آل المجذوب من الأسر الإسلامية البيروتية والصيداوية والطرابلسية والبقاعية والعربية. وتميزت تلك الأسرة بالتقوى والإستقامة والتدين والعلم، وأسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والمغرب العربي ، لاسيما في ناحية الساقية الحمراء من مدينة فاس في بلاد المغرب الأقصى. ومنذ العهود الإسلامية الأولى توطنت في فاس ومن ثم في باطن بيروت المحروسة وفي مناطق لبنانية وعربية عديدة منها مصر والسودان وسوريا وفلسطين والمغرب وسواها. تعود بأصولها إلى جدها الأول العالم الجليل الشيخ محمد المجذوب الذي كانت له زاوية في باطن بيروت عرفت باسم زاوية المجذوب التي كانت تقع بالقرب من موقع المجلس النيابي اليوم. وقد أنشأها في أواخر القرن العاشر الهجري وقبل منتصف القرن الثامن الهجري (793هـ-1390م) في عام 1920 قامت السلطات الفرنسية بهدمها في جملة ما هدمته من زاويا في باطن بيروت المحروسة. وكان آل المجذوب قد توارثوا إمامة هذه الزاوية منذ إنشائها إلى ما يقارب خمسمائة عام، تخلل هذه السنوات تولي مشايخ آل الرفاعي إمامتها لمدة خمسين عاماً، وكان هؤلاء يقيمون فيها الأذكار على الطريقة الرفاعية. كما أقام آل المجذوب مسجد المجذوب قرب بوابة الشاكرية في صيدا. كانت قائمة في باطن بيروت في مكان دار الكتب الوطنيّة الملاصق للبرلمان اللبناني، وكان يوجد بجوارها حمام الشفاء الصغير ، بينما يرى الشيخ طه الولي في كتابه (تاريخ المساجد) أنها كانت تقع في باب إدريس مكان البنك البريطاني وهو المكان القريب من دار الكتب. عام 1920م قامت بلدية بيروت بهدم الزاوية في ما هدمته من المدينة القديمة، وكان آل المجذوب قد توارثوا إمامة هذه الزاوية منذ القرن العاشر الهجري مدة ثلاثمائة سنة إلى أن تولى إمامتها مشايخ آل الرفاعي مدة خمسين سنة، وكان هؤلاء يقيمون فيها الأذكار على الطريقة الرفاعيّة، ثم عادت لآل المجذوب حيث بقيت إمامتها لهم إلى زمن الاحتلال الفرنسي عام 1920م. ولا بد من الإشارة إلى أن الزاوية عُرفاً هي غير المسجد وغير المزار، فالزاوية تُسمى أيضاً تكيّة، وهي بناء متواضع تحت قبته مسجد صغير يجتمع فيه طوائف من المريدين من أتباع شيخ الزاوية، بهدف الصلاة وتلاوة الأوراد وإقامة الأذكار لله تعالى، كما أن الزاوية قد تكون في بعض الأحيان ملجأ ومأوى للعابرين أبناء السبيل وأصحاب العاهات الذين يجدون فيها الطعام والملبس مما يساق إلى الزاوية من صدقات المحسنين، كما كانت الزاوية بمثابة مدرسة يتلقى الصبيان فيها الدروس الدينيّة وتلاوة القرآن وتجويده والنّحو والصرف والفقه والفرائض والحديث والتفسير والحساب، والفكرة الدينية التي قامت على أساسها الزوايا، انبثقت من أنظمة الصوفيين والزهّاد ، وهي الأنظمة القائمة على الزهد والورع والعودة إلى السنّة في بساطة العيش وسمو الغاية . برز من أسرة المجذوب العلامة المرجع سيدي الشيخ محمد المجذوب الجد الأول للأسرة في بيروت، وحفيده العالم الفقيه الشيخ محمد المجذوب (1727-1793) ونجله