الفصل الثالث
معركة بيروت وإرتداد الصليبيين عنها
ما إن توسد بولدوين أريكة الملك على القدس حتى جمع جنوده وقادهم لإحتلال المدن الساحليّة التي لم تكن قد وقعت بعد في أيدي الصليبيين. وقد حقق أمنيته وأدخل هذه المدن في طاعته ورفع على أسوارها وأبوابها راية الصليب إلا أنه واجه في بيروت مقاومة حازمة إضطرته إلى صرف النظر عن دخول هذه المدينة وكان ذلك في عام 1102م.
في صيف سنة 1109م 502هـ سار بولدوين على رأس قوة صليبيّة باتجاه طرابلس الشام وساندبرتران دو صانجيل في الإستيلاء على هذه المدينة، ومقابل ذلك فإن برتران ردّ الجميِل لبولدوين عندما قام هذا الأخير سنة 1110م 503هـ بمحاصرة بيروت لإحتلالها. وساهم في هذا الحصار أسطول صليبي قوامه أربعون سفينة بعضها لأهل بيزا وجنوا الإيطاليتين، وبعضها الآخر تابع لمملكة القدس اللاتينيّة، الأمر الذي جعل المدينة رهينة طوق محكم ضربه عليها الصليبيون من البر والبحر، ولما حاولت ثماني عشر, سفينة حربيّة قادمة من مصر فك الحصار البحري عن بيروت لم يحالفها التوفيق، وكان سقوط طرابلس بيد الصليبيين قد هيأ لبولدوين قاعدة عسكريّة إعتمد عليها في عملياته الحربيّة ضد بيروت وتشديد الحصار عليها.
إستمر حصار بيروت حوالي إحد عشر أسبوعاً إبتداءً من شهر شباط إلى الثالث عشر من شهر أيار من سنة 1110م 503هـ ولما يئس المدافعون عن المدينة من وصول نجدة من مصر عن طريق البحر تنقذهم مما هم فيه أو تساعدهم على الإستمرار في تحمّل وطأة الحصار الخانق المضروب عليها من البر والبحر، تسلل حاكم المدينة ليلاً إلى خارجها ناجياً بنفسه في مركب باتجاه جزيرة قبرص حيث سلّم نفسه إلى حاكمها البيزنطي. وإن أصبحت هذه المدينة بغير حاكم يستمر في قيادة حاميتها وتنظيم الدفاع عنها، وضاق أهاليها بما آلوا إليه من نقص في أسباب الحياة اليوميّة والمواد الحربيّة والغذائيّة وجدوا أنفسهم مضطرين إلى الإستسلام لبولدوين بعد أن حصلوا منه على وعد بالأمان. ولكن بولدوين عندما دخل المدينة وأصبحت له السيطرة الكاملة عليها خفر بذمة البيروتيين وأخلف بوعد الأمان الذي أعطاه لهم، فترك لرجال الأسطول الإيطالي أهل بيزا وجنوا المجال لأن يعيثوا خراباً في مباني المدينة، وتقتيلاً لسكانها المتسأمنين، وراح هؤلاء الغزاة يطلقون العنان لغرائزهم الحقد والتعصب التي كانت في نفوسهم ضد الإسلام والمسلمين وأردَوْا المدينة تحت وطأة مذبحة لم تَسْتَحْيَ فيها الشيوخ والنساء والأطفال. وفي اليوم الثاني للإحتلال أخرج الأسرى المسلمين الذين وقعوا تحت يده إلى خارج المدينة وضرب أعناقهم كافة.
ولقد بلغ من هول الأعمال الوحشيّة التي ظهرت من الصليبيين عند إحتلال بيروت أن أهل صيدا لما عاينوا الزحف الصليبي على مدينتهم وضايقهم الغزاة من كل حدب وصوب، ضعفت نفوسهم وأشفقوا أن يصيبهم مثل ما أصاب أهل بيروت، فأرسلوا قاضيها ومعه جماعة من شيوخها إلى الفرنج وطلبوا من ملكهم الأمان... .
