مروان حمادة
درزي المذهب، كاثوليكي (وفرنسي) بالرضاعة، سني بالزواج، ارثوذكسي بالمصاهرة وماروني... بالأحفاد. ولد في بيروت، ترعرع ودرس متنقلا مع والده الدبلوماسي بين عواصم العالم، من باريس إلى لندن واثينا. خالط مدارس ارساليات ومدارس علمانية بألسن فرنسية وانكليزية، ثم عاد إلى موطنه وتخرج من الجامعة اليسوعية في الحقوق وشهادة في الاقتصاد.
محام، صحافي، اقتصادي، إداري، باحث، مثقف و... سياسي بامتياز منذ 1980 كوزير للسياحة في حكومة شفيق الوزان. دخل الصحافة الفرنكوفونية من بابها الواسع كنائب رئيس تحرير في جريدة {لوجور}، ومراسل {حربي} من اليمن، إلى الهند باكستان، إلى حرب تشرين 1973 إلى حرب... فيتنام. ثم غرق في شؤون وشجون جريدة {النهار} الى ان أصبح رئيسا لمجلس ادارتها. وبين هذه وتلك، {لامس} المحاماة، ومر على {طيران الشرق الأوسط} وأمضى فترة كباحث اقتصادي، قبل ان يتفرغ إلى السياسة إلى جانب وليد جنبلاط.
مروان حمادة، مواليد 1939، والده الدبلوماسي محمد علي حمادة، والدته فرنسية، أخته الأديبة والشاعرة الراحلة ناديا حمادة تويني زوجة غسان تويني وأخوه الزميل علي.
تزوج مرتين، الأولى من سهير حوري (1964) ورزقا ولدين كريم ورانية. والثانية من لينا مقدادي (1984)، دبلوماسية وكاتبة... وما تبقى من سيرته مجبول بمراحل الحرب اللبنانية وفظائعها.
بدءا من ما كان يعرف بـ{الحركة الوطنية}، مرورا بالاجتياح الاسرائيلي (1982)، {حرب الجبل} (1983)، {مفاوضات لوزان وجنيف} (1984-1983)، {الاتفاق الثلاثي} (1985)، {اتفاق الطائف} (1989) إلى... شؤون وشجون عهد اميل لحود... كان في كل هذه المحطات إلى جانب جنبلاط، من دون ان يكون منتميا إلى الحزب التقدمي الاشتراكي. يقترب أكثر مما يبتعد. يشتد في الشدائد، ويندفع في المهمات التوافقية والحوارية. وينكفىء أحيانا وراء الكواليس لتلطيف الأزمات الساخنة. دائم الحركة والنشاط. شاطر في تدوير الزوايا، يتقن شروط اللعبة اللبنانية وحدودها. كما يتقن أصول اللعبة مع زعيم المختارة...
إنطلق مندفعا في بداية الثمانينات مركزا على العلاقة مع سوريا، رافضا أي تشكيك فيها وفي المقاومة الفلسطينية وأي تحامل عليهما (النداء1981)، نادى بالحل العربي الديموقراطي الذي ترعاه سوريا في لبنان (البعث 1985) بعد التوقيع على الاتفاق الثلاثي في دمشق. ودعا بعد فشله إلى <<علاج الخطوات التقسيمية في بيروت الشرقية عبر ضرب المشروع الانفصالي قبل ان يتحول إلى اسرائيل ثانية في المنطقة، واعتبر لاحقا ان دعوة وليد جنبلاط إلى الوحدة مع سوريا حلا قوميا وتقدميا وعلى العرب مقاومة مشروع ميشال عون الديكتاتوري (الشرق 1989)...
في موازاة ذلك، قارب محنة الجبل في 1983 بحكمة وروية. العلاج كان برأيه {وحيد مركب من مزج الحقيقة بحسن النية المخلصة ومن مزج الصدق بصفاء الوطنية}، لافتا بذكاء إلى ان لرئيس الجميل صاحب دعوة ونظرية وفاقية وساع إلى اللحمة بين اللبنانيين، وهو المؤهل ليكون محورا يجمع القوى السياسية تحقيقا لأهداف محددة هي تحرير البلد وتطوير نظامه الديموقراطي.... (السفير 1982).
لم تغب عن مروان حمادة في اي لحظة أهمية التواصل والوحدة الداخلية. أظهر شديد حماس لاتفاق الطائف، غالى في التفاؤل. ففي بداية 1991 رأى ان استكمال بنود الطائف سيتم في النصف الأول من هذا العام...، وان أحداث الخليج ستعجل في تنفيذ القرار 425 القاضي بانسحاب اسرائيل من الجنوب. وعن إتفاق الطائف قال يومها انه تسوية وهذه التسوية لم يربح فيها أحد، كل واحد أخذ شيئا ما، أوجد حلولا منطقية متوازنة وقابلة للتطبيق. ويؤكد باستمرار ان اللبنانيين بجميع طوائفهم مجمعين على العلاقات المميزة مع سوريا.
