قوائم لزواج المتعة
تهدر كرامة الإنسان وتحيله إلى سلعة
الفتاة تملأ استمارة بمواصفاتها وتطرحها للعرض
بغض النظر عن حلية الأمر أو حرمانيته لا نعتقد أن فتاة ترضى أن تتزوج بهذه الطريقة. ولا نتصور أبداً، أن زواج المتعة جاء من أجل المستهترين أو لقضاء رغبات عابرة، المفترض أن يقنن وتوضع له الضوابط هو وزواج المسيار لتفادي استغلال مشروعيته بطريقة خاطئة.
ضاقت بها الدنيا بعدما طلقها زوجها
وتخلى عن أبنائه الأربعة، وتضاربت الأفكار في مخيلتها وهي تبحث عن حل يصون
كرامتها المهدرة، وعن سبيل يعفيها من الحاجة والإضطرار، فهيمنت عليها فكرة الزواج،
علها تجد زوجاً يحمل عنها عبء المسؤوليةً غير أن الظروف لم تعبد لها
الطريق فأغلب العرسان يفضلونها من دون أبنائها، لكنها لا تتصور الحياة من غيرهم وإن
ظلت بلا زواج.
بعد هذه المعاناة خطرت لها فكرة تبدو حلاً مؤقتاً في ظاهرها ولكنه يخرجها من أزمة مالية مقيمة، وهي زواج المتعة، وهو يعني أنها تستفيد من النفقة أثناء زواجها ومن المهر بعد أن تنتهي مدته. وفعلاً ذهبت إلى أحد علماء الدين الذين يزوجون متعة بعد أن تنتهي مدته. وفعلاُ ذهبت إلى أحد علماء الدين الشيعة الذين يزوجون متعة وبعد تردد وخجل دخلت، وتصف اللحظة قائلة: " إنتابني رعشة وخوف، ولكني استعدت شجاعتي فلا خيار أمامي الآن، وبدأ هو بسوألي، وبعد أن أخبرته فتح دفتره وأخذ يسجل معلوماتي الشخصية، وهو الدفتر نفسه الذي يسجل فيه المعلومات الشخصية عن الشباب الراغبين في زواج المتعة "، وتضيف أم محمد: " سألتي بعدها عن السبب فلم أجبه لخجلي، ثم عن قيمة مهري، فأخبرته بأنني أريد 200 إلى 300 دينار، فأبتسم الشيخ وأخبرني أن هذا المهر كثير فأغلب الذين يتزوجون متعة لا يدفعون أكثر من 40 دينار، مما أثار الضحك في داخلي فحتى هذا الحل لم يجد نفعاً، وانتهى لقائي وشعرت بعدم الارتياح وصرفت النظر عن الموضوع، واكتشفت بعدها أن زواج المتعة منتشر والدليل قيمة المهر البخس، فقد أخبرني الشيخ أن هناك العديد من الفتيات اللاتي يملكن المال والجمال ويأتين له راغبات في زواج المتعة، فقد لإرضاء رغبتهم الجنسية دون الوقوع في الحرام ".
وتواصل أم محمد حديثها: " ... تعاملت مع العديد من الخاطبات المروجات لزواج المتعة وحاولت إحدهن إقناعي بأن أتزوج متعة، ورغم رفضي في البداية للموضوع إلا أنني وافقت على ذلك بصورة مبدأية شرط أن أقابل الشخص، وعندما قابلته لم أرتح له أبداً فرفضته وقررت أن لا أتزوج ابداً ''.
ليست أم محمد وحدها التي تعرضت لمثل هذا الموقف فهناك العديد من الأشخاص تعرضوا له إما عن طريق قائمة يتداولها البعض فيما بينهم بالسر، أو عن طريق بطاقات توضع على السيارات أو تنشر بين الناس.
من ضمن هؤلاء محمود علي الذي يعبر عن دهشته عندما أحضر له أحد الشباب قائمة تحوي معلومات عن بعض الفتيات اللاتي يرغبن في زواج المتعة وعنها يقول: " فوجئت كثيراً بهذه القائمة ورفضتها فوراً، إذ أخبرني صديقي أنه تزوج متعة مع إحداهن بهذه الطريقة قبل سفرها إلى بريطانيا، وهذه القائمة تحوي تفاصيل عن الفتيات دون ذكر أسمائهن، وهي توزع بالسر والقليل من الناس على علم بمصدرها وحقيقتها".