مذبحة بيروت في أيام الصليبيين
ونذكر أن شره الصليبيين إلى القتل لم يتعفف عن إراقة دماء جيرانهم أمراء غرب بيروت البحتريين، غدراً، فقد نقل الأب هنري لامنس اليسوعي عن كتاب (تاريخ بيروت) لصالح بن يحيى قوله : (.... أن أمير باروت (هكذا كان الصليبيون يسمون بيروت) غوتييه كان يهمّ بتزويج أحد أبنائه، فدعا جميع الأمراء المجاورين، كآل لمبرياك (Lambriac) سادة جبيل وسادة ساييت (أي صيدا) وذوي إقطاعاتهم. ولم يكن من اللائق أن ينسى أمراء الغرب من الدروز. ولا يُخفى أن أعراس الصليبيين كانت غاية من الأبّهة والفخامة. وقد لبّى رجالات البلاد الدعوة. وفي جملتهم أمراء الغرب (أي غرب بيروت، قضاء عاليه) وكان لديهم السلاح الفاخر والخيول المطهمة، ولم يكونوا ليتراجعوا عن التفاخر بها أمام سادة بيروت وسكانها، فيتنافسون وأولئك الفرسان لابسي الخوذ الفولاذيّة وحاملي الريش ملوك الفرنج، فلما كان وقت العرس، نزل الأمراء إلى بيروت فأنزلهم صاحبها (غوتييه) في بستان بظاهر البلد، واعتذر لإيوائهم خارج البلد لكثرة ما إجتمع فيه من طوائف الفرنج لوليمة العرس، وزاد في إكرامهم. ولما دخل الليل، سألهم الحضور إلى مجلس خاص قد هُيّىء لهم ولملوك الفرنج، فدخل الأمراء البحتريون إلى القلعة، ومعهم نفر قليل، فكان آخر العهد بهم ...) .
الزلازل مع الصليبيين تضرب بيروت
الصليبيون لم يقوموا وحدهم في إرهاق بيروت بالنكبات، فلقد نكبتها كذلك الزلازل في أيامهم، قال الأب لامنس اليسوعي في كتابه (تسريح الأبصار في ما يحتوي لبنان من الآثار) .
(... قد جاء في خارطة لاتينيّة يرتقي عهدها إلى القرن الثاني عشر الميلادي رسم جزيرتين متوسطتين في الكِبَر، قريبتين من بيروت. وكذلك ورد في تواريخ الصليبيين أن الرهبان المعروفين باسم بريمنتريه (Prémontrés) كانوا يسكنون ديراً موقعه على مقربة من بيروت. وفي هذه الشواهد ما يدلّ على أن هذه الجزر غير الصخور الثلاثة أو الأربعة التي نراها اليوم عند رأس بيروت أو عند مصب نهرها. ولكن متى توارت هذه الجزر؟ ليس لنا في ذلك نصّ صريح، ومن المرجّح أنها إنخسفت في الزلزال الذي ذكره المقريزي في تاريخ المماليك سنة 600هـ 1261م حيث قال إن سبع جزر بين عكا وطرابلس غاصت في لجج البحر. وقوله هذا يطابق الآثار التاريخيّة التي لم تعد تذكر، فيما نعلم، الجزر المجاورة لبيروت بعد القرن الثالث عشر...).
إذن كانت في بحر بيروت عدد من الجزر الصغيرة. ويمكن أن نسميها أيضاً صخوراً كبيرة، وقد غاصت هذه الجزر الصخريّة في قاع البحر بسبب الهزات الأرضيّة التي ضربت المدينة. ومن الآثار الباقية الدالة على هذه الهزات الأرضيّة صخرة الروشة التي تنتصب عالية في قلب الماء المالح. ويقول علماء طبقات الأرض (الجيولوجيّة) إن هذه الصخرة الضخمة كانت متصلة بالبر ثم إنفصلت عنه نتيجة لتلك الهزات.
