قطب الدين الشيرازي
(634-710هـ /
1236 -1310م)
قطب الدين محمد بن ضياء الدين مسعود بن مصلح الفارسي الشيرازي، قاض، ومفسر،
وعالم بالطبيعيات اشتهر في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي. ولد
في
مدينة شيراز ببلاد فارس عام
634هـ
لأسرة مشهورة بالطب والتصوف فقد كان أبوه ضياء
الدين أستاذا صوفيا وطبيبا مشهورا.
تلقى قطب الدين في شيراز تعليمه الأساسي،
كما تلقى بعض الممارسات الخاصة بالطب والتصوف تحت إشراف والده. وبالإضافة
إلى هذا
فقد تعلم قطب الدين في طفولته عددا كبيرا من الصناعات ماعدا صناعة الشعر.
ولقد بدأ
قطب الدين تعلمه للطب مبكرا، إذ لم يتجاوز عمره آنذاك العشر سنوات.
وببلوغه
الرابعة عشرة من عمره وفي حضرة وفاة والده أسند لقطب الدين وظيفة والده
كطبيب ممارس
في مستشفى مظفر بشيراز. وبقي في هذا المنصب قرابة عشر سنوات. وأثناء هذه
المدة التي
قضاها في مستشفى مظفر درس لقطب الدين ثلاثة أساتذة كلهم كانوا من أعمامه.
ثم انتقل
إلى أستاذه كمال الدين أبي الخير الكيزروني ومعه درس كليات
ابن
سينا .
ومع أستاذه شمس الدين محمد بن أحمد الكبشي درس قطب الدين العلوم
الدينية.
سافر قطب الدين إلى
بغداد
عام
665هـ/1268م،
حيث اشترك في الحلقة العلمية لشرف الدين زكي البشكاني، ومن
خلال اشتراكه في دروس شرف الدين استطاع قطب الدين أن يطلع على شروح ابن
سينا في
الطب وكذلك أعمال
الرازي .
وقد وجد قطب الدين من خلال اطلاعه على هذه الأعمال لذة في دراسة فلسفة وطب
ابن
سينا، ولكن لم يكن في ذاك الوقت من هو أهلا لأن يشبع رغبة قطب الدين في
معرفة
المزيد في هذه العلوم. ولهذا السبب ترك قطب الدين وظيفته في مستشفى المظفر
متجها
إلى مراغة عام
660هـ.
تتلمذ قطب الدين في مراغة على يد أستاذه
نصير
الدين الطوسي
ولقد كان اختيار قطب الدين للأستاذ والمكان اختيارا موفقا، فقد
كان نصير الدين الطوسي أحد أساتذة الفلسفة والفلك في وقته، كما أنه كان
مديرا
لمرصد
مراغة
الذي كان قد اكتمل بناؤه وبدئ العمل فيه وقت أن وصل قطب الدين لمراغة.
ولم يكن مرصد مراغة هذا مرصدا فلكيا فقط وإنما كان مكتبة ضخمة تحوي أكث ر
من
أربعمائة ألف كتاب، بعضها كان مؤلفات لأشهر علماء اليونان.
مكث قطب الدين في
مرصد مراغة عدة سنوات حضر خلالها الحلقات العلمية التي كان يعقدها نصير
الدين
الطوسي، حتى أخبره أستاذه نصير الدين أن يتفرغ لدراسة الرياضيات والفلك.
أخذ قطب
الدين بنصيحة أستاذه، حتى كان لهما عملا مشتركا في مجال الفلك عرف باسمها
لاحقا
كأحد أفضل أعمال القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي، ألا وهو تصور
كامل
لحركة الكواكب.
أكمل
قطب الدين دراسته لفلسفة ابن سينا على يد أستاذه نصير
الدين، وقرأ أحد أهم كتب ابن سينا المعروف باسم
الإشارات والتنبيهات
.
كما
أكمل أيضا دراسة
كتاب
القانون
لابن سينا، واستطاع بمساعدة أستاذه ومن خلال تواجده في مكتبة مراغة أن
يجد إجابات للمعضلات التي واجهها أثناء قراءته لهذا الكتاب في شيراز.
ولما كانت
رغبته في معرفة المزيد تفوق ما كانت مكتبة مراغة تمنحه إياه، فقد آثر قطب
الدين
الرحيل إلى خراسان. وهناك درس مع نجم الدين القزويني الذي كان فيلسوفا
وفلكيا
ورياضيا مشهورا في وقته. وبعدها توجه قطب الدين إلى قزوين ثم
أصفهان .
وهناك ارتبط قطب الدين بالعمل مع حاكمها، بهاء الدين محمد الجويني. ثم غادر
قطب
الدين أصفهان إلى بغداد، وهناك قابل عددا من أساتذة التصوف كان من بينهم
محمد بن
السكران البغدادي.
