المنارة أو المئذنة (Minaret)
المنارة أو المئذنة (Minaret)
بادىء ذي بدء ، فإن موقع هذه القطعة في المسبحة كموقع القطعة الكبيرة في العقود والقلائد العنقية منذ أن استنبطت أنواع القلائد الأولى في التاريخ القديم والحاضر . وهي على رأس المسبحة وملتقى طرفي الخيط الذي يضم جميع حباتها والفواصل ، حيث يمر الخيطان في أغلب الأحوال في الثقب أو الثقبين المتلاقين عند أسفل المنارة ليخرجان من رأس المنارة حيث يقفلان أو يعقلان هناك . وهذه القطعة اسطوانية بشكل عام ، وقد تكون الاسطوانة ذات شكل مخروطي أو محدبّة عند الرأس والنهاية ، وقد يكون سطحها مضلعا إلى آخر الأشكال المستحدثة أو المبتكرة أو السائدة .
وبسبب اختلاف التسميات لهذه القطعة أيضا في العديد من المناطق بسبب شكلها ، فقد ارتأينا اطلاق اسم المنارة عليها لأنها تشابه شكل المنارة في الجامع الإسلامي . وهناك من يسميها بالمئذنة (الميدنة) بالعامية في بلاد الشام وبعض الأصقاع الأخرى ، كما قد يسميها بعض أبناء العراق (بالشاهود) نسبة إلى التشهد بالعامية أو أحيانا بالمنارة .
إن قطر وطول هذه القطعة يستوجب التناسق مع بقية أجزاء المسبحة ، كتناسق قطر القطعة مع حجم وقطر الحبات الأخرى في المسبحة فضلا عن تفضيل استخدام نفس مواد الحبات ، كذلك قد يتطلب الامر تشكيل رأس ومؤخرة هذه القطعة بالشكل الاهليليجي أو البيضوي أو الشكل المشابه لشكل وحجم حبات المسبحة لضمان التناسق والمرونة . إلا أن ذلك لا ينفي أن يكون رأس بعض المنارات اسطوانيا أو حسب إبداعات الصانع . ومعظم هذه القطع مثقوبة بطبيعة الحال أفقيا وبثقب واحد قد يتسع من جانب أحد الطرفين قليلا ، ويفضل ما كان سعة اتساع الثقب يزيد قليلا عن سعة اتساع ثقوب الحبات وذلك لتسهيل مرور الخيطين فيها . وبعض المنارات الجيدة والمتقنة الصنع ثقبت بثقبين مائلين في نهاية المنارة وعلى مسافة مناسبة من الخط الأفقي المار في وسط طول المنارة ومن ثم يلتقيان عند نهاية الثلث الأول من الخط الأفقي ويسيران كثقب واحد حتى نهاية المنارة . إن هذا الشكل من تثقيب المنارة هو أفضل الأشكال فهو يكسبها منظرا جيدا ، كما يبعد احتمال انشطار المنارة بتأثير الخيوط من جهة أخرى .
وأغلب اطوال المنارات الشائعة ما كان طولها بقدر طول ثلاث أو أربع حبات نفس المسبحة ، وقد يكون المعدل العام لطول المنارة يتراوح عند (3) سم في أغلب الأحيان للمسابح ذات الحبات الصغيرة ويكون المعدل بحدود (6) سم لذات الحبات الطويلة . وقد يقل أو يزيد تبعا لحجم وطول حبات المسبحة ، ولعل أجمل المنارات ما مانت متناسقة تماما مع الأجزاء الأخرى من المسبحة كما ان حرفية الصانع ومقدرته تزيد من جمالية هذه القطعة . واستثناءا من القاعدة للمنارة ذات الشكل الاسطواني فإن هنالك قطع من بلدان مختلفة قد تكون المنارة ذات شكل ثلاثي أو مربع السطح مثل اليونانية أو غيرها .
وعند تهشم هذه القطعة بسبب طولها المختلف عن بقية الحبات أو لأسباب أخرى ، فقد يلجأ الناس أو باعة المسابح إلى تعويضها بمثيلاتها أو القطع الشبيهة الأخرى أو تلصيق حبتين أو أكثر من نفس نوع ولون وحجم قطر حباتها ، كما يحصل دائما لمسابح الكهرب على سبيل المثال .
وبالنسبة للمسابح القديمة والتي يعتز بها أصحابها اعتزاز خاص وخصوصا من الكهرب عند تهشم مناراتها فقد يلجأ الناس إلى جمع الأقسام المتهشمة واحاطتها بحزام رقيق من الفضة أو الذهب لصعوبة الحصول على تعويض آخر لها ، كما قد يلجأ بعض الناس إلى تغليف الأجزاء الرأسية للمنارة بسبيكة رقيقة من الذهب أو الفضة لضمان سلامتها من التأثيرات الأخرى .
كذلك فقد صنعت في بعض المنارات من المواد الغالية كالياقوت أو الكهرب أو المرجان والسفير والذهب إلخ . . . . . الخالص بأشكال اسطوانية أو مضلعة أو مخروطية حيث طعمت بعد أن زخرفت بالأحجار الكريمة من الماس والياقوت والفيروز بالإضافة إلى أجزاء نفس التطعيم على الفواصل . وبعضها نظم في سلسلة ذهبية مبرومة أو مجدولة . وبذلك ارتفع ثمن المسبحة ارتفاعا فاحشا قرّب من أسعار الجواهر الغالية والتي لا يتمكن من الحصول عليها إلا الأثرياء ومن كان في طبقتهم ، وعادة ما تباع أنواع هذه المسابح في أوروبا أو بعض دول الخليج العربي .
كما ان بعض المنارات صنعت من مادة الفضة الخالصة أو من بقية المعادن الأخرى وعلى أنماط شائعة أو غير شائعة والبعض منها زخرف أو طعم بمواد أخرى أو رسم عليها زخارف بألوان الميناء مثل الزهور والأوراق والكتابات المخطوطة أو طعمت بالميناء على الطريقة الصينية . والواقع فإنه لا حدود لإمكانية الإبداع في هذه القطعة حسبما تمليه نوعية المادة وحرفية الصانع وإمكانية المشتري ورغبته .