صيدا - الجزء الثاني
صورة من الأقمار الصناعيّة لمدينة صيدا
*
آثار صيدا
Ø القلعة البحرية: تقع القلعة البحرية على جزيرة صغيرة كانت تتصل باليابسة
بحاجز من الصخور وتتحكم بمدخل صيدا. فهي إذن في موقع استراتيجي مهم. ويطن
أنه كان يقوم على الجزيرة الصغيرة معبد فينيقي مخصص لعبادة الإله ملكرت يدل
ذلك العمد القديمة والحجارة الأثرية التي استعملت في بناء القلعة الصليبية
والظاهرة الآن من يدق النظر في هذا البناء. ويصل اليوم بالمدينة جسر له
قناطر رمم منذ مدة حديثة على العهد الاستقلالي.
Ø
جلب الصليبيون معهم إلى الشرق نظام الحصون أو القصور المحصنة التي كان
يسكنها الاقطاعيون في أوروبا في العصور الوسطى للتحصين ضد العدو خارجي أو
غاز مفاجئ.
يقوم القصر
Le
Chateau
Fort
على ربوة عالية أو مكان حصين يحيط به خندق أو هوة عميقة تملأ بالماء ولهذا
القصر باب رئيسي يجتاز هذا الخندق أبراج مستديرة أو الهوة بواسطة جسر متحرك
Pont-Levis
ويحيط بالقصر سور ضخم يتخلله أبراج مستديرة لها فجوات صغيرة رمي النبال.
وراء هذا السور في وسط القلعة يقوم القصر
Le Donjon
وهو بناء متين سميك الجدران ضخم الحجارة معد لسكن صاحب القصر أو الحاكم مع
حرسه وجنوده وسائر الرعية في حال الخطر وفيه توضع المؤن والذخائر وتخزن
المياه للحصار الطويل. وفي أعلى القصر يوجد مكان للمراقبة.
ولزيادة التحصين كان الإقطاعيون يلجأون إلى عدة أسوار خارجية الواحد تلو
الآخر حتى إذا استولى العدو على السور الأول يبـى أمامه السور الثاني
وللثالث لوصول إلى القصر قلب القلعة ومركزها الرئيسي.
Ø القلعة: بنيت قلعة صيدا البحرية في
شتاء سنة
1227-1228
بناها الصليبيون الآتون من أوروبا وتمركزوا فيها بانتظار مجيء الامبراطور
فريدريك الثاني قائد الحملة الصليبية السادسة.
يقودنا الجسر إلى بوابة كبيرة ذات بابين الواحد خلف الآخر الأول منهما كان
جسراً متحركاً ومن على جانبي البوابة يقوم سور ضخم له فجولت صغيرة لم يبق
منه إلا القليل ونرى على طرف هذا السور الشرقي قاعدة برج ضخم مستدير استعمل
في بنائه أعمدة من الغرانيت. باجتيازنا البوابة الرئيسية نجد سوراً ثانياً
هو السور الداخلي للقلعة. وله عدة بوابات بعضها باق والبعض الآخر مهدم.
وراء السور الداخلي نجد مساحة واسعة كانت قاعات كبيرة معدة لللجتماع ولشؤون
أخرى وهذه الساحة مكشوفة اليوم للبحر من جهة الشمال لأن السور الشمالي
للقلعة مهدم لم بيق منه شيئاً. والجدير بالذكر أن هذه القلعة محصنة من جهة
اليابسة أي من الجهة الجنوبية المواجهة للمدينة وللشاطئ أكثر من باقي
الجهات باعتبار أن البحر بحد ذاته يشكل حاجزاً أو مانعاً بالنسبة لمن يريد
الاستيلاء عليها.
القسم الشرقي من القلعة كان مركزها الرئيسي وهو عبارة عن برج كبير له عدة
بوابات من الجهة الجنوبية لا تزال بقاياها ظاهرة وبوابة واحدة من جهة الشرق
لا تزال قائكة. ويبلغ طول هذا البرج
27
وعرضه
21
متراً بناؤه ضخم سميك الجدران كالسور الخارجي استعمل في بنائه أعمدة من
الغرانيت يظهر أنها كانت موجودة قبلاً على الجزية الصغيرة من بقايا المعبد
الفينيقي القديم.
