الفصل الثالث
◄بعد أن كبت غورو Goro أصوات الأحرار في بيروت وألغى مجلس الإدارة في جبل لبنان، إنصرف إلى إختلاق المبررات الوهميّة للإنقضاض على سوريا الداخليّة من أجل تقويض ما تبقى من معالم الحرية ومظاهر الإستقلال بالقضاء على حكم الشريف فيصل بن الحسين الذي نودي به ملكاً دستوريًّا من قبل جميع مدن سوريا بأجزائها الطبيعيّة، ساحلاً وداخلاً، في الإجتماع الذي حضره ممثلون عنها في مدينة دمشق وأصدروا بيناناً قالوا فيه: (إن الأمة العربيّة، في الوطن ولمهاجر، يا سمو الأمير المعظّم، لم تقم جمعياتها وأحزابها السياسيّة في زمن الترك بمواصلة الجهاد السياسي، ولم تُرِقْ دم شهدائهم الأحرار وتثر على الحكومة التركيّة إلا طلباً للإستقلال التام والحياة الحرة بصفتها أمة ذات كيان مستقل ومدنية خالدة وقوميّة خاصة، لها الحق في أن تحكم نفسها بنفسها... في هذا السبيل وإستناداً إلى العهود والوعود والمبادئ السامية التي صرح بها الحلفاء الكرام، قد إجتمعنا بصفتنا ممثلي الأمة السوريّة في جميع إتحاد القطر السوري وقررنا بإجماع الرأي إستقلال بلادنا السوريّة، التي منها فلسطين، بحدودها الطبيعيّة، إستقلالاً تاماً لا شائبة فيه، مبنيًّا على الأساس المدني النيابي، ووحفظ حق الأقلية، ورفض المزاعم الصهيونيّة في جعل فلسطين وطناً قوميًّا لليهود أو محل هجرة لهمم. وقد أخترنا بإجماع الرأي سموكم ملكاً دستورياً على البلاد السوريّة...). وكان من بين الذين وقعوا هذا البيان التاريخي ممثلون عن أقضية بيروت وصيدا وصور ومتصرفيّة جبل لبنان وهم :رضا الصلح وإبنه رياض وعفيف إبن عم رياض الصلح وجورج حرفوش وعبد المحسن صادق وفريد كسّاب ومراد غلمية (عن أقضية بيروت). الشيخ عبد المجيد المغربي والشيخ محمد رشيد رضا وتوفيق البيسار وعثمان سلطان ويُوسُف الحكيم (عن طرابلس). الأمير أمين أرسلان وإبراهيم الخطيب وتوفيق مفرج والأمير أسعد الأيوبي والدكتور سعيد طليع وتامر حمادة ورشيد نفّاع (عن جبل لبنان).
◄إعتبر الجنرال غورو Goroأن مبايعة الشريف ملكاً على جميع البلاد السوريّة بحدودها الطبيعيّة (إعتداءٌ على الحقوق الدوليّة وأن هذا العمل لم يأخذ بعين الإعتبار الإمتيازات الأجنبيّة والإتفاقات السياسيّة) وأرسل إلى الملك فيصل إنذاراً بقبول الإنتداب الفرنسي وإلغاء الجيش العربي، وحدد للملك ممهلة بضعة أيام لتنفيذ مضمون هذا الإنذار.
◄في 24 تموز سنة 1920م إنتهت مهلة الإنذار دون أن يستجيب الملك فيصل لمطالب الفرنسيين التي إعتبرها السوريون عدواناً صارخاً على كرامتهم وإستقلالهم. فأصدر الجنرال غورو Goro أمره إلى الجيش الفرنسي بالزحف على دمشق وإحتلاها بالقوة. ولما وصلت القوات الفرنسيّة إلى قرية خان ميسلون تصدى لها الجيش العربي السوري والمتطوعون الذين نفروا للجهاد إلى جانبه، إلا أن الفرنسيين تغلبوا على المقاومة العربيّة في معركة غير متكافئة، أستشهد فيها البطل يُوسُف العظمة وزير حربيّة الملك فيصل الذي دُفن في نفس المكان الذي أستشهد فيه. وعلى جثث الشهداء دخل غورو Goro إلى دمشق حيث ذهب من توِّه إلى ضريح السلطان صلاح الدين الأيوبي بالقرب من مسجد بني أميه، وقرع الضريح بعصاه قائلاً (صلاح الدين، إننا عدنا ونحن هنا !).
