** هكذا أصبح الجاسوس عدنان ياسين لاجئا سياسيا في السويد:
انه عدنـان ياسين الملقب بـ أبو هانـي ، مـن مـواليد بـلدة السافرية – فلسطين عام 1948. متزوج من ابنة عمه وله منها 3اولاد ، جهاد وهاني وعايدة، كما يشرف على كفالة طفلين لشقيق زوجته الذي استشهد خلال سنوات الحرب اللبنانية . يقيم في تونس منذ عام 1970، انضم إلى حركة فتح عام 1968.
لقد فاجئنا " سمدارييري" الكاتـب الإسـرائيلي عندمـا أعلن بتاريخ 3/1/2004 أن عدنان ياسين حصل على اللجوء السياسي في السويد ولكننا لم نفاجئ عندما يعلن الموساد الإسرائيلي أن الجاسوس ياسين اصبح في إسرائيل .
حلق عدنان ياسين شنبه قبل أن يصعد في نهاية صيف 2003إلى طائرة شركة طيران أوربية متوجها لمحطة جديدة في حياته ، إذا أعد له مسبقا حق اللجوء السياسي في السويد .
نقل عميل الموساد ، والذي كان الجميع على قناعة خلال عقد كامل بأن منظمة التحرير الفلسطينية قامت بإعدامه ، نقل تحت سرية تامة إلى سيارة تابعة للمخابرات الجزائرية نقلته إلى باب الطائرة برفقة اثنين من الحراس وذلك لضمان نقله بسرية تامة ، وحتى لا يستغل طرف ما الفرصة ويقوم باغتياله.
ولا ريب في أن هناك أسباب كثيرة تدعو ياسين البالغ من العمر 56 عاماً الذي كان ينقل لإسرائيل منذ مطلع التسعينات معلومات موثوقة للتخوف على حياته. وقال دبلوماسي إسرائيلي كبير " وجدت وبصورة دائمة إمكانية مهاجر أمني وخصوصا في حالة مثل حالة ياسين ".
** الهجرة ..والسويد
تستوعب السويد سنويا خمسين ألفا من المهاجرين الجد د نصفهم سياسيون وثلث هؤلاء فلسطينيين .
أطلق سراح ياسين من الإقامة الجبرية في منزله التي كان يخضع لها في الجزائر وحصل على جواز سفر جديد وهوية جديدة ، وكانت السويد خيارا ً طبيعياً له .
اختفى ياسين في عنوانه الجديد ، بعيدا عن المدن الكبرى وكما يبدو ستكون هذه محطته الأخيرة قبل أن يكون الموساد بتهربيه إلى إسرائيل في القريب العاجل كما هو متوقع ، بعد جولة طويلة من التنقلات خلال حياته امتدت على ثلاث قارات وسبع دول.
** لماذا لم يتم إعدامه ؟؟؟
هاجر عدنان ياسين من فلسطين المحتلة إلى بيروت وانضم في شبابه إلى منظمة التحرير الفلسطينية ، وترك لبنان متوجها إلى تونس كبقية المقاومين الفلسطينيين ، ولكنه غادر تونس إلى أوربا حيث أغري بالعمل لصالح " الموساد" وبعد اكتشافه أعتقا وأجري تحقيق معه وقدم لمحاكمة مغلقة وحكم عليه بالسجن المؤبد وسجن ثلاث أعوام في تونس ونقل بعدها إلى الجزائر . وفي نهاية المطاف قدمت له حياته كهدية فقط بفضل أنظمة قضائية دولية لم تمكن منظمة التحرير الفلسطينية من إصدار حكم بالإعدام عليه في دوله أخرى.