ومن قلب القلعة نصعد على سطح البرج بواسطة درج حجري حيث نجد جامعاً صغيراً
يرجع إلى العهد المملوكي. وهذا البرج كان أعلى مما هو عليه اليوم القسم
العلوي منه مهدم لم يحفظه الزمن وقد كشف الهدم عن خزانين للمياه يستطيع
الزائر أن يطل عليها من سطح البناء.
بعد هذا ننتقل إلى القسم الغربي من القلعة وهو عبارة عن برج نصف دائري لا
يزال قائماً ما عدا بعض أقسامه العليا. ونجد في هذا البرج عدة غرف وقاعة
كبير في وسطه وفيه درج حلزوني يدي إلى سطحه. وإن قسمي القلعة أو برجيها
الشرقي أو الغربي كان نتصلين ببعضهما بسور أو حائط كبير لا نرى منه اليوم
إلا قسماً بسيطاً مرمماً. وأخيراً نرى القلعة من الناحية الجنوبية الغربية
الصخر حفر ليشكل رصيفاً صغيراً للاؤساء ولكنه مغمور بالمياه.
* المدينة القديمة:
إن الزائر لمدينة صيدا الحالية يعتقد لأول وهلة مبنية بشكل فوضوي أو كيفا
اتفق الحال وإن المرء يضل في أزقتها الملتوية المظلمة. ولكن نظرة واحدة إلى
خارطة صيدا ترينا أن هذه الأخيرة مدينة لها طرازها القديم ولها هندستها
الخاصة. فمعظم شوارعها "إذ صح أن نسميها شوارع ممتدة من الجنوب إلى الشمال
بحيث تؤدي كلها إلى مرفأ وهذه الشوارع الطولية تخترقها شوارع عرضية من
الشرق إلى الغرب وتؤلف عها "مصلبيات" أو ساحات إلا أن هذه الشوارع أو
الطرقات تغطيها الأبنية المرصوصة جنباً إلى جنب فتأخذ منظراً معتماً خاصاً.
كانت صيدا في القرن السادس عشر مدينة متأخرة جداً فيها كثير من الخراب،
ولكن الأمير فخر الدين المعني الكبير أعاد لها بعض عظمتها السابقة وذلك من
سنة
1595-1634
فصيدا الحالية بني قسم منها على يد هذا الأمير العظيم.
إذ نجد قصراً "معنياً" كان القسم العلوي منه مركزاً لمدرسة عائشة أم
المؤمنين إلى جانبه حمامه "حمام الجديد" ويأتي هذا في المرتبة الثانية بعد
حمام قصر بيت الدين من حيث الجمال والهندسة وقد سكن هذا القصر أسعد باشا
العظم والي صيدا
1143هـ.
وكان معاصراً للأمير ملحم الشهابي.
وقبل أن تنتقل إلى داخل البلد الجامع البراني الذي يقع قبالة قشلة الدرك
وهو من بناء المعنيين والظاهر أنه أول بناء بني خارج صيد لذلك لقب بهذا
الاسم. وبه دفن الأمير ملحم المعني في غرفة خاصة يعلوها قبة وقد كتب على
ضريحه ما يلي "بسم الله تعالى الرحمن الرحيم هذه روضة المرحوم الأمير ملحم
بن معن توفي إلى رحمة الله تعال في أواسط شهر ذي الحجة سنة ثمانية وستين
وألف".
بعد هذا ننقل إلى باب السرايا قلب صيدا ومركزها الخامس على زمن فخر الدين
وما بعده. نجد هناك ساحة كبيرة وقد دعيت هذه الساحة بساحة باب السراي نسبة
إلى سراي الأمير فخر الدين القائمة إلى جنوبها بناها فخر الدين وجعلها
مركزاً حكوميالً ولا يزال هذا البناء هذا البناء قائماً حتى يومنا هذا وفي
عهد إبراهيم باشا المصري سكن هذا السراي الكولونيل سليمان باشا الفرنساوي
ورممه. وإلى شرق الساحة نجد جامع السراي سمي بهذا الاسم لقربه من السراي
القديمة.