وهناك أيضا إستمارات توزع في الخفاء على بعض الفتيات اللاتي لم يحالفهن الحظ في الزواج، وحثهن على زواج المتعة من خلال ملء إستمارة تحوي معلومات عن الاسم والعمر والعمل ووصفا مختصرا للفتاة.
المواطنة ''فضيلة'' تعمل في أحد المجمعات التجارية في البحرين، تتحدث عن تجربتها قائلة: ''بينما كنت منهمكة في تنظيف المتجر، جاءتني امرأة متغشية، وأخذت تسألني في البداية عن سبب عدم زواجي حتى الآن، بعدها عرضت علي الإستمارة وشرحت لي تفاصيلها، محاولة أقناعي بأهمية زواج المتعة ودوره في الحفاظ على عفة المرأة، وحمايتها من الوقوع في الرزيلة، في البداية خلتها تمزح ولكني أدركت بعدها أنها جادة فما كان مني إلا طردها من المتجر، واكتشفت بعدها أنني كنت واحدة من مجموعة من العاملات ومرتادات المجمع التجاري.
المواطن حسين عبد الكريم يروي حادثة مماثلة، حيث ذهب هو وصديقه إلى أحد الأشخاص الذين يدعون الالتزام، ليأخذ منه صورة للفتاة التي سيتزوجها متعة والتي تطمح لأن يتحول زواجها إلى زواج دائم، إلا أن صديقه رفض ذلك ورفضت الفتاة فيما بعد وانتهى الموضوع.
وفي السياق ذاته توصلنا إلى أحد الأشخاص يعرف جماعة يتداولون فيما بينهم أرقاما لفتيات يرغبن في زواج المتعة، وشاركنا برأيه قائلا: ''من الصعب جداً اختراق هذه المجموعة، فما يقومون به في غاية السرية وأنا لا أعلم تماماُ كيف يحصلون على هذه الأرقفان أو من أين يعرفون الفتيات، ولكني أعلم أنهم يتزوجون متعة بتكرار ملحوظ، فلا يتوقف أحدهم عن الزواج، وفي إحدى المرات حملت إحداهن واضطر أن يتزوجها، وما كان ليفعل لولا الخوف من الفضيحة، كما أتصل بي صديقي وسألني عما إذا كنت أرغب في الزواج متعة فرفضت وسألته بدوري عن سبب سؤالي فأجاب بأن إحداهن تبحث عمن يتزوجها متعة، وفي المقابل ستبحث هي له عن امرأة يتزوجها متعة" .
كانت هذه بعض قصص زيجات المتعة التي تعبر وللأسف عن استغلال صريح، ففي الوقت الذي يقف أمامه بعض رجال الدين الشيعة مؤكدين جوازه في ظروف معينة، يرى البعض الآخر مشروعيته وجوازه.
ممارسات غير مقبولة حدثت تحت مظلة زواج المتعة: ولكن الأدهى والأمر أن توجد قوائم للتزويج لهذا النوع من الزواج، ووجودها أثار تحفظ الكثيرين.
بين الضبط والإستغلال: تؤكد الناشطة النسائية غادة جمشير شرعية هذا الزواج في المذهب الجعفري وتشير إلى أهمية تقنينه وضبطه بقولها: ''لجأ إلي العديد ممن تزوجوا زواج متعة وتم استغلالهم، لهذا أرى أنه لا يمكن منعه تماماً لمشروعيته في المذهب الجعفري، ولكن المفترض أن يفنن وتوضع له الضوابط هو وزواج المسيار لتفادي إستغلال مشروعيته بطريقة خاطئة تدفع ثمنها المرأة والأطفال بأسم الدين".
