آل البربير (القحف)
من الأسر الإسلامية البيروتية المعروفة، تعود بجذورها إلى شبه الجزيرة العربية، وأصلها من الحجاز من قبائل القحف، وهي من الأسر الشريفة المنسوبة لآل البيت النبوي الشريف. واستناداً إلى مفتي بيروت «الشيخ عبد اللطيف فتح الله» -1766-1844م - ، وهو تلميذ مفتي بيروت «الشيخ أحمد البربير»، فإن أسرة البربير كانت تُعرف باسم قبيلتها «القحف». وقد أشار المفتي فتح الله في ديوانه جـ 1 ، «إلى أستاذنا السيد محمد أفندي إبن السيد عبد اللطيف لإبن السيد أحمد القحف الشهير بالبيرة، العلامة الشهير والشاعر الفرد...» .
قيل لأسرة البربير قديماُ بأنها قبيلة القُحافي نسبة إلى قُحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن سعيد بن مالك بن نسر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن حَلف بن خثعم، وهم بيت خثعم، منهم إبراهيم بن عبد الله بن النعمان بن تيم بن كعب بن مالك بن قُحافة القُحافي. كان شريفاً من الشام، وشهد مع معاوية حروبه على ما جاء في كتاب إبن الأثير «اللباب في تهذيب الأنساب» 3/16.
قطنت الأسرة في مصر فترة طويلة أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والمغرب العربي والاندلس. برز بعضها في الميادين الدينية والإجتماعية والسياسية، في مقدمة هؤلاء مفتي بيروت الشيخ أحمد أبو العباس شهاب الدين البربير الشامي البيروتي. من مواليد دمياط بمصر - 1160-1226هـ / 1747-1811م - ، وهو إبن عبد الليف بن أحد بن محمد. ع الشيخ أحمد إلى بيروت سنة 1183هـ ، ثم توجه إلى دمشق، ثم عاد إلى بيروت، فأكرهه الأمير يوسف الشهابي حاكم الجبل على توليه القضاء في بيروت، فقام بأعبائه، ثم استعفى منه لورعه وتقواه. ثم عاد إلى دمشق عام 1195هـ ، وسكن في الصالحية. كان أديباً وفقيهاً وعالماً وشاعراً. من تلامذته مفتي بيروت الشيخ عبد اللطيف بن علي فتح الله، كما كان له تلامذة كُثر في دمشق. توفي الشيخ أحمد البربير في دمشق، ودُفِن بسفح جبل قاسيون في مدفن بن الزكي في جوار الشيخ الأكبر.
وأشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت إلى عدد من وجهاء آل البربير، وقد تولى عدد منهم منصب عمدة التجار في بيروت، منهم السيد محم بن عبد الرحمن البربير عمدة التجار المعتبرين، كما عُرف من اأسرة محمد جلبي البربير، والسيد يوسف بن عثمان البربير، والسيد عمر البربير، والسيد عثمان بن حسن البربير، والسيد عثمان بن الحاج محمد البربير، ومنهم أيضاً مصباح بن محمد بن أحمد البربير العالم والأديب واللغوي الذي تتلمذ على نقيب السادة والأشراف الشيخ عبد الرحمن النحاس والشيخ عبد الله خالد، والشيخ إبراهيم البربير: وكان بشير البربير مدير بوستة الاتحاد العثماني، وأحد مؤسسي جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، كما كان الشيخ محمد االبربير الذي خط بخطّه تاريخ جامع الإمام اأوزاعي على رخامية سنة 1320هـ .
كما برز منهم بديع البربير. ومن علماء بيروت أيضاً العلامة الشيخ محمود البربير، وهو خال الرئيس صائب سلام. انتقل الشيخ محمود البربير خلال الحرب العالمية الأولى - 1914-198م مع بعض العائلات البيروتية مثل آل بكداش، وآل حلاق إلى منطقة برجا في إقليم الخروب، وبعد إنتهاء الحرب تمسك به أهل المنطقة بسبب علمه وأخلاقه وتفانيه، فتزوج من المنطقة من سيدة من آل الحاج وأقام بها، فتفرع من آل البربير فرع جديد في برجا ما يزال فيها أبنائه وأحفاده حتى اليوم، من بينهم الصيدلي صائب الربير وأنجاله. كما تفرع عن الأسرة فرع في صيدا، برز منها الكثير في مختلف الميادين. كما تزوج جدّ آل بكداش العدو سيدة من آل بكري، في حين تزوج جدّ آل حلاق سيدة من آل جنّون. وكانت العلاقات الإجتماعية والاقتصادية بين عائلات بيروت وعائلات إقليم الخروب قد تطورت منذ العهد العثماني إلى اليوم.
