سيبويه
هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر البصري، المعروف بسيبَوَيه (بالفارسية: سيبوُيه أي: "رائحة التفاح") (140 هـ/760 م-180 هـ/796 م) إمام العربية وشيخ النحاة الذي إليه ينتهون، وله كتاب في النحو يسمى "الكتاب" وهو أول كتاب منهجي ينسق ويدون قواعد اللغة العربية، «لم يكتب الناس في النحو كتاباً مثله».[1]. وسيبويه فارسي الأصل، ولد في مدينة البيضاء قرب شيراز في بلاد فارس، كان مولى بني الحارث بن كعب، ثم مولى آل الربيع بن زياد الحراثي[2]. وقدم إلى البصرة غلاما، وقدا اختلف في موعد قدومه تحديدا[3]، ونشأ فيها وأخذ عن علمائها، وعلى رأسهم الخليل بن أحمد الفراهيدي. له وصف لمخارج حروف اللغة العربية هو الأدق حتى الآن.
في أدب طالب العلم مع أستاذه، وفي عزم المسلم الصادق في تحصيل ما ينفعه قال سيبويه: (لا جرم، سأطلب علمًا لا تُلَحِّنيَّ فيه (لا تُخَطِّئني فيه).
مقولة قالها سيبويه لأستاذه حماد بن سلمة مفتي البصرة، فقد كان
يعقد حلقة
للعلم، وكان سيبويه تلميذه، وكان حريصًا كل الحرص على حضورها،
وذات
مرة جلس حماد يلقي درسًا من دروسه، قال: قال النبي صلى الله
عليه وسلم: (ليس من أصحابي إلا من لو شئت لأخذت عليه ليس أبا
الدرداء) فظن سيبويه أن شيخه قد أخطأ في عبارة: (ليس أبا
الدرداء) فقام من مكانه ليصححها له،وقال:
(ليس أبو الدرداء) لأنه اعتقد أن كلمة (أبا) اسم ليس التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر فابتسم الشيخ في وجه الفتى الصغير وقال: لحنتَ وأخطأتَ يا سيبويه، ليس هذا حيث ذهبتَ، إنما ليس ها هنا استثناء، فقال سيبويه بأدب لأستاذه قولته السابقة: لا جرم سأطلب علمًا لا تُلَحِّني فيه.
ومنذ ذلك الحين بدأ الفتى الصغير رحلة الاجتهاد والجد، لتحصيل علوم اللغة العربية وخاصة علم النحو، ولد أمير النحاة (عمرو بن عثمان بن قنبر) أبو بِشْر، المعروف بـ(سيبويه) في (البيضاء) إحدى قرى (شيراز) ببلاد فارس عام 148هـ، وكان نظيفًا كل من يلقاه يشم منه رائحة طيبة؛ وكانت أمه تناديه منذ صغره بـ(سيبويه) وهي كلمة فارسية تعني: رائحة التفاح، وذلك لطيب رائحة التفاح.
رحل سيبويه إلى البصرة، فنشأ بها، وكانت لديه رغبة شديدة في
تحصيل العلم؛ فبدأ يتعلم الحديث والفقه ولازم الفقهاء وأهل
الحديث، ثم أخذ يتلقى العلم على أيدي العلماء، فتعلم على يد
(حماد ابن سلمة) مفتي البصرة وأحد علماء عصره، كما تعلم على يد
(الأخفش الأكبر) وهو من أئمة اللغة والنحو، فأخذ عنه سيبوبه
اللغة وشيئًا من النحو، أما (الخليل بن أحمد) فقد كان المعلم
الأكبر لسيبويه، حتى إنه دخل على الخليل ذات مرة، فقال له:
مرحبًا بزائر لا يُمل، وكان يحب سيبويه كثيرًا ويفسح له صدره.
ظل سيبويه على هذه الحال حتى أصبح معلمًا، وأصبح له تلاميذ
يلتفون حوله ويأخذون منه، ويكتبون عنه، وكان من تلاميذه (أبو
الحسن الأخفش) وقد ألف سيبويه كتابًا عظيمًا في علم النحو سماه
(الكتاب) جمع فيه كل ما سمعه من أستاذه (الخليل بن أحمد) وغيره
من العلماء في هذا العلم، واشتهر بعده
بـ (كتاب سيبويه) الذي يعده العلماء دستورًا لعلم النحو
وقانونًا لقواعده، ومن شدة اعتزاز الفَرَّاء -وهو أحد كبار
علماء النحو- بهذا الكتاب أن الناس وجدوا عند موته وتحت وسادته
(كتاب سيبويه)!!
وقد أفاد سيبويه الكثيرين بعلمه، حتى وصل علمه إلى عامة الناس
الذين أخذوا
عنه، وتعلموا منه الفصاحة.. يحكي أن رجلاً قال لسماك (يبيع
السمك)
بالبصرة: بكم هذه السمكة؟ قال: بدرهمان.. فضحك الرجل مستهزئًا
من السماك لأنه رفع المجرور.
فقال السماك: ويلك أنت أحمق، لقد سمعت سيبويه يقول: ثمنها
درهمان!!.
وقد أصيب سيبويه بمرض قبل وفاته، وفي أثناء مرضه، وجده أخوه
-يومًا- متعبًا قد اشتد عليه المرض، فبكى وتساقطت دموعه على
وجه سيبويه، فرآه سيبويه فأنشد يقول:
يَسُرُّ الفَتَى مَا كَانَ قَدَّمَ مِنْ تُقَى
إِذَا عَرَفَ الدَّاءَ الذي هُوَ قَاتِلُهْ
وعند مماته أخذ ينصح أصحابه ومن حوله قائلاً:
يُؤمِّــــل دُنْيَا لِتَبْقَى لَـــــهُ
فمَات المؤَمِّلُ قَبْلَ الأَمَــلْ
حَثِيثًا يُرَوِّي أُصُولَ النَّخِيلِ
فَعَاشَ الفَسِيلُ وَمَاتَ الرَّجُلْ
ومات سيبويه في شيراز سنة 796م بعد أن ترك ثروة كبيرة من
العلم، لينتفع بها الناس في كل زمان ومكان.