أما الشيخ عبد المجيد العصفور فيركز على ضرورة تسجيل المرأة لهذا الزواج في المحكمة حفاظاً على حقوقها وحقوق أبنائها،ويؤكد على هذا بقوله: ''هناك ضوابط لهذا الزواج كأن تكون الزوجة مريضة ولا تستطيع القيام بواجباتها الزوجية أو أن يكون الشخص على سفر لمدة طويلة، وغير ذلك مرفوض تماماً''. ولا تخرج الباحثة الإجتماعية الدكتورة هدى المحمود في حديثها عن ضرورة الضبط والتقنين، حيث ترى أهمية الحد من الاستغلال بالضبط قائلة: ''إن استغلال زواج المتعة لا يخرج عن إستغلال الأمور الشرعية الأخرى كتعدد الزوجات وزواج المسيار، وللأسف الشديد هناك الكثير من الأشخاص غير الواعين الذين يبررون جرائمهم من خلال الشرع، وهذا ما يحصل في زواج المتعة ، فالبعض يقول لماذا لا أمارسه سداً لحاجاتي الجنسية بأقل مسؤولية، متجاهلاً الحقيقة الشرعية لهذا الزواج، فالفكرة المسيطرة هي إشباع حاجة آنية بدون إلتزامات أو تحمّل القبعات والمسؤوليات والحذر من الحمل الذي أصبح اليوم إشكالية شبه محلولة.
وتواصل د.هدى المحمود حديثها قائلة: " نركز على أهمية وضع قوانين تنظم كل ما يمس الشأن الأسري من الزواج بكل أشكاله والطلاق وغيرها من الأمور العالقة التي يستغل فيها الدين الذي حفظ كرامة المرأة ولم يهنها، ولا أتصور أبداً أن زواج المتعة جاء من أجل المستهترين وغير المسؤولين أو أنه جاء لقضاء رغبات عابرة، خصوصا أن الزواج أمر تنظيمي وبناء وليس هداما".
بين الوجود واللاوجود
يقول الشيخ عبد المجيد العصفور: '' بغض النظر عن حلية الأمر أو حرمانيته لا أعتقد أن هناك فتاة ترضى أن تتزوج بهذه الطريقة، فهناك مكاتب للزواج الدائم ترفض فيها الفتاة رفضاً تاماً الذهاب إليها، فما بالك بقائمة يكتب فيها معلومات شخصية عنها توزع كأي نوع من الترويج للسلع، ربما يكون هناك استغلال خاطئ لزواج المتعة ولك لا يوجد ترويج".
فيما تصر غادة جمشير على وجود هذه القوائم بقولها:'' هناك من يروج لزواج المتعة وقد وقعت في يدي بطاقة مكتوب فيها زواج دائم وزواج منقطع وللراغبين الاتصال على الأرقام الموجودة على البطاقة، وأنا أقول إن هذا الموضوع حساس ومن المفترض من رجال الدين أن لا ينصرفوا إلى القضايا التافهة ويتركوا القضايا المهمة، والتي قد تحدث مشكلة كبيرة في المجتمع، فمثل هذه المشكلة قد ينتج عنها طفل يرفض والده الاعتراف به ويعيش في المجتمع منبوذاً من غير أوراق موثقة، وتتولد لديه أمراض نفسية وينحرف بالضرورة ثم يعود لينتقم من المجتمع كله".عواقب إجتماعية وخيمةوتضيف جمشير:''على المطلقة والأرملة أن لا تسمح باستغلالها باسم الدين فعليها أن تلجأ إلى الجهات المسؤولة التي يمكنها تقديم العون لها بدلاً من استسهالها للحلول الوقتية". وتأسف جمشير على الحالات اللاتي لجأن إليها بقولها:" ما الذي نستطيع تقديمه لامرأة أقبلت على زواج المتعة وأنجبت طفلة رفض والدها الاعتراف بها إلى أن أصبح عمرها خمس سنوات من غير أوراق ثبوتية ومن غير زواج لتصل المشكلة إلى المحاكم، وفي الحقيقة لا أعرف اليوم إلى أين وصلت القضية، وسيدة أخرى تزوجت بالطريقة ذاتها وعندما حملت طلبت من زوجها أن يحوله إلى زواج دائم فرفض، مما جعل والدها يطردها من المنزل، ولا أعلم ما هو حالها اليوم فقد انقطعت أخبارها عني". للمجتمع دور هام