صخرة الروشة
إغارة الأسطول الصليبي
في سنة 1126م حاولت القوات العبيديّة البحريّة مباغتة الصليبيين الذين كانوا يحتلون العريش وغزا وعسقلان، ومهدت لذلك بالإغارة على الساحل اللبناني ووصلت فعلاً إلى بعض ضواحي بيروت حيث دارت بينها وبين الصليبيين معركة عنيفة، ولكن العبيديين لم يتمكنوا من اقتحام المدينة بالرغم من الخسائر الجسيمة التي مُني بها الطرفان المتحاربان وذلك بسبب كثافة الحامية الصليبيّة التي كانت آنذاك في بيروت.
وفي سنة 1186م استنقذ السلطان المجاهد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي من الصليبيين بيروت في جملة ما استنقذه من السواحل اللبنانيّة، إلا أن شمس الحرية لم تبق مشرقة على هذه المدينة إلا حوالى العشر سنوات، ثم عاد إليها ظلام الاحتلال الأجنبي عندما دخلها الملك الصليبي آموري الفرنسي بمساعدة فريديريك الألماني.
فقد حدث أنه عندما جُرح الملك العادل سيف الدين الأيوبي في معركة صيدا انتقل إلى بيروت ليتحصن فيها، إلا أن بعض النصارى الذين كانوا فيها عاينوا الأسطول الصليبي بمقابل ساحل المدينة، فوثبوا على الحرس وقتلوهم وفتحوا أبواب القلعة للفرنج القادمين من جهة البحر، وفي اليوم التالي جاء العسكر الفرنج برّاً من جهة صيدا، وتمكّن المهاجمون من اقتحام البلد ودخلوها في نهار الجمعة في العاشر من ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة الموافق 25 تشرين الأول 1197م.
كان حاكم بيروت من قبل الأيوبيين يومئذ الأمير أسامة بن منقذ، وقد انسحب منها بعد دخول الصليبيين إليها وانتقل إلى نواحي الجبل، ولذلك اشتهر باسم أٍسامة الجبلي، وهو غير أُسامة بن منقذ الكاتب الفارس، صاحب المؤلفات الذي عاش في أيام صلاح الدين الأيوبي وكان حاكماً على السَّلميّة بسوريا.
ويبدو أن المسلمين لم يكونوا راضين عن انسحاب الأمير المذكور من بيروت واتهموه بأنه لم يصمد أمام المهاجمين وسلّمهم المدينة بدون الدفاع عنها كما يجب، وذلك فإنه لمّا حاصر الفرنج حصن تمنين، بجبل عامل، وسألوا صاحبه، حاكمه، في تسليم الحصن بالأمان، قال بعض من فيه لصاحبه، أي صاحب الحصن.
لا يُلام الذي يروم السلامة سلم الحصن، ما عليك ملامـة
سُنة سنها ببيروت أسامـه فعطاء الحصون من غير حرب
وبعد فتوح الفرنج لبيروت سلّم ملك القدس آموري بيروت إلى أسرة أيبلين من الأسر الفرنسيّة الإقطاعيّة، وأول من حكم بيروت من هذه الأسرة يدعى جان أيبلين الذي بقيت بيروت تحت أمرته 35 سنة متوالية.
بيروت بعد أن حررها المماليك
في شهر تموز سنة 1291م استعادت قوات المماليك بقيادة سنجر الشجاعي مدينة بيروت من الصليبيين الذين تركوا المدينة بأمر من الملك الأشرف خليل بن الملك المنصور قلاوون واختاروا الإقامة في جزيرة قبرص، ولحق بهم بعض الموارنة من أبناء البلاد، وما يزال أحفاد هؤلاء الأخيرين في قبرص حتى اليوم حيث يؤلفون جالية مستقلة وعليهم أسقف منهم مقره في بيروت.
