ملحق بقرارات المؤتمر
في
16
آب عام
1913م
وصل وفد جمعيّة الإصلاح لولاية بيروت إلى الآستانة، وإنضم إليه هناك عبد
الكريم الخليل. فما كان من الحكومة العُثمانيّة إلا أن أوعزت للمسؤولين
الأتراك في ولاية بيروت وسوريا، بإرسال وفود مؤيدة للدولة، ومعادية لمقررات
المؤتمر العربي وللوفد الإصلاحي. وبالفعل فبعد أيام قليلة وصلت إلى
الآستانة عدة شخصيات مؤيدة للدولة العُثمانيّة وهي :
·
عبد الرحمن باشا
·
محمد فوزي باشا العظم
·
الشيخ أسعد الشقيري
·
أمين أفندي الترزي
·
الأمير شكيب أرسلان
·
الدكتور حسن الأسير
·
محمد باشا المخزومي
·
عبد المحسن الأسطواني
·
الشيخ حسين الحبّال
·
نصري الشنتيري
·
كمال قزح
·
عبيدو الأنكدار
·
محمد أبو سعيد بيضون
وفي
28
آب عام
1913م
أرسل كولوندر وكيل القنصليّة العامة في بيروت تقريراً إلى وزير الخارجيّة
الفرنسيّة (بيشون) أكّد فيه (أن والي بيروت حرص على إرسال مسيحي ماروني في
الوفد المعادي للإصلاحيين هو نصري أفندي الشنتيري، الذي رافقه حسين الحبّال
المشهور بتعصبه وميوله المعادية لفرنسا، بالإضافة إلى ذلك فقد عبّر الأمير
شكيب أرسلان عن معارضته للمؤتمر العربي الأول في باريس، لأنه كان مؤمناً
بفكرة الجامعة الإسلاميّة، ويعمل من أجل تحقيقها. ومما قاله: (فكنت ساخطاً
على عقد هذا المؤتمر ... رغم تأكيده أن أحمد مختار بيهم وسليم سلام وأحمد
طبارة (كانوا من أعزّ أصدقائي).
والحقيقة فإن وفد بيروت الإصلاحي، قابل السلطان محمد رشاد الخامس وولي
العهد يُوسُف عز الدين أفندي، والصدر الأعظم سعيد حليم باشا. وكانت جميع
المباحثات مع المسؤولين العُثمانيين قد ركزت على عدة أمور منها :
1.
التأكيد على إستمرار الولاء للدولة لعُثمانيّة.
2.
المطالبة بتحقيق اللامركزيّة لنيل العرب حقوقهم.
3.
العمل على تنفيذ قرارات المؤتمر العربي الأول.
وبالمقابل، فقد التقى (الوفد الموالي) والمعادي للإصلاحيين عدداً من
المسؤولين بينهم السلطان محمد رشاد، وتمنى عليه عدم تنفيذ مطالب المؤتمرين
العرب في باريس، وأعلنوا ولاء الشعوب العربيّة للدولة العُثمانيّة.
والحقيقة فإن الصراعات والمنافسات المحليّة، لم تكن هي العوامل الوحيدة
التي أسهمت في عدم تنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر العربي الأول في باريس، بل
أن الدولة العُثمانية في عهد جمعيّة الإتحاد والترقي، لم تكن مؤمنة أساساً
بتحقيق أي مطلب من المطالب العربيّة، وهي الجمعيّة القائمة دعوتها على
التعصب ضد كل ما هو عربي، والعمل على إعلان شأن الطورانيّة والتركيّة. ولم
يكن للدين ، حتى للدين الإسلامي، أي شأن في نظمها وقواعدها ولوائحها.
ومهما يكن من أمر فإن الحركة العربيّة في عام
1913م
مرت بأهم التجارب السياسيّة منذ تأسيس جمعيّة بيروت الإصلاحيّة إلى إنعقاد
المؤتمر العربي في باريس، وما ترتب عليهما من نتائج على صعيد بيروت ولبنان
والعالم العربي، وقد أثبتت بيروت من خلال تأسيسها لجمعيّة بيروت
الإصلاحيّة، وإسهامها في عقد المؤتمر العربي الأول في باريس، أنها المدينة
العربيّة التي لها الفضل الأول في اليقظة الحديثة للأمة العربيّة، وفي شعلة
الحريّة واليقظة القوميّة.
أصدر المؤتمر العربي الأول ملحقاً بقرارته تمثل بالبنود التالية :
·
إذا لم تنفذ القرارات التي صادق عليها هذا المؤتمر، فالأعضاء المنتمون إلى
لجان الإصلاح العربيّة يمتنعون عن قبول أي منصب كان في الحكومة العُثمانية،
إلا بموافقة خاصة من الجمعيات المنتمين إليها.
