آل تابت
من الأُسر المسيحية البيروتية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى القبائل العربية التي توطنت في مصر وبلاد الشام والمغرب العربي، ومن بينها بيروت وبحمدون وجديدة المتن ودير القمر وسواها من مناطق لبنانية. وقد تبين أن هذه الأسرة قد اتجهت منذ القدم إلى العلم والتجارة، فانخرطت منذ العهد العثماني في الاشتغال في الحياة العامة، ويشير صاحب كتاب «عشائر الشام» إلى قبائل الثابت، وفيها بطون آل زرعة في مشيخة صعب بن متعب الأحدب، وآل جاسم وآل نجم وآل عمار وآل دياب، ومنهم يتبعون عشائر شمر في نجد والعراق والشام وسواها.
كما أن ابن الأثير في كتابه «اللباب في تهذيب الأنساب» أشار إلى قبيلة بني ثابت التي برز منها الفقيه الشافعي أبو نصر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن ثابت البخاري الثابتي، سكن بغداد وحدّث فيها، توفي عام (449هـ). كما برز الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي بن ثابت الحافظ البغدادي، صاحب التصانيف المشهور، توفي عام (463هـ) في بغداد. كما برز مفتي الحرمين الشريفين الإمام عبد الرحمن بن محمد بن ثابت بن أحمد الثابتي، توفي عام (495هـ)، كما برز من قبيلة ثابت الكثير من علماء وأئمة آخرين.
من جهة ثانية، فقد برز في ميادين العلم والترجمة ثابت بن قرة (836 - 901م) رياضي وطبيب وفيلسوف ومترجم، عاش في بغداد. له الكثير من المؤلفات والترجمات، وقد أشار «معجم قبائل العرب» إلى ثلاثة بطون من آل ثابت، وكلها بطون عربية توزعت في المغرب العربي والعراق وبلاد الشام، ومنها حلب.
برز منها في القرن السابع عشر الميلادي إبراهيم بك تابت، كما برز أحد أحفاده المطران جرمانوس ثابت، المتوفى عام (1833م)، رئيس أساقفة جبيل، منشئ مدرسة يوحنا مارون عام (1813م)، ومن أنسبائه نعمة ثابت مترجم القنصلية الإنجليزية في بيروت المحروسة. كما برز من الأسرة أيوب ثابت الأول من كبار التجار في القرن التاسع عشر بين بيروت وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وكان له الفضل في جرّ مياه نهر الكلب إلى بيروت عام (1873م).
وتشير وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة، لاسيما السجل (1259هـ/ 1843م) إلى معاملات لأسرة ثابت، منهم السادة والسيدات: إسحاق، خليل، منصور، وحنة، خطار، مريم وهلون ومحبة بنت منصور ثابت وسواهم. كما برز من أسرة ثابت إبراهيم أفندي تابت عضو جمعية بيروت الإصلاحية عام (1913م)، والوجيه البيروتي البارز سليم بك ثابت، والوجيه جورج ثابت، فضلاً عن أيوب ثابت عضو جمعية بيروت الإصلاحية، والذي أصبح عام (1943م) رئيساً مؤقتاً للدولة اللبنانية، وهو من الأقليات المسيحية. ونظراً لدور آل تابت في الحياة العامة، وبالرغم من توزعهم بين الطائفة المارونية والبروتستانتية، فقد توصل بعضهم إلى مناصب سياسية رفيعة، نذكر منهم السادة:
1ـ إميل يوسف ثابت (1873 - 1951م)، من مواليد بيروت في (29 تشرين الأول 1873م)، تلقى علومه في المدارس اليسوعية في بيروت، وأتقن الفرنسية والإنجليزية والعربية والتركية. نال خبرة في ميدان التجارة على والده يوسف أفندي ثابت، كما أقام تجارة وزراعة له في مصر. كان من معارضي الدولة العثمانية، وله علاقات جيدة مع قنصلي فرنسا وإنجلترا.
انتُخب عام (1925م) نائباً عن المتن في المجلس التمثيلي، وكان عضواً في اللجنة المالية، وفي لجنة الإدارة العامة. أنجب ذكراً أطلق عليه يوسف على اسم جدّه. توفي إميل يوسف ثابت في بيروت في (8 تشرين الأول عام 1951م).
