آل إسحق (إسحاق)
جذور متعدّدة جمعها الإسم واللقب
من الأُسر المسيحية البيروتية واللبنانية، تعود بجذورها إلى قبيلة إسحق العربية التي توطنت في بلاد الشام ومن بينها سوريا ولبنان وفلسطين وولايات عربية أخرى. لهذا تبين بأن الأسرة قد توزعت في مناطق عديدة في لبنان مثل: غزير وبعلبك ودير الأحمر وطرابلس وشمال وجنوب لبنان والشوف وسواها من مناطق لبنانية، غير أن فروعها ليست على أصول وجذور واحدة، إنما يجمعها اللقب والإسم.
برز من أسرة إسحق في بيروت منذ العهد العثماني المحامي والصحافي البارز عوني إسحق من الطائفة الكاثوليكية الأرمنية الذي كان يتولى تحرير صحيفة «مصر» في القاهرة، وصحيفة «التقدم» في بيروت. وكان منذ عام (1913م) عضواً في جمعية بيروت الاصلاحية منتدباً عن طائفة الأرمن الكاثوليك. كما برز نجله عبد الله عوني إسحق (1896-1968م) من مواليد بيروت عام (1896م)، تلقى دروسه في مدرسة الفرير في بيروت، ثم درس الحقوق في الجامعة اليسوعية وحصل على الإجازة منها. انتسب إلى نقابة المحامين عام (1919م)، وتدرّج في مكتب والده المحامي عوني إسحق، وفي عام (1920م) عُيّن سكرتيراً لمديرية العدلية. انتخب عبد الله عوني نائباً عن دائرة بيروت في انتخابات عام (1929م)، وكان عضواً في عدة لجان نيابية. توفي في بيروت في 17 أيلول عام (1968م).
كما عرفت بيروت وصيدا فرع آخر من أسرة إسحق المسيحية برز منها النائب الأسبق سمير أديب إسحق، من مواليد صيدا عام (1938م)، درس في الجامعة الاميركية في بيروت، انتسب عام (1959م) إلى حزب الكتائب اللبنانية، انتخب نائباً عن بيروت عام (1968م) عن الدائرة الأولى، وكان عضواً في عدة لجان في المجلس النيابي.
ولا بد من الاشارة إلى أن بيروت عرفت أسرة إسحق المسيحية الأرمنية الأصل، في مقدمتها الأديب والصحافي أديب إسحق (1856-1885م)، ولد في دمشق، عاش وتوفي في بيروت. أديب أرمني الأصل، أقام في مصر، واشترك في الحركة الوطنية، فأنشأ صحيفة «كصر». له روايات تمثيلية ألفها مع الروائي والصحافي سليم نقاش. جمعت مختارات من آثاره بعد وفاته في مجلد بعنوان «الدرر».
عُرف من أسرة إسحق في بيروت في التاريخ الحديث والمعاصر السادة: إبراهيم، إسحق أوهانس، إلياس، أندره، إيلان، باسيل، بسام، جان، جرجس، جورج، حبيب، حنا، خير الله، روفايل، رئيف، شربل، صلاح، صليبا، ضومط، عطيّة، غنّام، فخر، فريد، فوزي، كمال، كيفورك، مرعب، موسى، ميشال، ميلاد، نعمان، نهرا، وليد، يوسف إسحق وسواهم.
وإسحق لغةً: من الأسماء والألقاب السامية التي تعني الضاحك أو المبتسم. وإسحق أحد الأنبياء، وهو ابن سيدنا إبراهيم عليه السلام والسيدة سارة، وهو والد النبي يعقوب والنبي عيسى.
الأديب أديب إسحاق
تعتبر بيروت المحروسة من المدن العريقة في نشأتها وتاريخها وتراثها وعائلاتها، وهي من المدن التي قامت بدور بارز في التاريخ اللبناني والعربي والدولي. وقد تميّزت منذ نشأتها قبل الميلاد بوجود عناصر سامية من أصول عربية، كان في مقدمتها العنصر الفينيقي السامي العربي، وهو العنصر الذي هاجر من شبه الجزيرة العربية في الألف الثالث ق.م. حاملاً معه لغته وعاداته وتقاليده وأسماء مدنه مثل: بيروت وصيدا وصور وجبيل وأرواد وسواها. ولهذا فإن جذور النشأة البيروتية ما قبل المسيحية والإسلام كانت نشأة عربية. ولما افتتح العرب المسلمون بلاد الشام ابتداء من سنة (13) للهجرة التقى العرب الجدد بالعرب القدامى المستقرين منذ آلاف السنين في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية. لهذا فإن عروبة بيروت تعود إلى أكثر من خمسة آلاف سنة على الأقل، وليس إلى ألف وأربعمائة سنة كما يدّعي البعض. من هنا ندرك تماماً العوامل الحقيقية التي تدفع بالبيروتي إلى التفاعل بشكل لافت للنظر مع القضايا العربية والقومية. ونحن لا ننكر أن بيروت تعرضت عبر التاريخ لموجات من السيطرة الفرعونية والآشورية والبابلية واليونانية والرومانية والإفرنجية وسواها، غير أن جميع هذه الموجات لم تستطع أن تصهرها في بوتقتها بسبب تناقض التكون التاريخي والديموغرافي بين تلك الموجات وبين أبناء بيروت وبلاد الشام قاطبة. ونتيجة للفتح العربي لبلاد الشام ومن بينها بيروت، فقد آلت في نهاية المطاف مدينة عربية إسلامية شهدت في ما بعد العهود الأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية، ومن ثم السيطرة الفرنسية للبلاد بين أعوام (1918 ـ 1946م). ومن هنا ندرك كم مر على بيروت والمنطقة من شعوب وأنظمة حكم، ومن هجرات سكانية من الخارج، ومن نزوح سكاني من الداخل إلى هذه المدينة العريقة، غير أن العرب والمسلمين استطاعوا وبشكل نهائي تعريب المدينة ومن ثم أسلمتها.
لهذا فإن تكوُّن المجتمع البيروتي يعتبر تكوُّناً عربياً بالدرجة الأولى، بل إن تكوُّنه يعتبر مميزاً بسبب قدرة بيروت والبيارتة على «بيرتة» غير البيروتيين، وصهرهم في ظل المجتمع البيروتي في حين أن الكثير من الحواضر والمدن الكبرى لم تستطع أن تهضم المهاجرين أو النازحين إليها، أو أن القادمين إليها استطاعوا هضمها وابتلاعها وتغريبها عن عاداتها وتقاليدها ولغتها.
ومن الأهمية بمكان القول، وانطلاقاً من التاريخ العربي المشترك، ومن التاريخ المشترك لبلاد الشام، فإن التأريخ للعائلات البيروتية، إنما هو في الوقت نفسه التأريخ للعائلات اللبنانية وللعائلات العربية في اليمن وسوريا ومصر وفلسطين والعراق وبلاد الحجاز والأردن والخليج العربي، والجزائر والمغرب وتونس وليبيا وسواها من البلاد العربية.
|