مأرب
* الموقع : تقع إلى الشرق من العاصمة صنعاء بمسافة 173 كم، ويحدها من الشمال محافظة الجوف وصحراء الربع الخالي ومن الغرب محافظة صنعاء، ومن الجنوب محافظتي البيضاء وشبوة، ومن الشرق محافظة شبوة وصحراء الربع الخالي .
*
السكان: يبلغ عدد سكان محافظة مأرب حسب نتائج التعداد السكاني لعام 1994م (183,053) نسمة .* المناخ : مناخ محافظة مأرب بشكل عام حار صيفاً وبارد شتاءاً أثناء الليل والصباح الباكر في المناطق الداخلية والأطراف الصحراوية .
* التقسيم الإداري : تتكون محافظة مأرب من إحدى عشر مديرية إضافة إلى مدينة مأرب (المركز الإداري للمحافظة) وهي على النحو التالي :
-
صرواح
-
الجدعان
-
رغوان
-
القراميش
-
الجوبة
-
العبدية
-
ماهلية
-
بدبدة
لقد أثبتت الدراسات والأبحاث الأثرية أن الإنسان قد أستوطن أراضي مأرب منذ عصور غابرة ، فهناك بقايا مواقع العصور الحجرية في شرق مدينة مأرب في صحراء رملة السبعتين، وهناك المقابر البرجية في منطقة الرويك والثنية والتي يعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ ، أما بالنسبة للمواقع التاريخية والتي يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من مطلع الألف الأول قبل الميلاد وحتى فجر الإسلام فهناك الكثير منها يأتي في مقدمتها موقع مدينة مأرب القديمة والسد.
وقد شهدت هذه الأراضي قيام واحدة من أعظم الدول اليمنية القديمة هي دولة سبأ التي بـدأت في الظهور في مطلع الألف الأول قبل الميلاد، وقد شهدت في القرون الممتدة من القرن التاسع إلى القرن السـابع قبل الميلاد نشاطاً معمارياً واسعاً، شيدت خلالها المدن والمعابد، وأعظم منشآتها سد مأرب العظيم الذي وفر للدولة ومنحها صفة الاستقرار.
نشأت الدولة السبئية نتيجة لاتحادات قبلية كانت تقطن أراضي صرواح ومأرب ووادي رغوان وبعض أجزاء من الهضبة ، وقد تزعمت وهيمنت قبيلة سبأ الكبيرة على بقية القبائل الصغيرة بالمقارنة معها، وضمتها تحت جناحها ، فأعطت للدولة اسمها (سبأ) .
آثار مدينة مأرب التاريخيّة
يقول الدكتور يوسف عبد الله عن سبأ في مقالة بعنوان (سد مأرب ) الذي نشره في مجلة الإكليل العدد (1)، (1985م): " فسبأ الأرض والقبيلة والدولة هي عمود التاريخ اليمني القديم وتكوينه السياسي الكبير، وقد ارتبطت بسبأ معظم الرموز التاريخية القديمة لليمن، فسبأ (عند النسابة) أبو حمير وكهلان ومنهما تسللت أنساب أهل اليمن جميعاً و(بلقيس) وإن اختلف الناس في اسمها وحقيقتها وتفاصيل قصتها، هي عندهم في جميع الأحوال ملكة سبأ، وهجرة أهل اليمن إلى بقاع الجزيرة وخارجها وما نتج عن ذلك من ملاحم قد ارتبطت بشكل أو بآخر بسبأ، وقيل في الأمثال (تفرقوا أيدي سبأ)، وآخر دولة في اليمن قبل الإسلام عرفت عند الإخباريين بدولة حمير، ولكن ملوكها كانوا يحرصون على أن يتصدر ألقابهم الملكية لقب سبأ، فكانوا يلقبون بملوك سبأ وذي ريدان (وذو ريدان هم حمير)، والبلدة الطيبة التي أشار القرآن الكريم عنها هي في الأصل سبأ، فتاريخ سبأ في حقيقة الأمر هو تاريخ الحضارة اليمنية في فجرها وازدهارها وأفولها، وسد مأرب في أرض سبأ هو رمز تلك الحضارة نشأ معها وصاحب أوج نفوذها وواكب فترات ضعفها وقوتها وشهد لحظات انهيارها وانهار على إثرها، بل إن صدى تلك الحضارة ظل يتردد وعلى مسامع الزمن مرتبطاً بسد مأرب إحدى معجزات حضارة الدولة السبئية، والآية الكريمة الدالة على تلك الحضارة قوله سبحانه وتعالى : " لقد كان لسبأ في مسكنهم آية " .
