أمامة
بنت أبي العاص
أمامة بنت أبي العاص بن الربيع القرشية ، حفيدة رسول الله صلى عليه وسلم
التي حظيت
بحب النبي صلى الله عليه وسلم واستأثرت بعطفه ، فكان يكرمها ويحملها وهي
طفلة.
أمها
زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجدتها لأمها
خديجة بنت خويلد أم المؤمنين ، وسيدة نساء العالمين في زمانها ، وأول من
آمن بالنبي
صلى الله عليه وسلم وصدقه قبل كل أحد.
وأبوها أبو العاص بن الربيع صهر
النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب ، وابن أخت خديجة أم
المؤمنين ،
كان قد أسر يوم بدر فأطلق بلا فداء كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
بسبب زينب
،
ثم أسلم قبيل فتح مكة ، وحسن إسلامه.
ولدت أمامة رضي الله عنها في حياة
جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضعت الإيمان من أمها زينب ، وصنعت
على عينها
،
حيث غذتها بزاد التقوى ، وفطمتها على الصلاح. فكانت أمامة بذلك كريمة
النشأة
والأًصل ، ولذا فقد كان عليه الصلاة والسلام يأنس بها ، ويهش لها ، وأحلها
من قلبه
الشريف مكاناً رحباً ، ومن عطفه حناناً يروي النفوس ويغذي.
ولم تطل مدة
حياة زينب رضي الله عنها ، حيث توفيت في السنة الثامنة ، تاركة أمامة التي
لم تبلغ
الحلم بعد ، وكان فراق زينب أليماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى
ابنتها
الصغيرة ، ودخل عليه الصلاة والسلام على النساء وهن يغسلن زينب رضي الله
عنها فقال
: (
اغسلنها ثلاثاً أو خمساً ، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك ، بماء وسدر ،
واجعلن
في الآخرة كافوراً أو شيئاً من الكافور ، فإذا فرغتن فآذنني).
فلما فرغن
آذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطينه حقوه فقال : ( أشعرنها إياه) ،
وصلى
عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم‘ ثم دفنت في البقيع رضي الله عنها
وأرضاها.
ولقد سبق زينب إلى جوار الله تعالى أختاها رقية وأم كلثوم ،
فتركن في قلب النبي صلى الله عليه وسلم الحزن ولكنه صلى الله عليه وسلم
احتسبهن عند
الله تعالى الذي لا تضيع لديه الأمانات ، فله ما أعطى وله ما أخذ ، وكل شيء
عنده
بأجل مسمى.
ولقد لقيت أمامة من النبي صلى الله عليه وسلم الرعاية ، وأفاض
عليها من حبه ما جعله يحملها حتى في الصلاة ، فعن أبي قتادة صاحب رسول الله
صلى
الله عليه وسلم قال : بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الظهر أو
العصر وقد دعا بلال للصلاة ، إذ خرج إلينا ، وأمامة بنت أبي العاص بنت
ابنته على
عنقه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلاه وقمنا خلفه ، وهي في
مكانها
الذي هي فيه. قال : فكبر فكبرنا. حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن
يركع أخذها فوضعها ، ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده ، ثم قام ، أخذها
فردها في
مكانها ، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بها ذلك في كل ركعة
حتى فرغ من
صلاته.
ولما توفي أبو العاص بن الربيع سنة اثنتي عشرة للهجرة ، كان قد
أوصى بابنته أمامة إلى ابن خاله الزبير بن العوام ، وقد زوجها الزبير من
علي بن أبي
طالب رضي الله عنه بعد وفاة خالتها فاطمة رضي الله عنها ، وذلك في خلافة
عمر بن
الخطاب رضي الله عنه ، وبقيت عنده مدة ، وجاءته الأولاد منها ، فلما قتل
علي رضي
الله عنه تأثرت أمامه لمقتله ، وقالت أم الهيثم النخعية تصف حزن أمامه :
أشاب
ذؤابتي أذل ركبي |
أمامة
حين فارقت القرينـا
|
تطيف به
لحاجتهـا إليه |
فلما استيئست رفعت رهينا |
وعاشت
أمامة بعد علي حتى تزوج بها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب
الهاشمي ، ثم
توفيت عنده بعد أن ولدت له يحي بن المغيرة ، وكانت وفاتها في عهد معاوية بن
أبي
سفيان.
|