وفي الجهة الغربية كان يقع على الأرجح قصر الأمير فخر الدين الخاص وبقربه
حمامه الذي لا يزال قائماً ويسمى حمام المير. وإلى شمال الساحة يقع خان
الإفرنج وهو بناء ضخم يحتل مساحة كبيرة له بابان رئيسيان مصفحان بالحديد
شمالي يطل على المرفأ وجنوبي يطل على ساحة السراي. هذا الخان بناه فخر
الدين ووهبه للتجار الفرنسيين في صيدا وهو أجمل الجانات التي بناها فخر
الدين في إمارته.
وكلمة خان تعني في ذلك الوقت فندق أو محل سكن ومستودع للبضائع وخان
بالمعنى الحقيقي للكلمة. وخان الإفرنج مربع الشكل تحيط به أروقة من الجهات
الأربع في وسطه ساحة كبيرة مكشوفة فيها بركة ماء وبعض الأشجار. وهو ذو
طابقين. الطابق السفلي كان بعضه مكاتب ومستودعات للبضائع وبعضه الآخر
اسطبلات للخيل ونجد اليوم في قسمه الشرقي اسطبلا حقيقياً بكل تجهيزاته في
وسطه بئر قديم مياهه صالحة للشرب والأرح أنه بئر ارتواي. أما الطابق العلوي
منه فكان معداً للسكن. يصعد بواسطة درج داخلي إلى سطح البناء خيث نجد شرفات
جميلة لها اطلالة رائعة على ميناء صيدا وقلعة البحر.
سكن هذا البناء يما مضى قناصل الدولة الفرنسية والآباء الفرنسيسكان الذين
شيدوا كنيسة الناحية الشرقية ولا تزال هذه الكنيسة باقية حتى اليوم. وهي
خاصة طائفة اللاتين في صيدا.
ومن الآثار المعنية أيضاً كنيسة اليسوعيين وهي فديمة جداً يظهر أنها من
بناء الأمير فخر الدين المعني. تقع هذه المدية في دير اليسوعيين الذي تسلمه
الأخوة المريميون حوالي سنة
1910.
وهذا الدير يجري هدمه باشراف مديرية الآثار.
ويظن أنه كان يقوم في هذا المكان القصر الملكي الفارسي الذي يعرف بالفردوس
والذي كان يقيم فيه ملك الفرس أو الملك الأعظم بضعة أشهر في السنة ويجلس عن
يمينه ملك صيدون قائد الاسطول الفينيي وعن يساره ملك صور.
هذه أهم الأماكن الأثرية في مدينة صيدا وكلها ترجع إلى العهد المعني.
وأخيراً نذكر الجامع العمري الكبير. ويقع بالقرب من كلية المقاصد الاسلامية
هو من الأماكن الأثرية الصليبية يقوم على ربوة عالية تشرف على البحر من جهة
الغرب. وهو أكبر مسجد في صيدا بديع الطراز جميل الهندسة متسع الباحات كان
كنيسة في القرن الثاث عشر لفرسان القديس يوحنا ثم حوّل بعد عهد الصليبين
إلى جامع وإليك ما وصفه به السائح الفرنسي كيران عند زيارته لصيدا سنة
1852.
"والجامع الكبير كان كنيسة باسم يوحنا وقد أصلح منذ سنوات وهو مستند على
ركائز قوية طولها ثلاثون مترا وعرضها عشرة متار ويدخل له من جهة الشمال
برواق تزينه قبة وتعلوه منارة ويوجد داخل هذا الرواق بركة للوضوء تزينها
أعمدة قديمة مغطاة رؤوسها بالكلس".
* القلعة البرية: لم يبق منها إلا
القليل لأنا هدمت واستعملت حجارتها لترميم القلعة البحرية.
بنى هذه القلعة الصليبيون في القرن الثاني عشر وسكنها الملك لويس التاسع
مدو من الزمن أثناء إقامته في الشرق لذلك أخذت اسم القديس لويس وقد يعود
إلى عهد المماليك أيام السلطان المعز. تقع هذه القلعة في أعل نقطة في صيدا
وهي القمة المرتفعة الحصينة المشرفة على صيدا ليست طبيعية إنما هي قمة
اصطناعية تكونت على مر السنين من خرائب مدينة صيدون القديمة واتخذت شكلها
الحالي بتعاقب الأجيال ومرور الزمن. وإلى جنوبي هذه القمة لا نزال نرى
أكواماً من صنف الموركس الذي كان الفينيقيون يستخرجون منه الصباغ
الأرجواني.