· ستكون هذه القرارات برنامجاً سياسيّاً للعرب العُثمانيين، ولا يمكن مساعدة
أي مرشح في الإنتخابات التشريعيّة، إلا إذا تعهد من قبل بتأييد هذا
البرنامج وطلب تنفيذه.
· المؤتمر يشكر مهاجري العرب على وطنيتهم في مؤازرتهم له، ويرسل لهم تحياته
بواسطة مندوبيهم.
وفي
30
حزيران عام
1913م
توجه رئيس المؤتمر عبد الحميد الزهراوي ووفد من أعضاء المؤتمر مكّون من :
سليم علي سلام، أحمد مختار بيهم، الشيخ أحمد طبارة، شكري غانم، إسكندر
عمّون، خليل زينيّة.
إلى نظارة الخارجيّة الفرنسيّة، وقابلوا هناك ناظر الخارجيّة بيشون، قدموا
له نسخة من قرارات المؤتمر، وشكروا للحكومة الفرنسيّة حسن ضيافتها
وإستقبالها، وطلبوا منه إستناداً إلى صداقة فرنسا مع الدولة العُثمانيّة أن
تساعدهم لإقناع دولتهم بإعطاء الإصلاحات المطلوبة، وبعد مجاملات وعدهم
بالمساعدة. وبعد ذلك توجه الوفد إلى السفارة العُثمانيّة في باريس، وقدموا
للسفير رفعت باشا نسخة من القرارات، وتمنوا وجوب تنفيذها.
وفي أوائل تموز عام
1913م،
توجه وفد بيروت الإصلاحي إلى وزارة الخارجيّة الفرنسيّة لبحث بعض الأمور
الخاصة بالمؤتمر والدولة العُثمانيّة، وعلاقة فرنسا ببعض أعضاء المؤتمر.
وكان اللقاء مع مدير الأمور الشرقيّة. وكان أحمد مختار بيهم صريحاً في هذا
اللقاء ومما قاله: (بلغنا أنه يوجد البعض ممن لا صفة رسميّة لهم يحضرون
معكم لجرّ مغنم لهم، ويقولون أنهم يتمنون إلحاق سوريا بالحكومة الفرنسيّة،
فنحن نصرح لكم أننا لم نختر باريز مؤتمراً لنا إلا لما نعلمه من الحريّة
الفرنسيّة ومحبة الفرنسيين للمطالة بالحريّة وللمحبة الكائنة بينها وبين
دولتنا، وأننا لا نرضى عن دولتنا بديلاً، فأجاب المسؤول الفرنسي : (إننا
قطعيّاً ليس لنا أقل مطمع بسوريا، وجّل ما نتمناه أن تعيشوا مع دولتكم
بسلام) . فقال لهم بيهم : (هل تسمح لي أن أصرح بذلك علناً عن لسانك؟) فقال
: (من كل بّد، أرجوك أن نصرح بذلك عن لساننا) .
وما أن خرج الوفد من وزارة الخارجيّة الفرنسيّة حتى أظهر أيوب تابت وخليل
زينيّة اعتراضهما على موقف أحمد مختار بيهم، لأنهما كانا من المؤيدين سيطرة
فرنسا على البلاد السوريّة، ومن الموقعين على مذكرة سريّة سبق أن أُرسلت
إلى وزارة الخارجيّة الفرنسيّة بواسطة القنصل الفرنسي في بيروت (قوجه) وذلك
في شهر آذار عام
1913م
(أي قبل ثلاثة شهور من إنعقاد المؤتمر) تضمنت مطالبة فرنسا بالتخلص من
الدولة العُثمانيّة والسيطرة على البلاد السوريّة.
وقد وقّع معهما على المذكرة كل من: ميشال تويني، يُوسُف الهاني، بترو طراد،
رزق الله أرقش، خليل زينيّة. (استمرت تلك المذكرة سريّة إلى أن كُشفت في
مقر القنصليّة الفرنسيّة في بيروت العام
1915م
بواسطة جمال باشا).
وبالرغم من تباين الآراء بين أعضاء وفد بيروت الإصلاحي ابتداءّ من مقر
وزارة الخارجيّة الفرنسيّة، غير أن الإتفاق استمر فيما يختص بملاحقة تحقيق
المطالب الإصلاحيّة. لذا أرسل المؤتمر العربي وفداً إلى الآستانة للتفاوض
مع الحكومة العُثمانيّة. وقد تكّون الوفد من أحمد مختار بيهم والشيخ أحمد
طبارة وسليم علي سلام، بينما رفض خليل زينيّة وبقية الأعضاء مصاحبة الوفد.
|