آل البابا من الأسر الإسلامية البيروتية والصيداوية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى القبائل العربية المنسوبة إلى آل البيت النبوي الشريف. وقد أمدنا السيد غسان البابا البيروتي بوثيقة تاريخية قديمة تظهر النَسَب الشريف لأسرة البابا. أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والمغرب العربي، لهذا فإنها توطنت في مدن وولايات عربية عديدة، ومن بينها بيروت وصيدا وطرابلس وأقليم الخروب وسواها. وقد أشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت في القرن التاسع عشر لا سيما «السجل 1259هـ ، ص 18 -22-24-25-76-135-1430» إلى توطن أسرة البابا في باطن بيروت ضمن السور ومنهم السادة: أحمد البابا، عبد القادر بن أحمد البابا الريس، علي البابا، مريم بنت الحاج محمد البابا، وأبو علي قدور البابا وسواهم. ولعل وثائق المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة قد أمدتنا بمعلومات تفيد بأن فرعاً من آل البابا أصبح مع الزمن يحمل لقب الريس وإن فرعاً آخر يحمل لقب قدور، علماً أن هناك بعض الأُسر البيروتية من جذور عائلية أخرى حملت لقب الريس ولقب قدور. من جهة ثانية، فقد توطن في بيروت منذ العهد العثماني أسرة البابا الصيداوية والتي حملت في بيروت لقب «الغول» ، ومن بين رموز هذه الأسرة البارزة الفنان البارز المرحوم محمد شامل «الغول» - 1909 - 1999 م - المتوفي في بيروت في 4 أيار عام 1999م ، والذي أسهم بإسهامات أدبية وفكرية وفنية وتربوية على غاية من الأهمية سواء في بيروت أو في لبنان أو في العالم العربي، وقد ابتدأ حياته في الميدان التربوي مربياً وأستاذاً ومديراً لمدرسة عين المريسة، ثم أمتهن التأليف والتمثيل الإذاعي والتلفزيوني لعقود عديدة، وترك بصماته على الفن المسرحي والإذاعي والإذاعي والتلفزيوني طيلة القرن العشرين، وقد أخبرني قبل وفاته بسنوات على أصل أسرته أنها من صيدا من آل الباب، وقد لُقب جد الأسرة بالغول بسبب نهمه محبه لكثرة الأكل، وبسبب طوله وضخامته فلُقّب بالغول وبات لقباً جديداً وأساسياً للأسرة لا سيما منذ إحصاء - عام 1932م - . وبرز من أسرة البابا الصيداوية - البيروتية: العلامة الشيخ سليم البابا - 1869 - 1932م - من مواليد صيدا - عام 1869م - تلقى علومه الدينية والعربية في صيدا، ثم أتقن القراءات وبرز في ميادين الفقه والإجتهاد والتدريس والمحاضرات. دّرس عدة سنوات في مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا، ثم أنتدب عام - 1906م - للتدريس في مدرسة برهان الترقي في طرابلس، فكان من تلاميذه الرئيس عبد الحميد كرامي والرئيس سعدي المنلا. في عام - 1909م - انتدب الشيخ سليم البابا للتدريس في مدارس بيروت وفي دار المعلمين للعلوم الدينية والعربية، كما انتدب لتعليم الخط في المدرسة السلطانية، ثم درّس في الكلية العثمانية لصاحبها الشيخ أحمد عبّاس الأزهري، وفي دار العلوم لصاحبها الشيخ نديم الأرناؤوط. كان الشيخ سليم البابا نهضوياً وخطيباً وشاعراً، وكان عضواَ في جمعية التحاد والترقي، مطالبا ًبالإصلاح والتحديث مع أصدقائه عبد الحميد الزهراوي، والشيخ مصطفى الغلاييني ومحمد بك بيهم والشيخ مصطفى نجا ورامز بك المخزومي مدير المعارف وسواهم. عمل على بث الروح القومية العربية، وعلى بث التسامح والأعتدال. من شعره المشهور أمام الأمير فيصل بن الشريف حسين عام - 1919م :
ومن شعره في ضباط السفينة الحربية العثمانية «الحميدية» عام - 1912م - أثناء دخولهم قصر محمد بك بيهم:
توفي العلامة الشيخ سليم البابا في بيروت المحروسة في - 3 آب عام 1932م - ، وشُيّع بموكب حافل رسمي وشعبي. أعقب ثلاث بنين هم السادة: الخطاط الشهير كامل، وشريف وصلاح، وست بنات كلهم تخرجوا من دور المعلمات، ووقفن حياتهن على تعليم الناشئة وفي ميدان التربية والتعليم. كما برز من الأسرة الرئيس القاضي محمد البابا عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، والداعية الشيخ أحمد البابا أحد علماء الشرع الشريف في بيروت وأحد خطباء مساجدها البارزين لاسيما مسجدي رمل الزيدانية «عمر بن الخطاب» وعائشة بكار، كما برز الرسام الشهير توفيق البابا والرائدة الإجتماعية السيدة وفاء البابا، والطبيب الدكتور إبراهيم البابا، والاستاذ الجامعي الدكتور طلال الباب وأحد مؤسسي نادي الأنصار في منطقة الطريق الجديدة في بيروت السيد مصطفى البابا. وعُرف من الأسرة السادة: الكابتن الطيّار زياد البابا، سميح البابا عضو مؤسس في النادي العربي وأحد روّارد القومية العربية في بيروت منذ خمسينات القرن العشرين، وهو أحد الناشطين في الحقل العام، غسان البابا صاحب لإحدى المطابع في بيروت، الطبيبة الدكتورة فاطمة البابا، وسواهم. ومن الملاحظ أن بيروت شهدت بروزاً لفرع من أسرة البابا الصيداوية يتقدمهم صاحب حلويات البابا الممتازة والشهيرة، ومن الملاحظ أيضاً بأن بيروت شهدت أيضاً أسرة البابا حلبية الأصل، كما عرفت بيروت أسرة البابا المسيحية وهي قليلة العدد، كما عرفت أسرة مسيحية باسم «بابا أوغلي»، كما عرفت بيروت أسرة يونانية الأصل هي أسرة «بابا دوبلس» . أما البابا لغةً فهي تعني الأب، كما كانت لقباً للمسؤول عن بيت الأمراء والأغنياء في العصور الإسلامية، كما أن البابا إصطلاحاً تعني الرجل الوقور والوجيه بين قومه، علماً أن «البابا بلدة من بلدات جزين» .
|