"في حنوبي صيدا الحالية وعلى ذروة الربوة التي كانت مقبرتها قلعة تدعى
المعز والمسيحيون يسمونها قلعة القديس لويس لأنهم ينسبون بناءها الأخير له
ولا يوجد بها آثار ذات بال سوى أنها من زمن قديم وهي مبنية على ربوة تعلو
عن البلدة خمسة وأربعين متراً".
* المدافن والحفريات الفينيقية: بدأت
الحفريات والتنقيب عن الآثار القديمة منذ سنة 1855 في محلة مغاير طبلون في
عين الحلوة جنوبي غربي المدينة الشعبية التي تبنيها الحكومة اليوم. ومغارة
طبلون تحريف لـ:مغارة أبولون.
تقع في هذه المحلة مدافن من أهم مدافن صيدا القديمة وتتألف من عدة مغاير
ترجع إلى عهود مختلفة ومع الأسف لم يبق منها شيء. إن أكثرها جمر أو استعمل
مقالع للحجارة ومحتوياتها أصبح معظمه في متاحف اآستانة وأوروبا.
بدأت الحفريات في مغاير طبلون
1855
حيث عثر على ناووس اشمنعزر الثاني ملك صيدا وهو اليوم موجود في متحف
اللوفر.
وقد نقش على هذا الناووس كتابة فينيقية أولها: أنا اشمنعزر ملك صيدون أمي
عمعشرت الملكة وأبنة أشمنعزر لك صيدون قد شيدنا هياكل للآلهة ودعت الحياة
في عز شبابي... مات هذا الملك وله من العمر أربعة عشر عاماً.
قد وجد في مغاير طبلون ناووساً فخماً محفوراً عليه بدقة سم سفن فينيقية
مشرعة السواري وشبيهة بالسفن الفينيقية التي وجدت رسومها في معابد الفراعنة
في الكرنك ويوجد هذا الناووس في متحف بيروت وبعد من النواويس الثمينة.
وقد قسم علماء الآثار مدافن غاير طبلون إلى ثلاثة أقسام:
1- يتكون لأقدمها من آبار عميقة مربعة ليس لها درج ومحفورة جهاتها الأربع
بشكل غرف مربعة أيضاً توضع فيها النواويس. نواويسها أغلبها على الشكل
المصري.
2- القسم الثاني يتألف من مغاير لها درج وفي جنباتها حفر معدة لوضع
النواويس. وجد فيها نواويس من الفخار وأخرى مزخرفة ببعض النقوش.
3- القسم الثالث أحدث عهداً وهو عبارة عن مغاير مطلية بالكلس أو مدهونة
بالألوان وفيها نقوش يونانية ورومانية. وقد أعطي هذا القسم عدداً من
النواويس الرصاصية.
ومغاير طباون جزء بسيط من مدافن صيدون القديمة الموزعة في عدة مناطق من
البلدة.
وفي سنة
1887
اتسخرج حمدي بك مدير المتحف العثماني عدة نواويس ثمينة جداً من محلة قياعة
وقد عثر عليها صدفة. منها اربعة نواويس يونانية من الرخام البديع الغالي
الثمن اصطنعها أحذق صناع اليوانا فبلغوا في نحتها ونقوشها غاية الجمال
والتقان وقد نقلت إلى متحف الآستانة.
وأول هذه النواويس ناووس المرزبان لأن صوره منقوسة على جوانبه تمثل
مرزباناً والثاني هو الليقي نسبة إللا هندسة أهل ليقيا. والثالث ناووس
الباكيات دعي كذلك لما نقش على جوانبه من النساء النائحات وعددهن ثماني
عشرة يمثلن الحزن في هيآته المختلفة والرابع ناووس الاسكندر من أبهى وأجمل
النواويس اليونانية وسمي كذلك لأنه نقش على جوانبه مآثر الاسكندر وحربه مع
الفرس وانتصاره على دارا.
واستخرج حمدي بك من نفس المحلة وفي نفس السنة ناووسين ملكيين ثمينين أحدهما
لتبنيت ملك صيدا ابن اشمنعزر الأول وقد حفر عليه الكتابة التالية: "أنا
تبنيت كاهن عشترت وملك صيدون مضطجع في هذا القبر إياك أن تفتح قبري هذا إذ
ليس فيه ذهب ولا فضة ولا كنوز وعسى من ينتهك قبري ولا يجد له ذرية تحت
الشمس ولا راحة في قبر..."
