الرقم سبعة والحضارات
(
الجزء الثالث والأخير )
في الأيقونوغرافيا الأشورية ، تجلس عشتار على عرش قائم على عربة تَجرّها
سبعة أسود ، وتَحمل بيدها قوسًا مشدودة . وتذكر الميثولوجيا أنه كلما مرّت
عشتار في باب طبقة من الطبقات السماويّة ، كان ينزع عنها بعض ملابسها ، إلى
أن وصلت إلى السماء السابعة عريانة . وهناك كانت تَبقى زمنًا تذوي فيه
الحياة وينقطع التوالد ويموت الحب الجنسي . وبعد زمن كانت تعود فتستعيد
ملابسها على طريقها صُعدًا إلى أن تَظهر في الربيع بحلّة زاهية الألوان .
وترمز هذه الميثولوجيا إلى موت الطبيعة في الشتاء وعودتها إلى الحياة في
الربيع .
وتُسمَّى ميثولوجيا التكوين ، في آشور ، ب (رقم الخليقة السبعة) وقد
كُتِبت بالشعر البابلي ودُوِّنت على سبعة ألواح من الطين تعود إلى القرن
السابع قبل الميلاد ، وهي نسخة من قصة انحدرت من سومر إلى بابل وآشور
تُمجِّد الآلهة .
وجاء في آثار بنيرار ملك آشور أنه غزا سورية ووصل إلى شاطىء البحر الأبيض
المتوسط في فلسطين ، وكتب على جدار بلاطه : (بلاط بنيرار الملك العظيم
الملك القدير ملك الشعوب ملك أرض آشور الملك الذي اتَّخذه آشور ملك الآلهة
السبعة ابنًا له) . وكان آذار شهرا مقدسا كرّسه الآشوريون للإله آشور أبي
الآلهة لأن هذا الشهر سابقا كان شهرا يتشاءمون منه وكانوا يسمونه (Arakh
sib-u-ti)
أي شهر السبعة ، الأرواح الشريرة السبعة التي كانوا يقيمون الصلاة لطردها .
ولكن تَيمُّنًا جعلوا الشهر شهر الإله آشور أقوى الآلهة .
وكان آشور يمثل شعبة الشياطين في أشباح بشر ، وهو في رعب دائم منها ، ولم
يعبدها قط . يُقاوِمها الكهنة المدعوّون أسفيبو كلاس ، (Asphipu-Class)
يطردونها بواسطة السحر فيريحون الأطفال من شرّها .
وُجِدَ هذا النشيد وفيه تعبير صادق عن تأثير تلك الآلهة .
إنها سبعة حقًّا إنها سبعة
تسكن
قرار المحيط وهي سبعة
وليست بالذكور ولا بالإناث
إنها الريح الجارفة والوباء العُضال
ليس لها أولاد ولا لها زوجات
ولا تعرف الرحمة ولا تحس بالحنان
ولا مرّة أصغت لتوسُّل ولا لضَراعة ...
العدد سبعة عند الكَلْدان
كان العدد سبعة ، لدى الكلدان ، يشكل رتبة من طقوس الشعوذة . وفي نبوءة
دانيال ، في العهد القديم ، يدور كلام حول الأزمنة السبعة . وجاء في الخطوط
المسماريّة ذكر سبعة حجارة سوداء كانت تُعبد في هيكل أوروك (Uruk)
في بلاد الكلدان .
العدد سبعة في الآكاديّة
تقول الآكاديّة بوجود سبعة مُرسَلين أرسلهم إيا (Ea)
خالق الرجال . وهؤلاء المرسلون السبعة يُعتَبرون مستشارين لدى الإله .
العدد سبعة في بـابـل
سُمِّيت ميثولوجيا الخلق البابلية (إينوما إليش) (Enuma
Elish)
بسبب كلماتها الافتتاحية (عندما في الأعالي) ، وهي ميثولوجيا يعود تاريخها
إلى حوالى ألفي عام قبل الميلاد ، وقد سجلت في القرن السابع بالخط المسماري
على سبعة ألواح تصف أبسو وتعامة ، القوّتين الكونيّتين البدائيّتين ،
وولادة الآلهة ، وتسرد قصة خلق الكون من القمر البدائي للعلماء (Chaos)
. وتعتبر ألواح الخلق السبعة من أقدم الكتابات الدينية في منطقة الهلال
الخصيب .