البكر الحاج مصطفى المجذوب وحفيده السيد محمد ابن الحاج مصطفى المجذوب. وكان الحاج مصطفى المجذوب قائداً عسكرياً في العهد العثماني تولى لسنوات عديدة حماية ثغر بيروت المحروسة (1756-1813). كما برز الحاج يحيى المجذوب (1758-1801) متسلم ومحافظ مدينة بيروت عام 1799، ورجل الأعمال التاجر الحاج أحمد المجذوب (1834-1913) والعلامة الشيخ عبد الرحمن المجذوب (1834-1889) الذي كان مرجعاً للفتوى في العهد العثماني، كما برز نجله العلامة الشيخ إبراهيم المجذوب (1865-1937) بن الشيخ عبد الرحمن بن الحاج مصطفى بن الشيخ محمد من سلالة سيدي الشيخ محمد المجذوب الكبير. كانت له إِمامة زاوية المجذوب ووظيفة التدريس في زاوية سيدي البدوي في باطن بيروت المحروسة، ووجهت إليه الخطابة في جامع بيهم في محلة ميناء الحصن، وفي الجامع العمري الكبير. كما كان عضواً في الجمعية العلمية. كما عين في عام 1920 معاوناً لمفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا. له دواوين شعرية، وله قصائد نبوية. هذا، وقد برز من علماء آل المجذوب العلامة الشيخ حسن بن الحاج أحمد المجذوب (1868-1935) الذي تدرج في سلك القضاء، فأصبح نائباً لقاضي بيروت، وفي عام 1914 أسندت إليه إمامة جامع أبي النصر، وفي عام 1916 أسندت إليه إمامة الطابور العثماني، وبعد انقضاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 عاد إلى مزاولة مهامه في المحكمة الشرعية. له العديد من المؤلفات المخطوطة. هذا، وقد أشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت في العهد العثماني في القرن التاسع عشر إلى العديد من علماء وأعيان آل المجذوب منهم السادة: إبراهيم، أحمد، حسن، الحاج عثمان بن الحاج يحيى، الشيخ محمد، الحاج مصطفى، محمد بن الحاج مصطفى، وسواهم. كما أشار السجل (1259هـ) وسواه من سجلات المحكمة الشرعية في بيروت إلى منازل ودور عديدة في باطن بيروت لآل المجذوب. كما برز في بيروت الدكتور عثمان بن الحاج أحمد (1900-1938). وبرز في بيروت وصيدا محمود آغا المجذوب عضو مجلس الإدارة في ولاية بيروت، والحاج حسني بك المجذوب أحد وجوه وأعيان صيدا وولاية بيروت ومدير البرق والبريد (1853-1942). كما برز عام 1880 الحاج محمود المجذوب مرشح عضوية محكمة بداية صيدا عام 1880، وكان رجلاً وطنياً مؤمناً بعروبته ضد التتريك. وبرز السيد يوسف المجذوب عضو المحكمة التجارية في صيدا. كما برز الحاج محمود المجذوب منذ أواخر القرن التاسع عشر الذي عرف بأخلاقه وثروته الطائلة وأعماله الخيرية العديدة. كما عرف من الأسرة الحاج أنيس المجذوب (1884-1956) مفتش بلدية صيدا (د.