◄في أول أيلول 1920م حشدت السلطة الفرنسيّة أعيان البلاد في قصر الصنوبر الذي شادته بلدية بيروت في الحرج أيام الوالي عزمي بك سنة 1917م وكان في مقدمة أولئك الأعيان البطريرك إلياس الحويك رئيس الأساقفة المارونيين والشيخ مصطفى نجا مفتي بيروت الذي أُجبر على الحضور بعد تهديده بالنفي إذا إمتنع عن الحضور. وقد نصب غورو Goroعند مدخل القصر المذكور مدفعين غنمتهما القوات الفرنسيّة من السوريين في معركة ميسلون، لإشعار المواطنين بقوة فرنسا ثم ألقى الجنرال غورو Goroخطاباً طويلاً قال فيه: (بأسم حكومة الجمهوريّة الفرنسيّة أُعلن (لبنان الكبير) في قوته وعظمته من النهر الكبير إلى أبواب فلسطين وقمم لبنان الشرقي ... بالأمس من خمسة أسابيع، كان جنود فرنسا الفتيان، أولئك الذين أدهشتكم فِعالهم مدة أربه سنوات، يعززون أمانيكم في صباح، وبمعركة واحدة، ضدّ تلك القوة المشؤومة (يعني الجيش العربي السوري) التي كانت تطمع باستعبادكم... إن جنود فرنسا هم كفلاء إستقلالكم، فلا تنسوا أن دم فرنسا الكريم قد سال لأجل هذا الإستقلال، كما سال لأجل إستقلال شعوب كثيرة... ليحيا لبنان الكبير، لتحيا فرنسا !).
◄في 31 آب 1920م أصدر غورو Goro قراراً تحت رقم 320 جاء في مادته الأولى (إن مقاطعة ولاية بيروت الإداريّة مع ما يتعلق بها في الدوائر الإداريّة المحليّة أصبحت ملغاة). وإبتداءً من التاريخ المذكور غدت بيروت تابعة لجبل لبنان بعد أن كان هذا الجبل تابعاً لها. وبذلك حقق الجنرال غورو Goroما عجز عن تحقيقه داوود باشا أول متصرف على جبل لبنان، وبعد أن كان داوود عمون أحد أعيان دير القمر لا يطمع بأن يضّم أكثر من محلة المزرعة في بيروت إلى الجبل فإنه عاش ورأي بيروت كلها ومعها صيدا وصور وطرابلس والأقضية الأربعة وقد أصبحت جميعها جزءاً من هذا الجبل بفضل فرنسا وممثلها الجنرال غورو Goro قاهر دمشق... .
◄وعندما أكمل الجنرال غورو Goroمهمته في القضاء على إستقلال الدولة العربيّة في سوريا وإنشاء الكيان اللبناني، أقام البطريرك إلياس الحويك قداساً دينيٍّا في كاتدرائيّة مار جرجس في بيروت، وبعد تلاوة الإنجيل ألقى المطران بطرس الفغالي كلمة إستهلها بقوله:(هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، تعالوا نسرّ ونفرح به). وبعد المطران الفغالي، قام المطران أغناطيوس مبارك رئيس أساقفة بيروت وقال موجهاً كلامه إلى الجنرال غورو Goroالذي أُقيم القداس على شرفه: (... بعد إستيلائك على الشام، يا مولاي. جلوْت عن الشعب غيوم الأوهام فأصبح في حالة من الفرح والشكر والحماس لا توصف، لأن هذا الإنتصار أنقذه من كابوس التشوش والقلق الذي كان يضغطه ويثقل عليه، فأصبح الآن يشتغل ويعمل في راحة وهناء... فاسمح لي يا حضرة القائد أن أشكرك باسم الشعب الساذج الذي أنقذته من أغلال الجور والإستبداد وأشكرك أيضاً لإستيائك على الشام التي كانت حكومتها السابقة منشأ تلك الإضطرابات، أشكرك على (لبنان الكبير)الذي فتح لك السبيل فصرت سيداً على سوريا كلها). وقد شاركت بعض الصحف الأساقفة المذكورين في الإعراب عن الفرح بإلحاق بيروت بالكيان اللبناني الجديد فكتبت جريدة (الأحوال) بهذه المناسبة تحت عنوان: زفاف بيروت إلى لبنان: (اليوم يعقد للجبل الأشم على بيروت، عروس سوريا، على يد كفيلها