واشتهرت بابل بميثولوجيا جلجامش (Gilgamesh)
، فيروي اللَّوح الحادي عشر منها قصة نزول البطل إلى العالم السفلي ليلتقي
بالرجل الصالح الذي منحته الآلهة الخلود ، واسمه أوت نابيشتيم (Ut-Naphistum)
، ليقف منه على السر الذي يُمكِّنه من التغلب على الموت . ويَروي له هذا
الرجل كيف منحته الآلهة الخلود بفضل صلاحه واختيار الإله إيا له لينجو من
الطوفان ويُنقِذ سلالات الأحياء في الفلك بعدما قرّر كبير الآلهة إنليل
القضاء على الخليقة بالماء . تقول الميثولوجيا : (يا إنليل ، يا أحكم
الآلهة ، كيف لم تتمهّل ولم تستشر ؟ لِمَ تسرّعت وأحدثت الطوفان ؟ كان
الأجدر بك أن تُعاقِب الخاطىء على خطيئته وتحمل من تخطّى الحد بوزره ،
وتعاقِب فلا تتمادى لئلّا يتمادى الشرّير في الشر ، ولا الكل تأخذ بجريرة
البعض . ليتك بدلًا من الطوفان ، سلّطت السّباع ، وليتك بدلًا من الطوفان ،
سلّطت الذئاب ، أو ليتك جلبت القحط أو أطلقت الوباء ، والطاعون بدلًا من
الطوفان لتأديب البشر . ودونًا عن كل البشر ، اختار الإله الحكيم إيا الرجل
الصالح أوت نابيشتيم فناداه من كوخه وقال له : قوّض بيتك وانشد الحياة .
تخلّ عن كل ما تملك وانج بحياتك ، وابن لك فلكًا ، واحمل في الفلك بذرة كلّ
ذي حياة ، والفلك الذي ستبنيه يجب أن تضبط مقاساته وتختمه . فبنيت الفلك
وختمته ، فحشوت ما بين ألواحه بست شارات من القار وثلاث شارات من القطران
وجعلت علوّ جدران الفلك 120 ذراعًا وطول كل جانب من جوانب سطحه 120 ذراعًا
وجعلت فيه ستّة طوابق غير السطح وقَسمت كل طابق تسعة أقسام ، واكتمل بناء
الفلك في اليوم السابع . وحل أجل الموعد المعيَّن . وضَرَبَ لي الإله
موعدًا معيَّنًا بقوله : حينما يَنزل الموكل بالعواصف في المساء مطر الهلاك
، أُدخل الفُلك وأغلق بابك . وحملت في الفلك كل ما كان عندي من المخلوقات
الحيّة . أركبت في السفينة جميع أهلي ، وأركبت فيها حيوان الحقل وحيوان
البر . وتطلّعت إلى الجو فكان مكفهرًّا مخيفًا ، فدَخلت الفلك وأغلقت بابي
. وفي الليل أنزل الموكل بالعاصفة مطرًا مُهلكًا . ولما ظهرت أضواء السحر
علت من الأفق البعيد غمامة مظلمة . ومن قلب الغمامة أرعد الإله أدد ، ونزع
الإله إيركال أعمدة العالم السفلي ، وأعقبه الإله ننورتا الذي هَدَمَ سدود
العالم السفلي . زَلزلت رعود الإله أدد السماء وحولت كل نور إلى ظلام
وتحطمت الأرض كما تتهشّم الجرّة وارتفعت المياه حتى غطّت قِمَم الجبال ،
وانتحبت الإلهة عشتار بصوتها الشّجيّ تندب البشر : واحسرتاه لقد عادت أيام
الفوضى الأولى وعاد البشر إلى طين . ومضت ستّة أيام وسبع أمسيات ولم تزل
زوابع الطوفان تَعصف . ولما حلّ اليوم السابع خفّت شدّة الزوابع وهدا البحر
وسكنت العواصف . وغيّض عباب الطوفان وتَطلّعت فوجَدْت السكون في كل مكان
وكل البشر قد عادوا إلى طين . فتحت كوّة طاقتي ، فسقط النور على وجهي .
سَجدت واخذت أبكي ، وانهمرت الدموع على وجهي ، واستقر الفلك على جبل نصير ،
وأمسكت صخور الجبل بخشب الفلك فلم تَدعه يجري . وفي اليوم السابع أخرجت
حمامة فأطلقتها ، لكنها عادت لأنها لم تجد موضِعًا تحطّ فيه ، فأخرجت
السُّنونو وأطلقته ، لكنه عاد لأنه لم يجد موضعا يحطّ فيه . فأخرجت غرابا
وأطلقته فذهب ولم يعد إذ وجد المياه قد انحسرت فأكل وحام وحطّ ولم يعد .