طلال المجذوب: تاريخ صيدا الاجتماعي، ص 366). كما برز الوجيه توفيق المجذوب، والدكتور محمد المجذوب رئيس الجامعة اللبنانية الأسبق، ونائب رئيس المجلس الدستوري السابق، وعضو ونائب رئيس مجلس أمناء وقف البر والإحسان في بيروت، ورئيس المنتدى القومي العربي، كما تولى سابقاً منصب عميد كلية الإعلام وعميد كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية. كما برز نجله القاضي والأستاذ الجامعي الدكتور طارق المجذوب. وبرز طبيب العيون الدكتور حسني المجذوب المستشار السابق للرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما برز المؤرخ والأستاذ الجامعي الدكتور طلال المجذوب. كما برز في طرابلس الدكتور فاروق المجذوب، والسيد أحمد المجذوب والسيد محمد المجذوب وسواهم. كما برز من أسرة المجذوب الفنان والممثل البارز عبد المجيد المجذوب. كما برز العديد منهم في البقاع. ولابد من الإشارة إلى أن آل المجذوب في بيروت وصيدا وطرابلس والبقاع تجمعهم جمعية آل المجذوب العائلية التي يرأسها الدكتور محمد المجذوب، مع أهمية الإشارة إلى أن سجلات المحكمة الشرعية في صيدا تشير إلى أن أسرة المجذوب تفرع منها أسرة الصباغ. عرف من آل المجذوب في التاريخ الحديث والمعاصر السادة: إبراهيم، أحمد، أنيس، باسم، بلال، توفيق، جمال، ربيع، رمضان، زهير، زياد، الأستاذ الجامعي الدكتور سمير المجذوب ونجله الصيدلي محمد المجذوب. كما عرف من الأسرة السادة: خبير واختصاصي النظارات الاوبتيسيان سامر، سلام، طارق، طه، عبد الحفيظ، عبد الرحمن، عبد القادر، عبد اللطيف، عبد المجيد، عبد الهادي، عثمان، عصام، عصمت، علي، غالب، فاروق، فتحي، محمد، محيي الدين، مصطفى، نائل، نبيل، نزار، نزيه، وليد، يوسف المجذوب وسواهم. والجدير بالذكر أن أسرة المجذوب، فضلاً عن شهرتها العلمية والأخلاقية، فقد اشتهرت بالتخصص في أمراض وطب العيون، وبيع النظارات الطبية، وقد شهد باطن بيروت منذ ما قبل عام 1975 محلات مجذوب للنظارات بالقرب من جامع السراي (الأمير عساف) تجاه بنك لبنان والمهجر في باطن بيروت. كما شهدت منطقة فردان محلات مجذوب لطب العيون. والمجذوب لغة هو الشخص المسلم كثير التدين والتقوى والتصوف، بحيث يُجذب إلى الله تعالى، ونظراً لروحه المجذوبة لله تعالى، فقد عرف جد الأسرة الأول باسم «المجذوب» أي المجذوب لله تعالى. ونظراً لإسهامات آل المجذوب البارزة في بيروت المحروسة وصيدا والعالم العربي، فإننا نشير إلى بعض أعلام الأسرة الكريمة وإسهاماتهم: 1- سيدي الإمام الشيخ محمد المجذوب هو الجد الأعلى لآل المجذوب في بيروت المحروسة منذ أواخر القرن العاشر الهجري، وكان عالماً عاملاً وتقياً مخلصاً وصوفياً كبيراً، وقد كانت له إمامة زاوية المجذوب المنسوبة إليه، يقيم فيها الصلوات الخمس ويقوم فيها بالوعظ. وكان اتخذ له مصلى في جبانة الباشورة في ثلثها الأول من الجهة الشمالية الغربية يختلي فيه للتعبد ومناجاة الحق جل وعلا إناء الليل وأطراف النهار، وكان مسكنه مع أفراد عائلته قرب زاوية المجذوب في محلة المجذوب المنسوبة إليه في باطن بيروت المحروسة. توفي عن بنين وحفدة، نهجوا في نهجه، وسلكوا طريقه، وتمشوا على أخلاقه، ودفن جانب مصلاه في جبانة الباشورة، وقبره الشريف يزار ويتبرك به، وقد زاره وتبرك به وقرأ له الفاتحة سيدي العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي أثناء مروره في بيروت كما هو مذكور في كتاب رحلة النابلسي وأرضاه. وقد جدد بناء مقامه الشريف حفيده أبو حسن الحاج أحمد المجذوب وبهذه المناسبة كتب سيدنا الشيخ إبراهيم المجذوب على شاهد القبر هذه الأبيات:
