تحدثنا فيما سبق عن دخول بيروت في عصر المدرسة النظاميّة الحديثة الذي بدأ بالمدارس التي أسسها الأجانب من المرسلين الأميركان البروتستانت واليسوعيين الفرنسيين الكاثوليك. كانوا يتزاحمون بالمناكب على إنشاء هذه المدارس حتى أن المبشّر الأميركاني كارنيليوس فاندايْك كثيراً ما كان يتندر عندما يشرع في إفتتاح إحدى المدارس ويقول: أنا ذاهب لأفتح مدرستين، ملمحاً بذلك إلى أن اليسوعيين سيلحقون به ويبادرون إلى إفتتاح مدرسة أخرى خاصة بهم. ثم عرجنا على المدارس الأهليّة التي أسسها النصارى من أهل البلاد بمساعدة الأجانب أو بأنفسهم، وقبلها أتينا على تحسس الدولة العُثمانيّة بالخطر الذي كان يتهدد مستقبل الناشئة الإسلاميّة من إنفراد النصارى الأجانب والوطنيين بالساحة التعليميّة ومبادرتها إلى إنشاء المدارس الرسميّة لدرء هذا الخطر قبل فوات الأوان.
وها نحن الآن نتناول موضوع المدارس الأهليّة التي أسسها المسلمون من أبناء بيروت الذين أرادوا اللحاق بهذه المبادرات التعليميّة لكي يساهموا في تحصين ناشئتهم ضد الغزو الثقافي الذي تقوم بها أفكار الأجانب في عقول هذه الناشئة وأخذ ينفث سمومه التبشيريّة فيهم.