آنذاك أخرجت كل من بالفلك وكل ما كان به ، وقدمت قربانًا للآلهة ، وسكبت
ماء مقدّسًا على قمّة الجبل ، وأقمت سبعة قدور للقرابين وكدّست تحتها القصب
وخشب الأرز والآس ، فتنسّم الآلهة شذاها وتنسّموا عرفها الطيّب .
وفي ملحمة جلجامش أيضا ، جاء كلام عن ثور السماء الذي كان يَشخر ويَنخر
ويُخرج النار من جوفه العظيم فيحلّ القحط والجفاف . وعندما أهان البطل
جلجامش الإلهة عشتار (Ishtar)
وشتمها ذهبت باكية إلى أبيها آنو (Anu)
وأمها (Antum)
، وقالت : لقد عدّد جلجامش مَثالبي وعاري وفَحشائي . فأعطني الثور السماوي
ليَغلب جلجامش ويهلكه . ففتح آنو فاه وأجاب عشتار الجليلة : لو فعلت ما
تريدينه منّي وزوّدتك بثور السماء لحلّت في أوروك سبع سنين عجاف . فهل جمعت
غلالا لهذه السنين العجاف ؟ وهل خزّنت العلف للماشية ؟ ففتحت عشتار فاها
وأجابت أباها آنو : لقد جمعت بيادر الحبوب للناس ، وخزّنت العلف للماشية .
فلو حلّت سبع سنين عجاف ، فقد خزّنت غلالا وعلفا تكفي الناس والحيوان .
وتضيف الميثولوجيا أن الآلهة أرسلت الثور إنكيدو (Enkidu)
ليقتل جلجامش ، فأرسل البطل غانية لترويض الثور ، فروّضته بعد سبعة أيام
وسبع ليال وجعلته إنسانًا . وعندما مات إنكيدو ، بكاء جلجامش سبعة أيام .
وتقول الميثولوجيا إن جلجامش قطع سبعة جبال حتى وجد أرزة قلبه .
وفي بابل ، كان الشعب يتوقف عن العمل في 7 و 14 و 21 و 28 من كل شهر .
ويمكن أن ذلك مصدر يوم الاستراحة الأسبوعي الذي انتقل إلى العبرانيّين ثم
إلى باقي الشعوب . وكان البابليّون يعرفون سبعة أفلاك فقط ، ويسمّون أيام
الأسبوع بالمقارنة مع الأعداد من واحد إلى سبعة .
وتؤمن بابل أن العالم تعرّض سبع مرات للطوفان ، وأن آلهة المصير سبعة ، وأن
جهنم يحكمها سبعة قضاة . وتقول صلاة بابلية : (لا تطرح عبدك يا رب ، فإن
خطاياي سبع مرات سبعة) . وكان العدد سبعة في بابل تعبيرًا عن أعظم قوّة ،
وعن كمال العدد .
وورد في ميثولوجيا جلجامش أن إلهة الأعمار تسكن في أسفل شجرة الحياة التي
تحمل سبعة أغصان . ويقول كتاب إينوخ (Enoch)
إن شجرة معرفة الخير والشر ، وهي شجرة كرمة ، تقع بين سبعة جبال . وفي هذا
الموضوع ، جاء في (روضة العلماء) أن نوحًا لما غرس الكرمة جاء إبليس فنفخ
فيها فيَبِست ، فاعتمّ نوح لذلك وجلس يفكر في أمرها . فجاءه إبليس وسأله عن
تفكيره فأخبره ، فقال له : يا نبيّ الله إن أردت أن تَخضرّ الكرمة فدعني
أذبح عليها سبعة حيوانات . فقال افعل . فذبح أسدًا ودبًّا ونمِرًا وابن آوى
وكلبًا وثعلبًا وديكًا ، وصبّ دماءها في أصْل الكرمة فاخضرّت من ساعتها
وحَملت سبعة ألوان من العنب ، وكانت قبل ذلك تحمل لونًا واحدًا . ومن أجل
ذلك يصير شارب الخمر شجاعا كالأسد ، قويّا كالدُّبّ ، غضبانا كالنَّمِر ،
مُحَدِّثا كابن آوى ، مُقاتِلا كالكلب ، مُتملِّقا كالثعلب ، ومُصوِّتا
كالديك . فَحُرِّمت الخمرة على قوم نوح .