2ـ أيوب جرجس تابت (1874 - 1947م)، من مواليد بحمدون عام (1874م)، ومن المتوطنين في بيروت حيث درس في المدارس الإنجيلية في بيروت، ثم تخرج طبيباً عام (1893م)، كما أكمل تخصصه في الطب في الولايات المتحدة الأميركية، وعمل منذ عام (1905م) في إحدى مستشفيات نيويورك.
وبالرغم من عمله الطبي، غير أنه كان يميل إلى السياسة، فانتسب إلى جمعية بيروت الإصلاحية عام (1913م)، كما شارك في المؤتمر العربي الأول في باريس عام (1913م). كانت له اتصالات قوية مع الفرنسيين باعتباره من المعادين للسياسة العثمانية، مما دعاه للجوء إلى نيويورك خلال الحرب العالمية الأولى هرباً من الدولة العثمانية، وبعد انتهاء الحرب عاد إلى بيروت.
في (14 أيار عام 1922م) عيّنه الحاكم الفرنسي ترابو عضواً عن الأقليات في المجلس التمثيلي الأول عن بيروت، ثم عيِّن عضواً في مجلس الشيوخ في (24 أيار 1926م)، وبعد إلغاء مجلس الشيوخ عام (1927م)، أصبح أيوب ثابت عضواً في مجلس النواب الذي استمر حتى عام (1929م)، ثم انتخب نائباً عن مقعد الأقليات في بيروت عام (1934م). وفي عام (1937م) عيِّن نائباً عن الأقليات في بيروت، وفي انتخابات عام (1943م) انتخب نائباً عن بيروت للمرة الأخيرة، وظلّ حتى وفاته.
عُيِّن في منصب أمين سر الدولة اللبنانية في عهد الرئيس إميل إده، وفي (18 آذار عام 1943م) تولى أيوب تابت رئاسة الدولة اللبنانية لفترة قصيرة كادت البلاد أن تقع في فتنة طائفية بسبب إصداره للمرسومين (49 و50).
له بعض المؤلفات، منها «عبرة وذكرى» أو «كلمة حول الشورى» عام (1909م)، وديوان شعر بالعامية بعنوان «الوادي». توفي في (14 شباط عام 1947م).
3ـ جورج فيليب تابت (1890 - 1966م)، من مواليد بيروت عام (1890م)، تلقى علومه في مدرسة الآباء اليسوعيين وفي مدارس سويسرا. اشتغل بالحقل العام منذ مطلع شبابه، فعُيِّن رئيساً للجنة الغوث الخيرية وقدّم مساعدات خيرية في بيروت والجبل. ترأس بلدية صوفر، وبسبب عطاءاته منحه متصرف جبل لبنان لقب بك. في عام (1942م) أسّس الرابطة المارونية، وكان من أنصار الكتلة الوطنية، ومن المقربين من الرئيس إميل إده.
في عام (1925م) انتُخب نائباً عن بيروت، وأُعيد انتخابه في دورتي (1929 و1937م)، وكان عضواً في العديد من اللجان النيابية. في أيار عام (1927م) عُيِّن وزيراً للداخلية في حكومة الرئيس بشارة الخوري، كما عُيِّن في تشرين الأول عام (1937م) وزيراً للتربية الوطنية والاقتصاد الوطني في حكومة الرئيس خير الدين الأحدب، ثم عدلت هذه الحكومة، فأسندت إليه وزارة الداخلية في كانون الثاني عام (1938م). توفي في (12 آذار عام 1966م). قامت بلدية بيروت بتكريمه، فأطلقت اسمه على الشارع الممتد من منطقة الجامعة الأميركية نزولاً إلى عين المريسة.
