مما لا شك فيه أن العدد 7 له مكانته في الفكر البشري ، وهو رقم تمتع بمنزلة خاصة عند الكثير من الأمم والشعوب على اختلاف أخبارها وألوانها ومعتقداتها، وسجلت له تاريخية وحقائق علمية لا يمكن إنكارها ، من ذلك مثلاً الأسابيع في السنة مجموع رقمي عددها = 7 ...... 52 أسبوع في السنة يعني 2 + 5 = 7 ... وإذا نظرنا إلى تاريخ الفكر الإنساني وجدناه حافلاً بالرقم 7، فقد جاء في دائرة المعارف للبستاني ما يلي : 7 اسم العدد الذي فوق الستة وتحت الثمانية ، وقد انفرد هذا العدد بالشهرة دون غيره من الأعداد ، لأنه كان ذا أهمية كبيرة في تواريخ الأمم القديمة من عدة أوجه، لاسيما في التنجيم وكتاب القبالة وكل الأمور السرية ، لأنه داخل في أهم تقسيم للفلك، ولذلك قد وجدت آثاره على الأبنية الدينية القديمة عند أكثر الأمم، وكان عند الجميع مقدساً . إذا أرادوا تقسيماً أو أعمالاً مفردة متفرقة يجعلون الأساس في ذلك هذا العدد، فكان المصريون ينقسمون إلى 7 فرق، وجعلوا النيل 7 مصبات، أيضاً للترع التي تصب في بحيرة موريس، وكانت الأهرام ذات 7 غرف، وكان – لطيوة – 7 أبواب، على كل منها اسم واحد من السيارات السبع، وفي أواسط الشتاء، يطوفون البقرة المقدسة 7 مرات حول الهيكل . وهذه العادة حفظها اليهود أيضاً فكانوا يطوفون البقرة الصهباء 7 مرات، والمصريون أيضاً خصصوا حرفاً مصوتاً بكل سيار، وإذا لفظوا ذلك الحرف زعموا بلفظه شرفاً لذلك السيار / وقد وجد سر لاستعمال هذه الأحرف المصوتة في آسيا الصغرى . وكانوا يخصصون 7 أيام لأخذ طالع مولد العجل – أبيس -، وعيده يستمر 7 أيام أيضاً. وذهب اليهود إلى مثل هذه المذاهب في العدد المذكور، فزعموا أن الله لما خلق العالم، رسم في كل أقسامه العدد المقدس وهو 7 ، وأبواب الهواء 7، وكرات الجو 7، والسبوت 7، وأيام خلق العالم 7، وبين الخليقة والطوفان 700 سنة . وقد فضل الله هذا العدد على سائر الأعداد، وعلى ذلك جعل لأورشليم 7 أسوار، وهيكل سليمان بني في 7 سنين، وخيمة السعادة في 7 أشهر، وأمامها المنارة ذات 7 فروع، توقد فيها 7 أنوار، وأدخل نوح إلى السفينة 7 أزواج من الحيوانات، ورؤساء الملائكة 7، وأعمدة الحكمة 7 .
أما التراث العربي الإسلامي فهو أيضاً اهتم بهذا العدد وأعطاه مدلولاً خاصاً يوحي بالتكريم والقداسة . من ذلك ما ورد في أهم النصوص الإسلامية : القرآن الكريم والسنة الشريفة، نذكر من القرآن أن الله خلق سبع سموات طباقاً ، وذكر ذلك سبع مرات في آيات مختلفة . وأكرم نبيه بالسبع المثاني، وهي سورة الفاتحة دلالة على آياتها السبع ، وضرب الله للناس كثيراً من الأمثال والصور في القرآن عمادها الرقم 7، منها تلك الآية الكريمة التي تنوه بالإنفاق في سبيل الله، وما ينتظر أصحابه من أجر وثواب إذ يقول سبحانه .. – مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء .
أما الحديث النبوي فهو لا يخلو من استعمال العدد 7 في كثير من المواضع، منها ما ورد في قوله – صلى الله عليه وسلم – سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله ... الحديث . وقد ورد العدد 7 في كثير من العبادات، فالطواف حول الكعبة 7 مرات والسعي بين الصفا والمروة 7 مرات، ورمي الجمرات 7 مرات، وليلة القدر مرجحة في السابع والعشرين من شهر رمضان ، ونزل القرآن في السابع عشر من نفس الشهر، وقد نزل على 7 أحرف كما ورد في الحديث، وشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله، عدد كلماتها 7 .