غادر قطب الدين بغداد متجها إلى الأناضول وقابل بها جلال
الدين الرومي، أحد أشهر شعراء التصوف في الإسلام. ولكن قطب الدين لم يمكث
طويلا في
الأناضول، إذ غادرها متوجها إلى قنا، وبها تتلمذ على أستاذه صدر الدين
القناوي،
فدرس معه الطريقة الصوفية والتفسير وعلوم الحديث. وفي قنا استطاع قطب الدين
أن
يقابل عددا كبيرا من العلماء الذين اتخذوا من قنا ملجأ بعد أن غزا التتار
الجزء
الشرقي للعالم الإسلامي.
وبوفاة صدر الدين القناوي، غادر قطب الدين قنا متجها
إلى سيواس وملطايا في قطاع الأناضول وكانت وقتها تحت حكم المغول، حيث تقلد
منصب
القضاء فيها بتعيين من معين الدين بروانة، الحاكم السلجوقي لقطاع الأناضول،
وكان
قطب الدين قد تعرف عليه سابقا أثناء تواجده في قنا. ولما كان معظم عمل قطب
الدين
ينجز من قبل مساعديه، فقد تفرغ قطب الدين للتدريس والكتابة.
قام
قطب الدين بعدة
زيارات لتبريز، عاصمة الإخنديين في فارس. من خلال زياراته المتكررة لتبريز،
أصبح
قطب الدين صديقا قريبا لأحمد تكدر وهو ابن لهولاكو ملك التتار. وكان لهذه
الصداقة
أثر كبير في اعتناق أحمد تكدر الإسلام. وبسبب صلة قطب الدين بالإخنديين فقد
قدر له
أن يعمل بالسياسة.
وفي
عام
681هـ
أرسل أحمد تكدر، قطب الدين برفقة كمال الدين
الرافعي وبهاء الدين بهلوان كسفراء عنه إلى المستنصر سيف الدين قلاوون،
سلطان
المماليك في مصر، وذلك حتى يشهروا إسلام أحمد له، وكذلك للتوصل إلى السلام
بين
المماليك والتتار. وعلى الرغم أن قطب الدين لم يفلح في مهمته السياسية، إلا
أن
رحلته إلى مصر كانت موفقة جدا من الناحية العلمية. فأثناء زيارته إلى مصر،
عرج قطب
الدين على مكتبات مصر وهناك وجد شروح لقانون ابن سينا، منها شرح
ابن
النفيس .
ولقد كان عثور قطب الدين على هذه الشروح إشباعا لرغبته الملحة في
التوصل إلى إجابات عن استفساراته في قانون ابن سينا والتي طالما طاف الديار
بحثا
عنها.
ترك قطب الدين مصر متجها إلى سوريا وبها مكث طويلا حيث قام بتدريس
كتاب الشفاء
لابن سينا. ومن سوريا رجع قطب الدين إلى الأناضول وبه بدأ كتابة
شرح على القانون وأسماه
شرح كليات القانون
.
وفي عام
690هـ/1291م
استقر
قطب الدين في تبريز والتي كانت وقتها تحت حكم جازان خان خليفة أحمد تكدر،
كما كانت
مركزا ثقافيا هاما للعالم الإسلامي. وبها مكث قطب الدين بقية عمره واهبا
نفسه
للكتابة حتى وافته المنية عام
710هـ/1311م.
اشتهر الشيرازي بإنجازاته
المتنوعة ففي الفلك أكمل الكثير من التجارب الفلكية التي لم يكملها أستاذه
نصير
الدين الطوسي. فقد طور أنموذجا فلكيا
لعطارد
الذي بدأ به الطوسي، وفي الطبيعيات اكتشف مسببات
قوس
قزح
،
وعلق على كروية
الأرض
تعليقا علميا، وشرح النقاط الغامضة في مؤلفات أستاذه. كما علق وشرح كتاب
القانون
لابن سينا.
ترك قطب الدين الشيرازي عددا كبيرا من المؤلفات معظمها في الفلك
والطبيعيات والطب
، من أهمها:
v
كتاب
شرح التذكرة النصيرية في الهيئة
v
كتاب
التحفة الشاهية في الهيئة
v
كتاب
نهاية الإدراك في دراية الأفلاك
v
كتاب
التبصرة في الهيئة
v
رسالة في
حركة الدحرجة والنسبة بين المستوي
والمنحني
v
كتاب
تحرير الزيج الجديد الرضواني
v
كتاب
بعض مشكلات
المجسطي
v
كتاب
درة التاج لغرة الديباج
وهو في الطبيعيات ومن أهم كتبه.
وفي
الطب
v
كتاب
نزهة الحكماء وروضة الأطباء
وهو شرح وتعليق على قانون ابن
سينا
v
رسالة في
بيان الحاجة إلى الطب وآداب الأطباء ووصاياهم
v
رسالة
البرص .
|