|
هذه الأرضُ قد سقتها السماءُ
فاسقياني سقتكما الأنواءُ |
هذه الأرضُ قد سقتها السماءُ |
في هواها وطابَ منها الهواءُ |
بنتَ كرمٍ قد هام كلُّ كريم |
ألبسَتْها نطاقها الجوزاءُ |
واجلُواها عذراءَ تحكي عروساً |
مَيْتُ هجرٍ قد عزَّ منه الشفاء |
وأعيدا مديح يحيى ليحيا |
حبَّذا العونُ في العُلى والرجاءُ |
هو عَوني على العُلى ورجائي |
في همومي ودِيمتي الوطفاءُ |
وهو أنسي في وحشتي وسُروري |
بنداهُ الأمواتُ والأحياءُ |
شملَ الخلقَ فضلُه فأقرَّت |
والمعالي به لهنَّ اعتلاءُ |
فبيحيى لا يبرح الفضلُ يحيا |
هكذا هكذا يكونُ الإخاءُ |
أحكمَ الودُّ منه عَقدَ إخائي |
سقياً لمَثْناة ِ الحجاز وطيبها
ولسُوحِ رَوضتِها وسَفح كثيبِها |
سقياً لمَثْناة ِ الحجاز وطيبها |
تنسابُ بين مَسيلها ومَسيبِها |
وظِلالِ دوحٍ في شَريعتها التي |
كلِّ الرِّياض بحسنِها وبطيبها |
ورياضِ بَحْرتها التي فاقت على |
وترابِها ما صحَّ من تَركيبها |
يَنفي الوَبا عن مائِها وهوائِها |
نفسي من اللَّذات كلَّ نصيبها |
لله عَقْوتُها التي نالت بها |
أختالُ بين رَبابِها ورَبيبها |
كم بتُّ فيها ساحباً ذيلَ الصِّبا |
دبَّت حُميَّا الكأسِ بعض دَبيبها |
ويكفُّني حلمُ الحِجا حتى إذا |
ما زال دهري مُعجَباً بعجيبها |
مزَّقتُ جلبابَ الوَقار بصبوَة ٍ |
سُلافِتا الذَّهبيُّ في تذهيبِها |
واهاً لها من ليلة ٍ لم يألُ لونُ |
بل كم شفت نفساً بقُرب حبيبها |
كم شنَّفتْ كأساً بدُرِّ حَبابها |
وأرحْ براحَتها فؤادَ كئيبها |
يا ساقيَ الراح الشهيَّة هاتِها |
إن رمتَ بُعدَ الهمِّ من تقريبها |
قرِّب كؤوسَك ـ لا نأيتَ ـ فلا غِنى ً |
فالأنسُ موقوفٌ على شرِّيبها |
أدِم اصطِباحاً واغتباقاً شِربَها |
واختَزْلها الألقابَ في تَلقيبها |
صِفها بأحستِ وصفِها ونُعوتها |
ياقوتة ٌ ذابتْ بكفِّ مُذيبها |
حمراءُ تسطعُ في الكؤوس كأنَّها |
وافترَّ ثغرُ الكأس من تَقطيبها |
صرفت همومَ الشاربين بِصرْفها |
ما رجَّعت ورقاءُ في تَطريبِها |
لو لم يكنْ في الرَّوض مغرسُ كرمها |
بجوامع اللذَّات غيرُ مُجيبها |
دعت العقولَ إلى الذُّهول فلم يفز |
في الحُسن عند طلوعها ومَغيبها |
ومليحة ٍ قد أشْبَهتْ شمسَ الضُّحى |
بشروقها وتغيبُ في غِرْبيبها |
تبدو فتختطفُ العيونَ مضيئة ً |
فقصرتُ أشعاري على تشبيبها |
شبَّت فشبَّت في الحشا نارُ الأسى |
فاعجبْ لحُسن نَسيبها لنَسيبها |
ناسبتُها ونسبتُ في شِعري بها |
تذكو فيشكو القلبُ حرَّ لهيبها |
ومن العجائب أنَّ جمرة َ خدِّها |