2- الشيخ محمد المجذوب الثاني: هو حفيد سيدي الشيخ محمد المجذوب «الأول» ولد عام 1140هـ، وكان عالماً فقيهاً من أهل التقوى والصلاح، وتولى إمامة زاوية المجذوب، ليقوم فيها مقام أبيه وجده بإقامة الصلوات الخمس والوعظ والإرشاد وقد رزق من الأولاد الحاج مصطفى والحاج يحيى والسيد حسن والسيدة عائشة المجذوب وتوفي عام 1208هـ. 3- الحاج مصطفى المجذوب: هو النجل البكر للشيخ محمد المجذوب (الثاني) ولد عام 1170هـ، وقد انصرف في بدء شبابه عن المشيخة وإمامة زاوية المجذوب إلى وظيفة (تفكجي باشي بيروت) وهي رياسة القوة المسلحة لحماية ثغر بيروت وتوطيد دعائم الأمن فيها، وتزوج الحاج مصطفى المجذوب السيدة منصورة بنت السيد محمد قدورة ورزق منها ولديه السيد إبراهيم والسيد محمد وتوفي عام 1228هـ. 4- السيد إبراهيم المجذوب: هو ابن الحاج مصطفى المجذوب، ولد عام 1205هـ، وعاش أمياً وكان يقول ليتني تعلمت القراءة والكتابة ولو بقلع عيني اليمنى. وقد انصرف إلى الأعمال التجارية وكان من الرجال المعدودين بالفروسية والشجاعة. وكانت المنافسة قائمة بين قاضي بيروت العلامة الشيخ أحمد الأغر وبين مفتيها العلامة الشيخ عبد اللطيف فتح الله المفتي. وكان السيد إبراهيم منحازاً للمفتي فتح الله المفتي. وعلى سبيل النكرزة والتحدي، ذهب السيد إبراهيم في أواخر ذات ليلة إلى ما تحت شبابيك دار السيد الأغر ليضرب بعصاه لترتج الأرض وليصرح بأعلى صوته يا غافل وحد الله... الصبح قريب... فيستيقظ السيد الأغر من نومه مذعوراً على الضجة والصوت. وتقدم حرس السيد الأغر وقبضوا على السيد إبراهيم، وقال قائل منهم: اقتلوه... فصرخ بهم السيد إبراهيم قائلاً: أتقتلون رجلاً يقول ربي الله... ويدعو المؤمنين إلى الصلاة... فكانت نكتة منه، وبذلك تخلص من الموت وضحك له الحرس وتركوه. 5- الحاج أحمد المجذوب: هو ابن السيد إبراهيم ابن الحاج مصطفى ابن الشيخ محمد المجذوب، من سلالة سيدي الشيخ محمد المجذوب. وقد قضى جل حياته بالتجارة. ولد في بيروت عام 1250هـ. والدته: السيدة آمنة بنت السيد مصطفى ابن السيد أحمد ابن الحاج زين الدين ابن الحاج شاهين. جدته لأبيه: السيدة منصورة بنت السيد محمد قدوره. جدته لوالدته: السيدة رقية بنت السيد أحمد بن مصطفى آغا المعروف بالست ديبة. زوجته: السيدة خديجة بنت السيد عبد الرحمن الوالي. أولاده: السيد يوسف والسيد هاشم والسيد توفيق والسيد نجيب والدكتور عثمان والسيد مصطفى، والآنسة سعاد والآنسة يسر والآنسة هند. كان عالي الهمة أبيّ النفس لا يصبر على ضيم، فغرس في نفوس أولاده الشهامة ومعالي الأمور وحب العمل حتى إذا شب كبيرهم السيد يوسف هيأ له معدات السفر إلى بلاد الترانسفال وودعه إليها ودعا له