وجاء في ميثولوجيا الخلق : (قال الرب للقمر :
اطلع كل شهر دون
انقطاع مُزيَّنا بتاج . وفي أوّل الشهر عندما تُشرق على كل البقاع ستظهر
بقرنين يعينان ستّة أيام . وفي اليوم السابع
يكتمل نصف تاجك . وفي المنتصف من كل شهر
ستغدو بدرًا في
كبد السماء) .
وفي الميثولوجيا البابلية اتَّجدت عشتار بنجمة الزهرة ورمزها نجمة ذات أشعة
سبعة ، وهي ابنة سين إله القمر . ولها نحيب وأسًى عميق على حبيبها المفقود
تمّوز ، تناقلته المناطق المجاورة بألم عميق ، وتظهر منتصبة على ظهر أسد
تتألَّق على جبهتها الزُّهرة وبيدها باقة زهر أو فرع غار . إلهة تنطوي
جوارحها على إحساس بشري عارم ورهيف : إنها تحب وتتألم وتدمع شأن كل
العاشقين .
وكان العالَم ، بالنسبة للبابليين ، مملوءًا بالأرواح والعفاريت والجنّ
والملائكة ، وينقسم هؤلاء إلى قسمين : الأول طيّب يدعو إلى الخير ، والثاني
، وهو الغالب قوي وشرّير ، ينشر الخوف والفزع والأوبئة وسوء الحظ . وتفيد
الميثولوجيا أن العفاريت الشريرة كانت ، في الماضي ، آلهة صغار من أبناء
وبنات الإله الأعلى آنو (Anu)
، وهناك آخرون صَعدوا من العالم الأسفل كأرواح موتى تهيم على الأرض . ومن
أخطر العفاريت ما عرف بالأشرار السبعة . ولم يكن هؤلاء الأشرار مجرد أرواح
لمختلف أنواع الرعب ، بل كان لكل واحد منهم واجب معيّن . وكان الشرير
أوتوكو يستهدف قفا الإنسان ، وآخر الرأس ، وثالث يتسلل إلى البيوت ويسرق
النوم من عيون الناس . وجاء في الميثولوجيا حول هذا الموضوع :
"إنهم سبعة ، إنهم سبعة ، أكرر مرتين هم سبعة . وُلِدوا في جبال الغرب ،
ونشأوا في جبال الشرق . إنهم يسكنون في شقوق الأرض ويظهرون في الصحاري ،
ويُحَسّ بهم في السماء والأرض ، ولكنهم غير معروفين بين الآلهة الحكماء ،
وأسماؤهم غير موجودة في السماء وعلى الأرض" .
ومن العفاريت المُرْعِبة ، أيضا ، لاماشو (Lamashto)
، التي كانت تنشر مرض حمّى النفاس بين الأمهات والمولودين الجدد وغيرها من
الأمراض . ويُعتقد بأن عفريت العاصفة بازوزو (Basoso)
كان يجلب معه صداع الرأس الشديد .
الرقم سبعة في سومر:
عبدت سومر الإلهة إنانا ومَعنى اسمها (ملكة السماء) ، وهي كوكب الزهرة ،
ابنة الإله القمر وقَرينة آنو وشفيعة أوروك . كان شِعارها : عصًا ونعاجًا ،
وأصبح اسمها في العصر الأكاديّ عشتار .
رغبت إنانا بأن تَجعل من مدينتها أوروك أهم مدينة سومرية فتسمو شهرتها بين
الآلهة ، فتوجهت إلى أريدو (Aridu)
حيث كان إله الحكمة إنكي (Enki)
يسكن في مياه العمق الأسبو (Aspu)
. وكان إنكي يملك النواميس الإلهية السبعة . وقررت إنانا أن تحصل على هذه
النواميس ، ولما رآها إنكي تقترب من الأبسو ، أُخِذ بسحر جمالها ودعاها إلى
مائدة الوليمة . شرب إنكي وطابت نفسه وقدّم النواميس السبعة لإنانا ،
فأخذتها الإلهة وركبت قاربها السماوي باتجاه أوراك (Uruk)
. صحا إنكي مكن سكرته وعَلِم بما فعله ، فأمر باستعادة النواميس السبعة من
إنانا ، فأجرى رسوله سبع محاولات في سبع محطات دون جدوى . ووصلت إنانا
بسلام وأفرغت شحنتها من النواميس الإلهية في أوروك وسط أفراح الشعب .