** اهتمامات الموساد بالجاسوس عدنان ياسين :
( رجل الأعمال "أبو اصطيف" )
لقد طلب الموساد عدة مرات من منظمة التحرير الفلسطينية تسليمها الجاسوس عدنان ياسين ، و قد اهتمت بقضيته اهتماما كبيرا و سخرت لها وسائل الإعلام الإسرائيلية ، و اعترفت رسميا بأن عدنان ياسين هو رجل الموساد في منظمة التحرير الفلسطينية .و لكن رواياتها تختلف عن رواية المحققين مع ياسين ، و إن كانت قريبة نوعا ما .
حيث يقول خبراء الموساد أن ياسين وصل في كانون الثاني عام 1991 برفقة زوجته سميحة إلى مستشفى في فرانكفورت تلقي علاج كيماوي من السرطان الذي أصيبت به زوجته ، و كان ياسين يائسا و معنوياته متردية ، و تفاجأ عندما التقى طبيبا يتحدث العربية و عرف نفسه لياسين باسم جورج وقال بأنه من أصل لبناني ، و اقترح الطبيب إيضاح طابع العلاج لياسين وزوجته و دعاهما إلى الكافتيريا و أجريا معه حديثا هناك ، ورغم لغته العربية غير الأصلية ذات لكنة أجنبية لم يشك ياسين بأنه إسرائيلي لأنه أبدى اطلاعا واسعا على كل ما يدور بين الجابين بسرعة كبيرة .و خرجا سويا من المطعم وانضم إليهم أصدقاء جورج ورجال الأعمال " نمر " و " ريكاردو " و" أبو اصطيف " وجميعهم يتحدثون العربية .
و عندما اشتكى ياسين خلال الحديث عن المبالغ الباهظة التي يتقاضاها المستشفى لمعالجة زوجته تجند الثلاثة لتغطية المصاريف و اقترح" نمر" على ياسين إقامة شركة أعمال تجارية مشتركة يعمل فيها ياسين ممثل مبيعات في تونس .
دخل ياسين بعيون مفتوحة إلى فخ العسل وتحول خلال سنوات إلى مصدر معلومات لمستخدميه إذ نقل إليهم بطواعية تامة جدول سفريات كل من الرئيس عرفات و مساعديه أبو مازن وأبو علاء وآخرين ، و جميع جدول نشاطاتهم العلنية و السرية و أسماء الإسرائيليين الذين يزورون تونس .
"كان ياسين يحتفظ بقائمة الزوار الأجانب و يعمل على إدخالهم إلى تونس بدون تأشيرات سفر، بما في ذلك الإسرائيليين الذين يصلون سرا إلى تونس " .
(و قد أبلغ الموساد مما دفعهم للطلب منهم أسماء الإسرائيليين الذين يزورون تونس ) .
شكلت العلاجات الطبية الدورية لزوجة ياسين تغطية مناسبة لسفرياته إلى أوروبا ، و هكذا تمكن الموساد من معرفة ولادة القتال السري الإسرائيلي الفلسطيني في أوسلو ، وحذره "ريكاردو" إذا ألقوا القبض عليك يا عدنان و هذا لم يحدث كما أبلغه ريكاردو قل لهم أن ممثلي مجلس الاتحاد الأوروبي هم الذين طالبوك بتقديم هذه المعلومات .
قام ياسين و بتوجيه من الموساد وبمهمة خاصة بتاريخ 13 أيلول عام 1993 في اليوم الذي تم التوقيع فيه على الاعتراف المتبادل بين إسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية في حديقة البيت الأبيض ، إذ استغل غياب أحد قباطنة الحدث الاحتفالي " أبو مازن" من اجل إعداد مفاجأة له إذ أدخل إلى مكتبه قطعتي أثاث جديدتين تم شرائهما من محل صغير في فرنسا .
كان ياسين مسئولا عن إدخال وإخراج الشخصيات الهامة إلى تونس ومعالجة شئون جوازات سفرهم مع السلطات التونسية (بما في ذلك الزائرين من إسرائيل ) و عمل على توفير المعدات المكتبية وصيانة أجهزة التصوير و الفاكسات وآلات تقطيع الوثائق السرية .
