الشاشة الفضيِّة
كثيراً ما نسمع بأفلام 8 ملم و16 ملم 35 ملم و60 ملم و65 ملم و70 ملم ، فما هي هذه
المقاييس ؟.
إنها أسماء لمستحدثات في الفيلم السينمائي أساسها مساحة الكادر السينمائي وحبيبات
الفضة التي تتكون منها الصورة... ولكي نتعرف على الأساس العلم لهذه المستحدثات لا
بد لنا أن نعلم أولاً أن السينما عبارة عن صورة ثابتة وليست متحركة كما يظن غالبية
الناس.
وأما عن مصدر الإحساس بحركة هذه الصور فيرجع إلى نظرية " استدامة الرؤية " للعين
البشرية التي أثبتها البلجيكي " بلانى " عام 1829 والتي لولاها لما كان للسينما
وجود.
ويقول صاحب الدراسة بهذا الشأن... تتلخص استدامة الرؤية في أن الصور المكونة لجسم
ما على شبكية العين تبقى عليها فترة زمنية قصيرة تبلغ حوالي " عشر الثانية " بعد
زوال الجسم المكون لهذه الصورة فإذا عرضنا جسماً ما أمام العين ثم أسرعنا باستبداله
بجسم آخر قريب الشبه به بحيث تتتابع صورتهما على شبكة العين في مدى " عشر الثانية "
أمكننا عن طريق خداع البصر الإحساس بتحرك الجسم كما نحس بتحرك الأجسام التي نشاهدها
على شاشة السينما اليوم.
والصورة السينمائية التي تُعرض على الشاشة تبدو لنا وكأنها تتكون من مساحات مستوية
مختلفة ناصعة من الأبيض والأسود وما بينهما من طبقات رماديّة... إلا أنها في الواقع
تتكون من مجموعات من حبيبات الفضة.
وعلى ذلك كلما عرض الكادر السينمائي بمساحة أكبر تبدو هذه الحبيبات المتراصة واضحة
على الشاشة وتنفصل كل منها عن الأخرى وتتبدد الصورة وتبدو غير محددة المعالم إذ أن
الصورة لا تظهر معها حبيبات الفضة لأنها مطبوعة بنفس الحجم. إلا أن الحبيبات تبرز
عندما تصل بنسبة التكبير من 16 مرة إلى 1000 مرة في الصورة، ويبدو ذلك جلياً
للجالسين في الصفوف الأمامية من صالات العرض.
وعلى ذلك ومنذ أن بدأت السينما والمحاولات مستمرة للبحث عن الوسيلة التي تعمل على
دقة هذه الحبيبات وعدم ظهورها على الشاشة، في معامل إنتاج الفيلم الخام... ثم
بتغيير مساحة " الكادر " " النيجاتيف " المصوّر.
وقد يكون مثار دهشة إذا علمنا أن فيلم السبعين ملم ليس وليد اليوم وإنما يعود إلى
جذور التاريخ السينمائي إلى عام 1893 وكانت المحاولات الأولى لذلك عام 1896.
وجاءت محاولات عالم إيطالي ضمن محاولات الآخرين في إنتاج أفلام 70ملم ففي عام 1911
ظهر هذا الاختراع، إلاّ أن استعماله ظل محدوداً حتى عام 1929 حين قررت إحدى الشركات
الأميركية استعمال الشاشة العريضة لأفلام 60 و 65 و70 ملم. إلا أن النواحي
الاقتصادية وظهور الأفلام الناطقة في تلك الحقبة الزمنية أي عام 1930 كانت من
العوامل الهامة في تطوير استعمال الفيلم العريض.
وفي عام 1950 ومع اختلاف الظروف وأتساع وانتشار التلفزيون الذي أنتزع من السينما
السيطرة الكاملة في ميدان الصورة. وكان على شركات السينما أن تبحث عن الجديد لعودة
جمهورها إليها وإلى صالات العرض.
ولم يكن هناك طريق للحصول على جودة عالية في الصورة السينمائية إلا بالفيلم 70 ملم
فظهرت عدة طرق لاستخدامه من أجل منافسة التلفزيون ومن أجل الحصول على صورة سينمائية
دقيقة واضحة زاهية، إلا أن السينما سكوب لافلام 35 ملم أعطت للسينما جاذبية. واليوم
وبعد انتشار الفيديو والدي في دي ماذا سيكون حال الفيلم السينمائي، وإلى أي مدى
سيتطور.
الإجابة على هذا السؤال متروكة، لأنصار الفيلم السينمائي ... علماً بأن صناعة
السينما في الولايات المتحدة الأميركية ما زالت تعتمد على الفيلم السينمائي.
|