المسبحة وماذا تعني لنا هذه التسمية
المسبحة أو السبحة هي عبارة عن مجموعة من القطع ذات الأشكال الخرزية الحبـيْـبـيـة مع فواصل وقطع أخرى، حيث تتألف كلها من عدد معين منظومة ومنتظمة في خيط أوسلك أو سلسلة ، وقد يختلف شكل الحبات نسبة للمجتمع أو الصانع أو حسب متطلبات الراغبين لأسباب دينية أو اجنماعية او لغرض اللهو والتسلية .
ويتم تحريك قطع المسبحة باليد والأصابع ، كما وقد تفيد المسبحة أحيانا في العرض المظهري للتدين والتصوف والذكر والتسبيح والتهليل والتهدئة النفسية ، وأحيانا للوقار والوجاهة ، وأغراض أخرى مختلفة . والمواد التي تصنع منها المسبحة تتفاوت أيضا ، واختلفت عبر القرون حتى بلغت في التنوع ما لا يعد ويحصى خلال القرن الحالي .
وكلمة (المسبحة) أو (السبحة) اشتقت عموما من الناحية الدينية أو اللغوية، من كلمة التسبيح - ففي القرىن الكريم ورد التسبيح لله عز وجل في عدة سور وآيات ، وقد أتت كلمة التسبيح بمعاني وأماكن مختلفة في كل سورة وآية ، ومن أمثلة ذلك : ذكر نوعية المسبحين ورد في سورة الإسراء - الآية 44 - ما يلي : قال تعالى (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن ، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) .
ومعنى ذلك أن من في السموات والأرض يسبحون بحمد الله وينزهونه على الرغم من اختلاف لغات التسبيح . كما وردت لغرض التشبيه في سورة النور (الآية 41) ، كما وربط موضوع تسبيح الله والتوكل عليه في سورة الفرقان (الآية 58) . وفي مجال الوقت ومدى التسبيح في سورة الأحزاب (الآية 41 ، 42) .
أيضا ورد التسبيح في أوائل السور مثل سورة الحديد (الآية الأولى) قال تعالى : (سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم) - أي نزه الله سبحانه في كل شيء - كما ورد التسبيح في أوائل سورة الحشر وسورة الأعلى . . . وأحيانا ورد التسبيح لله تعالى في أواخر السور مثل سورة يـس (الآية الأخيرة) . . . إلخ .
ومن صور التسبيح ، قولك ، سبحان الله والحمد لله ، كذلك ذكر الأسماء الحسنى لله عز وجل . وقد جاءت أسماء الله الحسنى في عدد كبير من الآيات القرآنية الكريمة ومن ثم جمّع عددها . فعن أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لله تسعا وتسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر) .
ولقد دعا الله سبحان وتعالى الناس إلى ذكر الله ودعوته بالأسماء الحسنى ، ففي سورة الأعراف قال تعالى : (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه ، سيجزون ما كانوا يعملون) .
وبذلك استنبطت المسبحة أو السبحة من التسبيح من الناحية الدينية ، وتشمل تنزيه الله بالقول وعد أسمائه الحسنى اكتسابا للرحمة والمغفرة والأجر الكريم .
ومن الناحية اللغوية استطلعنا بعض الأسانيد والكتب ، فمن كتاب المختار من صحاح اللغة (مختار الصحاح - محمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي - الناشر دار الكتاب العربي - لبنان - 1981 ص (282) . ورد في باب السين كلمة السبحة : بمعنى خرزات يسبح بها . وهي أيضا التطوع في الذكر والصلاة ، نقول منه : قضيت سبحتي . والتسبيح التنزيه وسبحان الله : معناه التنزيه لله ، أما (سـبحل) : فمعناه سبحل الرجل : قال "سبحان الله" .
وفي كتاب تفسير القرآن العظيم (تفسير القرآن العظيم - للإمام الجليل الحافظ عماد الدين ، أبو الفدا إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفي سنة 774 هـ / دار المعرفة - بيروت - لبنان ص (268) و ص (269) .
وفي كتاب المنجد ذكر فيه أن السبحة ،جمع سبح وسبحات : هي للدعاء وتقول قضيت سبحتي أي دعائي (الصلاة النافلة) . وهي خرزات منظومة في سلك إما للصلاة والتسبيح وإما للتسلية ويقال (سبحان الله) أي ابريء الله من السوء . اما السبّاحة فهي الأصبع السبابة في اليد . والمسبحة هي السبحة للصلواة والتسبيح والتلهي (عامية) .
وفي اللهجة العراقية السائدة قد يطلق عليها سبحة أو مسبحة وقد تجمع كالسبح والمسابح أو السبحات (عامية) وفي بعض المناطق العربية والخليج العربي قد تسمى باللغة العامية الدارجة مسبحة ، أو مسباح أو تجمع كمسابيح . عموماً فإن لفظة سبحة أو مسبحة هي اللفظة العربية الدارجة حالياً وعلى الرغم من ورود كلمة السبحة في المراجع اللغوية إلا اننا عولنا استخدام لفظة المسبحة في كافة فصول اهذا البحث لما لها من استخدام دارج ودلالة على فرض استخدام هذه الأداة في التسبيح . وفي اللغة التركية ، كما ورد في أحد المصادر (Shantes , Enc Of Islam , Brill 1961 , P . 549 موسوعة) تسمى تسبيح ( Tasbih) عندما تستخدم كلمة سبحة ( Subha) لغرض تفسير معناها في بعض المسردات الأجنبية . ولغرض مقارنة وفحص الكلمة باللغة الإنكليزية فقد تم اللجوء إلى قواميس المفردات بالإنكليزية ولعل أقرب كلمة إلى ما تعنيه المسبحة عند العرب والإسلام كانت كلمة روزري (Rosary) حيث فسرت بمعنى :
ü سبحة ، مسبحة .
ü سلسلة أو صلواة .
ü حديقة ورد أو مسكية ورد .
ومن المعتقد أن الربط التاريخي للقلادة المسيحية القديمة وبين المسبحة في استخدامها من قبل العرب المسلمين قد أدى لهذا التفسير في بعض المسردات.
كما ورد في باب الحبيبات بالإنجليزية (بيدس) Beads (بالجمع) قد تعني عقد أو سبحة أو بيد (Bead) كخرزة أو حبة . فهي هنا مسبحة إذا ما انتظم الخرز بسلك أو تطلق أحيانا على الذي يصلي مستعينا بصلاته بسبحة (Tosay , tell , or count one's beads) وقد تستخدم كلمة بيد رول (Bead roll) بمعنى سبحة أو مسبحة (وبغرض العد والحساب) .وعلى أية حال فإن معنى المسبحة لدينا هنا واضح وجلي ، وهي كما أسلفنا ، استخدمت لعد الكلمات ، لغرض التسبيح لله سبحانه، أو لذكر كلمات الله الحسنى في عصر الإسلام ، وإن تعددت أغراضها اليوم وأصبحت أحيانا تؤدي أغراض التسلية أو غيرها ، غير أننا لا ننكر تأثير الحضارات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط أوغيرها في مجال استخدام أداة للأغراض المظهرية أو الدينية أو لغرض العد والحساب لما هو مطلوب من الإنسان في كافة شعائر الحياة الدنيا والمتطلبات الروحية الأخرى كما سنرى في الفصول القادمة .