هي المنطقة المعروفة في بيروت باسم وطى بطينا أو بطينا مار ألياس.
كما كانت تُعرف في العهد العُثماني باسم الغناس، وهي قريبة من الشاطئ الغربي لبيروت، والممتدة من كنيسة مار إلياس بطينا الأرذوكسيّة، إلى محلة الجناح أو ما عُرف في السابق باسم محلة المقالع حيث كان الجمّالون يحملون صخور تلك المنطقة إلى أحياء بيروت القديمة ومناطقها لإستخدامها في بناء البيوت.
ولا تزال بعض بيوت بيروت القديمة تظهر أسوارها وجدرانها المبنيّة من صخور تلك المقالع، وكانت منطقة بطينا منطقة زراعيّة يُزرع فيها التوت والفواكه والجمّيز التي لا تزال أشجاره منذ مئات السنين قائمة إلى اليوم في منطقة معامل بلاط الرخام.
من سكان المنطقة في القرن التاسع عشر:
◄آل بدران
◄آل سركيس
◄آل المتني
◄آل سراج
◄آل يموت
وسواهم .
إثر نكسة فلسطين في العام 1948م أنشئ مخيم للاجئين الفلسطينيين في هذه المنطقة أُطلق عليه إسم مخيم مار ألياس.
توصف المنطقة بأنها مركز وجود أبناء الطائفة الدرزية في بيروت، وهي تشكل امتداداً لمناطق كركول الدروز، ساقية الجنزير، جل البحر، عين المريسة.
يعيد الأهالي بداية انتقالهم الى بيروت الى زمن الأمير فخر الدين المعني. أما بداية سكنهم في المنطقة فتعود الى آل الزهيري، وهي من كبرى العائلات الدرزية، يقال إنها قدمت من اليمن واستوطنت عند مدخل بيروت الجنوبي.
كانت تعرف بمنطقة الزهيري قبل أن يتغير اسمها. تمتد جغرافيا من حدود مستشفى بيروت في بئر حسن حتى كورنيش المزرعة، ومن الكولا حتى الأونيسكو.
يقول المختار رفعت إن جده سعيد كان مدفوناً في مستديرة الكولا، بوصفها جزءاً من الأراضي التابعة لآل الزهيري، وقد جرى نقل الرفات الى دار الطائفة الدرزية في منطقة فردان بعد تحويلها الى مستديرة. يوضح أن بلدة اليهودية في الشوف التي يعتبر البعض أن آل الزهيري قدموا منها كانت ملكاً لوالده وعمومته وقد باعوها للنائب الراحل بيار حلو.
أما مخيم وطى المصيطبة فقد كان قطعة أرض باعها آل الزهيري لعائلتين مسيحيتين من آل عرمان وآل الدهان. لا يذكر رفعت في أي سنة تمت عملية البيع، لكن الأرض تحولت بعد الحرب الأهلية الى مخيم سكنه عمال سوريون. ثم بعد الانسحاب السوري من لبنان أخذ يتوافد اليه عمال مصريون وسودانيون وهنود، وقد أهملت العائلتان عملية استرجاع الأرض بسبب تعدد الورثة.
يعود أقدم منزل في الوطى لسعيد قاسم الزهيري، وهو لا يزال قائما في شارع جبل العرب، توفي صاحبه وورث ابنه المنزل وتذكر زوجته أن منزلهم يعود إلى ما يقارب المئة عام. وقد شهدت المنطقة تحولات عمرانية جذرية، بعدما كانت في الأربعينيات أراضي رمول وصبير جميز وبعض أشجار الزيتون. بنيت المنازل على الرمول ثم حلت في السبعينيات المباني مكان المنازل.
تصنف سياسيا بأنها عرين الحزبين التقدمي الاشتراكي والشيوعي، تنتشر فيها مؤسسات ومراكز حزبية ونقابية وإعلامية وتربوية، بينها المركز الرئيسي للحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت، ومنزل الأمين العام الراحل للحزب الشيوعي جورج حاوي، ومركز الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، ومركز لجنة حقوق المرأة اللبنانية، وكل من إذاعة «صوت الشعب وتلفزيون نيو تي في»، بالاضافة الى مدرسة مار الياس بطينا التابعة لوقف الروم الأرثوذكس ومبنى إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ونادي الصفا الرياضي.