الأفخم الجنرال غورو Goro ممثل فرنسا العليَّة، فما أجمله يوماً مجيداً. وعند العصر تُزفّ إليه بمهرجان بديع، فمكا أبهجه زفافاً سعيداً ... منذ ستين سنة(أي سنة1864م) تقدم داوود باشا إلى السلطان مصطفى الثالث ليخطب منه مدينة بيروت إلى جبل لبنان، فرده خائباً، ثم خانته السياسة ففرقت بين الحبيبين جسماً لكنّ القلبين بقيا على عهد الغرام.... إعتاد القوم في الأعراس أن يدعوا للعروسين بالرفاه والبنين، والأحوال في هذا المقام تدعو للوطن العزيز بالسعادة والترقي ودوام السلام... في ظل العلم المثلث الألوان ـ أي العلم الفرنسي ـ المؤلف من الألوان الثلاثة: الأزرق فالأبيض فالأحمر). كما إنطلقت قرائح بعض الشعراء اللبنانيين بالتعبير عن شكر غورو Goro لإعلانه الكيان اللبناني، فنشر بشارة عبد الله الخوري (الأخطل الصغير) في جريدة (البرق) قصيدة طويلة بهذا المعني جاء فيها قوله:
وثمار الفوز للمستبسـل إيه غورو، والأماني جمَّة
ليس بالجاحد كفّ المفضل إن لبنان، الذي أوجدتـه
قبل غورو، رجل عن رجل تلك إنسانية لم يروهــا
◄كان هذا الكلام معبراً عن رأي فريق محدود من المواطنين الذين ينتمون بغالبيتهم إلى جبل لبنان بالذات، أما الفريق الآخر، أي سكان بيروت وطرابلس وصيدا وصور وبقية المناطق التي أُلحقت بلبنان بعد إعلان كيانه يوم الأول من شهر أيلول سنة 1920م، إن هذا الفريق كان له يومئذٍ موقف سلبي من الإجراء السياسي الذي قام به غورو Goro، لأنه وحد فيه عملاً تعسفيًّا من قبل دولة الإنتداب التي ضربت عرض الحائط بوعود الحلفاء للعرب خلال الحرب، فعمّت الإضرابات جميع المدن المذكورة. ولما جرى إحصاء النفوس في سنة 1922م أمتنع البيروتيون عن الإشتراك بهذا الإحصاء وأبوا قبول الهويات التي أُعطيت لهم ولم يأخذوها إلا بعد أن وافق الجنرال غورو Goroعلى أن يُقص منها الجزء الذي ينص على الجنسية اللبنانيّة لحاملها.
◄في أول كانون الأول سنة 1925م وصل إلى بيروت هنري دي جوفنيل Henry de jeuvinelleخامس مفوض سامٍ فرنسي في هذه البلاد، بعد بيكو Pico وغورو Goro وويغان Wiganوساراي Saray، فوجد نفسه بين يدي ثورة عامة قام بها الأهالي، في الداخل والساحل ضد الإنتداب الفرنسي، فقال كلمته المشهورة (السلم لمن أراد السلم والحرب لمن أراد الحرب) وبادر إلى معالجة الموقف المضطرب عن طريق بعض الإجراءات التي تحمل الشكل الديمقراطي بالنسبة إلى الحكم المحلي في لبنان، وطلب من الأهالي إنتخاب جمعيّة تأسيسيّة تقوم بوضع دستور ينظّم الحكم في البلاد التي أُبقيت على كل حال تحت إشراف الموظفين الفرنسيين الذين أخذوا يومئذٍ صفة المستشارين في جميع الدوائر الرسميّة. بيد أن الإجراءات التي أتخذها دي جوفنيل Henry de jeuvinelleلم تجد الإهتمام إلا من قبل بعض أعيان جبل لبنان (المتصرفيّة السابقة) الذين وجدوا في التنافس على عضوية الجمعيّة التأسيسيّة فرصة ملائمة لإرضاء نزعتهم التقليديّة إلى إثبات وجاهتهم في مناطقهم، أما سكان بيروت وسائر المدن والمناطق التي أُلحقت بالكيان اللبناني فإنهم أعرضوا عن التجاوب مع دعوة هنري دي جوفنيل Henry de jeuvinelle ورفضوا الإشتراك بأي إنتخابات تؤدي إلى إعترافهم بالإنتداب الفرنسي وما نتج عنه من تجزئة للبلاد السوريّة إلى دويلات يغلب عليها الطابع الطائفي.
