هناك نوع آخر من القيد الإعلامي غير المباشر الممارس من قبل السلطة، وهو نظام الرخص المسبقة التي يفرضها القانون لكل من يوّد إصدار جريدة أو صحيفة. فقد نصت المادة 27 من المرسوم الإشتراعي الرقم 104 تاريخ 3/6/1977، أنه "يحظر إطلاقاً إصدار أية مطبوعة صحفية قبل الحصول مسبقاُ على رخصة من وزير الإرشاد والأنباء والسياحة بعد إستشارة نقابة الصحافة".
وقد حدّد المرسوم الإشتراعي رقم 74 لسنة 1953 عدد المطبوعات الدورية السياسية بِ 25 مطبوعة يومية سياسية و20 مطبوعة سياسية موقوتة.
ونصت المادة الأولى منه على أنه "لا يُعطى ترخيص بإسم جديد لمطبوعة دورية سياسية يومية أو موقوتة، إلا لمن كان يملك صحيفتين من نوع الصحيفة المطلوب إصدارها، تتوقفان نهائياً عن الصدور لقاء الترخيص المطلوب".
وبديهي أن سلطة منح الرخص قد تتخذ في بعض جوانبها الطابع الإستنسابي والسياسي، حيث أنه للوزير المعني أن يقرر من استوفى الشروط القانونية لإصدار الصحيفة ومن انتفت عنده هذه الشروط.. وهو أيضاً يملك حق إسترداد الرخصة، إذا اعتبر أن الشروط القانونية لم تعد متوفرة لدى صاحب الجريدة أو المطبوعة. وقد تتحوّل الرخص الممنوحة الى إمتيازات لبعض أصحاب الصحف، حين يُرفض منح رخصة الى أحد أو يتم إسترداد رخصة من أحد منافسيهم الحقيقيين أو المحتملين. فتصبح عندئذٍ الحدود هشّة بين أهل الحكم وأهل الصحافة الساعين الى حماية "إمتيازهم" من كل مزاحمة، وهذا أيضاً يدخل ضمن استراتيجية الدولة لجذب الصحافة نحوها وحملها على مراعاة سياستها.
لقد وصف الإختصاصيون ورجال القانون حرية الصحافة بأنها مزدوجة، لأنها تتناول حرية التعبير والكتابة من جهة وحرية الطبع من جهة أخرى، مما يُستنتج منه أن الشق الأول من حرية الصحافة مُصان في لبنان، أما الشق الثاني فمقيد بشروط.