وقد اعتمدت حاضرة دولة سبأ في اقتصادها، إلى جانب الزراعة، على دخل الضرائب التجارية، لأنها كانت تتحكم بطريق التجارة الهام المعروف بطريق اللبان والبخور الذي كان يمتد من ميناء قنا، بير علي اليوم، على ساحل البحر العربي إلى غزة، في فلسطين، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي كانت تمر بمدينة شبوة، شبوة القديمة، عاصمة مملكة حضرموت آنذاك، ثم مدينة مأرب ومنها شمالاً إلى مدن معين في وادي الجوف ومنها إلى نجران لتصل بعدها إلى شمال الجزيرة العربية.
وقد اشتهرت سبأ في القرن السابع قبل الميلاد بحاكمها "كرب إل وتر بن ذمر علي" مكرب سبأ الذي اشتهر بنقشه المشهور بنقش النصر، ويقول الدكتور محمد عبد القادر بافقيه في مقالة بعنوان (موجز تاريخ اليمن قبل الإسلام) المنشورة في كتاب مختارات من النقوش اليمنية القديمة، تونس 1985م : "إننا مدينون (لكرب إل وتر بن ذمر علي) الـ : ( م ك ر ب) والملك السبئي بنقش يعد أطول وأهم النقوش اليمنية العائدة إلى عصر ما قبل الميلاد ( ربرتوار رقم (3945) )، وهو وإن جاء، من الناحية الزمنية بعد فترة من الازدهار التجاري والحضاري وإقامة السدود والمعابد والقصور في الممالك اليمنية القديمة ليقدم لنا من خلاله حرص الملك الشديد على تعداد حملاته ونتائجها، فكان أقدم مرجع يعرفنا بالجغرافية السياسية لليمن ، شملت تلك الحملات منطقـة واسعة خارج الهضبة اليمنية الكبرى من أنحاء المعافر (الحجرية اليوم) في الجنوب الغربي قريباً من باب المندب مروراً بدلتا تبن (ت ب ن و !) ودلـتـا أبـين ( ت ف ض ! ) حول عدن فيافع ( د هـ س ! ) ودثينة وسلسلة جبال الكور وأوديتها، حتى أطراف حضرموت من ناحية، والجوف فنجران من ناحية أخرى، ويبدو من النقش أن "كرب إل" الذي يصفه البعض بنابليون اليمن لسعة وتعـدد حـروبـه كان قد استفـزه ( م ر ت و م ) ملك أوسان الذي كان، على ما يظهر، يسيطر على المناطق الجنوبية حتى البحر، بعد أن استحوذ على بعض أراضي جارتيه حضرموت وقتبان اللتين تحالفتا عندئذ مع "كرب إل"، كما جاء في النقش ولا ننكر هنا أن دولة أوسان التي تكالبت عليها ثلاث قوى هي سبأ وحضرموت وقتبان لم تكن دولة عادية أو حتى تقترب في حجم أراضيها وقوتها مع واحدة من تلك القوى الأمر الذي جعل تلك الثلاث القوى تجتمع عليها لتقضي عليها لنجد بعدها دولة قتبان وقد ظهرت باعتبارها الوريث الشرعي لدولة أوسان.
* سد الجفنة:
يقع جنوب غرب مركز محافظة مأرب بمسافة
28
كم ويعود تاريخه الأول إلى مرحلة التجارب الأولى التي سبقت بناء السد
العظيم في (منتصف الألف الثاني قبل الميلاد) ومحاولات إنشاء السدود كان
استجابة لمتغيرات ظروف طبيعية ومناخية معينة وحاجة ملحة فرضتها ضرورة
السيطرة على المياه في منطقة سيولها لأنها نادرة وتأتي بصورة متقطعة ،
وتدل الشواهد الأثرية القديمة إلى تغيرات حادة في اتجاهات الأودية من قوقة
يلا إلى مجاريها الحالية حتى مأرب وينبغي البحث عن ذلك في الحركات التكوينة
الجديدة الأكثر حداثة ، وسد الجفنة كغيره من السدود حدثت في موقعه تجديدات
تعديلات كثيرة، وقد أصيب بالتصدع وأعيد بناء جدار السد وقنواته خلال العصر
السبئي الأول والعصر السبئي الثاني، وتتدفق المياه عبر القنوات من الجفنة
نحو السهل الفسيح نسبياً لغرض زيادة نسبة رقعة الأرض الزراعية .