آل الشيخ (فتح الله غندور الشيخ)
من الأسر الإسلامية البيروتية الشريفة المنسوبة لآل البيت الشريف، لا سيما إلى سيدنا الحسين بن علي من فرع زين العابدين التي تعود بجذورها إلى القبائل العربية، التي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام، ومن ثم المغرب العربي والأندلس. لهذا نجد أن أسرة الشيخ وفتح الله وغندور منتشرة في عدد كبير من المناطق البيروتية واللبنانية والعربية. وقد استقر فرع منها في الأندلس، وبعد سقوطها نزح فرع منها إلى طرابلس الغرب وبلدان المغرب العربي. كما نزح فيما بعد فرع منها إلى مدينة «غزة هاشم» ومنها إلى بيروت في القرن السابع عشر الميلادي، حيث استوطنتها الأسرة منذ فترة مبكرة من التاريخ. وآل غندور فتح الله وآل فتح الله الشيخ وآل فتح الله شاكر، وآل فتح الله صادق، وآل فتح الله رضوان، وآل فتح الله وهبي وآل فتح الله ورشان وآل فتح الله غندور عز الدين، كلها تعود إلى جذور عائلية واحدة، تفرعت إلى عدة عائلات إسلامية بيروتية استناداً إلى جد كل فرع للتمييز بين كل فرع منها. وجميعُ هذه العائلات وفروعها ذكرت على النحو المشار إليه في وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت. وقد أشار السجل 1281-1282هـ، (ص 127) إلى محلة عرفت باسم «محلة فتح الله» في باطن بيروت قريباً من الحمام الصغير، مما يشير إلى الوضع الاجتماعي للعائلة.
برز من الأسرة بصيغ أسمائها وألقابها العديد من رجالاتها ووجهائها. وقد أشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت في القرن التاسع عشر إلى العديد من هؤلاء منهم على سبيل المثال لا الحصر السادة: أحمد الشيخ، الشيخ فتح الله، الحاج سعيد غندور فتح الله، وشقيقه الحاج غندور عز الدين، وعبد القادر ومحمد غندور فتح الله الشيخ، محمد بن مصطفى فتح الله، محمد وهبي فتح الله، السيدة زينب بنت الشيخ صادق فتح الله الشيخ، الحاج سعيد بن الحاج محمد غندور فتح الله الشيخ غندور، الحاج شاكر رضوان فتح الله الشيخ، عبد القادر بن الحاج محمد غندور فتح الله الشيخ، علي بن صادق فتح الله الشيخ، مصطفى بن الحاج محمد غندور فتح الله الشيخ، مصطفى بن شاكر بن الحاج فتح الله الشيخ. كما عرف محمد ومحيي الدين وحسن غندور فتح الله الشيخ، ومحيي الدين الشيخ، ومصطفى الشيخ ومصطفى محمد فتح الله غندور الشيخ.
وبرز من الأسرة من مشاهيرها الأوائل في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين السيد عبد الباسط فتح الله (1871-1929) وهو ابن الشيخ حسن ابن مصطفى ابن محمد فتح الله، كان أديباً وعالماً تتلمذ على الشيخ محمد عبده، وحضر درس إِمام اللغة الشيخ إبراهيم اليازجي، ودروس العلامة البطريرك ديمتريوس القاضي في الآداب الفرنسية والتاريخ القديم والحكمة الطبيعية، وهو الذي ساعد الشيخ أحمد عباس الأزهري عام 1895 على تأسيس الكلية الإسلامية العثمانية، ودرّس فيها وساعد في إدارتها. كما شارك السيد عبد الباسط فتح الله بتأسيس عدة جمعيات علمية وخيرية وسياسية. وكان عضواً مؤثراً في جمعية بيروت الإصلاحية عام 1913، وعضواً عاملاً في جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، وعمل على وضع عدد من أنظمتها الداخلية. كما أصبح عضواً في «المجمع العلمي العربي» في دمشق. له عدة مقالات نشرت في صحيفة «ثمرات الفنون» وسواها. وترجم عن الفرنسية عدة كتب منها: كتاب «مسألة النساء» لأرنست لوكوفي.
ومن الأهمية بمكان القول، إن وثائق المحكمة الشرعية في بيروت أشارت لفترة القرن التاسع عشر إلى السيد حسن بن مصطفى الشيخ والسيد عبد الواحد بن مصطفى الشيخ وهما من فرع أسرة فتح الله الشيخ المشار إليها. كما تمت الإشارة في السجلات ذاتها إلى الحاج محمد غندور. كما أشار السجل 1281-1282هـ ص (213) إلى السيد حسن بن أحمد عبد الله الغندور العكاوي، مما يشير إلى أن هذا الفرع من آل غندور هو في الأصل من مدينة عكا.
