نماذج من الملامح والإنجازات المغاربيّة في بيروت
إن إسهامات المغاربة أكثر من أن تحصى في بيروت، لا سيما وأن عدداً كبيراً من العائلات البيروتية هي في جذورها من أصول مغاربية، وقد أسهمت هذه العائلات مع عائلات بيروتية بالوصول ببيروت إلى ما وصلت إليه كمدينة عربية ، وكعاصمة لبنانية ، وكمركز من أهم المراكز والمدن الحضارية والثقافية والعلمية.
مجموعة من المغاربة في مرفأ بيروت في أوائل القرن التاسع عشر
ومن بين الملامح والإنجازات المغاربية في بيروت إقامة المؤسسات الاقتصادية والعلمية والدينية والاجتماعية والإنسانية والعُمرانيّة وسواها، منها على سبيل المثال:
1. الإسهام في توسعة وترميم المساجد في بيروت، أو إقامتها بعد استقرارهم وتحسن أوضاعهم الاقتصادية والمالية، لا سيما المساجد في باطن بيروت وفي بعض أحياء المدينة، وما تزال هذه الإسهامات مستمرة حتى الآن.
2.إقامة الزوايا الإسلامية، منها زاوية الحمراء في باطن بيروت التي أقامها آل الحمراء حوالي عام 1390م، وزاوية الخلع المعروفة باسم زاوية البياطرة، وقد أقامها بعض المغاربة في أوائل القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي، وزاوية الشيخ حسن الراعي المغربي، وهو من كبار العلماء المسلمين في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، ويروي الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه (الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز) والذي زار بيروت عام 1711م، بأنه زار قبر الشيخ جبارة في مقبرة بيروت إزاء البحر، وهو من أولاد الشيخ حسن الراعي. ويرجح أن آل جبارة، شباره، شبارو، من نسب هذا العالم المغربي الجليل، كما بنى المغاربة بواسطة أحد أتقيائهم زاوية القطن في العصور الوسطى، حوالي سنة 1390م، كما أقام المغاربة زاوية باب المصلى قرب باب السراي، وزاوية أخرى عُرفت باسم زاوية المغاربة، أنشأها أحد أتقياء المغاربة في العصور الوسطى هو الشيخ محمد المغربي، وكان موقعها قبلي جامع السراي قرب سوق سرسق.
3.أسهم المغاربة وبقية أهل بيروت بإقامة العديد من المؤسسات العسكرية أو المدنية، ومن بينها الأبراج العسكرية أو المدنية منها: برج حمود في شرقي بيروت، وبرج بيهم، وبرج سلام، وبرج شاتيلا، وبرج الخضر، وبرج المدور، وبرج قدّورة، وبرج الحمراء، وبرج اللبان، وسواها من الأبراج. ومن أهم أبواب بيروت التي سميت باسم إحدى العائلات البيروتية المغربية الأصل باب إدريس وهو أحد أبواب بيروت السبعة. ومن أهم المناطق التي أسهم المغاربة بتأسيسها هي منطقة الحمراء التي ما تزال حتى اليوم من المناطق الأساسيّة في بيروت ولبنان.
4.الجبّانات: نظراً لكثرة المغاربة في بيروت، ونظراً لخصوصيتهم طيلة قرون عديدة فقد أقاموا لأنفسهم جبانات خاصة بموتاهم خارج سور بيروت، يأتي في مقدمتها جبانة المغاربة، وهي بالقرب من جبانات المصلى، الخارجة، الغرباء. وفي القرن العشرين أقامت فرنسا جبانة خاصة بالجنود المغاربة العاملين في قواتها العسكرية، وذلك في محلة قصقص في الطريق الجديدة وهي إحدى أهم المناطق البيروتية، وما تزال هذه الجبانة قائمة حتى اليوم بالقرب من جبانة الشهداء.
5.الأسواق التجاريّة: أسهم المغاربة في تطور الأسواق التجاريّة والحرفية في باطن بيروت، منها: سوق العطارين، سوق القطن، سوق النقاشين، سوق الخياطين، سوق النحاسين، سوق الصاغة، وسواها. كما جلبوا من بلادهم الأشتال والمزروعات والفواكه المغربية لزراعتها في بيروت وبلاد الشام منها الليمون المغربي.
6.المدارس والمعاهد والجمعيات: أسهمت العائلات المغربية في إقامة العديد من الكتاتيب والزوايا العلمية والمعاهد والجمعيات في باطن بيروت وفي ضواحيها، ومن يطّلع على وظيفة الزاوية يدرك أهميتها الدينية والتعليمية. ومن يطّلع على أسماء العائلات التي أسهمت بتأسيس أهم جمعية بيروتية تعليمية ألا وهي جمعيّة المقاصد الخيرية الإسلامية يدرك الصفة والأصول المغربية لتلك العائلات، فضلاً عن إسهامها في إقامة البيمارستانات والصيدليات لا سيما في القرن التاسع عشر في العهد العثماني.
|