بورت سودان
تقع مدينة بورت سودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وقد تطورت المدينة على جانبي المرفأ الطبيعي الذي كان يعرف باسم مرسى الشيخ برغوت في موضع على السهل الساحلي، وهو يمتد موازيا لساحل البحر الأحمر، وتحيطه تلال البحر الأحمر الصخرية التي ترتفع إلى أكثر من 2000 م من ناحية الغرب.
وتقع المدينة على سطح متدرج الانحدار من الغرب إلى الشرق، أرضه من الصخور الكورالية وتتجه المجاري من التلال إلى ساحل البحر، وأهمها خور موج وخور كلاب اللذان يعملان على تصريف مياه الأمطار المنحدرة من التلال، وهي في مجموعها تشغل أجزاء كبيرة من مساحة المدينة.
والميناء عبارة عن خليج طبيعي يبلغ طوله 6 كلم وعرضه 250 م، يفصل شرقي المدينة عن جزئها الغربي، بينما يفصل خور موج غربي المدينة عن جزئها الجنوبي، وبورت سودان في المقام الأول مدينة خلقت لكي تقوم بوظيفة أساسية واحدة في موقع اختير لجودة امكانياته الطبيعية.
وطبيعة المناخ في هذا الجزء من القطر فريدة من نوعها، نظرا لأمطاره الشتوية، والحرارة المرتفعة المقترنة بالرطوبة في فصل الصيف، وهو المناخ البحري الذي يسيطر على السهل الساحلي الضيق والمرتفعات الشرقية لتلال البحر الأحمر. ولكن تأثيره لا يتوغل كثيرا داخل الأرض.
تمثل بورت سوادن الميناء الرئيسية للقطر في الوقت الحاضر، إذ تخرج عن طريقها كل الصادرات من القطن والمحاصيل الزراعية والحيوانات من مناطق الإنتاج المختلفة، كما ترد إليها الواردات من البضائع والسلع والآلات وكل المستلزمات الضرورية الأخرى، ومنها يتم توزيعها على سائر أجزاء القطر. ولهذه ارتبطت بورت سودان بالمدن الكبرى والقرى الهامة، والتي يعتبر معظمها مراكز للتجميع وتوزيع الإنتاج في مختلف الأقاليم. ولقد أدى كل ذلك إلى ربط مناطق الإنتاج والنشاط الإقتصادي بالسكك الحديدية التي تلتقي في النهاية لكي تصل إلى هذه الميناء. ومن هنا ارتبطت بورت سودان بالإقليم السوداني الكبير أكثر من ارتباطها بمنطقتها الساحلية التي يسيطر عليها الجفاف وتسود كل الظروف شبه الصحراوية.
أنشئت مدينة بورت سودان في فترة الحكم الأجنبي، وقد تم اختيار موقعها كميناء جديدة بدلا من سواكن. وخططت المدينة ونمت ولم تكن من قبل من مراكز العمران، فقد قامت على أرض لم تشهد العمران. ومن هنا كانت بورت سودان فريدة في طابعها من ناحية موقعها وتخطيطها وحياتها وفي تسميتها الأجنبية، في حين أن أسماء المدن السودانية الأخرى ترتبط بتاريخ القطر وأحداثه. وتعتبر المدينة نموذجا لأهر السكك الحديدية والنقل البحري معا في تطور المدن.
وقد تم اختيار هذا الموقع في عام 1905 كميناء جديدة، واتصل بها الخط الحديدي من عطبرة في عام 1906، ثم بدأ العمل في المياء لإنشاء الأحواض التي اكتملت في عام 1909 حينما افتتحت رسميا بواسطة خديوي مصر في تلك الفترة.