تنسب إلى جدول ماء كان ينساب منها باتجاه قرية تدعى الكراوية ثمّ إلى ساحة الدركة في الجهة الجنوبيّة من سور بيروت، وكان في رأس النبع آبار كثيرة.
وفي رأس النبع كانت تقوم خلافات كثيرة ومنازعات دائمة على ملكية المياه وسقاية المواشي بين أبناء المصيطبة والأشرفية، كما يقول المؤرخ سلام الراسي في حكاياته.
وكانت، كما يُروى في رأس النبع ينابيع كثيرة بين شارع الصيداني والبريمو اليوم، ويُعتقد بأنها تشفي المرضى بمائها العجيب، وكانت هناك شجرة توت إلى جانب النبع، يجلسون تحتها حين يغطّسون المريض في مياه العين.
وقد أُطلق على العين عين أم جمعَة وأم عِيشة، فقد كانت عمليّة تغطيس المريض في الماء تتمّ نهار الجمعة تبرّكاً بيوم الجمعة ... وأم عِيشة تعني أم الحياة.
ارتفع صوت المؤذن ظهر الجمعة، في جامع الخليفة عثمان بن عفان في منطقة رأس النبع إيذانا بالصلاة.
أقفل أصحاب المحلات محلاتهم وتوجهوا الى المسجد للمشاركة في الصلاة.
يقع الجامع عند تقاطع بشارة الخوري، تحيط به مناطق الناصرة لجهة الشرق، البسطة لجهة الغرب. ينتشر صوت خطيب الجامع بين تلك الأحياء فيصل الى مسامع أكبر عدد ممكن من السكان.
◄ظهور حدود مع البسطة
شكل تقاطع بشارة الخوري واحدا من أشهر خطوط التماس خلال فترة الحرب الأهلية. بعد سبعة عشر عاما على انتهاء الحرب.
◄خليط العائلات والطوائف
كانت رأس النبع حتى الخمسينيات عبارة عن بساتين من الحمضيات، بنيت بينها منازل بسيطة كون معظم أصحابها من النازحين من الأرياف أو من أحياء أخرى من بيروت. في الستينيات بدأت المنازل تهدم لتحل مكانها العمارات بطوابق عدة لاستيعاب النازحين الجدد من الجنوب ومدينتي صيدا وطرابلس بالاضافة إلى نازحين مسيحيين من قرى الجبل، بقوا فيها كما يذكر أحد المسنين، حتى اشتعال الحرب الأهلية.
كان يعيش في المنطقة قبل الحرب خليط من السنة والشيعة والدروز والمسيحيين، لكن الغالبية كانت من أبناء المذهب السني. أكبر العائلات عددا هي القيسي والشعار والصانع وقليلات، ولدى بعض تلك العائلات شوارع باسمها.
خلال فترة الحرب تهجر ما يقارب السبعين في المئة من سكانها فكانت المنطقة الأكثر دمارا عند خط التماس. انتقل جزء من المسيحيين الى الأشرفية في تلك الفترة وبقي منهم في المنطقة ما يقارب العشرين في المئة فقط.
يعتبر شارع محمد الحوت من أكبر الشوارع في رأس النبع، وهو يمتد من ميدان سباق الخيل حتى بشارة الخوري، كما أن سكانه هم الأكثر تنوعا. ربما لذلك حصلت المشكلات فيه، بينما حافظ سكان الشوارع الأخرى على هدوئهم النسبي.
◄الشوارع الرئيسية وهي:
■ عمر بن الخطاب
■ محمد الحوت
■ عبد الحفيظ الشعار
■عبد المولى الشعار
■ طريق الشام
■ توفيق سالم
■ عبد الكريم الخليل
■ سعيد خديج
يستخرج أسماء العائلات من سجلات الأحوال الشخصيّة:
■ الغزاوي
■ ميقاتي
■ القيسي
■ منصور
■ صيداني
■ الشعار
■ الحلبي
■ مراد
■ الجوني
■ حب الله
■ رمضان
■ بيطار
■ زعيتر
■ الحسيني
■ شعبان
■ عبد الله
■ حنين
■ عيتاني
■ قاروط
■ حافظ
■ بلوط
■ زيدان
■ كبي
■ أما عائلة بيضون فتعتبر الناصرة معقلها الرئيسي.
◄هدوء عمر بن الخطاب
بالمقابل، يعتبر شارع عمر بن الخطاب الشارع الأقدم في رأس النبع، كان الوحيد الذي يربط منطقة البربير بوسط بيروت قبل شق أوتستراد بشارة الخوري في الستينيات. سكن فيه رئيس حكومة الاستقلال رياض الصلح وما زال منزله قائما حتى الآن، كما سكن فيه رئيس الجمعية العاملية رشيد بيضون وكان منزله فوق صيدلية الشعار.
يروي سكان الحي أن عائلة الشعار من أقدم العائلات وأكبرها عددا في الشارع، وهي تملك مبنى البريد على اتوستراد رأس النبع وقد أجّرته للحكومة كما تملك مركز وازرة الشؤون السياسية للاجئين الفلسطينيين ذا اللون الأصفر، ولا تزال توجد في الشارع منازل قديمة جميلة الطراز، يسكنها بعض المستأجرين القدامى، وهي تحتاج الى الترميم والتحديث. وفيها مبنى سكن ضباط الجيش اللبناني.
◄الجامعة اليسوعية
لا يذكر الأهالي متى بنيت الجامعة اليسوعية عند الطرف المحاذي لطريق الشام، كل ما يعرفونه أن الأرض كانت ملكاً للفرنسيين منذ أيام الانتداب الفرنسي وهي تمتد من مبنى الجامعة حتى قصر الصنوبر قرب سباق الخيل. لكن المؤرخ البيروتي حسان حلاق يقول إنه حصل على وثائق بيع الأراضي التي بنيت عليها الجامعة من سجلات المحكمة الشرعية في بيروت، وقد تبين فيها أن الرئيس العام للرهبنة الكاثوليكية في ذلك الحين الأب مونو وهو فرنسي اشترى قطعة الأرض الأولى من الخواجة حبيب، بن الياس النقاش، ثم اشترى قطعة أرض ثانية في ما بعد من أشخاص آخرين. بيعت الأرض بالذراع على الطريقة التي بيعت فيها الأرض في الجامعة الأميركية في منطقة عين المريسة، وبلغ ثمن كل من القطعتين ألفا وخمسمئة ليرة فرنسية، بينما كانت الليرة الفرنسية تساوي في حينها ستة وثمانين قرشا وسبعاً وعشرين بارة عثمانية.
بنيت الجامعة عام 1857 ميلادية وكان الهدف منها التبشير بالمذهب الكاثوليكي، فيما أدى بناؤها الى ارتفاع أسعار الايجارات وتحكم أصحاب المباني بالأسعار، كما يقول أحد تجار العقارات، مشيرا إلى أن سعر إيجار الغرفة في مباني سكن الطلاب يصل حاليا الى أربعمئة دولار شهريا.
|