والناووس الثاني يشبه الناووس الأول شكلاً ولكن لا كتابة عليه ويرجح أنه
ناووس الملكة عمعشترت أخت تبنيت وزوجته وقد وجد في ناووس الملك تبنيت تاج
الملك وهو من الذهب الخالص وقلائد ذهبية وأساور ذات أحجار كريمة وخلاخل
ودمالج وأقراط أنيقة الصنع بديعة الشكل.
والجدير بالذكر أن النواويس الملوكية الثلاثة التي اكتشفت في صيدا وهي على
الشكل المصري ومن الحجر الأسود القاسي ويظهر أن الفينيقيين ابتاعوها من مصر
وأفرغوها من جثتها الأصلية ومحوأ كتابتها الهيروغليفية ثم وضعوا فيها جثث
ملوكهم ونقشوا عليها الكتابة الفينيقية التي ذكرناها.
وأخيراً نذكر أن الدكتور فورد أحد مؤسسي الكلية الإنجيلية في صيدا وجد
كثيرا من الأشياء في حدائق مدرسة الكلية الإنجيلية حيث بنى له داراً أول
الأمر ومن جملة ما عثر عليه الدكتور فورد جمسة وعشرين ناووساً على الشكل
المصري أهدتها زوجته فيما بعد إلى المتحف اللبناني.
وفي الخريف الماضي اكتشف صدفة في محلة مغاير طبلون نواويس قديمة من الرخام:
ثلاثة على الشكل المصري. وترجع بتاريخها إلى العهد اليوناني-الروماني. وقد
وجد في بعضها عقود وأقراط من الذهب وبعض الحجارة الكريمة. وتبدو هذه
النواويس كأنها تكملة لمجموعة الدكتور فورد التي وجدت في نفس المحلة.
ومما لا شك فيه أن هذه المنطقة لا تزال تحتوي على الكثير من النواويس. وإن
التنقيب والحفريات ستكشف عنها عما قريب.
* هيكل أشمون
لكل مدينة فينيقية إله خاص بها هذا إذا لم يكن لها عدة آلهة. ومن آلهة
صيدون الاله أشمون إله الشفاء وشفيع صيدا.
ونجد اليوم بقايا العظيم في البستان النعروف ببستان الشيخ على منعطف ربوة
فوق وادي الأولي من مصب هذا النهر.
كان هذا الهيكل يتألف من سور بشكل مستطيل بني ممن حجارة ضخمة محكمة الوضع
يبلغ من الشرق إلى الغرب نحو
60
متراً وعرضه من الشمال إلى الجنوب نحو
44
متراً وهذا السور كان يدعى الحرم كما نرى في أكثر معابد الساميين وفي الوسط
كان المقدس أو مقام الآلهة وحوله ساحة متسعة.
أجريت حفريات في هيكل أشمون حوالي
1900
قام بها مكريدي بك مع مهندسين من البعثة الألمانية التي كانت تشتغل في
هياكل بعلبك وقد أدت الحفريات إلى نتائج على غاية من الأهمية إذ زجد على
حجارة المعبد نقوش فينيقية ذات فائدة كبيرة لتاريخ فينيقية.
ومن غريب الأمور أن هذه النقوش أو الكتابات لم تكن على وجه الحجارة
الظاهرة بل على وجهها الخفي الواقع فوق الحجارة السفلى بحيث لم يمكن
الإطلاع عليها إلا بنقض الحجارة والفضل بينها. وهذه النقوش الموزعة اليوم
بين متاحف وباني هذا الهيكل لإلهه أشمون الأقدس وتعدد أيضاً بعض أقسام
صيدون القديمة. فهي إذن على غاية الخطورة من الناحتين التاريخية والأثرية.
والمظنون أن خراب هذا الشطل جرى على يد إرتحششتا الثالث الملقب بأوخوس سنة
348
ق.م. عندما ثارت صيدون بقيادة ملكها تنّيس على العاهل الفارسي.
وكان من نتيجة ذلك حريق هذه المدينة الفينيقية العظيمة.
|