فلسطين
فلسطين
كانت فلسطين عبر التاريخ جزءاً من امبراطورية أو كيان آخر. وقد عُرفت بـ «أرض كنعان» نسبة إلى حضارة الكنعانيين، وقد بُنيت مدينة القدس حوالي سنة 3000 ق.م. تعرضت هذه المنطقة إلى غزوة من اليهود في القرن الثاني عشر قبل الميلاد حاولوا فيها إبادة الشعوب الأصلية بقسوة ووحشية لكنهم فشلوا. حاول يوشع بن نون احتلال مدينة القدس التي كانت تُعرف بـ «يبوس» فقاومه سكانها بقوة، وأخيراً تمكن داود بن عيسى من الاستيلاء عليها عام 1000 ق.م، ثم ابنه سليمان الحكيم ثم ولده رحيمام. ثم انقسمت البلاد إلى دولتين: مملكة يهودا وعاصمتها أورشليم، ومملكة إسرائيل وعاصمتها السامرة، ونشبت الحرب بينهما. هاجمهم الأشوريون واحتلوا القدس، فانقرضت مملكة يهودا عام 586 ق.م.، تبعتها مملكة إسرائيل. وفي سنة 332 ق.م. استولى الاسكندر المقدوني على أورشليم، ثم الرومان. وفي عام 66 م وبعد ظهور «المسيح» عليه السلام وانتشار المسيحية، تمكن اليهود من الاستيلاء على أورشليم. وفي عام 135 م تمكن الأمبراطور الروماني هدريان من إخماد ثورة اليهود ودمرّ أورشليم وطردهم منها. دخلت جيوشُ الفرسِ القدسَ عام 614 م. وفي عام 636 م اتجهت جيوش المسلمين لفتح القدس وبلاد الشام في عهد الخليفة «عمر بن الخطاب»، فدخلت بيت المقدس. أصبحت القدس عربية إسلامية، حيثُ تعاقب على حكمها الخلفاء الراشدون، فالأمويون، فالعباسيون، فبنوطولون، فالأخشيديون، فالفاطميون، فالسلاجقة، فالمماليك، فالأتراك المسلمون وحتى سنة 1948 م، باستثناء فترة الحروب الصليبية 1099 ـ 1187 م. احتلت بريطانيا مدينة القدس عام 1917 وأنشأت فيها حكومة عسكرية، وتمّ بعد ذلك تعيين هربرت صموئيل بتأثير من الحركة الصهيونية في لندن. ومنذ عام 1933 زادت هجرة اليهود إلى فلسطين إثر تفاقم الحركة النازية في أوروبا. تشكلت حركات وطنية برئاسة الحاج أمين الحُسيني عام 1936 لقيادة الثورة الفلسطينية ضد الاستعمار البريطاني، وطالبت بالحدّ من هجرة اليهود، وقد عُقِدَ مؤتمرات في لندن عامي 1946 و 1947 لأجل ذلك، لكنهما فَشَلا في الوصول إلى تفاهم بين العرب واليهود. إثر ذلك أقرّت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية. وتمّ إعلان دولة إسرائيل التي اعترفت بها كل من الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي، وأنكرتها الدول العربية.
قبل أن تنسحب بريطانيا من فلسطين في 15 أيار 1948 باعتبارها الدولة المنتدبة، كانت قد أحالت أمر فلسطين إلى الأمم المتحدة في عام 1947 حيث أخذ بند فلسطين الكثير من المناقشات والمداولات وفي النهاية اتخذ قرار بتقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية وبموجب هذا القرار رقم (181) بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947 اعترفت الأمم المتحدة بوجود دولة يهودية على مساحة من فلسطين تبلغ (14,400كلم) رغم أن حوالي نصف هذه الدولة كان من العرب وكان يقطن في هذه المنطقة 550 ألف يهودي و500 ألف عربي ويمتلك فيها العرب ما يزيد على ثلثي ما في تلك الدولة من عقارات، وفي 15 أيار 1948 أعلن في إسرائيل رسمياً قيام (دولة إسرائيل) واعترفت بها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي (سابقاً) ورفعت علمها المزعوم باللون الأبيض في وسطه نجمة داوود وخطين أزرقين هما حدودها من النيل إلى الفرات، وفي 4 آذار 1949 تقدمت إسرائيل بطلب إلى مجلس الأمن لقبولها عضواً في الأمم المتحدة واتخذ مجلس الأمن قراره، رقم 69 لعام 1949 القاضي بقبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة، وهكذا حققت الحركة الصهيونية انتصاراً كبيراً ومهماً خططت له منذ المؤتمر الصيهوني الأول الذي عقد في مدينة بال (سويسرا) في م1897.
