الدعاية والإعلان
يعتبر الإعلان أحد أهم وسائل تسويق البضاعة وترويجها. ولكي يعتبر الإعلان محققاً لغايته، يجب أن يصل إلى الجمهور بالأسلوب الذي يستعذ به هذا الأخير ويتذوقه. كالإستعانة بأغنية شائعة أو الإستعانة بشهادة أديب معروف أو شاعر مشهور أو طبيب ذائع الصيت.
لم يكن متوفراً لدى تجّار بيروت القديمة عدا المنادي في الأسواق، سوى بعض الصحف المحدودة العدد، والمتميز بوصولها إلى فئات مختلفة من المستهلكين، مثل صحيفة حديقة الأخبار التي أصدرها خليل الخوري سنة 1858م وصحيفة ثمرات الفنون سنة 1875م للشيخ عبد القادر القبّاني ولسان الحال الصادرة سنة 1877م لصاحبها سليم سركيس ثم صحف الإتحاد العُثماني والمفيد والحقيقة بعد سنة 1908م.
ولما كان للشعر جمهور، الشعر المنظوم لا الشعر المنثور، لجأ التجّار إلى الشعراء يستنطقونهم أبياتاً لإستعمالها في الترويج لبضائعهم لثقتهم بأن الإعلان الشعري بما فيه من موسيقى، هو أقصر الطرق إلى قلب المستهلك ثم إلى جيبه.
وإذا كان خبراء الإعلان يعتبرون اليوم أن الصور والرسوم عنصر أساسي للفت إنتباه الزبائن، وأن الصورة أو الرسم يغني عن كثير من الكلمات، فإن إستخدام الكلمة وحدها كان الوسيلة المتوفرة بحيث حلَّت القصيدة محل الرسم والصورة.
وكانت سوق الشعر رائجة في بيروت القديمة، وبقيت كذلك إلى عهد قريب، قبل أن يتغلب شياطين النثر على شياطين الشعر ويصبح كل من جمع كلمات تفصلها عن بعضها البعض علامات تعجب وإستفهام أو نقاط متعددة، سمي شاعراً.
سنة 1889م أسّس السادة شبلي إخوان محلاً في سوق اياس أعلنا عنه بالقول:
جاء الشتاء ببرد قارس خضعت له حسوم غدت في سوء الحال
والحرّ من أنف أستعباده فأتى لمخزن الشاي والأجواخ في الحال
وفي سنة 1904م نشر نخلة صباغة إعلاناً عن منتزه فوّار إنطلياس نصّه:
قد جرى من مائة فوّازه والهنا طاب لدى فوّارة