رواد صناعة وتجارة واقتصاد ورجال قضاء وعمل اجتماعي
كما لا بد من التنويه بأحد أهم وجهاء بيروت الحاج حسن غندور أحد تجار بيروت في العهد العثماني، ومصباح غندور عضو مجلس ولاية بيروت عام 1892، وسعد الدين غندور رئيس المحكمة البدائية للحقوق عام 1893، والتاجر عبد الغني سعد الدين غندور، ومحمد غندور مؤسس معامل غندور وشقيقه عبد القادر غندور. كما برز من الأسرة عبد الحميد غندور عضو جمعية بيروت الإصلاحية، والقاضي عبد الباسط غندور رئيس هيئة التفتيش القضائي، وفوزي غندور رئيس الغرفة الدولية للملاحة، والحاج عمر غندور أحد أهم الوجوه الرياضية والصناعية والاجتماعية في بيروت ولبنان، وقد تبوأ رئاسة نادي النجمة البيروتي لخمس وثلاثين سنة، داعماً ومتبرعاُ ومتفانياً في سبيل نهضته ورقيه ورقي الرياضة في بيروت ولبنان والعالم العربي. وقد توجه أخيراً نحو العمل الاجتماعي والوطني لما فيه خدمة بيروت ولبنان.
دور آل الشيخ الخيري
أما فيما يختص بآل الشيخ، فقد برز منها أحد أهم الوجوه البيروتية الحاج أنيس الشيخ الذي أقام وأسس العديد من الجمعيات والمؤسسات الذي تولى رئاسة عمدتها لسنين عديدة من بينها لجان وروابط الأحياء البيروتية، ودار العجزة الإسلامية وسواها. كما برزت ابنته السيدة أنيسة الشيخ في الأعمال الاجتماعية والخيرية. كما برز الحاج عبد الغني الشيخ، ومصباح الشيخ، والدكتور عادل الشيخ، وطبيب الأسنان الدكتور مازن الشيخ، وحسانة فتح الله الداعوق رائدة العمل الإجتماعي - الخيري
وممن برز من آل فتح الله أحد وجهاء بيروت في العهد العثماني التاجر مصطفى فتح الله الجد، الذي كان يملك دارة كبرى تجاه الجامع العمري الكبير بالقرب من الحدرة. كما برز أولاده سعيد وخليل وحسن، والعالم العلامة عبد الباسط فتح الله (1871-1929) الذي سبق الإشارة إليه. كما برز ولده مصطفى فتح الله الثاني مؤسس «دار الكشاف للطباعة والنشر» وصاحب مجلة «الكشاف» والرئيس الكشفي والملقب «بالنسر الطائر»، وولده العالم المحقق زهير عبد الباسط فتح الله، الذي تميز بالعلم والأدب والتحقيق واللغة. وقد أصدر كتاباً محققاً عن مفتي بيروت الشيخ عبد اللطيف علي فتح الله المفتي (1768-1844) صدر عن المعهد الألماني للبحوث الشرقية.
كما برزت ابنته السيدة المرحومة حسانة فتح الله الداعوق رئيسة جمعية العناية بالطفل والأم، إحدى رائدات العمل الاجتماعي والخيري في بيروت ولبنان. والناشطة الاجتماعية نبيلة فتح الله صعب. وهنا لا بد من أن نذكر في هذا المجال بأن عائلة فتح الله الشيخ هي غير عائلة فتح الله المفتي التي برز فيها في العهد العثماني مفتي بيروت الشيخ علي فتح الله المفتي، وابنه مفتي بيروت الشيخ عبد اللطيف فتح الله المفتي، وقد تم التمييز بينهما من خلال لقب «الشيخ» ولقب «المفتي»، علماً أن الأسرتين من أصل مغاربي.
ومن الأهمية بمكان القول، بأن أسر الشيخ وفتح الله وغندور حرصت منذ سنوات على إِعادة جذورها العائلية إلى ما كانت عليه في العهد العثماني، على اعتبار أنها أسرة واحدة من جذور وأصول واحدة، فعملت على تأسيس جمعية عائلية تضم جميع فروع العائلة، عوضاً من أن تؤسس عدة جمعيات عائلية، وذلك حرصاً منها على وحدة وتضامن العائلة البيروتية.