وفي ميثولوجيا ثانية ، تُقرر إنانا إخضاع العالم الأسفل إلى سلطانها . ولكي
تقي نفسها شرّ أي فواجع قد تتعرض لها في العالم السفلي ، توصي إنانا وزيرها
نينشوبور بإنها إذا لم تعد خلال ثلاثة أيام ، عليه أن يؤدي شعائر الحداد
لها ، ويقصد الآلهة الثلاثة : إنليل من ينبور ، ونانا إلهة القمر من أور ،
وإنكي إله الحكمة البابلي من أريدو ، فيتوسل إليهم كي يتدخلوا بالنيابة
عنها لئلا تتعرض للموت في العالم السفلي . ثم ترتدي إنانا لباسها الملكي
وحليّها وتقترب من بوابة العالم المنخفض ، حيث يتحداها نيتي حارس بوابات
الموت السبع . وبناء على أوامر الإلهة أرشيكيجال ، يجرِّد نيني إنانا من
لباسها بالتدريج ، فكلما عبرت إحدى البوابات السبع ، تخلع ثوبا ، إلى ان
وصلت إلى القضاة السبعة الذين سلطوا عليها عيون الموت فتحولت إلى جثَّة .
وحين تنقضي الأيام الثلاثة ولا تعود إنانا ، يُنفّذ نينشوبور أوامر سيدته ،
فيرفض إنليل ونانا التدخل ، لكن إنكي يسارع إلى نجدة الإلهة الميتة ، فيصنع
مخلوقين ويعطيهما طعام الحياة وشراب الحياة ، ويزودهما بالتعليمات اللازمة
لعبور العالم الأسفل واستعادة إنانا إلى الحياة . في هذا الوقت يبدأ ظهور
القمر مجدّدا أول الشهر كخيط رفيع يتزايد يوما بعد يوم ، فتضع إنانا لدى
صعودها عند كل بوابة ما خلعته في نزولها ، فعند البوابة الأولى أعاد إليها
ثياب جسدها ، وعند البوابة الثانية أعاد الأساور إلى يديها وقدميها ، وعند
الثالثة أعاد إلى وركها تعويذة الولادة ، وعند الرابعة أعاد إلى صدرها جميع
الحلي ، وعند الخامسة اعاد إلى جيدها العقود ، وعند السادسة اعاد إلى
أذنيها الأقراط ، وعند البوابة السابعة أعاد إلى رأسها التاج العظيم .
(منعطف المخيَّلة البشرية - ص. 16) .
الرقم سبعة في أمّور :
جاء في رسالة أرسلها عبد أشيرتا من مدينة عرقة إلى الفرعون أمنحوتب (Amenhotep)
الثالث : "إلى الملك ، إلى الإله الشمس ، مولاي : يقول عبد أشيرتا عبدك
وغبار قدميك : إني أسجد عند موطىء قدميك ، مولاي ، سبع مرات وسبع مرات .
وأؤكد أني خادم الملك وكلبه الذي يحرس له بيته وكل بلاد أمورو" .
وكان القانون الأمّوري يقضي على المراة التي تنوي الزواج بأن تُمارس العمل
الجنسي مدة سبعة أيام مع الغُرباء عند بوابة المعبد .
الرقم سبعة في مـصـر :
عن السبعة عند الفراعنة يقول سفر التكوين في العهد العتيق : "وكان بعد مُضي
سنتين من الزمن أن فرعون رأى حُلما كأنه واقف على شاطىء النهر ، فإذا بسبع
بقرات صاعدة منه وهي حسان المنظر وسِمان الأبدان فارتعت في المرج . وكأن
سبع بقرات أخرى صاعدة وراءها من النهر وهي قباح المنظر وعِجاف الأبدان ،
فوقفت بجانب تلك على شاطىء النهر ، فأكلت البقرات القِباح المنظر العِجاف
الأبدان السبع البقرات الحِسان المنظر السّمان واستيقظ فرعون . ثم نام فحلم
ثانية فرأى كأن سبع سنابل قد نبتت في ساق واحدة وهي سِمان جِياد ، وكأن سبع
سنابل دِقاق قد لفحتها الريح الشرقية نبتت وراءها ، فابتلعت السنابل الدقاق
السبع السنابل السمينة الممتلئة ، واستيقظ فرعون ، فإذا هو حلم" (41 : 1 -
7) . وعند المصريين كان عدد البقرات السبع من الرموز الدينية ، فكانوا
يعتقدون أن الثور المتأَلِّه ، المعروف بأوزيريس ، يملك سبع بقرات بمنزلة
سبع زوجات .