بالتوفيق. ولما ترعرع ولده الثاني السيد هاشم قدمه للخدمة العسكرية بصفة (متطوع). ولما نشأ ولده الثالث السيد توفيق ألحقه بأخيه الأكبر السيد يوسف إلى بلاد الترانسفال. وعلم أولاده الثلاثة الآخرين السيد نجيب والسيد عثمان والسيد مصطفى في الكلية الأميركية في بيروت. ولما أتم السيد نجيب علومه فيها أرسله إلى دار الهجرة في اثر أخويه، وأبقى الوالد عنده في بيروت الأخوين الدكتور عثمان والسيد مصطفى، يعلمهما في الكلية الأميركية. أما هو فإنه بعد ذلك اعتزل العمل وقضى بقية أيامه قرير العين بهؤلاء الأولاد البررة الذين كانوا المثال الصالح بالتضامن والتحابب. وقد توفي الحاج أحمد المجذوب عام 1332هـ. 6- السيد يوسف المجذوب: السيد يوسف ابن الحاج أحمد ابن السيد إبراهيم ابن الحاج مصطفى ابن الشيخ محمد المجذوب. ولد عام 1292هـ. والدته: السيدة خديجة بنت السيد عبد الرحمن الوالي. وجدته: لأبيه السيدة آمنة بنت السيد مصطفى شاهين. وجدته لوالدته: السيدة أمينة اللبان. وزوجته: السيدة وداد بنت السيد عبد العفو بكداش. وأولاده: الدكتور أحمد والسيد زكريا والسيد وفيق والسيدة عادلة والآنسة أميمة والآنسة نبيلة. أعماله: اشتغل في سوق بيروت التجارية، ثم رحل إلى الترنسفال للتجارة وذلك عام 1903. حيث كان ابن عمه السيد محمد المجذوب فيها، وحضر فيها حرب البوير والإنكليز، حيث كانت تجارته توزع على المعسكرات. وهناك تعلم صناعة الحلويات الإفرنجية. وبقي يجد ويجتهد حتى عام 1910 حيث عاد إلى وطنه بيروت ليكون أحد أركان شراكة محلات مجذوب إخوان وليستلم معمل الحلويات فيها. وفي سنة 1930 اعتزل السيد يوسف العمل واستقل بعقاراته التي كانت بشراكة إخوته بعد وفاة أبيه، وتفرغ إلى إدارة أملاكه وتربية أولاده وتعليمهم. 7- الدكتور عثمان المجذوب: الدكتور عثمان ابن الحاج أحمد ابن السيد إبراهيم ابن الحاج مصطفى ابن الشيخ محمد المجذوب. ولد عام 1900. والدته السيدة خديجة بنت السيد عبد الرحمن الوالي جدته لأبيه: السيدة آمنة بنت السيد مصطفى شاهين جدته لأمه: السيدة أمينة اللبان، علومه: تعلم في الكلية الأميركية في بيروت حتى تخرج منها طبيباً للأمراض الداخلية، ثم تخصص بأمراض العيون، ثم أراد التبحر في تخصصه في طب العيون وأمراض الرأس فذهب إلى فينا عاصمة بلاد النمسا حيث دخل إلى جامعتها الطبية. ثم عاد إلى بيروت فعين أستاذاً للطب في الجامعة الأميركية بنوع اختصاصه أمراض الرأس، وبقي فيها حتى توفي عام 1938 مبكياً على علمه ونبوغه وعبقريته ومكارم أخلاقه. 8- الشيخ عبد الرحمن المجذوب: الشيخ عبد الرحمن المجذوب – هو ابن السيد إبراهيم ابن الحاج مصطفى ابن الشيخ محمد المجذوب، ووالدته السيدة آمنة بنت السيد مصطفى ابن السيد أحمد شاهين، ولد في عام 1240هـ وطلب العلم الشريف على الشيخ حسين الغزاوي، وهاجر إلى مكة المكرمة عندما كانت عساكر إبراهيم باشا تصادر الرجال لأخذهم عسكراً. وجاور البيت الحرام سنتين، ثم عاد إلى بيروت ليذهب إلى الجامع الأزهر في القاهرة، ويكون في عداد طلاب العلم فيه مدة سبع سنوات، قرأ أثناءها على الإمام الباجوري واستفاد من بحر معارفه الفوائد الكلية. وفي أثناء جواره للأزهر الشريف مرّ برواق الشوام شيخ الأزهر الإمام الباجوري. وكان الشيخ عبد الرحمن المجذوب منهمكاً في شغل غرفته فسلم عليه الإمام الباجوري وأراد مداعبته ومباسطته. فقال له ماذا تصنع يا عبد الرحمن؟ هل تصنع الكبة الشامية؟ فقال له الشيخ عبد الرحمن: نعم وأرجو أن يتفضل مولانا لتناول عشاء الليلة منها. فقال الإمام الباجوري: نفعل إن شاء الله... ومضى متمماً طريقه. أما الشيخ عبد الرحمن فإنه لم يكن على نية عمل كبة شامية ولا خلافها، لأنه لم يكن معه من الدراهم سوى ربع مجيدي لكن تجاه قبول الإمام الباجوري الدعوة أصبح مضطراً لتهيئة الكبة الشامية مهما كلف الأمر. فذهب إلى السوق واشترى بربع المجيدي لحماً للكبة، وحمل اللحم بالصحن على كفه، وإذ غطت شوحة على الصحن وخطفت اللحم. فبهت الشيخ عبد الرحمن لهذه المباغتة التي لم تكن بالحسبان ثم تلا قوله تعالى: (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد). وتمشى إلى غرفته ومن ذهوله ودهشته بقي رافعاً يده بالصحن، كأن اللحم لا يزال فيه. ولم يكد يصل إلى باب غرفته وهو على تلك الحالة حتى عادت الشوحة وأرجعت اللحم إلى الصحن... ففرح الشيخ عبد الرحمن بذلك واستبشر وصنع الكبة. وفي المساء جاء الإمام الباجوري وتناول العشاء من الكبة، فحكي له الشيخ عبد الرحمن ما كان من أمر الشوحة واللحم من خطفها له ثم أعادته إلى الصحن فقال الإمام الباجوري رحمه الله: هذا ببركتك يا عبد الرحمن. وبقي في الأزهر الشريف مدة سبع سنين يتفقه في الدين حتى عاد إلى مدينته بيروت عالماً عاملاً زاهداً عابداً. وبوصوله وجهت عليه وظيفة التدريس العام في زاوية سيدي أحمد البدوي في بيروت. ثم استعاد إمامة زاوية المجذوب التي كان تولاها مشايخ آل الرفاعي الكرام مدة خمسين سنة، بعد أن كانت في آل المجذوب مدة ثلاثمائة سنة. وكان الشيخ عبد الرحمن المجذوب مرجعاً للفتوى حلاّلاً للمشكلات والخصومات وكان لين الجانب زاهداً في الدنيا كريم الأخلاق رؤوفاً بأهله رحيماً بالمؤمنين. وتزوج الشيخ عبد الرحمن المجذوب السيدة أمينة بنت الشيخ يونس البزري فرزق منها أولاده: الشيخ إبراهيم والسيد عمر والسيدة حنيفة والسيدة عابدة والسيدة رضا والسيدة سعدية. توفي الشيخ عبد الرحمن المجذوب عام 1307هـ فبكاه العلم والدين ورثاه جمهرة من الأدباء منهم العلامة الشيخ أحمد عمر المحصاني. 9- الشيخ إبراهيم المجذوب: الشيخ إبراهيم المجذوب - هو ابن الشيخ عبد الرحمن ابن السيد إبراهيم ابن الحاج مصطفى ابن الشيخ محمد المجذوب من سلالة سيدي الشيخ محمد المجذوب الشافعي مذهباً، الرفاعي طريقة. ولد في بيروت المحروسة عام 1865، ونشأ في حجر والده المذكور، وقرأ عليه أصول الطريق والفقه في الدين، وتأويل الكتاب الكريم، وسنة الرسول الأعظم . والعلوم العربية الإثني عشر. وقد اجتمع بالعلامة المرشد