وبعد هزيمة الجيوش العربية 1948 وقعت كل من مصر ولبنان وسورية والأردن اتفاقات هدنة مع إسرائيل أنهت العمليات العسكرية عام 1949 وكانت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من أرضهم ووطنهم على رأس الأسباب التي حالت دون عقد معاهدات سلام بين إسرائيل والبلدان العربية، فقد كانت الدول العربية تلح بالسماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم ووطنهم وكان الإسرائيليون يرون أن مشكلة اللاجئين يجب أن تندرج كجزء من خطة شاملة للسلام وفي عام 1956 اندلعت الحرب (العربية ـ الإسرائيلية) الثانية بعد أن أعلنت مصر تأميم قناة السويس ومنعت مرور السفن المتوجهة إلى إسرائيل أو القادمة منها وأغلقت مضائق تيران واشتركت في هذه الحرب كل من بريطانيا وفرنسا إلى جانب إسرائيل وأنزلتا جيوشهما في مصر، ولكن الأمم المتحدة والضغوطات الأميركية والروسية أجبرت الدول المتحالفة الثلاث (فرنسا ـ إنكلترا ـ إسرائيل) على سحب قواتها من مصر واستمرت مصر في منع إسرائيل من استعمال قناة السويس بينما أمنت قوات الأمم المتحدة حرية المرور عبر مضائق تيران.
وشهدت السنوات التالية لحرب عام
1956
حالة من التوتر الدائم على حدود إسرائيل مع مصر والأردن وسورية حتى كان
حزيران
1967
حيث اندلعت الحرب (العربيةـ الإسرائيلية) الثالثة فبطلب من مصر انسحبت
القوات الدولية وعاد الجيش المصري وأغلق مضائق تيران، فرد الإسرائيليون
بإشعال حرب خاطفة ضد مصر والأردن وسوريا فاحتلوا خلالها قطاع غزة وشبه
جزيرة سيناء والضفة الغربية ومرتفعات الجولان في غضون
6
أيام ورفضت إسرائيل بعد ذلك الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة ما لم
تباشر الدول العربية بفتح مفاوضات سلام معها واستمرت حالة الحرب والتوتر
الشديد خاصة بعد انبثاق حركة المقاومة الفلسطينية وقيامها بعمليات عسكرية
وفدائية ضد الأهداف الإسرائيلية وقد أوصل هذا الوضع إلى انفجار جديد في
المنطقة هو الحرب (العربية ـ الإسرائيلية) الرابعة أو حرب أكتوبر
1973
حيث تمكن الجيش المصري في اختراق خط بارليف على قناة السويس إلا أنه لم
يتابع زحفه في سيناء فعاد الإسرائيليون واخترقوا صفوف الجيش المصري في
عملية ثغور الدفرسوار وباتوا يهددون المدن المصرية القريبة من القناة وبعد
هذه الحرب زادت إسرائيل من مستوطناتها في الضفة الغربية التي دعتها السامرة
ويهودا للدلالة على يهودية المنطقة وعلى أنها جزء من إسرائيل وجعلت عاصمتها
مدينة القدس نفسها وفي عام
1982
ضمت مناطق الجولان إليها.
وفي عام 1977 زار الرئيس المصري أنور السادات إسرائيل في محاولة لوضع حد لحالة الحرب بين مصر وإسرائيل ودعمت أميركا هذا الاتجاه حتى أوصلت البلدين إلى توقيع (اتفاقية كامب ديفيد) عام 1978 ثم إلى توقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 وبموجب هذه المعاهدة اعترفت مصر بإسرائيل مقابل انسحاب الإسرائيليين من سيناء (وتم الانسحاب في 25 نيسان 1982) وإجراء محادثات لحل المشكلة الفلسطينية وأصرت إسرائيل على عدم إجراء مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية معتبرة إياها مجرد منظمة إرهابية. وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وخروج الفلسطينيين إلى تونس ضعفت العمليات الفدائية الفلسطينية بنسبة كبيرة من الخارج إلا أن الفلسطينيين في الداخل كانت لهم الكلمة الأولى.
ففي عام 1987 انطلقت الانتفاضة الفلسطينية العارمة من قطاع غزة وما لبثت أن شملت جميع الأراضي الفلسطينية فكانت مقاومة الحجر للسلاح. وكانت أن شملت جميع الأراضي الفلسطينية تحت جناحين: جناح المقاومة الإسلامية (حماس) بزعامة الشيخ أحمد ياسين ومنها حركة الجهاد الإسلامي وجناح حركة فتح التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة عرفات. هذه الانتفاضة القوية لاقت دعماً كبيراً من جميع الشعوب العربية والإسلامية لضرورة استمرارها، ذلك أنها شكلت ضغطاً كبيراً على العدو الإسرائيلي إن في الداخل أو على الصعيد العالمي إذ ظهرت للعالم الصورة الواضحة البشعة لكيفية تعامل العدو الإسرائيلي المرجح بالسلاح مع الشاب الفلسطيني الأعزل.