أُطلق عليه إسم الأَوزاعي نسبة إلى الأوزاع وهي قبيلة يمنيّة حميريّة من
بطن ذي الكلاع من قَحطان. نزل أفراد منها في دمشق قرب باب الفراديس، وقد
أُطلق على المنطقة التي نزلوا فيها إسم قرية (الأوزاع). وقيل بأن هذه
المنطقة كانت تُعرف باسم (الأَوزاع) قبل نزول تلك القبيلة اليمنيّة فيها.
ومن المؤكد أن عمرو بن يحمد والد الإمام الأَوزاعي قد نشأ في قرية الأَوزاع
ثم إنتقل فيما بعد إلى بعلبك حيث رزق فيها بإبنيه عبد الله وعبد الرحمن.
وقد أطلق لقب (الأَوزاعي) على من إشتهر في تلك الفترة لنزوله في الأَوزاع
ومنهم :
v
بن يَرم الأَوزاعي
v
أبو أيوب مغيث الأَوزاعي
قال العباس بن الوليد البيروتي : سمعت محمد بن عبد الرحمن السلمي البيروتي
في وصف الإمام الأَوزاعي قال :
(رأيت الأَوزاعي وكان فوق الربعة، خفيف اللحية، به سمرة، وكان يخضب
بالحناء). ولم يخضب الأَوزاعي شعر رأسه ولحيته إلا بعد أن غزاه الشيب. وكان
يلبس الطيلسان الأخضر، ويلبس العمامة ويحض عليها خصوصاً أيام الجُمع. وكانت
عِمّته مدورة بلا عَذَبَة (بلا خيوط مدورة خلفها) وقال أبو زرعة : (إن
البعض رآه يضع قلنسوة سوداء في أيام إبن سراقة).
ولم يذكر المؤرخون والفقهاء والعلماء شيئاً عن والد الإمام الأَوزاعي
باستثناء ما أشار إليه الإمام نفسه، ولا عن والدته أو أخواله، غير أنهم
أشاروا إلى أنه كان له عمّ واحد هو (أبو عمرو السيباني). والثابت أن الإمام
تزوج أكثر من امرأة إستناداً إلى قوله (فارقت نسائي وأعتقت رقيقي). أم
أولاده فقد رزق ثلاث بنات وصبي واحد. إحدى البنات هي (رواحة) زوجة عبد
الغفار بن عفان وأنجبا ولداً سمياه عبد الرحمن على إسم جده الإمام. أما
الإبنة الثانية فلم يذكر إسمها، إنما ذكر إسم زوجها (إسماعيل بن يزيد بن
حجر) وأنجبا ولداً ذكراً سمياه عبد الله، وكانت كنيته مثل جده (أبو عمرو).
وأما الإبنة الثالثة فلم نعرف عنها شيئاً. أما الصبي فهو (محمد بن عبد
الرحمن) ولد بعد عام
148هـ
، ولكنه لم يعمّر طويلاً، فمات في خلافة الخليفة العباسي هارون الرشيد عام
177هـ.
وفي وصف الإمام الأَوزاعي وعلومه قال الحافظ أبو نعيم في (حلية الأولياء)
:(هو العلم المنشور، والحكم المشهور، الإمام المبجّل، والمقدام المفضّل،
عبد الرحمن بن عمرو الأَوزاعي رضي الله تعالى عنه، كان واحد زمانه، وإمام
عصره وأوانه، كان ممن لا يخاف في الله لومة لائم، مقوالاً بالحق لا يخاف
سطوة العظائم) . وكان متواضعاً، سريع الرجوع إلى الحق إذا سمعه، وكان ذا
حافظة قوية، فصيحاً ، كريماً، وفياً، وكان صاحب عبادة وخشوع، عظيم الإحترام
للعلم وأهله.
ومن الأهميّة بمكان القول أن الإمام الأوزاعي عاش في عهدين سياسيين هامين،
وقد شهد وعاش في العهدين الأموي والعبّاسي. وقد ولد في خلافة الوليد بن عبد
الملك، وشهد عهود الخلفاء سليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ويزيد،
وهشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد
بن عبد الملك، كما شهد إنقراض الدولة الأمويّة بمقتل مروان بن محمد عام
132هـ
وولادة الدولة العباسيّة حيث عاصر كل من الخليفة أبي العباس والخليفة أبي
جعفر المنصور.
وكانت الفترة التي عاشها الإمام الأَوزاعي تزخر بالعلم والعلماء والفقهاء
والقراء والمحدثين. ومن أبرز علماء تلك الفترة الأئمة :
v
مالك بن أنس
v
جعفر الصادق بن محمد الباقر
v
سفيان الثوري
v
الحسن البصري
v
محمد بن سيرين
v
أبو حنيفة النعمان
v
حماد بن زيد
v
الزُهري
v
عطاء بن أبي رباح
v
يحيى بن أبي كثير
v
حسان بن عطيّة
v
معمر بن راشد
v
الليث بن سعد
وسواهم الكثير. كما أشار إبن عساكر إلى بعض الفقهاء والمحدثين والحفاظ
المعاصرين لتلك الفترة منهم :
v
أبو عبد الرحمن القاسم
v
أبو عبد الله المكحول
v
عبد الله الربعي
v
أبو إدريس الأصفر
v
عبد الملك بن النعمان
v
سليمان بن بزبع
v
عياش بن دينار
v
علي وعبد الحميد بكّار
v
بلال بن سعد
v
سليمان بن موسى الأشدق
v
إبراهيم بن أبي عبلة
v
يزيد بن عبد الله بن صالح البيروتي
وسواهم الكثير ممن عاشوا في بيروت وبلاد الشام، وما تزال بعض عائلاتهم
مستقرة حتى اليوم.