الصلح هي من العائلات البيروتيّة المعروفة، أصلها من صيدا، برزت هذه العائلة منذ القدم في المعترك السياسي والحقوقي والاجتماعي، كان إسم هذه العائلة يلفظ في القرن التاسع عشر(السلح) بالسين، ولكن على عادة أهل بيروت فإنهم يلفظون السين (صادا) على غرار (السور) فيلفظونها(الصور) والسمطية فيلفظونها (الصمطيّة) وهكذا ... .

والسلح بالسين لفظ عربي من السلاح والتسلح، ومنها جاءت لفظة السلحدار بمعنى صاحب وحامل السلاح الخاص بالسلطان، وقد تولى هذا المنصب أحد أجداد الصلح، وقد تطور منصب السلحدار حتى أًصبح في مرتبة وزير والي .

رياض الصلح سياسي بيروتي لبناني، كان له أثر كبير في بناء لبنان السياسي والقومي الحديث، ولد في العام 1893م، حصل على إجازة في الحقوق، وكان من أعضاء (المنتدى الأدبي) بها. حكم عليه الديوان العرفي التركي في عاليه، بالنفي مع والده، لمناوأتهما حزب (الإتحاد والترقي) العُثماني، فأمضيا مع أسرتهما سنتين 1916-1918م في الأناضول. وأقام بعد الحرب العالميّة الأولى في دمشق، ودخل في جمعيّة (العربيّة الفتاة) السريّة. ولما إحتل الفرنسيون سوريا سنة 1920م رحل إلى مصر. وزار اوروبا مرات. وإشترك في المؤتمر السوري الفلسطيني بجنيف ونشط في الدعاية لإستقلال سوريا ولبنان وفلسطين. وعاد إلى بيروت سنة 1935م، فاشتغل محامياً، ثم كان من أعضاء مجلس لبنان النيابي. وألتفّ حوله جمهور الوطنيين. وتولى رئاسة الوزراء اللبنانيّة سنة 1943م فاقترح تعديل مواد الدستور، كان الفرنسيون قد وضعوها لأغراضهم الإستعماريّة، وأقرّ مجلس النواب التعديل، فسخط الفرنسيون، وإعتقلوه مع رئيس الجمهورية بشارة الخوري وأكثر الوزراء وبعض النواب، وأرسلوهم إلى قلعة راشيا، فثار لبنان، وهاج العالم العربي، وإحتجت حكوماته، وإضطر الفرنسيون إلى الإفراج عنهم. فعادوا إلى مناصبهم ، بعد أحد عشر يوماً من إعتقالهم 11-22 كانون الأول سنة 1943م، وجلا الفرنسيون عن لبنان سنة 1946م وظل رياض الصلح بين رئاسة الوزارة، والتخلي عنها، والعودة إليها وورائه مسلموا لبنان ونصاراه، وكان يحرص على أن لا يتخلف لبنان عن موكب العروبة.

هنا يرقد جثمان الرئيس رياض بك الصلح قرب مقام الإمام الأَوزاعي

وفي 16 تموز سنة 1951م، وبينما هو ذاهب إلى مطار عمّان عائداً إلى بيروت، بعد زيارة قام بها إلى الأردن بدعوة من الملك عبد الله بن الحسين، فاجأه أشخاص تابعين للحزب القومي السوري الإجتماعي اللبناني وأطلقوا عليه الرصاص فقتل في السيارة، وقتل قاتلوه الذين أخذوا بثأر زعيمهم الذي أعدمته السلطات اللبنانيّة على أثر محاولة الإنقلاب التي قام بها في لبنان، حمل جثمان رياض الصلح إلى بيروت، فدفن في جوار مقام الإمام الأَوزاعي.