إن قدوم إبراهيم باشا بجيش ضخم لاحتلال بلاد الشام والانفصال بها عن السلطنة العُثمانيّة جاء نتيجة أوضاع الدولة العُثمانيّة المرهقة آنذاك وإستطاع اقتحام المدن الواحدة بعد الأخرى، أما بيروت فإنها لم تكلف هذا الغازي المندفع كالصاعقة أكثر من توجيه الأمر إلى بعض جماعته ليستولوا عليها مع المدن الساحليّة الأخرى كصيدا وصور وما جاورها من بلدان الساحل، ثم جاء هو بعد ذلك ودخلها تحت أقواس النصر من باب الدركة حيث الكتابة باليونانيّة التي معناها بالعربيّة (أيها الداخل إفتكر بالرحمة !....) .
ولكن إبراهيم باشا المصري لم يعمل بالحكمة التي مرّ من تحتها على ما يظهر لأن أهالي بيروت سرعان ما برموا به وأنكروا سياسته وأخذوا يتبادلون الرسائل فيما بينهم وكلها تنم عن تذمرهم من وجوده في بلدهم، وفي أيام إبراهيم باشا وهي الأيام التي شهدت بدايتها بداية نهاية هذا السور الذي أخذ يفقد أهميته الإستراتيجيّة كحصن عسكري له تأثيره الحاسم في مصير المدينة التي يحميها، من الناحية السياسيّة.