شم النّسيم
عيد "شم النّسيم في مصر" له مذاقٌ خاصٌ وطقوس متوارثة تعود لأيّام الفراعنة. فهو يُجسّد تقديس الخضرة والهواء النّقي. ومن العادات المصرية في موسم الربيع وفي سبت النور قبل "شمّ النسيم" أن ينام كلّ شخصٍ وتحت وسادته بصلةٌ خضراء. وفي الصّباح الباكر يدعك بها أنفه حتّى تتساقط الدموع بغزارة من عينيه المُكحّلة، اعتقادًا متوارثًا أنّها تزيل الكسل والخمول ويحلّ النشاط طول العام والفأل الحسن.
ومن العادات المصرية تناول البيض المُلوّن في الصباح والفسيخ والبصل الأخضر والملانة والخس ثم تأتي بعد ذلك المُلوخية الخضراء ومحشي ورق العنب. وهذه الأطعمة يعشقها الشّعب المصري كلّه بجميع فئاته.
أمّا البيض المُلوّن فهو رمز العيد، عيد بعث الحياة في الأرض بعد شتاءٍ باردٍ صامتٍٍ. والمعروف أنّ قدماء المصرييّن هُم أوّل مَن بدأ في تلوين البيض، ثم انتشرت بعد ذلك في العالم. ويا حبذا لو استخدمنا في تلوينه الخضراوات الطّازجة كما كان يفعل أجدادنا. فالبقدونس وأوراق البصل الأخضر والسّلق لصباغة البيض باللون الأخضر، ومغلي البنجر للّون الأحمر، وأوراق الكركديه ومغلي أوراق البصل للون البرتقالي، ومغلي قشر الرمان يعطي لون الثمرة.
أمّا البصل الأخضر فهو أغنى من البصل الجاف لإحتوائه على الفيتامينات مثل (أ) و (ج) والتي تقلّ نسبتها في البصل الجاف، وكذلك هو غني بالأملاح المعدنية، مثل الكالسيوم والفوسفور والحديد والكبريت. ويُعتَبر العرب أوّل مَن عرفوا مزايا البصل فكانوا يعصرونه نيئًا ويمزجون عصيره باللّبن البارد ويشربونه علاجًا لمرض الإستسقاء. وقد استخدم الرّومان البصل في مقاومة أمراض الزّلال والكبد. فهو يُعتَبر من أقوى الخضراوات في تنقية الكليتين وعلاج المغص الكلويّ، كما يفيد في إتباع ريجيم لإنقاص الوزن بتناوله مع الطعام طازجًا فيساعد في طرد الأملاح من الدم والأنسجة ويزيل الدّهون ويُستخدم في العصر الحديث لتنبيه الجهاز التّنفسي ومنع القيء، وهو خير واقٍ من البهاق بدهن المكان المُصاب بعصير البصل الممزوج بقليل من الخلّ. وعُرِفَ عن فائدته في قتل الميكروبات. كما أكّدت الأبحاث العلمية الحديثة دوره في منع الإصابة بمرض السّرطان.