الكامل الشيخ محمد الكتاني فأجازه السيد الكتاني. وبعد وفاة والده تتلمذ على المشايخ الأعلام والأساتذة الكرام الذين منهم العلامة النحرير الشيخ يوسف الأسير، والعلامة المحدث الشيخ عبد الباسط الفاخوري، والمرشد الكامل بهجة بيروت الشيخ عبد الرحمن الحوت، والعلامة الشيخ أحمد بدران. وبوفاة والده انتقلت إليه إمامة الصلوات الخمس في زاوية المجذوب، ووظيفة التدريس في زاوية البدوي، وفي سنة سبع وعشرين وثلاثماية وألف وجهت إليه الجمعة والعيدين في مسجد الحاج عبد الله بيهم في محلة ميناء الحصن استناداً إلى براءة سلطانية. وفي سنة ألف وثلاثمائة وثلاثين انتخب لقراءة صحيح البخاري الشريف وختمه في المدينة المنورة برياسة صاحب الفضيلة الشيخ مصطفى نجا على وفد من العلماء فقرأوه في بيروت أولاً، ثم ذهبوا إلى المدينة المنورة وأدوا ختمه باحتفال حافل وعادوا إلى بيروت المحروسة. وأجرت مديرية الأوقاف تشكيلات إدارية أصبح الشيخ إبراهيم بموجبها إماماً لصلاة العصر ومدرساً عاماً في الجامع العمري الكبير، والشيخ إبراهيم المجذوب هو أحد أعضاء الجمعية العلمية، وكان معلماً لطلاب العلوم الدينية في مدرستها في بيروت، وقد نال من الدولة العثمانية رتبة بايةإِزمير العلمية بموجب إرادة سنية سلطانية وفي سنة 1920 عين معاوناً لمفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا. تزوج الشيخ إبراهيم المجذوب نفيسة بنت الحاج محمد صالح موسى. فولدت له عبد الرحمن واضع كتاب آل المجذوب، وعفاف زوجة الدكتور البيطري السيد سامي سعد الدين رمضان. ولما توفيت نفيسة موسى زوجته الأولى تزوج نجلا بنت سعد الدين رمضان وأنجب منها رياض ويسر مجذوب. وانتقل إلى جوار ربه في اليوم الرابع من كانون الثاني عام 1937. انتشر نعيه في البلدة على ألسنة القوم وفي المآذن وفي الصحف السيارة وبأوراق النعوة فتوافد الناس زرافات ووحدانا يشاطرون آله الأسى ثم مشت بيروت بعلمائها ووجوهها وأعيانها وتجارها وأدبائها وسائر طبقات الناس فيها في موكبه حيث صلي عليه في الجامع العمري الكبير في وقت الظهر ثم أودع جدث الرحمة والرضوان في مدفن العائلة في جبانة الباشورة. 10- السيد عبد الرحمن المجذوب: السيد عبد الرحمن ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد الرحمن ابن السيد إبراهيم ابن الحاج مصطفى ابن الشيخ محمد المجذوب. والدته: السيدة نفيسة بنت الحاج محمد صالح موسى. وجدته لأبيه: السيدة أمينة بنت الشيخ يونس البزري. وجدته لأمه: السيدة صالحة بنت السيد محمد عمر بيهم. وزوجته: السيدة صديقة بنت السيد عبد الرحمن حمود. علومه: تخرج من المكتب الإعدادي التركي في بيروت. ثم تخصص بفن التربية والتعليم وحمل شهادة دار المعلمين في بيروت. ثم تفرغ لطلب العلم الشريف وأدى امتحان السنة الرابعة أمام مجلس العلماء في شعبة أخذ العسكر. أشغاله: معلم في مدارس الحكومة من سنة 1910 إلى سنة 1936 ثم تقاعد من الوظيفة وأصبح يتناول مرتب التقاعد. مؤلفاته: دروس الدين والأخلاق