الفرذدق
هو همام بن غالب بن صعصعة، من بني دارم، لقبه، أي قطعة العجين أو الرغيف الضخم، لقب بذلك لضخامة وجهه وعبوسه. ولد في البصرة سنة 641 م ونشأ فيها، وقد قال الشعر يافعا ومال إلى البذاءة والتهتك. غضب عليه زياد بن أبيه والي البصرة، فهرب لاجئا إلى المدينة، ولكن واليها مروان بن الحكم طرده منها.
عاش حياته متنقلا بين الأمراء والولاة، يمدح واحدهم ثم يهجوه ثم يمدحه. كان
يتشيع في شعره، ولكن ذلك لم يمنعه من الاتصال بالأمويين ومدحهم.
التحم الهجاء بينه وبين جرير طيلة نصف قرن حتى وافته منيته سنة 732 م.
عمر نيفا وتسعين سنة قضى معظمها في الفسق والفجور فتكشفت له نواحي الحياة
بحلوها ومرها، وأقبل على الدنيا يتمتع بملذاتها حتى في أواخر أيامه. وإذا
مرت به لمحات سريعة من الزهد فإنه لا يلبث أن يعود بعدها إلى غوايته، كما
حصل له حين هجا إبليس.
هو واحد من ثلاثة قام على مناكبهم صرح الشعر العربي في عصر بني أمية. لم
يدع فنا من فنون الشعر المعروفة إلا نظم فيه، غير أن الفخر كان أغلب ما
وافق طبعه، يليه في ذلك فن الهجاء ثم المديح.
من شعر الفرذدق:
هذا الذي
تعرف البطحاء وطأتـه
والبيت يعـرفه والحـل والحـرم
هذا
ابن خيـر
عباد
الله كلهـم
هذا
التقـي النقـي الطاهر العلم
هذا
ابن فاطمة إن كنت
جاهلـه
بـجده أنبيـاء الله قـد ختمـوا
وليـس قـولك من هذا
بضائـره
العرب تعرف من أنكرت والعجـم
كلتـا يديه غيـاث عم
نفعهمـا
يستوكفان ولا يعروهـما عـدم
سهل
الخليقـة لا تخشى
بـوادره
يزينه اثنان حسن الخلق والشيـم
حمـال أثقال أقوام إذا
افتدحـوا
حلو
الشمـائل تحلو عنده نعـم
ما
قال لا قـط إلاّ في
تشهـده
لولا
التشهـد كانت لاءه نعـم
عم
البرية بالإحسان فانقشعـت
عنها
الغياهب والإملاق والعـدم
إذا
رأتـه قريـش قـال قائلهـا
إلى
مكـارم هذا
ينتهـي الكـرم
يغضي
حيـاء ويغضى من مهابتـه
فمـا
يكلـم إلاّ حيـن
يبتسـم
بكفـه خـيزران ريحـه عبــق
من
كف أروع في عرنينـه
شـمم
يكـاد يـمسكه عرفان راحتـه
ركن
الـحطيم إذا ما جاء
يستلم
الله
شـرفه قـدمـا وعظمــه
جـرى
بذاك له في لوحـه
القلـم
أيُّ
الـخلائق ليست في رقابـهم
لأوليـة هـذا أو لـه
نعـــم
من
يشكـر الله يشكـر أوليـة ذا
فالدين من بيـت هذا ناله
الأمـم
ينمى
إلى ذروة الدين التي قصـرت
عنها
الأكف وعن إدراكها
القـدم
من
جـده دان فضـل الأنبيـاء له
وفضـل أمتـه دانـت له
الأمـم
مشتقـة مـن رسـول الله نبعتـه
وفضـل أمتـه دانـت له
الأمـم
ينشق
ثوب الدجى عن نور غرتـه
كالشمس تنجاب عن إشراقها
الظلم
من
معشـر حبهم دين وبغضهـم
كفر
وقربـهم منجـى ومعتصـم
مقـدم
بعـد
ذكـر الله ذكرهـم
في
كـل بدء ومختـوم به الكلـم
إن
عد أهل التقـى
كانوا أئمتهـم
أو
قيل من شير أهل الأرض قيل هم
لا
يستطيـع جواد بعد
جودهـم
ولا
يدانيهـم قـوم وإن كرمـوا
هم
الغيـوث إذا ما أزمة
أزمـت
والأُسدُ أُسدُ الشرى والبأس محتـدم
لا
ينقص العسر بسطا من
أكفهـم
سيان
ذلك ان أثروا وإن عدمـوا
يستـدفع الشر والبلوى
بـحبهم
ويستـرب به الإحسان والنعـم