ليس الذكر كالأنثى
يصعب في جميع الكائنات الحية التمييز بين الذكر والأنثى بالشكل الظاهر، فغالباً ما تتشابه الذكور مع الإناث تشابها يكاد يكون تاماً بحيث لا يمكن التفريق بينها إلا عن طريق الفحص الدقيق، فيما عدا الإنسان إذ يختلف الذكر عن الأنثى في الشكل الظاهري اختلافاً كبيراً بحيث يتبين الإنسان الذكر وتعرف الأنثى من النظرة العابرة السريعة .. ولا يختلف الرجل عن المرأة في الشكل الخارجي فقط ولا في التركيب الداخلي علاوة على المظهر الخارجي فقط وإنما أثبتت الدراسات العلمية اختلاف الرجل عن المرأة اختلافاً كبيراً في كل ناحية من النواحي و في مختلف المناشط وذلك بالرغم من أن النطفة التي يتكون منها جنين الذكر تشابه وتماثل النطفة التي يتكون منها جنين الأنثى في سبعة وأربعين كروموزم أو صبغي ولا تختلف النطفتان إلا في كرومزوم واحد أو صبغية واحدة ... هذا الجزء من ثمانية وأربعين جزءاً الذي يختلف فيه الذكر عن الأنثى يسبب اختلافاً كبيراً وشاسعاً وعميقاً بين الذكر والأنثى في الشكل الظاهري والتركيب الداخلي والعوامل السيكولوجية .
فلقد أثبت الدراسات التشريحية في علم وظائف الأعضاء التناسلية أنها لا تقتصر وظيفتها على التناسل وإنما هي تفرز افرازات خاصة بكل جنس وتؤثر تأثيراً مباشراً على كافة أوجه النشاط الفسيولوجي والروحي، ولقد أثبتت التجارب العلمية أن إزالة الخصى من ذكور أي صنف من الكائنات الحية يقلل من نشاط الكائن ويزيل من صفاته كل ما يتميز به كذكر .. فالثور الذي يخصى تتولد فيه صفات البلادة بدل النشاط والهدوء بدلاً من العنف والاستكانة بدلاً من الوحشية، كما أثبتت أن المبيض للأنثى له أثر مماثل لتأثير الخصى في الذكر فإن إيقاف عمليه يغير من صفات الأنثى تغييراً كاملاً لتأثير فكلا الجهازين يؤثران تأثيرا مباشراً في حياة الغدد .. وأثبت العلم أن المبيض لا يعمل إلا خلال جزء من حياة الأنثى فإذا وصلت إلى سن اليأس بطل عمل المبيض بينما الخصية تظل عاملة إلى مدة طويلة .. وبذلك فإن المرأة تحرم من إفرازاتها قبل الرجل بمدة أطول وهذا من أوجه الاختلاف بين الذكر والأنثى .
ويزيد العلامة الدكتور الكسيس كاريل على ذلك إذ يقول ( ولا ترجع الفوارق القائمة بين الرجل والمرأة إلى اختلاف شكل الأعضاء التناسلية عند كل مهما كشكل الرحم ونمو الثديين وغير ذلك فحسب ، وإنما ترجع إلى سبب أعمق كثيراً وهو غمر الكيان العضوي كله بمواد كيمائية تنتجها الغدد التناسلية التي تختلف طبيعتها وتركيبها وخواصها في الذكر عن الأنثى . والواقع أن المرأة تختلف عن الرجل جد الاختلاف، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها وهذا أيضاً شأن أجهزتها العضوية وعلى الأخص جهازها العصبي ... وأن دور الرجل في علمية التكاثر دور قصير الأجل ومحدود جداً بينما دور المرأة يطول إلى تسعة أشهر تخضع فيها المرأة إلى هذا الكائن الجيني فتظل حالتها الفسيولوجية دائمة التأثر به والإناث لا تبلغ تمام نموها إلا بعد أن تحمل مرة أو أكثر فإذا لم تلد تصبح أقل اتزانا وأكثر عصبية ).
ويقول الدكتور تيودر وايك ( لقد مارست التحليل النفسي خمساً وأربعين سنة وأظن أنني يمكنني أن أقرر فيم يختلف الرجل و النساء ... إن عواطف الغيرة في المرأة أكبر مما هي في الرجل، وقد يعتقد البعض أن الغيرة قد لا تكون شيئاً هاماً بحيث يلتفت إليه، ولكن ثبت أن الغيرة تصحبها انفعالات قاسية وتغييرات نفسية و جسدية معاً مما يؤدي تأثيراً مباشراً على اتزان الفكر ودقة الحكم، وفي حالة التكاثر يستمر الأمر بالنسبة للمرأة لمدة طويلة تبلغ تسعة أشهر في أثنائها تكون عواطفها موزعة بين جنينها وبين باقي الأفراد الذين تمارس معهم شؤون الحياة ... كما اثبت التحليل النفسي أن الرجال أكثر استعداداً للاعتراف بالأخطاء من النساء ... والاعتراف بالخطأ له تأثيره الكبير في خطة العمل في الحياة .
ولا يقتصر الاختلاف بين الذكر والأنثى في ذلك فقط بل إنه يتعدى ذلك إلى السلوك في العمل فقد أثبتت التجربة لاسيما أخيراً بعد أن شاركت المرأة بنصيب كبير في العمل أن هناك من الأعمال ما تجيده المرأة عن الرجل خصوصاً تلك التي تحتاج إلى صبر ووقت طويل وهناك من الأعمال مالا تستطيع المرأة وإن قامت بها كان إنتاجها فيها أقل من الرجل .
أما الشكل الخارجي فاعتقد أن المرأة تختلف فيه عن الرجل اختلافاً كبيراً ووضحاً وجلياً بالرغم من أن الأجهزة الظاهرة للرجل هي التي للأنثى . فأجهزة السمع والبصر والأذن واليد والأرجل بالرغم من اتفاقها في الرجل مع الأنثى فما ابعد الفرق ظاهرياً بينهما .. بل والشعر وطبيعته يختلفان في المرأة عن الرجل .
وهكذا مهما توغلنا في البحث وجدنا الاختلاف الشديد بين الرجل والمرأة في الشكل الظاهري والتركيب الداخلي العملي والطاقة الإنتاجية .. وكل ما وصل إليه العلم أخيراً في ذلك سبق به القرآن الكريم إذ تقول الآية الشريفة ( وليس الذكر كالأنثى ) صدق الله العظيم {سورة آل عمران 36}.