إن لبيروت ربَّاً يحميها
ذكر صالح بن يحيى في تاريخه نقلاً عن النويري أنه (في العشر الآخر من شهر شعبان سنة ثمان وتسعين وستمائة للهجرة 1299م وصل إلى بيروت مراكب كثيرة وبطس (مراكب حربيّة) للفرنج فيها جماعة كثيرة من المقاتلة، يقال إن البُطُس كانت ثلاثين بطسة في كل بطسة منها نحو سبعمائة مقاتل، وقصدوا أن يطلعوا من مراكبهم إلى البّر وتحصل غارتهم على بلاد الساحل، فلما قربوا من البرّ، أرسل الله عليهم ريحاً مختلفة (مخالفة) فغرقت بعض هذه السفن وتكسّر بعضها، وحُكي عن الريّس (رئيس الميناء) بيروت أنه قال : (والله لي خمسون سنة ألازم هذا البحر، فما رأيت مثل هذه الريح التي جرت على هذه المراكب، وليست من الرياح المعروفة عندنا).
غارات القراصنة الصليبيين
وفي سنة 734هـ 1334م أغار القرصان الصليبييون على بيروت، وقد حدثنا صالح بن يحيى عن هذه الغارة في تاريخه بقوله : ( ... في عيد الأضحى سنة 734هـ 1334م حضرت شواني (سفن حربيّة) جنويّة إلى بيروت قاصدين أخذ قرقور (سفينة طويلة، معرب عن اليونانيّة) لطائفة الكاتيلان (Catalans) نصارى من إسبانيا، في ولاية عز الدين البيسري من قبل تنكز نائب الشام، وقصد المسلمون منع الجنويّة من أخذ القرقور ولم يقدر المسلمون منعهم من الجند والسلاح، وتجرّح بعض الأمراء بعرمون، ودخل الجنويّة الميناء وأخذوا الأعلام السلطانيّة من البرج، وقتل جماعة في البّر، وإنهزم المسلمون وقاتلوهم في الأزقة، وذكروا أن القتال إستمر بينهم يومان ...).
وغارة أخرى للقرصان الصليبيين
وقعت هذه الغارة عندما هجم القراصنة الجنويون على بر بيروت واستطاعوا التسرب إلى المناطق المجاورة للميناء واستتروا بحيطان الإستحكامات القائمة في تلك المناطق، وعليهم مقدّم من كبرائهم وبيده سنجق (علم) حاول نصبه على القلعة فتصدى لهم المسلمون فقهروهم ورموا السنجق. فلما رأى القرصان الجنويون وقوع السنجق وهنت عزائمهم، فاندفع إليهم أصحاب النخوات من المسلمين، فازدحم الفرنج على الصقائل التي إنقلبت بهم وإنكسروا شرّ كسرة.
وصالح بن يحيى أشار إلى هذه الواقعة مرتين في كتابه، وفي المرة الثانية روى لنا الدور البطولي الذي قام به أبوه يحيى وذلك حيث يقول : (... إن الفرنج نزلوا من مراكبهم إلى البر، وطلع منهم شرذمة إلى جوانب القلعة القديمة لنصب المنجق في شرفة عالية إشارة إلى أن الفرنج ملكوا البرّ ولتقوية قلوب من نزل منهم إلى البرّ، ولنزول باقيهم من الشواني. فلما رأى الأمير يحيى (والد المؤلف) ذلك هجم بمن معه من أصحاب النخوات وأرما (رمي) بنفسه على الذين معهم السنجق فطعنوه برماحهم حتى برك به الفرس، ثم نهض قائماً واقتحم حتى وصل إلى حامل السنجق فرماه، ووقع السنجق، فلما نظرت الفرنج الذين نزلوا إلى البر إلى السنجق أنه قد وقع لم يسعهم غير الرجوع إلى مراكبهم. وركبت المسلمون أقفيتهم فازدحموا على الصقايل، فوقع منهم جماعة كثيرة في البحر، وكانوا مثقلين باللبوس فغرقوا ولم يقدروا على السباحة، فعند ذلك نسبوا كسرة الفرنج إلى الأمير يحيى وعُرفت به. وقد قال لي مبِّي، مقدّم جب جنين من البقاع فيما بعد ذلك : أنا وأبوك في الجنة لأني كنت إلى جانبه يوم وقعة الفرنج ببيروت، فلما أرما (رمى) الذي كان معه السنجق أنا الذي قطعت رأسه، وكان ملِّي يفتخر بذلك بين الناس).
