مرحبا أخوان
مرحباً وأهلاً بالأخوان قراء هذا الموقع !
دعوناكم بالأخوان. ولمَ لا؟ الناس في بلادنا كلهم أخوة!
كلمة "أخ" هي على كل لسان وفي كل مكان وفي كل مناسبة.
إذا استوقفك أحد ليسألك عن طريق أو عنوان ما، فإنه يباشرك بقوله: "يا أخ.. باللهِ عليك هل لك أن تدلنا على هذا العنوان؟"
معاون السائق في الباص يخاطب الناس بصيغة الأخوّة: "يا أخوان، هل منكم من يعطي مكانه لهذه الحرمة؟ " وراكب الباص أيضاً يخاطب المعاون بصيغة الأخوّة: " يا أخ.. هل لك أن توقف الباص هنا، أريد النزول".
وعندما يريد أحد ما كتابة رسالة لصديق أو غير صديق ، فإنه يبدأها بقوله: "أخي الكريم.. أخي العزيز.. الأخ الفاضل.. الأخ المحترم.. أخونا الأكبر.. أخي وصديقي وأستاذي الكريم.." وإلى ما هنالك من عبارات أخوية بعضها "حاف" والبعض الآخر مطعّم بالتعظيم!
حتى المواطن الذي يساق إلى دائرة المخابرات للتحقيق معه لكلمة قالها ساعة غضب، شتم فيها الحكومة - وليس الرئيس معاذ الله - فإن المحقق، وبكل مظاهر ومشاعر الحنان الأخوي، يقول له قبل أن يبدأه بالصفع: "شوف يا أخ.. احكي الصحيح قبل ما أفقد صبري". ولا داعي للاستغراب إذا قلنا أن هذا "الموقوف" المسكين هو أيضاً يخاطب المحقق بصيغة الأخوّة: "والله يا أخ ما عندي فكرة عن الموضوع كله. دخيل عرضك يا أخ. أبوس رجليك يا أخ!"
رئيس البلاد هو أيضاً أخ للجميع ولذلك فهو حين يخطب في المواطنين فإنه يبدأ خطاباته دائماً بعبارة "أيها الأخوة المواطنون".
الشحاذ يمد يده للناس ويطلب الحسنة بصيغة الأخوّة: "من مال الله يا أخوان!" ويأتيه الجواب بصيغة الأخوّة أيضاً: حل عنّا يا أخ، روح لا قيلك شي شغلة تشتغلها يا أخ.
العبارات الموشّحة بالمشاعر الأخوية هي أكثر من أن تُحصى. من فضلك يا أخ، تفضّل يا أخونا، أهلاً بالأخوان، بالله عليكم سلمولنا على الأخوان، شوف هالأخ شو بيريد، هذا مو برطيل يا أخ هذه هدية من أخ لأخ، هذه نصيحة من أخ لأخ، وهذا خازوق من أخ لأخ! حتى الشتائم فإنها تتناول الأخ والأخت. أخو الملعونة. أخو الكذا والكذا!
وعلى صعيد الأمة العربية، العرب كلهم أخوة سواء كانوا متحابّين أو متخاصمين. كلهم أخوة من المحيط إلى الخليج وحتى إلى كوموروس أو الصومال التي أضاف العرب أهلها إلى قائمة الأخوّة لا لسببٍ إلا لأنهم تعلموا كيف يتهجون أحرف اللغة العربية.
أخوّة ما بعدها أخوّة، وتساهل ما بعده تساهل. إنه أمر يدعو للفخر ويرفع الرأس حقاً. صحيح أن الأمة العربية تتكون من أجناس وألوان وديانات مختلفة، ولكنهم كلهم أخوة! فالخلافات بين شعوب هذه الأمة، والأحقاد والنزاعات والحروب وحتى حمامات الدم، لا تقف عثرة في وجه مشاعر الأخوّة العربية بأي شكل من الأشكال.
جيوش العراق اجتاحت أرض الكويت وأحرقت منشآتها وزرعت الرعب في قلوب سكانها وكذلك هددت باجتياح السعودية وغيرها من الدول الشقيقة المجاورة. سورية غزت لبنان وحاولت غزو الأردن. حفلات الصراع بين ليبيا وتونس. الجزائر والمغرب وموريتانيا. مصر والسودان. السعودية واليمن. اليمن الشمالي واليمن الجنوبي. عدد الفلسطينيين الذين سقطوا قتلى في سورية والأردن ودول عربية أخرى والذي لا يقارن بعدد القتلى الذين سقطوا على أيدي القوات الإسرائيلية. مائة ألف جزائري سـقطوا قتلى في حمامات الدم في الجزائر على يد أخوتهم الجزائريين عدا النساء التي اغتصبت والأموال التي سرقت والمنشآت التي دُمِّرت. عشرون ألف أو ما يزيد من البشر الذين سقطوا قتلى في مدينة حماه السورية بأمر من أخيهم القائد. آلاف اللبنانيين الذين ماتوا أو نُهبوا أو اغتصبوا أو شُرِّدوا على أيدي أخوتهم اللبنانيين أو السوريين أو الفلسطينيين أو العراقيين. آلاف اليمنيين الذين قصفت قراهم ودمرت بيوتهم على أيدي أخوتهم المصريين ومئات الجنود المصريين الذين قتلوا أو جدعت أنوفهم وآذانهم على أيدي أخوتهم اليمنيين. آلاف العراقيين الذين قتلوا أو سُحلوا في الشوارع أو سُجنوا أو عُذّبوا. الأطفال العراقيون الذين حرموا أنفسهم من الغذاء والدواء ليشيّدوا لأخيهم القائد مئات التماثيل وعشرات القصور. آلاف الأقباط المصريين الذين قتلوا أو اغتصبت أعراضهم أو أُجبروا على تغيير دينهم أو هُجِّروا من وطنهم على أيدي أخوتهم المصريين المسلمين. الألوف المؤلفة من الناس الذين سقطوا قتلى ضحايا الصراعات الدينية بين الأخوة المسلمين منذ مطلع عهد الإسلام وحروب الردة وإلى يومنا هذا. الكنائس والمعابد التي أحرقت أو هُدّمت أو سُلِبت من أصحابها الشرعيين. العداء المستحكم بين السنة والشيعة والدروز والوهابيين واليزيديين والمسيحيين وغيرهم من أبناء هذه الأمة الواحدة.
كل ذلك أمر يذوب ويتلاشى أمام هذه المشاعر الأخوية العارمة التي تزخر بها قلوبهم.
أيْ نعم ! مرحبا أخوان!