◄في 5 كانون الثاني 1925م إجتمع البيروتيون في مدرسة جمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة بدعوة من المفتي الشيخ مصطفى نجا وأصدروا بياناً أعلنوا فيه رفضهم للإنتداب الفرنسي وطالبوا بالإتحاد مع سوريا على قاعدة اللامركزيّة وأرسلوا نسخة من هذا البيان إلى حكومة الجمهوريّة الفرنسيّة وإلى عصبة الأمم في جنيف. وقد جاء في البيان المذكور: (قررت الطائفة الإسلاميّة في بيروت، بالإجماع، إحتجاجتها السابقة على إلحاقها بلبنان ... وتؤيد وتكرر طلب الرجوع إلى ما كانت تحفظه لنفسها بشأن الإلتحاق بالوحدة السوريّة على قاعدة اللامركزيّة في كل وقت وزمان). وفي نفس الوقت أرسل عمر بك الداعوفق باسم نواب بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع، برقية إلى عصبة الأمم في جنيف والمفوض السامي الفرنسي جاء فيها: ( إن فريقاً من نواب بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع كونهم أقلية عدديّة، إلا أنهم يمثلون أكثرية السكان الذين منهم الجمهوريّة اللبنانيّة، قد قدموا أثناء المناقشة في الدستور اللبناني إقتراحاُ إحتجوا فيه على ضمّ الأراضي التي يمثلونها إلى لبنان دون أن يؤخذ رأي أهاليها قب ذلك الضّم، فهم يطلبون أن تؤلف هذه الأراضي دولة مستقلة إداريّة مرتبطة بإتحاد لا مركزي مع لبنان القديم وسوريا).
◄ما حصل في بيروت، حصل مثله في جميع المدن والمناطق التي ألحقها غورو Goro بالكيان اللبناني، فلقد قرر السكان رفض الإنضمام إلى لبنان وأصروا على الوحدة السوريّة.
◄لم تجد إعتراضات السكان إُذناً صاغية لدى الفرنسيين في بيروت وباريس، ولقيت نفس الإهمال من قبل عصبة الأمم في جنيف. وأصّر Henry de jeuvinelle على إعتبار الجمعيّة التأسيسيّة ناطقة باسم شعب قاطعتها أغلبيه وأوعز إلى هذه الجمعيّة بالموافقة على دستور للبنان وضعته لجنة من وزارة خارجيّة فرنسا برئاسة بول بونكور. وفي أيار 1926م أنتخب شارل دبّاس أول رئيس للدولة اللبنانيّة التي أصبحت منذ ذلك التاريخ جمهوريّة تحت الإنتداب الفرنسي وسُميّت مدينة بيروت عاصمة لهذه الجمهوريّة التي تألفت من المناطق التالية:
■ لواء بيروت المكون من بيروت نفسها ومن أقضية صيدا وصور ومرجعيون.
■ لواء طرابلس المكون من طرابلس وقضاء عكار.
■ جبل لبنان بحدوده عندما كان متصرفيّة ممتازة.
■ الأقضية الأربعة هي : البقاع وبعلبك وحاصبيا وراشيا.
◄في 9 أيلول 1936م عرضت الحكومة الفرنسيّة على لبنان معاهدة، ظاهرها الإعتراف بإستقلاله وباطنها إستمرار الإنتداب تحت أسم الإستقلال الوهمي، إذ أن هذه المعاهدة قيدت اللبنانيين لمدة 25 سنة قابلة للتجديد بإحتلال عسكري دائم. وفي 3 تشرين الثاني جرى التوقيع عليها في بيروت من قبل الكونت دي مارتيل المفوض السامي الفرنسي وأميل إدّه رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة في ذلك الحين. وبالرغم من أن المعاهدة المذكورة خولت فرنسا البقاء الأبدي لمصالحها ونفوذها في لبنان وقررت إنفصاله نهائيًّا عن بقية أجزاء الوطن السوري بحدوده الطبيعيّة، فإن مجلس النواب الفرنسي خذل حكومته ورفض التصديق على هذه المعاهدة.