وفي مصر تعتبر حاتور (Hathors)
مجموعة من النساء الفتيات ، عددهن سبع ، قادرات على التنبؤ بالمستقبل للطفل
المولود حديثا ، ويَقمن بحماية الأطفال (معجم الأساطير - ص 114) . وعرفت
مصر سبعة آلهة كبار . ووجد الخبراء سبع جِرار في هيكل الشمس في مصر العليا
. والظلمة البرِّانية في مصر عبارة عن خندق عظيم يزيد عمقه على مئتي ذراع
يموج بالزواحف ، لكل زاحفة سبعة رؤوس . وكان من طقوس قبائل الشايلوك ، التي
تسكن ضفاف النيل ، أن يقتلوا ملوكهم بعد سبع سنين من توليهم الحكم . وتحكي
الميثولوجيا عن سبع بوابات للعالم الأسفل . وفي طقوس المحاكمة المصرية ،
يسأل الإله الميت : على ماذا عساك أن تعيش الآن في حضرة الآلهة ؟ فيجيب
الميت : ليأتني الطعام من مكان الطعام ، ولأَعش على أرغفة الخبز السبعة
التي تجيئني طعاما في حضرة حورس (Horus)"
.
وفي مصر يعتبر توت من أعظم الآلهة المبدعة بلا مُنازع . إنه سيد المنطق
الإلهي ، ولسان "أتون" وكلمة الإله ، والإله المجسّد ، والروح الإلهية .
اتّحد العالم بنفخة من فمه . "توت" هو الإله الذي شفى جراح "الإله القمر"
من سهام الإله المؤذي "سث" . كان معاونا للإله الأعظم "رع" في محاريب
هيليوبوليس وهو حارس الموتى ، لدى محاكمتها ، من قبل الإله "أوزيريس" .
يرمزون إليه بصورة الطائر "أبيس" الطويل المنقار . هو أب للإله "بتاح" وزوج
لإلهة الشرع والعدالة "حاتور" متوَّج بنجم ذي سبعة أشعّة . أسماء اليونان
مؤخرا : هرمس المثلث في العظمة "Triomagist"
(موسوعة الأديان - د. أبو شقرا - ص. 178) .
الرقم سبعة في فينيقيا :
قدسّت الفينيقية السبعة ، فالإله إيل (El)
هو الله وأبو الآلهة (هكذا ورد في الكتاب . . . أستغفر الله) ، وزوج
الملكة أشيرة (Ashira)
يجلس على عرش الآلهة ويرئس المجمع المقدس ، يجدد قواه عن طريق الموت والبعث
من جديد في دورة مقدارها سبع سنوات . وتقول الميثولوجيا الفينيقية إن الإله
دوموزي (Dumuzi)
، ابن الشمس ، اغتالته الشياطين السبعة ، فأصبح إلها يمثل لغز الحياة
والموت .
وتقول الميثولوجيا إن الولائم ، لدى الفينيقيين ، كانت تدوم سبعة أيام ،
وكان الفينيقيون يُعِدّون القرابين في القِدْر سبع مرات ، ويعزفون على
العود سبع مرات ، وتردِّد الجوقة أبيات الشعر سبع مرات .
وفي إحدى رسائل تلّ العمارنة ، كتب أبيملك (Abimelek)
، ملك صور ، إلى فرعون مصر يطلب منه إمداده بالأخشاب والمياه ويعلمه بأن
صيدون انضمت إلى الجهة المعادية ، فتقول الرسالة في مطلعها : "إلى الملك
سيدي وإلهي ، هذا ما يقوله أبيملك ، سبع مرات أمرغ نفسي على أقدام الملك
سيدي . أنا التراب تحت أقدام سيدي وعليه يطأ . يا مَلكي وسيدي أنت صنو
الإله شمس والإله رمون في السماء" .