وإذا أخذ بعين الاعتبار أن الحزب الشيوعي اللبناني هو من أسس «نيو تي في» قبل انتقال ملكيته الى رجل الأعمال تحسين خياط فإن المراكز والمؤسسات الحزبية والنقابية والاعلامية تدل الى التحالف التاريخي الجغرافي بين الحزبين التقدمي الاشتراكي والشيوعي، قبل أن ينفرط عقد التحالف وتبقى المؤسسات في أماكنها.
بالاضافة الى آل الزهيري تسكن في وطى المصيطبة عائلات عديدة قدمت من الجبل في فترات متتالية، بينها حيدر وقيس والحلبي والجردي وعربيد والغاوي وسليت وعساف وفليحان ونصر ورافع وباز وعلامة، وقد اختلطت تلك العائلات مع غيرها من عائلات بيروت والجنوب، بعد تحول المنازل الى مبان سكنية للبيع أو الايجار.
يقول نهاد نصر وهو من كفر فاقود إن أهله يسكنون في المنطقة منذ خمسة وستين عاما، كان عمره ثماني سنوات عندما شهدت بيروت هزة أرضية في العام ,1956 نصب الأهالي في حينها خياماً قرب منازلهم بعدما خافوا من النوم فيها، وعندما قدم الأسطول السادس الى بيروت خلال ثورة العام 1958 كان يذهب الى منطقة الايدن روك قرب مسبح الكورال بيتش حاليا ويتفرج على الجنود الأميركيين.
يسكن أبو بسام ناصر الدين في واحد من أقدم منازل الوطى، بعدما ورثه عن والده، فيما تعلمت زوجته إنصاف ابو شقرا في مدرسة الست لويزا المعمدانية، قرب قهوة يزبك في منطقة المصيطبة وهي مدرسة تابعة للروم الأرثوذكس، ثم أكملت المرحلة التكميلية في مدرسة نوتردام، ودرست في مدارس ابتدائية. عندما تزوجت كان في الحي أربعة منازل فقط. تقول إن السكان كانوا يجلبون أقاربهم من الجبل، قبل أن تتغير المعالم وتمتلئ الأحياء بالمباني. كان سعر متر الارض في الفترة التي تزوجت فيها قرشا واحدا، لكن والدها الذي كان ضابطا في الجيش لم يشتر أرضا في الوطى وعاد للسكن بعد تقاعده في بلدته عماطور حتى وفاته.
يعتبر حليم الزهيري (خمسة وثمانون عاما) الرجل الأكبر سنا في المنطقة، أصبح كلامه غير مترابط. يعود بالذاكرة الى الوراء مشيرا الى المطار القديم مقابل المدينة الرياضية حاليا، وإلى حرش الصنوبر قرب مدرسة مار الياس الذي محي كليا.
يقضي بقية أيامه أمام محله القديم الذي يقع أسفل منزله، فيشكل معه آخر معالم مرحلة آلت الى الزوال.
يتصل شارع جبل العرب الذي يسكنه حليم الزهيري، بالشارع الرئيسي الممتد من الكولا حتى الأونيسكو، يحد الشارع من الغرب أرض وقف الروم الواقعة بين مدرسة مار الياس ومعامل البلاط، من الشرق حي سكني شعبي يقع خلف كلية الاعلام، يعتبر من أفقر شوارع الحي، منازله أشبه بأكواخ وضعت لها سقوف من تنك، بناها ملاكو الأرض من آل الزهيري وعائلات أخرى من الجبل وسكن فيها نازحون من الجنوب، ثم بنيت لها أسقف من الباطون.
يقول المختار إن الحي لم يتغير لسببين: الأول عدم قدرة السكان هناك على دفع بدلات إيجار مرتفعة مقابل تحسين المباني والثاني وضع المنطقة تحت الدرس منذ أربعين عاما، بسبب قرار شق طريق يمر من أمام مستشفى بيروت ويصل حتى منطقة الكولا. لكن المشروع لم ينفذ، وقد طالب المختار برفع الدرس عن المنطقة من أجل التصـرف بها، كما طالب بتحويل مخيم وطى المصيطبة الى حديقة خضراء عندما كان الرئيس الرال رفيق الحريري رئيسا للحكومة، لكن جرى ضم المخيم الى مشروع اليسار وتباينت الآراء بشأنه بيت تحويله الى منطقة سكنية أو حديقة، يفكر بالعودة للمطالبة بجعله حديقة، لكنه ينتظر الفرج السياسي.
|