أسماء
بنت يزيد بن السكن
الأنصارية ، واحدة من النسوة الطاهرات اللاتي ضربن أورع الأمثلة في الإيمان
والعلم
والصبر ، فكتب لها الخلود في تاريخ مشرق بالأنوار والبركات.
أسلمت في
السابقين من الأنصار على يد مصعب بن عمير ، مصعب الخير الذي انطلق من خير
دور
الأنصار ، دار بني عبد
الأشهل قوم بن معاذ – رضي الله عنه – ذلك الصحابي الجليل الذي
كان إسلامه بركة على قومه ، حيث روي أنه يوم أسلم ما أمسى في دار بني عبد
الأشهل رجل
ولا امرأة إلا مسلماً ومسلمة.
وأسماء هذه هي بنت عمة معاذ بن جبل الصحابي
الجليل – رضي الله عنه – ويلتقي نسبها مع نسب سعد بن معاذ – رضي الله عنهما
– في
جدهما امرئ القيس بن زيد بن عبد
الأشهل.
وأسماء بنت يزيد نموذج رائع من
النساء اللاتي كن يسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم – عن أمور دينهن ،
لتصل إلى
طريق الصواب ، ولذلك وصفت بأنها كانت من ذوات العقل والدين.
روت
أسماء
بنت يزيد قالت : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم – وأنا في جوار أتراب لي -
، فسلم
علينا وقال : ((إياكن وكفر المنعمين)). تقول : وكنت من أجرئهن على مسألته ،
فقلت :
يا رسول الله ، وما كفران المنعمين ؟ قال : ( لعل إحداكن تطول أيمتها بين
أبويها ،
ثم يرزقها الله زوجاً ، ويرزقها منه ولداً ، فتغضب فتكفر فتقول : ما رأيت
منك خيراً
قط).
ولأسماء مكانة خاصة في نفس أم المؤمنين عائشة فهي التي زينتها يوم
زفافها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدخلتها عليه ، وأصبحت بعد ذلك
تدعى
أسماء عائشة أو أسماء مقينة عائشة.
نشأت أسماء في أسرة عرف أفرادها
بالتضحية والجهاد منذ أن أعلنت كلمة التوحيد ، ومنذ أن صادف نور الإيمان
قلوبهم
الصافية خالية ، فتمكن منهم.
لقد
كان لها باع طويل في عالم الجهاد ، ففي
غزوة أحد قتل أبوها يزيد بن السكن ، وعمها زياد بن السكن ، وأخوها عامر بن
يزيد ،
وابن عمها عمارة بن يزيد بن السكن ، فلما بلغها مقتلهم ، وعلمت بسلامة رسول
الله
صلى الله عليه وسلم اعتبرت كل مصيبة بعد رسول اله صلى الله عليه وسلم
هينة.
وشهدت
أسماء كثيراً من الأحداث الهامة في الإسلام ، وكانت تشارك
فيها ، فحضرت غزوة الخندق ، وخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى
الحديبية وبايعت
بيعة الرضوان ، ثم شاركت في غزوة خيبر.
ولم تتوقف أسماء عن الجهاد ، فما
إن أقبلت السنة الثالثة عشرة من الهجرة حتى خرجت إلى بلاد الشام لتأخذ
مكانها في
جيش المسلمين في اليرموك لتسقي العطشي وتضمد الجرحى ، ولم يكن عملها
مقتصراً على
ذلك ، بل انغمرت في الصفوف ، وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطها ،
وعاشت بعد
ذلك دهراً إلى أن توفيت في زمن يزيد بن معاوية.
|