هذا، وقد برز في التاريخ المعاصر من أسر فتح الله غندور الشيخ المئات من الوجوه التجارية والاقتصادية والصناعية والطبية والقضائية والقانونية والرياضية والهندسية وسواها نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر السادة: إبراهيم، أحمد، أسعد، إسماعيل، أنور، بدر، بسام، بلال، توفيق، جودت، السيدة حسانة، حسان، حسن، حسين، حكمت، حلمي، خالد، خليل، راشد، رامز، رضوان، رفيق، رياض، زكريا، زهير، زياد، سامي، سليم، سميح، سمير، المرحوم الحاج شفيق ابن الحاج محمد عمر غندور المتوفى في بيروت في أول شباط عام 2014، صلاح، طارق، عادل، عامر، عبد الباسط، عبد الرحمن، عبد السلام، عبد العزيز، عبد الغني، عبد الكريم، عبد الله، عثمان، عدنان، عصام، علي، عمر، فادي، فاروي، فؤاد، فوزي، محمد، محمود، محيي الدين، مروان، مصباح، مصطفى، منير، نبيل، هيثم، وجيه، وسيم، وليد، يحيى، يوسف والزميل الصحافي محمود غندور وسواهم الكثير.
ومن خلال المقارنة التي أجريت على أسماء عائلات فتح الله وغندور والشيخ، فقد لاحظت أن العائلات الثلاث تحرص على تسمية أسماء مشتركة تمثل جامعاً مشتركاً عند أفراد العائلات الثلاث.
ولا بد من الإشارة أيضاً، بأن بعض المناطق اللبنانية والعربية شهدت أسماء عائلات فتح الله وغندور والشيخ، من بينها عائلات إسلامية وأخرى مسيحية.
هذا، وقد شهدت طرابلس الشام (لبنان) عائلة غندور، وهي من العائلات الإسلامية السنية البارزة، سورية الأصل، حلبية الجذور كما يقول أجداد الأسرة، وكان يعرف أحد أجدادها في حلب ومن ثم في طرابلس باسم محمد آغا جلبي الخلاصي الذي لقب بالغندور بسبب أناقته ولياقته. وأشهر من برز من أسرة غندور الطرابلسية الوجيه رجل الأعمال غسان غندور، وعبد الحميد فاضل غندور عضو غرفة تجارة طرابلس وسواهم الكثير.
سنّة وشيعة ومسيحيون حملوا لقب «غندور»..
والأمر اللافت للنظر، أن بعض الأسر اللبنانية حملت بدورها لقب غندور من بينها أسرة غندور السنية البقاعية، وقد برز منها القاضي الشيخ زكريا غندور. كما عرف من أسرة غندور في بلدة الزعرورية في إقليم الخروب الأستاذ الجامعي الدكتور ضاهر غندور، وهم في الأصل من آل الربيع. وبرز من أسرة غندور الشيعية في جنوب لبنان الحاج عبد الحميد توفيق غندور، وأولاده المهندس عزت، ود. أحمد ود. عادل ود. علي غندور. كما برز من الأسرة الجنوبية المهندس علي إسماعيل غندور، والعميد الركن في قوى الأمن الداخلي عبد الكريم غندور، وفؤاد غندور الرئيس التنفيذي للجاليات اللبنانية في دول وبلاد الاغتراب. كما عرفت أسرة الغندور المسيحية التي انتشرت في أكثر من منطقة لبنانية. كما برز السيد علي إسماعيل غندور مؤسس الخطوط الجوية الملكية (عاليه).
أما ألقاب فتح الله وغندور والشيخ لغة، فإن لقب فتح الله إنما مستمد من كلمة فتح بمعنى النصر، كما تأتي بمعنى الخير وفاتحة الخير من الله عز وجل. أما غندور فهي صفة للرجل الجميل الأنيق السمين بعض الشيء الذي يتغندر في مشيته متبختراً فخوراً، فيقال له «الغندور». أما لقب الشيخ فتقال عند المسلمين للعالم، في حين تقال عند المسيحيين لبعض وجهاء الطوائف المسيحية، وهو لقب ناله بعضهم في العهد العثماني فعرفوا باسم المشايخ والمقدمين. ولا بد من التنويه إلى معلومة مهمة عثرت عليها في كتاب مفتي بيروت الشيخ عبد اللطيف فتح الله المفتي (1768-1844) تشير إلى أسرة غندور العيتاني.
|