني المحرر، وتمامه جنينة حسين باشا وشرقاً دار الحاج مصطفى المذكور وغرباً جنينة السيد محمد ياسين تتمة الحدود، وجميع كامل العمار الواقع في البستان المعروف بالواقف المذكور الكاين بحي عين الباشورة تجاه الجبانة المشتمل على مربعين مسقوفين بالجسور والألواح وإيوان ومرتفق مسقوفين بما ذكر وفسحة دار سماوية، وجميع الإيوان والمربع الذي بداخله المسقفين بالجسور والأخشاب، وجميع البيت العقد والمطبخ الكاينات على نفسه مدة حياته ابداً ما عاش ومدة ما بقي ثم من بعده على أولاده الذكور فقط.
وهم السيد حسين والسيد سعد الدين والسيد محيى الدين فقط دون بناته الإناث وأن بنات الواقف لصلبه وهن خديجة وخان زاده وأسما وسعديّة وصادقة وعايشة لهن السكنى في الدار والعمار الواقع في البستان، إذا ما يمنّ وكن خاليات عن الأزواج مدة حياتهن.
ويتبع الموقوف جميع البستان المتقدم ذكره الذي فيه بستان منيمنة وشمالاً تربة الغرب وشرقاً وغرباً الطريق السالك تتمة حدوده، وجميع كامل المخزن المعقود بالمؤن والأحجار الواقع سفلي دار شاهين طراد، المقابل لمخزن وقف محمد آغا المورلي، الكاين بمحلة النصارى في آخر سوق القطن الشهير ما ذكر باطن المدينة المزبورة، للغلة والإستغلال أي فيما ذكر أخيراً من البستان والمخزن وقفاً صحيحا ًشرعياً على نفسه مدة حياته أبداً ما عاش ومدة ما بقي، ثم من بعده على أولاده لصلبه المذكورين الذكور والإناث على حسب الفريضة الشرعيّة للذكر مثل حظ الأنثيين وإذا ماتت الأنثى من أولاد الواقف المذكورات إنقطع نصيبها من هذا الوقف وعاد إلى أشقائها الذكور فقط دون شقيقاتها الإناث، أبداً ما داموا ومدة ما بقوا وتناسلوا طبقة بعد طبقة وبطناً بعد بطن ونسلاً بعد نسل.
يشترك في إستحقاق هذا الوقف وغلته الأناث منهم، فمن فوقها ويتفرد به الواحد منهم إن لم يكن معه غيره في الموقوف عليهم من أهل درجته وطبقته في إستحقاق ذلك على الإناث منهم أو من أولادهم أو أولاد أولادهم أو أنسالهم أو أعقابهم، قبل إستحقاقه لشيء من ريع هذا الوقف وغلته وترك ولداً وولد ولداً وولد ولد ولد أو نسلاً أو عقباً، عاد نصيبه في ذلك إلى ولده أو ولد ولده أو ولد ولد ولده أو نسله أو عقبه وإستحق ما كان يستحقه ذلك الميت في ذلك لو كان حياً وقام مقامه في إستحقاق ذلك. يشترك في نصيبه من ذلك الإنسان من فوقها ممن ذكر وينفرد به الواحد منهم إن لم يكن من غيره على الشرط والترتيب المذكورين، وعلى أن مات منهم أو من أولادهم أو من أولاد أولادهم أو من أولاد أولاد أولادهم أو من أنسالهم أو من أعقابهم ولم يترك ولداً ولا ولد ولد ولا نسلاً ولا عقباً من الذكور، ولو ترك أنثى عاد نصيبه إلى من يكون من أهل درجته وذوي طبقته من أهل الوقف يقدم قي ذلك الأقرب إلى المتوفي يشترك الإثنان فمن فوقها وينفرد به الواحد حيث لم يكن من غيره في درجة المتوفي أو كان لم يساوه في الأقربيّة.
فإذا إنقرضوا والعياذ بالله تعالى وأبادهم الموت من آخرهم، عاد ذلك وقفاً صحيحاً شرعيّاً على الفقراء والمساكين من أهل الحرمين حرم مكة المشرفة وحرم المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، يجري ذلك كما ذكر أبد الآبدين وهو الداهرين حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
وقد شرط الواقف المزبور في وقفه هذا شروطاً، أحدها أن يبدأ:
* من ريعه وغلته بعمارة الموقوف وترميمه وإصلاحه بما يكون به بقاء عينه.
*أن يكون التولية والنظر على الوقف المحرر له مدة حياته ثم من بعده على أحد أولاده الموقوف عليهم هو سعد الدين.
* أن يكون التولية والنظر للارشد فالارشد من أولاد الواقف بعد وفاته.
* أن لا يولى على الوقف المذكور ولا على شيء منه متغلب، ولا ذو شوكة ولا ذو خيانة ولا يولى عليه عاجز في القيام بمصالحه من عمارته وترميمه وقفاً صحيحاً شرعياً، وصدقة مخلّدة سرمديّة. كلما مر عليها زمان أكدها وكلما أتى عليها أوان ووقت خلّدها وأبدّها. فهي محرمة بحرمات الله تعالى الأكيدة مدفوع عنها بقوته تعالى الشديدة، ولا يباع أهل ذلك ولا شيء منه ولا يرهن ولا يوهب ولا يملك ولا يناقل به ولا ينتقل إلى ملك أحد من الناس أجمعين.
ولا يجوز لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أنه إلى ربه تعالى راجع وصاير، الإحادة عن هذا الوقف ولا شروطه المحررة، اخرج الواقف وقفه هذه عن ملكه وابانه عن حياته إلى ملك الله تعالى فمن بدله بعدما سمعه فإنما اثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم.
وقد أشرك الواقف المذكور معه في النظر، السيد صالح إبن السيد مصطفى قرنفل أن يتم أمر تسجيله وسلمه الأماكن الموقوفة التسلم الشرعي، ثم بعد تمام ذلك عنه للواقف الرجوع عن وقفه المحرر والعودة إلى ملكه كما كان. فادعى الشريك المذكور بأن الوقف غير صحيح لتضمنه الوقف، ولكون بعضه مشاعاً متمسكاً بقول الإمام محمد إبن الحسن أحد الصاحبين رحمه الله تعالى وبعدم لزومه تمسكاً بقول الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان عليه الرحمة والرضوان. فعارضه الشريك متمسكاً بقول الإمام أبي يُوسُف بصحة الوقف وبصحة وقف المشاع ومتمسكاً بقول الإمام أبي يُوسُف والإمام محمد المذكورين وهو: المفتي بلزوم الوقف وعدم صحة الرجوع به، وترافعاً لدى الحاكم الشرعي المومى إليه، وتخاصما فيه أشد الخصام فتأمل الحاكم الشرعي ملياً تأملاً شافياً جليلاً فنظر في جانب الشريك إجحافاً قوياً، فاستخار الله كثيراً وأتخذه هادياً ونصيراً، وحكم بصحة الوقف ولزمه وعدم صحة الرجوع به، وان يضمن الوقف على النفس. ومنع المدعي المذكور عن دعواه المقررة ومن رجوعه بالوقف المحرر حكماً ومنعاً شرعيين مستوفيين شرايطهما الشرعيّة، أوقعها في وجه المدعي إيقاعاً مرعياً غب إعتبار ما وجب إعتباره شرعاً تحريراً في الثالث عشر خلت من ربيع الأول الأنور سنة تسع وخمسين ومايتين وألف 1259.