◄مرة أخرى رفض البيروتيون الموافقة على بقاء مدينتهم في الكيان اللبناني وأيدهم في هذا الموقف السلبي أبناء المناطق الأخرى التي ألحقها غورو Goro بهذا الكيان في الأول من أيلول 1920م. وعمَّت الإضطرابات في البلاد لا سيما في مدينة طرابلس التي أقفلت حوانيتها لمدة 36 يوماً، ورفع الطرابلسيون العلم السوري في الأحياء الداخليّة من المدينة. ولم يستأنف الطرابلسيون حياتهم العادية إلا نزولاً عند رغبة الزعماء الوطنيين وعلى رأسهم رياض بك الصلح وإخوانه رجال الكتلة الوطنيّة في سوريا الذين تتعهدوا بتحقيقي الوحدة السوريّة بمختلف الوسائل والطرق الشرعيّة.
◄في 10 آذار 1936م عقد الزعماء الوطنيون المطالبون بالوحدة السوريّة إجتماعاً شعبياً كبيراً في قصر الوجيه البيروتي عمر بك بيهم، وعُرف هذا الإجتماع يومئذٍ باسم (مؤتمر الساحل) وأصدر المجتمعون بياناً أكدوا فيه مطالبتهم بالإستقلال والإنضمام إلى سوريا. وقد وقّع هذا البيان التاريخي ممثلون عن بيروت وطرابلس وصيدا وصور وجبل عامل والأقضية الأربعة، بعلبك وراشيا وحاصبيا والبقاع وأمتنع عن توقيعه السيّد كاظم الصلح الذي كان حاضراً في هذا الإجتماع. وإن السيّد الصلح أذاع بياناً مستقلاً برر فيه إمتناعه عن مشاركة الزعماء الآخرين في التوقيع على بيانهم وقال:(لست أرى من الكوارث الكبرى أن يظل لبنان على شكله الحالي إلى الأجل الذي يريد (على فرض أنه متحرر من السيطرة الأجنبيّة) شريطة أن يعتنق منذ اليوم الفكرة والقوميّة العربيتين، فإن إنفصاله عن سوريا الكبرى العربيّة هو عندي كإنفصال سوريا العربيّة عن العراق العربي، أي أنني لا أجد في هذا الإنفصال يأساً ما دامت تلك القوميّة تترعرع وتصان في كل قطر إلى أن تثبت لهذه الأقطار مصلحتها في الإتحاد فتتحد!).
◄في فاتح أيلول 1939م إندلعت الحرب بين ألمانيا وبين إتكلترة وفرنسا بسبب هجوم ألمانيا على بولونيا، بعد ممؤتمر ميونيخ الذي عقد بين هتلر مستشار ألمانيا وبين تشمبرلن رئيس وزراء بريطانيا وسرعان ما أصطلت بنار الحرب جميع الدول الأوروبيّة تقريباً. في ذلك الحين كان المفوض السامي في سوريا ولبنان غبريال بيو.
◄بحجة الحرب أصدر بيو قراراً بوقف الدستور فيلبنان وأسترد الفرنسيون ما كان في لبنان من شكليات الحكم الوطني.
◄في أوائل أيار 1940م إجتاح الجيش الألماني فرنسا وإحتل باريس في الشهر التالي، فتسلم الماريشال بيتان الحكم في فرنسا وجعل بلدة فيشي مقراً لحكومته.
◄في حزيران1941م تقدمت القوات الإنكليزية المرابطة في فلسطين لإحتلال سوريا ولبنان. ولما قاومها الجنرال دانتز المفوض السامي الفرنسي في لبنان، ضربت طائراتها بيروت بالقنابل محدثة بعض الخسائر في الأرواح والممتلكات.
◄إتصل رياض بك الصلح وهنري فرعون بألفرد نقّاش الذي كان رئيساً للجمهوريّة اللبنانيّة وطلبا إليه مراجعة الجنرال دانتز لحماية بيروت من العمليات الحربيّة التي وصلت إلى الدامور وإعتبارها بلدة مفتوحة فقام ألفرد نقّاش بنقل هذه الرغبة إلى الجنرال اننتز، ولكن هذا أصّر على متابعة الحرب في كل مكان لمنع تقدّم الإنكليز.بيد أن الموقف الحربي تطور بسرعة لصالح الإنكليز وأضطر الفرنسيون الموالون لحكومة فيشي أن يعقدوا الهدنة مقابل السماح لهم بمغادرة البلاد مع أسلحتهم الخفيفة.