ويحتل العدد 7 في مجال العلوم الدينية والفلكية موضعاً مرموقاً إلى درجة قد يعتقد فيها المرء أن مدار الكون الإلهي وسر الوجود يقوم على هذا الرقم . لا سيما إذا علمنا أن مسار الحياة الإنسانية منذ الولادة إلى الوفاة يدور في بوتقة 7 أيام تتوالى لتشكل الأسابيع والشهور والسنين وهذا ما يجعل علماء الحساب والفلك والتنجيم قديماً وحديثاً يقرون للعدد 7 بأسرار يختص بها دون غيره من الأعداد فإذا خرجنا من دائرة العلم والأدب والفلك ودخلنا عالم الفنون والاجتماعيات ومجال الألعاب فإن الرقم 7 نجده يحظى باعتبار وحظوة لا تقل عما يتمتع به في مجالات أخرى . ففي الموسيقى مثلاً، لاتستقيم الألحان والأوزان ولا ينساب اللحن روعة وجمالاً فيخترق أعماق النفس إلا إذا ما روعيت فيه درجات السلم الموسيقي وهي 7 .
أما في مجال التقاليد الاجتماعية، والتراث الشعبي، فمن عادات الناس أنهم يسبعون في أعراسهم وأفراحهم ، بمعنى أنهم يبقون 7 أيام في لهو ومرح، ومن عادة بعض الناس أن يقيم الواحد منهم في اليوم السابع حفلاً أو وليمة إذا ما رزق بمولود جديد، وإذا ما تحدث أحدهم مبيناً إعجابه بشيء يقول – والله يعمل سبع وسبعين كيف – وقد جاءت كتب الأمثال مليئة بأمثال ترتكز على العدد سبعة من ذلك مثلاً – سبع صنايع والرزق ضايع – وفي بعض الألعاب كلعب الورق الشعبي – الكارطة – نجد ورقة السبعة ورقة هامة في هذه اللعبة، عليها المدار في الربح والخسارة، ومهما تنوعت الدراسات الحديثة حول هذا الموضوع ، فالفضل يبقى دائماً للقدامى في طرح المسألة .
قالوا عن العدد 7 سبعة أقوال – الكلام عليه من سبعة أوجه :
1 - قال صاحب - النسمات الفاتحة – السبعة أول عدد كامل لأنها جمعت العدد كله لأن العدد أزواج وأفراد ، والأزواج منها : أول وثان، فالاثنان أول الأزواج، والأربعة عدد ثان، والثلاثة أول الإفراد، والخمسة فرد ثان . فإذا جمعت الزوج الأول مع الفرد الثاني، والفرد الأول مع الزوج الثاني كانت النتيجة 7، وهذه الخاصة لا توجد في عدد قبل السبعة .
2 – ما حكاه بعض المفسرين أن العرب تبالغ بالسبعة، لأن التعديل في نصف العدد ، وهو خمسة، إذا زيد عليه اثنان كان لأقصى المبالغة .
3 – قال الأستاذ أبو علي الكفيف المالقي في واو الثمانية: إنها لغة فصيحة لبعض العرب، من شأنهم أن يقولوا إذا عدوا : واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، وثمانية، تسعة، عشرة، فهكذا هي لغتهم ومتى جاء في كلامهم أمر ثمانية أدخلولها الواو . وإنما كان ذلك كذلك، لأن السبعة عندهم عدد كامل، والعدد بعدها مستأنف . ومنه قوله تعالى : يقولون سبعة وثامنهم كلبهم، فأثبت الواو بعد السبعة، ولم يثبتها في ما تقدم من الأعداد . واللغة الفصيحة التي أشار إليها هي لغة قريش فيما حكاه الثعلبي عن أبي بكر بن عياش .
4 – قال ابن عطية في تفسيره: وقد جعل الله السبعمائة والسبعة والسبعين، مواقف نهايات لأشياء عظام، فلذلك مشى العرب وغيرهم على أن يجعلوها نهايات . ويؤيد قوله هذا 7 مواضع في القرآن الكريم نكتفي بذكر خمس منها :
أولها : قوله تعالى – استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم – على أنه ليس المراد بالسبعين هنا حداً محدوداً لوجود المغفرة بعده، وإنما هو على وجه المبالغة بذكر هذا العدد بدليل ما رواه مجاهد وقتادة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سوف أستغفر الله لهم أكثر من سبعين مرة ... فأنزل الله تعالى : سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم .
ثانيها : في قوله تعالى : واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا ... قيل اختار اثني عشر سبطاً، من كل سبط 6، فلما صاروا 72 قال ليتخلف منكم اثنان، فتشاجرا فقال أجر من قعد مثل من خرج، فقعد – كالب – و – يوشع بن نون، وروي أنه لم يصب إلا ستون شيخاً، فأوحى الله تعالى إليه أن يختار من الشبان عشرة ليكمل بهم السبعين، فاختارهم فأصبحوا شيوخا.ً
ثالثاً : قال تعالى : ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه .
رابعاً : الله الذي خلق سبع سموات، من الأرض مثلهن . وذلك على عظم شأنها وقد جعل الله تعالى أديم السماء بهذا اللون الأزرق لتنتفع بها الأبصار الناظرة لأن فيه تقوية لها حيث أن الأطباء يأمرون من أصابه وجع العين بالنظر إلى الزرقة . وقد زينها بـ 7 أشياء، بالمصابيح، وبالقمر، وبالشمس، وبالعرش، وبالكرسي، وباللوح، وبالقلم . فهذه السبعة ثلاثة منها ظاهرة وأربعة خفية تثبت بالدلائل السمعية من الآيات والأخبار .
خامساً : قال تعالى: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء .
5 – قال بعض المفسرين السبعة عدد مقنع لأنه في السموات والأرض وفي خلق الإنسان، وفي رزقه، وفي أعضائه التي بها يطيع الله تعالى، وبها يعصيه، وهي : عيناه وأذناه ولسانه وبطنه وفرجه ويداه ورجلاه . وقال الإمام فخر الدين في أسرار التنزيل : لا إله إلا الله محمد رسول الله 7 كلمات، وللعبد 7 أعضاء، وللنار 7 أبواب فكل كلمة من هذه الكلمات السبع تغلق باباً من الأبواب السبعة عن عضو من الأعضاء السبعة .
6 – قوله صلى الله عليه وسلم : المؤمن يأكل في معي واحد والكافر في سبعة أمعاء ... قال الإمام فخر الدين الرازي : في هذا إشارة إلى قلة الأكل وكثرته من غير إرادة السبعة بخصوصيتها . ويقال إن لجهنم 7 أبواب بهذا التفسير . ولأهل العلم الشريف أقوال منها أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثلاً للزهادة في الدنيا والحرص عليها فجعل المؤمن لقناعته باليسير من الدنيا كالأكل في معي واحد والكافر لشدة رغبته في الدنيا كالأكل في سبعة أمعاء .
7 – أن حروف العدد – سبع – الثلاثة س . ب . ع . وما يصرف منها لتقديم بعضها على بعض وتأخيره، يحتمل 6 تركيبات، خمسة منها مستعملة في كلام العرب، وواحد مهمل، والخمسة المستعملة وما تصرف منها لا يخلو من معنى القوة والعظمة .
في ذكر السبع زهرات التي تجتمع في مصر في صعيد واحد
وهي النرجس، البنفسج، البان، الورد الشتوي ومعروف أيضاً بالقحابي، الزهر، الياسمين، الورد . وإليكم نبذة يسيرة عن النرجس الذي أول ما تقدم ذكره ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: شموا النرجس، ولو في اليوم مرة واحدة، ولو في الشهر مرة، ولو في الدهر مرة، فإن في القلب حبة من الجنون والجذام والبرص لايقلعها إلا شم النرجس . وقد استعمل النرجس في علاج الكثير من الأمراض لا يسعنا ذكرها هنا أما الشعر فله نصيب الأسد في ذكر النرجس .
واتفق أن أحد الأمراء الأكابر بمصر سأل جماعة من الفقهاء عن ليلة القدر فقال له بعضهم : هي في العشر الأواخر من شهر رمضان، في ليلة السابع والعشرين منه، وذكر ما رواه الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية بسنده في كتاب – العلم المنشور في فضائل الأيام والشهور – عن قتادة عن عاصم أنهما سمعا عكرمة يقول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : دعا عمر رضي الله عنه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر من رمضان . قال ابن عباس : فقلت إني لأعلم أو إني لأظن أي ليلة هي : قال عمر : وأي ليلة هي ؟ فقلت : في سابعة تبقى أو سابعة تمضي من العشر الأواخر . فقال عمر : من أين علمت ذلك ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت : خلق الله تعالى 7 سموات، وسبع أرضين، و 7 أيام، وإن الدهر يدور على 7، والطواف بالبيت الشريف 7، قال : فقال عمر رضي الله عنه : لقد فطنت لأمر ما فطنا له . فلما فهم الأمير المشار إليه مراده واستحسن إيراده أخذ في سرد ما يحضره من هذا العدد، حتى انتهى إلى قوله : والمعادن 7، والألوان 7، وأبواب جهنم 7، والفاتحة التي هي أم الكتاب 7 آيات، ولا إله إلا الله محمد رسول الله 7 كلمات . فلما سكت قال له أحد الحاضرين كالمستدرك عليه : يا مولانا وزير السلطان الملك الظاهر بيبرس سبع فنظر الحاضرون إليه وانقلب المجلس ضحكاً عليه .