الفتنة الطائفيّة بين السُنة والشيعية
لم تسلم بيروت في عهد المماليك من الإضطرابات الداخليّة التي كانت تثور بين الحين والآخر لأسباب مختلفة. ولما كان المماليك شديدي التعصب لمذهب أهل السُنة والجماعة، فإن أبناء الفرق الشيعيّة إضطروا للأخذ بمبدأ التقيّة، وتظاهروا بأنهم من السُنة درءاً للمتاعب وجلباً للمصالح، على أن ذلك لم يمنع بعض هؤلاء من الإحتكاك بأهل السنُة والجماعة وإظهار الخصومة لهم، الأمر الذي كان يؤدي إلى الفتن الطائفيّة بين أبناء البلد الواحد، ويظهر أن الأمير يحيى والد صالح مؤلف كتاب (تاريخ بيروت) أتُّهِم بضلوعه في إحدى هذه الفتن أيام الأمير بيدمر الخوارزمي فطلبه هذا الأمير وأهانه. وقد حدثنا صالح بن يحيى عن هذه الواقعة ناسباً إلى خليل بن مبِّي، أحد أبناء صيدا إيفار صدر الأمير بيدمر على أبيه بما نسبه إليه من الضلوع بالفتن المذكورة. قال صالح : (... كان أبو بكر خليل بن ملِّي من صيدا، قد توصل عند بيدمر (أي عمل في خدمته) وكان شديد البغض للوالد، كثير الحسد له. وكان يذكره عند بيدمر بما يغضب بيدمر عليه، فلما عاد بيدمر إلى نيابة الشام جعل إبن ملِّي المذكور خزنة دار صغير وأضمر الحقد على الوالد. فمن ذلك لما تحركت الشيعة في بيروت، وأظهروا القيام (أي تحركوا ضد أهل السُنة والجماعة) ومعهم مرسوم سلطاني. وكانوا في الباطن قائمين بمذهب أهل الشيعة، فاغتنم بيدمر الفرصة، فجرى في بيروت بذلك حركة رديئة، فاستفرص (أي إغتنم) فيها على الوالد فطلبه وأهانه).
بناء المسيطبة على جثث قتلى الصليبيين
في أيام الشيخ الخاصكي، الملقب بملك الأمراء سنة 1403م حضر الفرنج إلى بيروت، فلما رآهم أهل بيروت اشتغلوا بترحيل حريمهم وأولادهم وأمتعتهم، فأخليت المدينة من أهلها، ولم يكن بها حاكم ولا عساكر متجردين للحرب سوى أمراء الغرب ومعهم بعض جماعتهم، وكانوا قد ظنوا أن مع الفرنج خيولاً في المراكب، فخافوا من ذلك، فنزل الفرنج في محلة السنبطيّة، غربي البلد وتمكنوا من الانتشار في بيروت ونهبوا وأشعلوا النار في أسواقها وبيوتها، عندئذ تنادى المسلمون مع أهل النخوات فيهم، وصاروا يتكاثرون على الفرنج حتى حاصروهم في الأزقة وفتكوا بهم فيها، وقرابة العصر من نفس النهار حضر متولي البلد، يوسف التركماني الكسرواني وكان الفرنج قد رجعوا إلى مراكبهم وأجهز المسلمون على من بقي منهم في المدينة وآنذاك طلب شيخ الخاصكي، ملك الأمراء، من المتولي يوسف التركماني الكسرواني أن يقطع رؤوس القتلى الفرنج وأن يُعمّر على أبدانهم مسطبة على باب بيروت، محلة المصيطبة المعروفة اليوم، ويكتب عليها إسم ملك الأمراء.