صهيب بن سنان
أبو يحي النمري . من النمر بن قاسط . ويعرف بالرومي، لأنه أقام في الروم مدة.
وهو من أهل الجزيرة ، وأصله من اليمن ، سبي من قرية نينوى ، من أعمال
الموصل ، وقد كان أبوه أو عمه ، عاملاً لكسرى على أيلة ، وكانت منازلهم على دجلة
عند الموصل ، وقيل على الفرات ، فأغارت على بلادهم الروم فأسرته وهو صغير ، فأقام
عندهم حيناً ، ثم اشترته بنو كلب فحملوه إلى مكة ، فاشتراه عبد الله بن جدعان
القرشي التيمي ، فأعتقه وأقام بمكة
.
كان أحمر شديد الحمرة ، ليس
بالطويل ولا بالقصير ، أقرن الحاجبين ، كثير الشعر ، وكان لسانه فيه عجمة شديدة
.
فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن به ، وكان ممن أسلم قديماً
هو وعمار في يوم واحد بعد بضعة وثلاين رجلاً
.
وكان من المستضعفين الذين
يعذبون في الله عز وجل
.
كان من كبار السابقين البدريين ، وكان فاضلاً
وافر الحرمة.
ولما طعن عمر استنابه على الصلاة بالمسلمين إلى أن يتفق أهل
الشورى على إمام ، وكان هو الذي يصلي بالناس حتى تعين عثمان ، وهو الذي ولي الصلاة
على عمر ، وكان له صاحباً
.
وكان موصوفاً بالكرم والسماحة ، رضي الله
عنه.
وكان ممن اعتزل الفتنة ، وأقبل على شأنه.
وعن الحسن : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :( صهيب سابق الروم ) ، وجاء هذا بإسناد جيد من حديث
أبي أمامة وجاء من حديث أنس ، وأم هانئ
.
هاجر بعد هجرة النبي صلى الله
عليه وسلم بأيام . عن أبي عثمان : أن صهيباً حين أراد الهجرة ، قال له أهل مكة
:
أتيتنا صعلوكاً حقيراً فتغير حالك ! قال : أرأيتم إن تركت مالي ، أمخلون أنتم سبيلي
؟ قالوا : نعم. فخلع لهم ماله. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ربح
صهيب ! ربح صهيب
).
أنزل الله في قصة هجرته هذه ( ومن الناس من يشري نفسه
ابتغاء مرضات الله والله رؤوف رحيم
).
عن صهيب قال : قدمت على رسول الله
صلى الله عليه وسلم قباء ، وقد رمدت في الطريق وجعت ، وبين يديه رطب ، فوقعت فيه.
فقال عمر : يا رسول الله : ألا ترى صهيباً يأكل الرطب وهو أرمد ؟ فقال النبي صلى
الله عليه وسلم لي ذلك. قلت : إنما آكل على شق عيني الصحيحة. فتبسم.
شهدا
بدراً وأحداً وما بعدهما
.
عن عائذ بن عمرو أن سلمان ، وصهيباً ، وبلالاً
، كانوا قعوداً ، فمر بهم أبو سفيان ، فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله
مأخذها بعد. فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها ؟ قال : فأخبر بذلك النبي
صلى الله عليه وسلم. فقال ( يا أبا بكر ، لعللك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم ، لقد
أغضبت ربك). فرجع إليهم ، فقال : أي إخواننا ، لعلكم غضبتم ؟ قالوا : لا يا أبابكر
:
يغفر الله لك
.
مات صهيب بالمدينة سنة ثمان وثلاثين عن سبعين
سنة.
|