ويتفق الشيخ العصفور مع جمشير على أهمية دور المجتمع في حل هذه المشكلة، وخاصة رجال الدين الذين يجب أن يضطلعوا بدورهم في الإرشاد وتوضيح الأمور الشرعية في قضايا المجتمع، ولكن للأسف الشديد فإن بعض رجال الدين عندما تقع المرأة في مشكلة نتيجة زواج المتعة تكون أول ردة فعل لهم '' لم يجبرها أحد على الزواج ''. ويوضح الشيخ العصفور الموقف الشرعي من زواج البكر متعة فيقول: ''لا يجوز للفتاة البكر أن تتزوج متعة وإن فعلت فلوالدها الحق في إبطاله، أما المرأة الثيب فلا شيء في زواجها، وبالنسبة لمن يستغلون هذا الزواج خطأ فالشرع والدين بريء منهم".ومن جانبها تلقي الدكتورة هدى المحمود اللوم على رجال الدين الذين يتخاذلون في دورهم في التوعية، وحسب تعبيرها فإن القضية يجب أن يتناولها رجال الدين ولا يتركوا فرصة لغير المسؤولين، فإذا أصبح أولادنا ينتقلون من علاقة إلى أخرى تحت ستار الشرعية الدينية فسنبتعد عن الالتزام، وإن كان هناك أطفال فما أسهل أن تلقى مسؤوليتهم على الدولة إذ أن هناك تخاذل غير مبرر للأسف. فيما يلقي الشيح عبد المجيد العصفور اللوم في مثل هذه المسائل على الإعلام الديني الذي يسلط الضوء بالدرجة الأولى على القضايا السياسية، ويهمل القضايا الاجتماعية سواء زواج المتعة أو غيره فالإعلام الديني ضعيف ويقتصر على المآتم والمساجد وهو لا يزال بحاجة إلى وسائل إعلامية أكبر وأكثر تقنية، والسبب يعود إلى عدم النضج في قيمته وتأثيره بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات.وتوضع غادة جمشير دور القانون في معالجة المشكلة فتقول: " على الدولة أن تضع قانوناً لهذا الزواج حتى لا يضيع الأبناء وتضيع المرأة خصوصاً لغير الواعين، كما أن على الدولة أن تضع قانوناً يعاقب من يقوم بتوزيع القوائم والبطاقات وكذلك من يتزوج من دون توثيق زواجه".
الظواهر الدخيلة عليه
ويقابل علي صالح دهشة شيماء باللامبالاة عندما طرح الموضوع بقوله: "ويقابل علي صالح دهشة شيماء باللامبالاة عندما طرح الموضوع بقوله، أعتقد أن مسألة القائمة السرية التي تروج لزواج المتعة موجودة وهو أمر لا أستبعده ، وكذلك مسألة زواج المسيار وهو جائز شرعياً".
كنت جالسا ذات يوم مع مجموعة من أصدقائي وكان أحدهم يتحدث عن محاولته لإقناع صديقته بأن يتزوجها سرا إلى أن تتيسر أموره ويتقدم لها بصورة رسمية، وعندما أخبرته بأن زواج المتعة له أصوله ووضعيته الخاصة أجابها بأن أحد علماء الدين أجاز زواج المتعة من البكر في حال كان الوقوع في الخطأ وراد، ولكن عليه توخي الحذر، ولم أصدق كلامه ولم أقتنع به لأنني أعلم ماهية زواج المتعة.
ولم تقل دهشة أسماء محمد عن شيماء وتستشعر زيادة الحديث عن زواج المتعة أو زواج المسيار بين الشباب وفئات المجتمع بشكل عام وتواصل: '' أصبح الشباب يبحث عن منفذ لقضاء حاجاته حتى إن لم يكن مقتنعاً بما يفعل، ورغم إعتقادي بأن الحالات التي تقدم على زواج المتعة بين الشباب فردية إلا أنها موجودة، وعلينا مواجهة الأمر بنشر الوعي عن طريق القنوات الأكثر تأثيراً في شبابنا". ولا تستبعد نادية جلال وجود مثل هذه الوقائم المروجة لزواج المتعة قائلة: " أنا أستنتج أنه منتشر بكثرة في البحرين، وللأسف الشديد هناك تسهيلات من بعض رجال الدين، وقد أخبرتني إحدى صديقاتي أنها تعرف أحد الشيوخ متزوج من أربع نساء بالعقد العادي وأربع أخريات بزواج المتعة، ومن هذا الحديث أستطيع القول إن هناك من رجال الدين من يهدر قدوته أمام الناس.
