فؤاد شهاب
درس في الكلية الحربية في مدينة حمص التي تخرج فيها ضباط الجيشين السوري واللبناني. وقبل أن ينل لبنان استقلاله عام 1943 كانت الفرق العسكرية اللبنانية بقيادة العقيد فؤاد شهاب. وظلت في إطار الجيش الفرنسي، حتى بعد الاستقلال، إلى حين جلاء آخر جندي فرنسي في الأول من أغسطس 1945، فنشأ الجيش اللبناني المستقل بقيادة فؤاد شهاب .
ويوم الثامن عشر من سبتمبر 1952 حين اشتد الخلاف بين بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية والمعارضة وبلغت الأزمة الذروة واستقال الرئيس، بعدما أصدر آخر مرسوم في عهده يقضي بتعيين اللواء فؤاد شهاب قائد الجيش رئيسا للحكومة الانتقالية.
وبعد أربعة أيام انتخب كميل شمعون رئيسا للجمهورية
وفي عام 1958 انتهت ولاية الرئيس شمعون ولبنان يعاني انقساما يقوده إلى حافة الحرب الأهلية. وكما في كل انتخابات رئاسية في لبنان ينجح الرئيس الذي يحظى برضا دولي وإقليمي، حدث بعدما توافقت واشنطن مع الرئيس عبد الناصر (رئيس الجمهورية العربية المتحدة آنذاك) أن أصبح فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية اللبنانية اعتباراً من الثاني والعشرين من سبتمبر 1958.
ومن موقعه كقائد للجيش اللبناني كان ملمّا بتفاصيل السياسة الداخلية ومطلعا على فساد الإدارة وعلى انتهازية رجال السياسة الذين كان يطلق عليهم في مجالسه الخاصة لقب "أكلة الجبن". وقرر أن يبني دولة المؤسسات وأن يطبق على النظام السياسي إصلاحا إداريا شاملاً. وفي إطار متواز اشتغل على انتهاج سياسة خارجية لبنانية مختلفة. أدرك فؤاد شهاب أن التوافق مع الرئيس جمال عبد الناصر ينبغي أن يكون في صلب السياسة الخارجية اللبنانية. وقد اجتمع معه في مركز عند الحدود السورية اللبنانية، وطمأنه إلى أن لبنان مؤيد لسياسة الجمهورية العربية المتحدة. وظل هذا التوافق قائما حتى بعد انفصال سوريا عن مصر عام 1961. وقد انعكس هذا التفاهم بشكل إيجابي، لمصلحة فؤاد شهاب في السياسة الداخلية اللبنانية، إذ كان نصف اللبنانيين من أشد المؤيدين للرئيس عبد الناصر.
ومن أبرز الإجراءات الإصلاحية التي أدخلها فؤاد شهاب على الإدارة اللبنانية: إنشاء مركز الخدمة المدنية الذي يقوم بتعيين موظفي الدولة، حسب الكفاءة وبعد اختبار، وكان التعيين يتم سابقا بوساطات رجال السياسة. وإنشاء جهاز التفتيش المركزي لمراقبة عمل الوزارات والإدارات، بل واستحداث وزارة التخطيط، ومجلس تنفيذ المشاريع الكبرى، والمشروع الأخضر الذي سعى إلى إنماء المناطق اللبنانية المختلفة، خصوصا الريفية التي عانت الحرمان. وساهمت إجراءات التأميم التي طبقت في بعض الدول العربية عام 1961 في هروب رؤوس الأموال العربية إلى بيروت التي أصبحت عاصمة العرب المالية، وانعكس ذلك في عهد فؤاد شهاب على الاقتصاد اللبناني الذي عرف ازدهاراً كبيراً.
وفي آخر يوم من عام 1961 قام الحزب القومي الاجتماعي بمحاولة انقلاب لم يكتب لها النجاح. وحدث من بعدها أن قوي نفوذ العسكريين في السلطة اللبنانية بغية الحفاظ على الأمن والنظام. وغضّ فؤاد شهاب الطرف عن تدخل الجيش في السياسة، هو الذي كان يعارض ذلك، وأصبح لضباط "المكتب الثاني" أي المخابرات اليد الطولى في الكثير من القرارات.
وبانتهاء ولايته عام 1964 كان أنصاره يطالبونه بتجديدها، غير أنه لم يرشح نفسه. وفي عام 1970 دعم بقوة ترشيح الياس سركيس (الذي كان في عهده مدير عام الرئاسة) لمنصب رئيس الجمهورية، لكنه خسر بفارق صوت واحد. وعندما انتخب سركيس عام 1976 رئيسا كان شهاب قد أصبح في ذمة الله.