ومع مرور السنوات، وغرق {الطائف} في أوحال {الترويكا} راح مروان يحذر من الالتفاف عليه مكررا مطالبته بتطبيقه قبل المطالبة بتعديله.
لم تغب طبعا عنه مسألة الطائفية، وهو المتعدد الطوائف ولا طائفة له. طالب دوما، وفي أكثر من مناسبة، بإلغاء الطائفية السياسية. حماسه دفعه إلى الاعتقاد ان آلية إلغاء الطائفية ستنطلق بعد انتخاب مجلس جديد، أي بعد انتخابات 1992، مشيرا في الوقت نفسه إلى ان الطائفة الدرزية لن تعود الى الثنائية في الجبل. ومنذ عام 1993 بدأ يسعى لزيارة البطريرك نصر الله صفير إلى الجبل.
وفي 1991، اعتبر ان انتشار الجيش في صيدا وضواحيها خطوة هامة على طريق تحرير جزين والجنوب اللبناني (تشرين السورية).
بعد الطائف، شارك حمادة بحكومات عدة، وتحديدا حكومات الحريري. من الصحة إلى المهجرين إلى الاقتصاد. كان خلالها بمثابة{حلال عقد} بين الحريري وجنبلاط، و{اطفأجي} على خط العلاقات بين بعبدا قريطم المختارة.
وفي 1997 نعى الترويكا مطالبا بتفعيل المؤسسات، ممهدا بذلك لما سيكون عليه موقف جنبلاط من مجيء لحود. وتحول إلى أشبه بـ{فدائي} في عهد اميل لحود. ففي عام 1998، ورغم معارضة جنبلاط وكتلته لرئاسة لحود قال للرأي العام (الكويتية) بعد يومين فقط ان لحود أفضل خيار للبنانيين والمطلوب معالجة مشكلة المسيحيين حتى ولو كانت... نفسية.
في تلك الفترة، كان خارج الحكم ومارس دور {كاسحة الألغام} أمام سيد المختارة، معلنا في آذار 1999 عن مبادرة جنبلاط للانفتاح على لحود، وفي نيسان أكد: نحن طلاب حوار مع الحكم والمعارضة، وأيضا مع لحود في مواجهة التحديات الاسرائيلية. كذلك بين لحود والحريري. سيّئو الظن يعتبرونه نصف حريري ونصف جنبلاطي. في أيار 2000، أعرب عن أمله الكبير بالتعاون بين عقلية لحود ودينامية الحريري. وفي كلام آخر أمل أن يكون لحود حياديا... والتحالف مع الحريري لتوسيع رقعة الخدمات....
في الأزمات، ينحاز بوضوح إلى جنبلاط من دون ان يقطع خيوط الاتصال مع كل الأطراف. خلال معركة التمديد، وفي ظل حملات التخوين التي انهالت على رئيس التقدمي، انبرى للرد على أحدهم قائلا: وليد جنبلاط لا يخوّن ممن كان مع شارون. وعن وليد قال ذات مرة أنه ليس صعبا... بل هو رقم صعب.
يجمع مروان بين المرونة والحكمة، بين الدبلوماسية ودماثة الخلق. يمثل الاعتدال في الموقف. ان ما يعبر عن شخصيته أفضل تعبير ما قاله هو عن نفسه ذات مرة في 1995: لم أكن يوما منعزلا عن أحد بفعل تركيبتي العائلية والثقافية والتربوية والاجتماعية، بل نحن في بيت تنصهر فيه تقريبا نصف الطوائف اللبنانية، بيت منفتح على الثقافة الغربية مع تمسكه بجذوره الضاربة في الثقافة العربية الأصيلة. أعيش الوفاق الوطني في بيتي وعائلتي... أتى الطائف بمسلمات لم يعد أحد يختلف عليها وزالت كلمة <<انعزال>> من القاموس السياسي وسقطت من العقول والنفوس.
أنه لبناني بامتياز! لماذا حاولوا اغتياله؟ هل لأنه يمثل كل هذه الحالات معا؟ هل لإيصال رسائل بالجملة؟ وهل كان إستهدافه بمفعول رجعي بعد ما نجا من أتون الحرب الأهلية، أم بمفعول استباقي ليكون الشرارة لفتنة جديدة؟.
بتاريخ 01/10/2004 انفجرت سيارة مفخخة نهار الجمعة مستهدفة موكب النائب مروان حمادة، ما أدى إلى إصابته بجروح، نقل على أثرها إلى المستشفى، وإلى مقتل مرافقه وجرح سائقه .
وتأتي محاولة الاغتيال هذه بعد أسابيع من التوتر السياسي والاتهامات المتبادلة، بين الموالين لسوريا وخط إميل لحود السياسي من جهة، ورافضي التمديد للحود والمعارضين لهيمنة الأجهزة الأمنية المتنامية على مرافق الدولة والحياة السياسية من جهة أخرى.