وفي الفن الفينيقي يقوم ناووس أحيرام المستطيل الشكل على قاعدة نحتت عليها
أشكال تمثل أسودا بالنحت البارز على ضلعيه الطويلتين ، بينما اندفعت رؤوسها
إلى الخارج . على كل ضلع من التابوت رسم محفور بارز يعلوه إفريز من براعم
وزهرات لوتس تتَّجه إلى الأسفل . وعلى الضلعين الطويلتين ، أيضا ، رسم يمثل
مشاهد موكبية ، المشهد الرئيس منها يمثل السلطان يحوط أبوي هول مجنَّحين
قُبالة مائدة ممدودة للطعام يتقدم منها سبعة من المصلين والمقرَّبين .
وتروي ميثولوجيا آقهات بن دان إيل الأوغاريتية قصة صراع دان إيل مع قَدَره
للحصول على ابن من صلبه يحميه ويخدمه ويستمر به وجُوده . ينقطع دان إيل في
المعبد سبعة أيام يتضرّع للآلهة . وفي اليوم السابع يظهر بعل ويتوسّل إلى
إيل آن ، فيستجيب لرجاء دان إيل ؛ ويستجيب إيل لشفاعة بعل ويبشر دان إيل
بولادة ابن له . رُزِق دان إيل بالابن الموعود به فاحتفل بولادته طيلة سبعة
أيام ودعاه آقهات .
وتقول الميثولوجيا إن بعلا يغيب عن الأرض سبع سنوات ، فتحصل سبع سنوات من
الجفاف والمجاعة . وفي ميثولوجيا حَدَد (Hadad)
، جاء أن الوحوش تنقض على الإله فيختفي سبع سنوات غريقا في مستنقع عاجزا عن
الحركة . وتروي ميثولوجيا كريت (Crete)
أن الإله يصاب بالمرض ، فيدعو الكاهن مجلس الآلهة سبع مرات للبحث بين
الآلهة عمَّن يستطيع إيجاد علاج لمرض كريت (من كتاب الحضارة الفينيقية) .
الرقم سبعة في اليونان :
يرمز العدد سبعة عند اليونان إلى الكمال ، وهو العدد الذي يجمع رمزيا الأرض
بالسماء ، والمبدأ النسائي بالمبدأ الذكوري ، والعواصف المظلمة بالنور .
إنه العدد أبولو (Apollo)
(ربّ الشمس في الميثولوجيا اليونانية والرومانية وإله النور والنقاء
والحقيقة) ، فهذا الإله ولد في اليوم السابع من الشهر ، وعمَّده أخيل (Achilles)
(بطل الحرب الطروادية) تحت اسم "القيصر ، الإله السابع ، إله البوابة
السابعة" . كانت اعياده تقع دائما في السابع من الشهر ، وكانت قيثارته
تتألف من سبعة اوتار . عند مولده ، دار الإوزّ المقدس سبع مرات بالأناشيد
حول الجزيرة العائمة .
وترسم الأيقونوغرافيا اليونانية سيبيل (Cybele)
إلهة الأرض متوجّة بنجمة لها سبعة أضلع ، وهو رمز لسلطتها على دورات التطور
البيولوجي الأرضي (معجم الأساطير ص. 81) . وتروي الميثولوجيا قصة هالسيون (Halcyone)
، ابنة إيلوس وزوجة سييكس ، فعندما غرق سييكس في البحر تحول هو وهالسيون
إلى طائر من نوع الرفراف وهو طائر يأكل السمك . يمنع إيلوس الرياح أن تهب
قبل سبعة أيلم وبعد سبعة أيام من الانقلاب الشتوي ليتمكّنا من التفريخ ،
ولذلك فإن أيام هاليسون هي أيام هدوء (معجم الأساطير ص. 37) .
وجاء في إلياذة هوميروس (Homer)
أن أغاممنون (Agamemnon)
، قائد حصار طروادة ، أقسم أن يعطي أخيل (Achilles)
، في حال النصر ، سبع فتيات طرواديات ، ويمنح أرغوس سبع مدن قوية .
وتصور الأيقونوغرافيا الإغريقية الإله ديونيزوس (Dionysos)
في هيئة ثور ، تصطف فوقه سبعة نجوم تشير إلى العدد القمري المقدس . وقد
كرّست الكلاسيكية اليونانية السبعة رمزا للعذرية ونَسَبَتْه إلى بالاس (Palace)
. وقال هيزيودس (Hesiod)
إن اليوم السابع مقدس . ورأى فيه فيثاغورس عدد الكمال . ومنحت الفلسفة
الإغريقية لقب "السبعة" إلى سبعة فلاسفة كبار هم : صولون ، طاليس ، شيلو ،
بيتاكوس ، بياس ، كليوبيل ، وبيرياندرس .