و أدرك ياسين بأن المقعد الطبي الذي تم شراؤه من باريس بسعر تنزيلات ومصباح الطاولة الأزرق الذي قدم كهدية إضافة لشراء المقعد سيبديان الفرحة في نفس أبو مازن الذي كان يعاني من آلام ظهر مزمنة ، لكن أبو مازن لم يعرف شيئا واحدا ، لقد عملت أيادي خفية بالاهتمام بالمقعد قبل نقله إلى الشحن من ميناء فرساي . حيث وضعت أجهزة تنصت حساسة تعمل من خلال جسد الجالس على المقعد ، تلتقط كل كلمة تخرج من فمه أو تقال بمحيطه ، كما أن المصباح الأزرق لم يعد فقط للإضاءة إذ يؤدي إضاءته إلى تشغيل أجهزة تنصت صغيرة توثق المكالمات وتثبت مضامينها إلى كل مهتم بذلك .
و قد كشف النقاب عن أجهزة التنصت بعد أربعة أسابيع في ظروف محرجة جدا و ذلك عندما زل لسان شمعون بيرس وزير خارجية إسرائيل آنذاك ، خلال مباحثات طابا التي أجراها مع أبو مازن و عرض معلومات عن حديث مغلق أجراه الرئيس عرفات مع أبو مازن و أبو غنيم و سارع أبو مازن بتقديم تقريره للرئيس عرفات الذي انزعج كثيرا من التنصت الإسرائيلي . وكان دوما كما أسلفت يقول" على أجهزة الأمن الفلسطينية أن لا تغمض أعينها ، فنهاية مرحلة وبدء مرحلة جديدة لا تعني أن إسرائيل أصبحت طرفا يعتمد عليه".
** ليلة الاعتقال:-
بعد عدة أيام من زلة لسان بيريز وصل تونس طاقم من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية C.I.A للتحضير لزيارة وارن كريستوفر وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية سابقا، وعندما طالب عملاء C.I.A إجراء فحوص دقيقة من أجل منع إمكانية قيام أوساط غير مخولة بنصب أجهزة تنصت في مكتب الرئيس ياسر عرفات طلب أبو مازن منهم فحص مكتبه وقال أبو مازن " كشف النقاب على الفور عن أجهزة التنصت " . ووصل في نفس الليلة ضباط أمن فلسطينيون إلى فيلا ياسين وأعتقلوه هو وابنه هاني .
واختفى الطبيب جورج وكأن الأرض ابتلعته ، كما اختفى رجال الأعمال الثلاثة وأغلق محل الأثاث الصغير في باريس .
وعثر لدى ياسين عند اعتقاله على مبلغ 30 ألف دولار وسيارتين فاخرتين وحساب بنكي كبير، وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 25 عاما كما حكم على ابنه هاني بالسجن لمدة 5 أعوام بتهمة التعاون مع والده ، واتضح بعد فترة قصيرة من ذلك بأن ياسين هو الذي حذر من مخطط اغتيال " إسحاق شامير " رئيس الحكومة الإسرائيلية وذلك من خلال الإسرائيلي " رفائيل ابراهام " الذي زار تونس وتلقى مبلغ 33 ألف دولار مقابل تنفيذ هذه المهمة . واعتقل ابراهام فور نزوله من الطائرة في مطار بن غوريون في كانون الأول عام 1992.
ونقل ياسين إلى سجن فلسطيني في منطقة حمام الشط بتونس وسمح له مرة واحدة فقط عام 1996 بزيارة وداع لزوجته قبل وفاتها بمرض السرطان في مستشفى بتونس . ونقل ياسين سراً إلى الجزائر وتقرر بعد فترة من الزمن البحث عن ملحا سياسي له في أوربا ، ولأدى التدخل الإسرائيلي إلى ضمان استيعاب ياسين في السويد.