سعيد العبد الله ...صريع لغة الجسد
" ... إن دور المرأة في عمل المخابرات والجاسوسية لا يمكن إغفاله... فامرأة جميلة ذكية مدربة – في بلاد يسيطر عليها الجوع الجنسي – تكون أفضل من عشرة جواسيس مهرة. فسلاحها هو سحرها ... وجسدها ... وعندما تنصب شباكها... يأتيها أعتى الرجال طائعاً ... خاضعاً... ضعيفاً ... !! ".
تاريخ الزعيمة
لم تكن رحلة ترفيهية تلك التي خاضتها "شولا كوهين" من "اليعقوبة" شمالي بغداد، إلى البصرة فميناء عبادان الإيراني .. إنما كانت رحلة مأساة عجيبة شاقة، يخيم عليها القلق والخوف والحذر، وتحمل مع كل خطوة رائحة العذاب والموت، سعياً وراء حلم الوطن الجديد في إسرائيل.
تحملت شولا ذات السبعة عشر ربيعاً ما يفوق طاقتها، إلى أن وصلت وعائلتها لميناء حيفا. وما أن استقرت في تل أبيب حتى صفعتها الكوارث واحدة تلو الأخرى، دون أن تدرك الصغيرة الجميلة البضة لماذا؟
فعندما قتل والدها في انفجار عبوة ناسفة بسوق تل أبيب تأوهت هلعاً لا تصدق... وازداد صراخها المكتوم وهي ترى أحلامها تتحطم فوق صخرة الوهم شيئاً فشيئاً. فإسرائيل ليست هي الجنة الموعودة، بل الخدعة الكبرى التي روجوا لها، ومن أجلها ضحوا بالكثير في سبيل الهرب من العراق.
مات والدها فلم تقو أمها على تصديق الحقيقة فخرت صريعة المعاناة والمرض، وألفت شولا صراخ شقيقها الأكبر، محتجاً على ميراث أبيه من الأبناء الستة والمسؤولية التي أثقلت كاهله، حتى التقت "بعازار"، ونبض قلبها الصغير بالحب لأول مرة، وظنت أن ثمة أمل جديد أشرق بحياتها، بيد أنها فجعت شر فجيعة بقتله هو الآخر في اشتباك مسلح مع أصحاب الأرض والوطن.
هكذا أسودت الحياة في وجهها وركنت إلى الصمت والانزواء تفكر فيما أصابها، وماذا عساها أن تفعل؟ فتملكتها رغبة الانتقام من العرب، لكن شغلتها معاناة الحياة اليومية، والجوع الذي لا يكف صراخه ينهش العقل والبدن..
وبعد عام قضته مقعدة ماتت أمها، وطفق شقيقها ينفث غضبه بوجه إخوتها، فخرجت تسعى للعمل بإحدى العيادات بشارع "تساهالون هاروفيم"، ووفقت في الحصول على وظيفة مؤقتة، لمؤهلاتها الأنثوية المثيرة الصارخة فأسبغ عليها الراتب الضئيل مسحة من الطمأنينة والثقة بنفسها، وأحسب بالعيون الجائعة تعريها كل لحظة وترغبها.
فالجسد الممشوق المتناسق الأعضاء يغري بالالتهام، والعيون الناعسة الواسعة ذات الرموش الطويلة الكثيفة ترسم أروع صور العناق، والفم المبسام الأملود الدقيق يوحي بمذاقات القبل.
وطاردتها العيون والشهقات والهمسات والأيدي الجائعة، فاستسلمت لجنرال في الجيش الإسرائيلي من أصل بولندي يجيد العربية، كان دائم التردد على العيادة، وبين يديه تكشفت لها خطوط الحقيقة وتفاصيلها، فقد أدركت لأول مرة أنها تملك سلاحاً فتاكاً تستطيع به أن تقهر أية قوة... أنوثتها الطاغية... وكانت تشبه قنبلة ذرية تذيب بلهيبها الأجساد، وتسيطر بها في يسر على الأعصاب والعقول.
أدق عليها الجنرال الإسرائيلي بالمال والهدايا، فظنت أنها امتلكته، حتى استوعبت الأمر في النهاية. فالجنرال ما هو إلا ضابط كبير في جهاز المخابرات، تقرب إليها مستغلاً ظروفها، وعلى وعد بتأمين حياتها أغرقها في محيط الجنس والمال، ثم كاشفها برغبته في أن تعمل لصالح الجهاز لتحافظ على أمن إسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى كي تعيش عيشة رغدة لا تحلم بها فتاة في مثل سنها في إسرائيل.