ومن جانبها تؤيد زهراء المشيقري وجود القائمة وتستند إلى أنه في كثير من الأحيان تتناهى إلى مسامعها أحاديث بعض رجال الدين الذين تزوجوا متعة ويروجون لهذا الزواج، بالإضافة إلى زيادة نسبة المقبلين عليه بين الشباب، والحديث عن زواج المتعة منتشر بين الشباب وعلى وجه الخصوص الذين يسافرون إلى الدول الشامية ويتحدثون عن زيجاتهم هناك، وهذا أمر لا يخفى على أحد، فالشاب الذي يقدم على الزواج في الخارج غير مستبعد إقدامه عليه داخل البلاد.
وتعتقد زهراء أن الترويج لهذا الزواج يسيء إلى كرامة المرأة، فبدل أن يتقدم إلى أهلها، ترمي نفسها تحت رحمة زواج لا تجد فيه شيئاً من حقوقها، وتضيف:" كما أعلم فإن لزواج المتعة ضوابط، واخترق هذه الضوابط يعني أن هناك خلل ما تجب معالجته".
وتركز أسماء على دور المؤسسات الشبابية التي تهتم بهموم الشباب وتوجيههم وتوعيتهم وهي " شبه معدومة في مجتمعنا " وتضيف أسماء: " معظم مؤسسات المجتمع المدني تركز اهتمامها بالدرجة الأولى على المواهب أو الترفيه وبعضها الآخر يدفع الشباب نحو الانخراط في السياسة. وكما نعلم، إن أغلب الجمعيات السياسية لها لجان شبابية تعمل لصالحها". ولا تخرج نادية في حديثها عن البقية إذ ترى أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق رجال الدين الذين عليهم أن يكونوا القدوة الحسنة للمجتمع وللشباب خصوصا، ثم تأتي مسؤولية الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني، وقبل هذه الأمور الرقابة الأسرية التي تمثل الركيزة الأساسية للوقاية من أية مشكلة قد تطرأ على المجتمع.
يعرّف المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله زواج المتعة على أنه " الزواج المؤقت "، وبعض الفقهاء يقسمون الزواج إلى زواج دائم ينطلق من حاجة الطرفين " الرجل والمرأة " إلى السكينة والاستقرار والطمأنينة، ويتعاونان على أمور الحياة كلها، بحيث يتحقق الاندماج الروحي والحسي والحياتي بين الطرفين، كما هو التعبير القرآني بقوله تعالى : (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) وكأن المرأة تلبس الرجل كي يمثل كل كيانها، والرجل يلبس المرأة ليؤكد وحدة الكيان بينهما.
وهناك حاجةٌ أخرى ونوع آخر من الزواج ينطلق من الحاجة الجنسية التي تلحّ على الإنسان بشكل وبآخر، وقد يكون لديه ظروف واقعية على المستوى المادي أو الاجتماعي وما إلى ذلك، تمنعه من الزواج، وهنا في هذا المجال جاء الزواج الموقت الذي يسمى زواج المتعة باعتباره تلبية لحاجة جنسية.
هناك حديث يتردد بين الكثيرين من الناس، لا سيما الذين ينكرون هذا الزواج، أن اعتبار المرأة أداة للجنس أو النظر إليها باعتبارها مركز الجنس هو إسقاط لإنسانية المرأة.ولماذا شرِّع هذا الزواج؟
حسب رأي السيد فضل الله، فإن الزواج الدائم عبر التاريخ وأمام كل القوانين، سواء البدائية منها أو الحضارية لم يستطع أن يحلَّ مشكلة الجنس، لأن هناك ظروفاً كثيرة يعيشها الناس، رجالاً ونساءً، لا تسمح لهم بعلاقة الزواج، لذلك طورت مسألة تشريع الزواج الموقت الذي يخضع لقانون دقيق في العلاقة، فهناك عقد وهناك مهرٌ، وإذا حصل حمل يكون المولود شرعياً، كما أن المرأة إذا انتهت المدة المتفق عليها مع الزوج تعتدّ قبل أن ترتبط من جديد بإنسان آخر.