خمسة أجزاء في المذهب الشافعي، ودروس الدين والأخلاق ثلاثة أجزاء في المذهب الجعفري. وقد قررت وزارة المعارف اللبنانية تدريس هذين الكتابين في مدارسها. ثم أصدر مجلة الرياض الزاهرة من سنة 1936 إلى سنة 1947. ثم أصدر مجلة التهذيب من سنة 1948 إلى سنة 1950. وللسيد عبد الرحمن المجذوب ولع خاص بنظم التاريخ على حساب الجمل ومن ذلك قوله في تهنئة المرحوم أحمد شوقي بك بنجاته عندما تدهورت به سيارته في طريق دمشق – عاليه (سنة 1930م).
11- السيد محمد المجذوب: ولد عام 1865 ورحل إلى بلاد الترنسفال للتجارة. وحضر حرب البوير والإنكليز وتزوج سيدة إنكليزية فلم يرزق ولداً، وفي سنة 1909 عاد إلى بيروت وأقام بها سنة. ثم رحل إلى ترعة بناما وبقي يشغل بالتجارة فيها إلى أن توفي عام 1935. 12- الحاج أحمد المجذوب: هو ابن السيد محمد ابن الحاج مصطفى ابن الشيخ محمد المجذوب. ولد عام 1230هـ ووالدته السيدة نفيسة بنت السيد حسين شانوحة، وجدته لأبيه السيدة منصورة بنت السيد محمد قدورة، وجدته لأمه السيدة حليمة مصطفى قرنفل، وزوجته السيدة صفية بنت السيد عبد الرحمن سوبره، وأولاده الشيخ حسن والسيد شفيق والسيدة سعدية زوجة السيد أحمد الخضر، والحاجة نفيسة زوجة الشيخ عبد القادر النحاس. اشتغل بطلب العلم الشريف ومارس التجارة بالبضائع الاستانبولية، وقد حج بيت الله الحرام، وزار النبي عليه الصلاة والسلام، وسافر إلى استانبول لمحاسبة عملائه عدة مرات. 13- الشيخ حسن المجذوب: هو ابن الحاج أحمد ابن السيد محمد ابن الحاج مصطفى ابن الشيخ محمد المجذوب. ولد عام 1285هـ، ووالدته السيدة صفية بنت السيد عبد الرحمن سوبره وجدته لأبيه السيدة نفيسة شانوحة، وجدته لأمه السيدة زينب دمشقية، وزوجته السيدة نهلا بنت عبد المجيد بك أبو النصر، ورزق منها الآنسة أميرة والآنسة محاسن. وتعلم في المدرسة العثمانية وفي المدرسة الرشدية العسكرية. ثم دخل في سلك طلاب العلم الشريف على الأساتذة الشيخ إبراهيم المجذوب والشيخ عبد الكريم أبي النصر اليافي والشيخ حسن المدور. وفي سنة 1908 عين كاتباً في المحكمة الشرعية في بيروت. وفيها درس مجلة الأحكام العدلية على الشيخ محمد الكستي وأصول المحاكمات الشرعية على الشيخ عبد القادر النحاس. وما زال يترقى في المحكمة الشرعية حتى بلغ درجة نائب قاضي بيروت. وفي سنة 1914 وجهت عليه إمامة مسجد أبي النصر. وفي سنة 1916 دعي إلى الجندية العثمانية ليكون إمام طابور إلى نهاية الحرب العامة سنة 1918 حيث عاد إلى بيروت وتسلم وظيفته المحفوظة له في المحكمة الشرعية. وكان رحمه الله على جانب عظيم من التقوى والصلاح وكان وجيهاً كريماً وبرّاً بأهله واصلاً لرحمه سائراً بسيرة والده المرضية إلى أن توفي ونفسه مطمئنة عام 1935. أما بنتاه فإن الآنسة أميرة ولدت عام 1906 وتعلمت في مدرسة الأميركان، والآنسة محاسن تعلمت في مدرسة مار يوسف للبنات، ثم عينت معلمة في مدارس وزارة التربية الوطنية.
الممثل اللبناني القدير عبد المجيد المجذوب |