لم تكن شولا أمام واقعها المؤلم تستطيع رفض هذا العرض. فهي تحلم بالمجد المفقود الذي كم رنت إليه، إضافة إلى استيقاظ رغبة الانتقام لديها من العرب الذين قتلوا والدها وحبيبها، وتسببوا في موت أمها كمداً.
لكل ذلك أعلنت موافقتها راضية مقتنعة، لتبدأ بعدها أغرب مغامراتها في عالم المخابرات والجاسوسية، فتستحق عن جدارة لقب "الزعيمة" الذي أطلق عليها في الموساد، ذلك لأن ما قامت به لصالح إسرائيل على مدى تسع سنوات متصلة، مثير جداً... وجريء... وعجيب كل العجب... !!
نساء إسرائيل
مهما تطورت أجهزة الاستخبارات في العالم فلا يمكن إغفال دور المرأة في ميدان التجسس، فامرأة جميلة .. ذكية ... بمقدورها أن تكون جاسوسة كاملة تفوق الرجل، إذا استغلت مهاراتها وحدة ذكائها وسلطان سحرها، خاصة في بلاد يسيطر عليها "الجوع الجنسي" كبلادنا العربية.
فالجاسوس الرجل... يعتمد في الغالب على مهاراته وقوته البدنية، وشجاعته واندفاعه إلى درجة الإجرام.. وهو عادة يعمل سراً في الخفاء.
أما المرأة الجاسوسة... فسلاحها سحرها وفتنتها وجسدها. ولذلك تظهر في أكثر الحالات ضمن هالات الأضواء على حلبات المسارح والملاهي، تعرض فتنتها فتثير النفوس، وتلقي شباكها ليأتيها من يرغبها طائعاً... خاضعاً.. ضعيفاً... وخلال اعتراك لهيب الأجساد العارية، والقبلات، ورعشات الرغبة الساحرة، تنسكب المعلومات بلا ضابط، وتفشي الأسرار المصفدة بالكتمان وتباح كل المحظورات.
وقد يتساءل البعض:
Ø هل تقبل المرأة في عالم المخابرات والجاسوسية، أن تضحي بشرفها للسيطرة على أعصاب شخص ما؟
وللإجابة نقول:
Ø نعم. فأجهزة المخابرات في العالم كله تعتبر التضحية بالشرف، وبكل ما هو ثمين، أمر جائز في سبيل الوطن، بل ويعد ذلك أثمن معاني الوطنية.
وعلى ذلك، يطلب من الجاسوسات أن يستسلمن لشخصيات بعينها، توصلاً لجمع معلومات سرية تفيد المصلحة العامة، والعنصر النسائي في المخابرات الإسرائيلية بوجه خاص أمر إجباري.
فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم منذ عام 1948، التي تفرض التجنيد الإجباري على النساء وقت "السلم"، حيث تستخدم النساء والفتيات في شتى المجالات العسكرية والسرية والجاسوسية، لتحقيق أهداف إسرائيل في الأمن والتوسع حتى ولو بالجنس. فالجنس سلاح اليهود منذ القدم، وقد أجادوا استخدامه وأتقنوه لدرجة الاحتراف وتفوقوا بذلك على الأمم الأخرى.
ومن النادر جداً أن تخلو قصة تجنيد جاسوس لإسرائيل من المرأة والجنس. ولم أصادف أبداً حتى الآن في عشرات المراجع والملفات التي بين يدي عن الجاسوسية اليهودية، حالة واحدة لجاسوس جندته إسرائيل خلت من الجنس، حتى في حالة الخائنة هبة سليم التي اشتهرت باسم عبلة كامل، فقد استغلت أنوثتها كجاسوسة إسرائيلية، وأغرت الضابط المصري المقدم فاروق الفقي، وفعلت معه كما تفعل نساء الموساد في غرف النوم.
وفي حالة الأردنية أمينة داود المفتي، فأؤكد بأنها لم تتعاون مع الموساد بعد نصب "مصيدة العسل" المعتادة. لكن ارتباطها جنسياً بطيار يهودي في فيينا – وهي المسلمة – ثم زواجهما لأمر بشع ومقيت. وهذا ما حدث أيضاً مع انشراح المصرية التي سيطر عليها ضابط الارتباط الإسرائيلي بالجنس في تركيا.
إنه واقع محير وشائك، رجال أوقعت بهم فتيات، وفتيات أوقع بهن رجال. عالم عجيب حقاً، كلما تبصرنا أسراره تملكتنا الدهشة وازددنا اقتناعاً بأن الجنس هو المحرك الأول للجاسوسية، دستورها المقدس عند اليهود منذ الأزل وحتى اليوم... أما المال فيأتي في المرتبة الثانية مهما بدت رغبة الثراء متوشحة، أثيرة !!