ويقول هيبوقراطس : "إن السبعة" بفضائله الغامضة يمنح الحياة والحركة ويؤثر
في الكائنات السماوية" .
وجاء في الميثولوجيا أن نيوبي (Niobe)
، ابنة تنتالوس وزوجة ملك طيبة أمفيون ، أنجبت له سبعة صبيان وسبع بنات .
وتباهت نيوبي بأنها أعظم من ليتو التي أنجبت ابنين فقط أبولو وأرتميس
اللذين قتلا بسهامهما كل أبناء نيوبي . عنها عاش أمفيون حياته الحزينة
وحيدا ، فيما طلت نيوبي تبكي إلى أن حولتها الآلهة إلى حجر ينضح بالرطوبة
بسبب دموعها(معجم الأساطير ص. 181) .
وتخبر الميثولوجيا عن الميناتور (Minotaur)
، وهو مخلوق عجائبي نصفه ثور ونصفه الآخر رجل ، صنع له ملك كريت مينوس قصرا
خاصا على شكل متاهة لا يستطيع الداخل إليها أن يعثر على طريق خروجه منها .
وكان الميناتور لا يتغذى إلا بلحوم البشر ، وخصوصا لحوم أسرى الحرب ، كما
كانت له وجبة دورية من أهالي أثينا التي فرض مينوس على اهلها جزية قوامها
سبع فتيان وسبعة فتيات تقدم طعاما للميناتور
(معجم الأساطير ص. 169) .
وتحكي الميثولوجيا عن البليادات (Pleiades)
، بنات أطلس من بليوني ، وهنّ سبع حوريات : ألسيوني ، سيلينو ، الكترا ،
مايا ، ميروبي ، ستيروبي ، وتايجيتي ، وقد وضعهنّ زوس في السماء عندما
أحبهنّ أوريون ولاحقهنّ (معجم الأساطير ص. 206) .
الرقم سبعة عند الموارنة :
نشأت البطريكية المارونية في القرن السابع . وجاء في التراث الماروني أنه
من واجب الآباء أن يصطحبوا أولادهم إلى الكنيسة متى بلغوا السابعة . ونقل
بطرس دميان عن الحبساء أنه ، عند وفاة أحدهم ، كان يُفرض على كلّ من الإخوة
أن يسجد سبعمئة سجدة يوميا على مدى سبعة أيام . وكتب الدويهي أن عدد
التذكارات في نافور مار يعقوب سبعة .
ويُقسَم الفرض الإلهي الماروني إلى سبع صلوات لليوم الواحد في ليله ونهاره
، بحَسَب القاعدة الطقسية التي تجعل اليوم ينتهي بغروب الشمس ، ويبدأ اليوم
التالي بعد الغروب مباشرة ، وهذه هي الصلاة الطقسية المعروفة بالفرض .
والفرض هو الصلوات الطقسية السبع التالية :
1.
صلاة المساء عند الغروب .
2.
صلاة السّتار قبل النوم .
3.
صلاة منتصف الليل .
4.
صلاة الصباح أو الفجر .
5.
صلاة الساعة الثالثة .
6.
صلاة الساعة السادسة .
7.
وصلاة الساعة التاسعة .
وفي العصور الأولى للمسيحية اللبنانية ، استشهدت سبع مؤمنات هنّ :
1.
الكنعانية التي شَفى السيد المسيح ابنتها .
2.
مرسيل التي هتفت "طوبى للبطن الذي حملك وللثّديين اللذين أرضعاك" .
3.
كريستينا الصورية .
4.
ثاذوسيا الصورية .
5.
أفدوكيا البعلبكية .
6.
بربارة البعلبكية .
7.
وأكويلينا الجبيلية .
وفي لبنان ، هناك بثرة حمراء تصيب الجفن تدعى الشَّحّاذ . ويداوي اللبناني
الشحاذ بالاستعطاء والاستجداء من سبع مريمات . وعلى المصاب بالبثرة أن يذهب
بنفسه ويستعطي ، وما يُجمع من طعام يُعطى لفقير أو كلب أسود . ويقال ، في
لبنان ، عن رجل يَعصي الوصايا إنه (عمل السبعة وذمّتها) أي أن الفواحش
السبع ثابتة في ذمة الرجل . ويزور وافي النَّذْر قبر القديس سبع مرات .
ويحق للطالق أن يتزوج بعد مرور سبع سنين على الهجر .
|