المونتاج
من المعروف أن الفيلم السينمائي يرتكز على ثلاث دعائم رئيسية يجب أن تتوافر لها قوة
البناء ومتانة التكوين حتى يكتمل الفيلم فنياً وتعبيرياً.
وهذه الدعامات الثلاث:
v
السيناريو الجيد المحكم البناء
v
الإخراج القوي
v
المونتاج
والمونتاج يُعتبر من أهم العناصر الثلاثة إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
فالمونتاج يتم داخل حجرة صغيرة مغلقة تنتهي فيها آخر العمليات الفنية وأكثرها حيوية
بالنسبة للفيلم السينمائي، إذ يتمّ ربط أجزاء الفيلم المختلفة التي يتمّ تصويرها مع
بعضها.
ومن
بين أصابع " المونتير " يمكن أن يخرج الفيلم مشوهاً كسيحاً أو قوياً مترابطاً
ناجحاً.
فباستطاعة المونتير أن يجعل من العمل الذي ساهمت فيه العناصر الفنية الأخرى من
ممثلين ومصوّرين وعمال لإضاءة وصوت وغيرهم عملاً بارعاً يبرز فيه مجهوداتهم الكبيرة
التي بذلوها لإخراج هذا العمل في أجمل وجه.
بل أن
في قدرته أن يضيف إلى هذا أبعاداً أخرى من عنده تمنح العمل أصالة وجودة، كما في
قدرته أن يفسد ويشوه هذه المجهودات وكأنها لك تكن.
فإذا
افترضنا أن اللقطة السينمائية هي " الكلمة "ُ وأن المنظر والمشهد هو " الجملة " فإن
تركيب اللقطات ووضعها في أماكنها المناسبة هو ما نستطيع أن نعتبرها قواعد " اللغة
والإعراب " في المفهوم السينمائي.
وباختصار فإن اللقطات السينمائية التي قد تمّ اختيارها بدقة وتمّ تصويرها من
الزوايا الصحيحة التي أختارها المخرج، وتحديد الطول الملائم لها الذي يجب ألا يزيد
أو ينقص عنه، فهي تعتبر وحدة متكاملة وهذا ما نسميه بالمونتاج أي العملية التي تخضع
في تكوينها لليد.
ويجب
أن يكون كل شخص يعملُ بالسينما لديه على الأقل بعض المعرفة لعمل ونظام الآخرين وعلى
وجه الخصوص كتّاب السيناريو والمخرجين والمصورين، هؤلاء يكون لزاماً عليهم المعرفة
الكاملة بعملية المونتاج.
إن
عملية المونتاج هي عملية ابتكار وإبداع.
المونتاج
Montage
كلمة فرنسية، ويعادلها بالإنجليزية كلمة
Editing
، وتعني ترتيب لقطات ومشاهد الفيلم المصورة وفق شروط معينة للتابع وللزمن، ولا شك
أن قيمة الفيلم تعتمد إلى حد كبير على قيمة المونتاج.
وتبدأ مرحلة المونتاج بعد اكتمال مرحلة التصوير، والتي يجب أن يكون المخرج والمصور
ملمين بها، من حيث أحجام اللقطات، والتكوينات داخل كل لقطة، وزوايا التصوير.
والمونتاج لا يعني مجرد تركيب وإلصاق كادر بأخر حتى النهاية، بل هو فن إبداعي
تفكيري، يهدف إلى الكشف عن الرؤية الفنية والإبداعية لمحتوى الفيلم، وإظهار الإبداع
الشخصي للمؤلف، وهو فن معبِّر عن فكر العاملين بالفيلم، عاكساً لاتجاهاتهم وميولهم
للموضوع، فالمونتاج وسيلة تعبيرية للكشف عن المنطق في تحليل الأفلام أو البرامج،
وعكس الاتجاهات والأفكار.
ومن خلال المونتاج نستطيع الجمع بين الزمان الماضي والحاضر، وذلك باستخدام الأرشيف
الفيلمي، كما أننا نستطيع أن نعود للزمان والمكان الذي نريد.
وعمل المونتاج لكادرات الفيلم يجب أن يكون على أسس وقواعد نظامية، فهناك من
المخرجين المبدعين من يحددون بدقة التركيبة النهائية للمونتاج قبل البدء بالتصوير،
وحينما ينتهون من التصوير لايستغرق المونتاج طويلا، لذلك فالمونتاج لدى البعض هو
عبارة عن مرحلة مهمة لتجميل وتحسين الفكر للفيلم.
لغة المونتاج علامات ترقيم وطرق وصل:
وللمونتاج عدة وسائل تستخدم في وصل اللقطات، منها القطع، وهو وصل اللقطة مباشرة
باللقطة التالية لها.
1-
الظهور والاختفاء التدريجي، وهو ظهور الصورة على الشاشة تدريجياً واختفاؤها
تدريجياً كذلك، ففي الظهور التدريجي تكون الشاشة معتمة، ثم تبدأ الصورة في الظهور
حتى تتضح تماماً، ويحدث العكس في الاختفاء التدريجي حيث تبدأ الصورة في الإعتام حتى
تظلم الشاشة تماماً. وتحدث عملية الظهور أو الاختفاء التدريجي في ثانية أو ثانيتين.
2-
المزج، وهو مزج نهاية لقطة مع بداية لقطة أخرى، وفيها تبدأ اللقطة الأولى في الظهور
بينما تبدأ اللقطة الثانية في الاختفاء تدريجياً. وللمزج عدة استخدامات، فهو يستخدم
لتمثيل مولد فكرة من فكرة أخرى، أو لبيان ارتباط أحداث المشهد التالي مع المشهد
الأول، أو لإعطاء الإحساس بالانتقال من جزء من أجزاء المشهد إلى جزء آخر.
3-
المسح، ومعناه أن يبدأ مشهد في مسح مشهد آخر، وقد يبدأ المسح من جانب من جوانب
الشاشة فيتلاشى المشهد الأول بينما يحل محله المشهد التالي بالتدريج حتى يملأ
الشاشة.
|