وفي بيروت برز من الأسرة في القرن العشرين العميد الأول لآل البربير الطبيب البارز الدكتور نسيب بديع البربير، ولد في بلدة برجا بجبل لبنان سنة 1912م، في حين انه نشأ ببيروت بعد ان انتقل والده اليها سنة 1917م، ودرس بالكلية الإسلامية، ثم التحق بكلية الطب الفرنسية، وتخرج منها كطبيب متخصص بألجراحة، برز اسمه بعد ان كان مرافقا، للرئيس رياض الصلح، عندم اغتيل سنة 1951م، في شرق العاصمة الاردنية، استهوته الحياة الاجتماعية والخدماتية، فأسس سنة 1940م، مستشفى دار الصحة للأسر ذات الدخل المحدود، كما ساهم بتأسيس المستشفى الاسلامي، والقسم الطبي بدار العجزة، والاسعاف، الخاص باللجئين الفلسطينين، ثم انشاء مستشفى البربير، وهي من اهم مستشفيات بيروت، في فترة الخمسينيات، والستينيات، وفي سنة 1966م، اختاره الرئيس رشيد كرامي ليكون وزيرا للصحة العامة، ثم اصبح عضوا في اللقاء الاسلامي سنة 1976م، ورئيس رابطة الأسر البيروتية منذ عام 1951م ، يحمل وسام الأرز اللبناني من رتبة فارس، ووسام النجمة الأردني. تأهل من السيدة بهية البربير، في حين انه لم يرزق بألأولاد فأسس جمعية تحمل اسمه وهي ‹مؤسسة الدكتور نسيب البربير الطبية› واوصى بنقل ملكيتها كوقف بعد مماته، حيث وافته المنية سنة 1991 م .
الدكتور نسيب البربير
كما برز مؤخراً الوزير الأسبق فاروق البيربير، والعميد الثاني لآل البربير عدنان بديع البربير شقيق الدكتور نسيب البربير، كما برز منهم الدكتور الطبيب مروان نور الديب البربير، والطبيب الدكتور نصير البربير وسواهم الكثير.
أما لفظ بربير فهو ليس كما كان يظن مشتقة من اللفظ الأجنبي Barber أوBarbierأي «حلاق» فالحقيقة أن العرب إستخدموا لفظ بربير كثيراً وأطلقوها على أوراق البردى المصريّة وقد إستعملها المؤرخ والجغرافي إبن حوقل عندما تحدث عن بالرمو عاصمة صقلية بقوله وفي ظلال أراضيها بقاع قد غلب عليها البربير وهو البردي المعمول منه الطوامير، ولا يُعلم لما بمصر من هذا البربير نظيراً على وجه الأرض ، إلا ما بصقلية منه، وأكثره يُفتل حبالاً لمراسي المراكب وعلى هذا فإن لفظ بربير أطلق على المشتغل بهذه الصنعة.
أما أسرة القحف في دمياط وبيروت، فقد تحوّل اسمها إلى لقب البربير، غير أنه ما يزال في مصر أسرة القحف وأبو القحف. وقد لاحظت من خلال تتبعي لهذه الأسرة، بأن في بيروت أسرة ما تزال تحمل اسم «القحف» بخلافة الغالبية من الأسرة الشريفة التي حملت لقب البربير في بيروت وصيدا وبرجا.
عُرف من أسرة القحف في بيروت السادة: أديب صادق القحف، عبد اللطيف
كما عُرف في مصر - لا سيما في مدينة الإسكندرية - أسرة قحف، وأسرة أبو قحف، عُرف منها الأستاذ الجامعي المتميّز الأستاذ الدكتور عبد السلام أبو قحف أستاذ في كلية التجارة وإدارة الأعمال في جامعة الإسكندرية وجامعة بيروت العربية.
والقَحف لغة تعني عظم الرأس أو العظم فوق الدماغ، أو ما انفلق من الجمجمة فانفصل عنها، كما تطلق القحف على الرجل الذي يشرب كل مما في الإناء، كما أت القُحف هو السيل الجارف.
|