ربما يفاجأ أبناء زماننا إذا أخبرناهم بأن أجدادهم من أهل القرن التاسع عشر كانت مدارسهم في الحوانيت التجاريّة داخل أسواق بيروت القديمة وبعضها كانت إلى جانب أبواب المساجد، من ذلك كُتّاب الحاج محمد المكوك في دكانه بسوق العطارين حيث تقع اليوم القناطر المقابلة للباب الغربي للجامع العمري الكبير، ففي هذا الدكان كان يتعلم أولاد المسلمين الكتابة والقراءة ومبادئ الحساب وكان الحاج محمد المكوك في نفس الوقت يكتب الرسائل التي يكلّفه بها التجّار الذين كانت تسود فيهم الأميّة، ويتولى تنظيم دفاترهم التجاريّة.
وأما الشيخ محمد اليافي الذي تولى إفتاء بيروت فإنه بدأ حياته، بعد قدومه من مصر معلماً للصبيان. وكان كُتّابه عند الجامع العمري الكبير بمحاذاة بابه الغربي وكان يعلم فيه تلاميذه الخط العربي والحساب إلى جانب مبادئ اللغة والآداب الدينيّة والإسلاميّة.