بدأت الفتوحات العربيّة والإسلاميّة بشكل حاسم في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وعهد بالأمر إلى قائده معاوية بن حديج الكندي عام 45هـ على رأس القبائل والجيوش العربيّة الشاميّة. فتقدم إبن حديج بجيوشه، وإتخذ القيروان في تونس معسكراً ثابتاً. ومن هناك أخذ يوجه السرايا إلى مراكز البيزنطيين. منها سرية القائد عبد الله بن الزبير، وسرية الأمير عبد الملك بن مروان (الخليفة فيما بعد)،وبعد أن عزل معاوية بن حديج سنة 50هـ توالت الفتوحات في عهد عقبة بن نافع (50-55هـ) (670-675م). وكان دخل برقه مع إبن خالته عمرو بن العاص سنة 23هـ، وشارك عمرو في الحملة على طرابلس الغرب، في سنة 55هـ عزل عقبة غير أن الفتوحات العربيّة توالت في عهد أبي المهاجر دينار، وبفضله تمّ فتح الجزائر بالتعاون مع البربر، بعد إستشهاد عقبة وأبو المهاجر سنة 64هـ 682م في معركة تهوده.
وفي هذا الوقت مات الخليفة يزيد بن معاوية، وصار الأمر لعبد الملك بن مروان سنة 65هـ، وفي عهده أرسل حسان بن النعمان الغساني على رأس أربعين ألف مقاتل، وزوده بأسطول بحري سنة 73هـ 692م أو(74هـ 639م) والملاحظ أن من بين هؤلاء الجند جند من الشام ومصر معاً.
لقد حقق حسان إنتصارات ساحقة بما فيها إنتصارات على الكاهنة سنة 75هـ وقتلها سنة 82هـ في جبل أوراس، ثم أقام في برقة في ليبيا في نطقة ما تزال تُعرف حتى اليوم بقصور حسانبنى حسان ميناء تونس وباتت تونس في عهده قاعدة هامة، وزودها بألف أسرة من أقباط مصر الذين كانوا على علم بشؤون بناء السفن والملاحة. ولحسان بن النعمان الفضل في تعريب الدواوين، وتنظيم الخراج، وتوزيع أراضي البيزنطيين على المسلمين، وهو أول من وضع نواة الأسطول الإسلامي المغربي، وأول من أعطى المغرب طابعاً عربيًّا. وبعد حسان بن النعمان في عهد الوليد بن عبد الملك سنة 86هـ ولى مكانه موسى إبن نصير الذي تابع الفتوحات.
والحقيقة فإن فتح المغرب إستغرق 80 عاماً (من 23هـ حتى نهاية القرن الأول الهجري) وقد تمّ تعريب البلاد وأسلمتها، وكان ذلك مقدمة لفتح الأندلس على يد موسى بن نصير وطارق بن زياد.
وفي ضوء هذه الحقائق التاريخيّة، ندرك بأن القبائل العربيّة الأولى التي فتحت المغرب هي قبائل عربيّة بالدرجة الأولى، وشاميّة ومصريّة وعراقيّة وأردنيّة بالدرجة الثانية.