عمر الخَـيَّام
حكيم وفلكي وعالم رياضيات وشاعر هو غياث الدين أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام ولد في نيسابور عاصمة خراسان, بدأ تعليمه الأولي في إحدى مدارس نيسابور لتعلم القراءة والكتابة, ولما قوي واشتد ساعده رحل إلى سمرقند لدراسة الرياضيات, فأنجز نظاماً للأرقام أكثر اتساعاً من نظام الإغريق, فألف كتاباً بالعربية ( الجبر والمقابلة) ترجم إلى الفرنسية عام (1851). كما أوجد طريقة لاستخراج جذور الأرقام وعالج لأول مرة مسائل التكعيب في الجبر ولما برزت موهبته في علم الفلك إلى جانب شهرته في الرياضيات, استدعاه السلطان السلجوقي لتعديل التقويم, وكلفه ببناء برج فلكي في اصفهان , وإن إجادته للغة العربية والكتابة بها كانت حافزاً له لقراءة شعر المعري فكان له الأثر في شعر الرباعيات لغة وأسلوباً ومضموناً فلقب بالحكيم في الثقافتين الفارسية والعربية ولقبه الأوربيون بملك الحكمة.
وعندما دخل
العرب الأندلس بدأ المؤلفون الأوربيون يتصلون
بهم فنقل (انطوان غالان) مختارات من ألف ليلة وليلة إلى الفرنسية ثم
ترجمت إلى
اللغات الأوربية حيث تركت آثارها على أعمال (فولتير وغوته وغيرهما) كما
ظهرت
تأثيرات ترجمة أشعار حافظ والمعلقات السبع وحكايات شهرزاد في الأعمال
الإبداعية
الغربية. وقد ظلت الرباعيات مخطوطة في الشرق والغرب حتى منتصف القرن
التاسع عشر حيث
اكتشفها الأوربيون فيعتبر (ادوارد) الشاعر الإنكليزي من أهم الذين
ترجموا رباعيات
الخيام بأسلوبين مختلفين فكانت إحداهما الترجمة النثرية الحرفية التي
التزمت
بالمضمون
الدقيق للنص, والأخرى الترجمة الشعرية التي وضعت المضمون في قالب الشعر
الإنكليزي
حيث بلغ عدد الرباعيات في ترجمته (105) رباعيات.أما اكتشافها عربياً فقد
بدأ في
العقد الثاني من القرن العشرين حينما نقلها إلى العربية (وديع البستاني)
ومنذ ذلك
الحين شهدت الرباعيات ترجمات إلى اللغة العربية منقولة عن اللغتين
الفارسية
والإنكليزية أنجزها كل من محمد السباعي, ومحمد الهاشمي, وأحمد رامي, وأحمد
الصافي
النجفي, وغيرهم وقد أجمع النقاد على أهمية الترجمة الشعرية لأحمد الصافي
وترجمة
أحمد رامي. ولما كانت رباعيات الخيام تبث الدعوة إلى اكتشاف جماليات الحياة
والحب
وتحرير العقل والحواس من الهموم والمخاوف والأوهام, فقد لاقى الخيام هجوماً
على
رباعياته واتهاماً بالزندقة من المتعصبين أمثال الرازي في كتابه (مرصاد
العباد)
الذي وصفه
بأنه الدهري التائه في ميدان الضلال, أما الصوفيون فاعتبروا شعره أفاعي
سامة
وألَّبوا عليه العامة من الناس فخاف على دمه وأمسك من عنان لسانه وقلمه
وذهب
إلى الحج.
وقد اختلف الباحثون في وصف شخصية الخيام فبعضهم يعتبره رجل علم لا علاقة
له
بالرباعيات لما فيها من أفكار حرة ودعوة إلى الحياة كما ورد في شعر من
سبقوه أو
عاصروه أو
جاءوا بعده أمثال (رودكي, عسجدي, أنوري, حافظ, أبو نواس), والبعض يرى أن
العالم
يمكن أن يقول شعراً في الغزليات والخمريات والتأمل في حال الوجود وأسئلة
الحياة
والموت.
وهناك
تشابه بين شعر الخيام والمعري من حيث نقاط الالتقاء
والاختلاف
بينهما فيبرز الالتقاء في طرح الأسئلة الجريئة المتأملة الحائرة في
الحياة وسر
الوجود بينما يظهر الخلاف واضحاً في زهد أبي العلاء وانصرافه عن الملذات
التي يدعو
الخيام إلى استنزافها. ومع هذا الاختلاف فإن ما يجمع بينهما هو الحكمة
والذكاء.
فيعتبر كتاب ( هارولدلام) من أهم المراجع الموثقة والشاملة بخصوص حياته وأعماله العلمية والرباعيات.
وتكريماً له ولأعماله أسس نادٍ في لندن يحمل اسمه, مهمته الدعوة إلى المزيد من الاهتمام بأعمال الخيام ورباعياته, وقد أنجز الفنان الإيراني المولد من أصل أرمني (سركيس) رسوماً تخطيطية بارعة مع كل رباعية تستلهم الأجواء العاطفية والوجودية التي تبثها الرباعيات كما قدمت هوليود عام 1941 فيلماً روائياً باسمه رسم الصورة الحقيقية له. توفي في نيسابور عام 1123م ودفن فيها.