4ـ سليم داود ثابت (1864 - 1948م)، من مواليد دير القمر عام (1864م)، تلقى علومه في مدرسة الآباء اليسوعيين ومدرسة الأميركان في دير القمر. عمل مبكراً في الدوائر الحكومية العثمانية، واستمر في الترقي إلى أن أصبح عام (1898م) رئيساً لمحكمة البترون، ثم عيّنه المتصرف مظفر باشا مستشاراً خاصاً لديه، ثم انصرف عام (1910م) لتعاطي مهنة المحاماة. ثم عُيِّن عام (1915م) عضواً في مجلس إدارة متصرفية جبل لبنان خلفاً لداود عمون. عُرف بعلاقته الوطيدة مع آل أرسلان وآل جنبلاط. توفي في (21 أيار عام 1948م)، ودُفن في مسقط رأسه في دير القمر.
وبرز من آل تابت (ثابت) في التاريخ الحديث والمعاصر، السادة: المهندس أنطون تابت مهندس أهم المباني والإنشاءات المعمارية في بيروت وفي مقدمتها مبنى السان جورج تجاه فندق فينيسيا إزاء تمثال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كما عُرف من الأسرة الكثير من رجال الأعمال والأطباء والمحامين والمهندسين والصيادلة، منهم السادة: إبراهيم جرجي، إبراهيم نجيب، إدوار الياس، إدوار خليل، ألبير ميشال، ألفرد جورج، إلياس، إميل، الطبيب الدكتور إميل ثابت، أندره ميشال، أنطوان، رجل الأعمال أنطوان صبحي تابت، أنطوان مارون، أنيس ملحم، إيلي، إيليا، بشاره، بطرس، بيار، تابت جورج تابت، جاد أنطوان، جاك، جان، الطبيب الدكتور جان رؤوف تابت، جان ميشال، جبران، جرجس لحد، جميل، القانوني الدكتور السفير جوي تابت حفيد إبراهيم بك تابت الذي استقبل البطريرك الياس الحويك عام 1915 في دارته تمهيداً للقائه مع القائد جمال باشا. كما برز جورج، القاضية جوسلين، فرنسوا تابت، رجل الأعمال جورج تابت، الطبيب الدكتور جورج سيمون تابت، جورج موريس، رجل الأعمال جوزيف تابت، الطبيب الدكتور جوزيف رفائيل تابت، جوي فؤاد، حبيب خليل، حنا أنطوان، حنا نجيب تابت صاحب شركة شحن بحرية، البروفسور خالد الياس تابت أول لبناني عين مديراً للاستعدادية في الجامعة الأميركية، خالد سعيد تابت، خليل الياس، خليل بولس، خليل حبيب، رزق الله، روبير، روجيه، روني، رياض عبد الله، ريمون، رئيف، سامي، سليم ديب، سليم سليمان، سليمان بطرس، سمير، سهيل، سيمون، شارل، شاكر، شربل، شفيق، الصيدلي تابت، طانيوس، طوني، عادل، عاطف سليمان، عبد الله الياس، عزيز، عصام، فادي ميشال، فارس، فرنسوا، فؤاد، فيليب، كابي، كبريال، كريم، كمال، كميل، لويس نجيب، مارسيل، مارون، منير، موريس، ميشال كميل، الطبيب الدكتور ميشال يوسف تابت، ميلاد، نبيل، نجيب الياس، نديم، نقولا، هنري، وسيم، وليد لويس، يوسف تابت وسواهم. كما ورد اسم الأسرة بصيغة ثابت عُرف منها السادة: جوي فؤاد ثابت، روني أندره، رياض عبد الله، ريمون نعوم، شفيق الياس، فؤاد فارس، كمال نجيب، مارون جوزيف، ميشال الياس، يوسف ثابت وسواهم.
ومن الملاحظ أن بيروت شهدت أيضاً أسرة إسلامية قليلة العدد حملت اسم تابت (ثابت)، عُرف منها السادة: جمال محمد تابت من سكان شارع المكحول قرب الجامعة الأميركية في بيروت، وفادي محمد تابت من سكان شارع كاليفورنيا (شارع محمد عبد الوهاب) قرب الجامعة الأميركية أيضاً، وخميس محمد ثابت من سكان شارع فرسان الهيكل وسواهم.
وتابت أو ثابت لغة واصطلاحاً لقب لإحدى القبائل العربية القديمة، وهو لقب يطلق أيضاً على الرجل الثابت على رأيه ومبدأه، وهو الذي لا يغير عادة في مبادئه ومواقفه، فهو ثابت الرأي.
|