يَقضي بصبِّ مدامعي وصَبِيبها |
ما زال منذُ فقدتُّها وَصَبِي بها |
إلاَّ أغصَّتني بعين رَقيبِها |
ما ساغَ موردُ وصلها لي ساعة ً |
في الحبِّ أحوالي على تَرتيبها |
بالله ربِّكم اسمَعوا أشرَحْ لكمِ |
فمُنِعْتُها فقضيتُ من كلفي بها |
أبصرتُها فعشِقتُها فطلبتُها |
من وجدها بلْ زدْتَ في تعذيبها |
يا عاذِلي ما رمتَ راحة مهجتي |
يكفيكَ صدقُ هوايَ في تكذيبها |
لا تكثرنْ نُصحي فتلكَ نصائحٌ |
عندي وان بالغتَ في تهذيبها |
ما هُنَّ غيرُ وساوسٍ تهذي بها |
يزدادُ فرطُ هواهُ من تأنيبها |
هيهات يَسلو بالمَلامة مغرمٌ |
رشقته نبلُ لحاظِها بمصيبها |
ويرى السلوُّ مصيبة ً من بعدما |
ولمدح مُنتخَب العُلى ونجيبها |
ما زلتُ انتخبُ القريضَ لوصفها |
وعريفِ ساداتِ الهُدى ونَقيبِها |
مُولي المعارِف والعوارفِ والنَّدى |
وحسيبُها المشهور وابنُ حسيبها |
ان عُدَّت الأنسابُ فهو نسيبُها |
هي في غنى ً عن بُردها وقضيبها |
حاز الفخارَ بِنسْبة ٍ نبويَّة ٍ |
جلَّت عن ابن قَرينها وقَريبِها |
وروى مُعنعنَ مجده برواية ٍ |
كانت مناقبُه لسانَ خَطيبها |
ندبٌ إذا افتُرِغَتْ منابرُ مِدحة ٍ |
فحسينُها الحسنيُّ صدرُ رَحيبها |
وإذا المجالسُ بالصدُور تزاحمتْ |
من أمَّة الفُضلاءِ قلبُ مُنيبِها |
هو كعبة ُ الفضلِ التي يَهوي لها |
إذعانَ هائِبها لبأس مَهيبها |
ذلَّت وأذعَنتِ الأباة ُ لمجدِه |
ببعيدِ غاياتِ العُلى وقَريبها |
يا أيُّها الشهمُ الذي سَبقَ الورى |
عن أن تَنالَ عُلاه كفُّ خَضِيبها |
جُزتَ السماء بمُرتقى ً قد قصَّرتْ |
لم يحوِها شيبٌ أوانَ مَشيبِها |
وحويتَ إبَّانَ الشَّباب مَفاخراً |
ضحكت به الآمالُ بعد نَحيبها |
لله دَرُّكَ من جَواد ماجدٍ |
بأوانسِ الألفاظِ دونَ غَريبها |
وإليكها غرّاءَ تستلبُ النُّهى |
حنَّت إلى لُقياكَ حَنَّة نِيبِها |
وافتكَ تشرحُ شوقَ نَفسي عندما |
شعرَ المحبِّ يفوقُ شِعرَ حبيبِها |
قايسْ بها الأشعارَ في حُسنٍ تجدْ |
تختالُ من أبرادِها بقَشِيبها |
واسلمْ ودُم في نعمة ٍ طولَ المدى |
أو غرَّدت ورقاءُ فوقَ قضِيبِها |
ما رنَّحتْ ريحُ الصِّبا زهرَ الرُّبى |
أيُّ ذنبٍ في هواكم أذنبَهْ
مغرمٌ لم يقضِ منكم أربَهْ |
أيُّ ذنبٍ في هواكم أذنبَهْ |
بجفاكم يا تُرى ما أوجبَهْ |
أوجبَ البينُ له فرطَ الأسى |
من رأى شَيئاً عجيباً أعجبَهْ |
ليس نُكراً بكُمُ إعجابُهُ |
وصبَا شوقاً وأبدى وَصَبَهْ |
لا تلومُوه إذا هامَ بكم |
وعذابي فيكُمُ ما أعْذبَهْ |
ما ألذَّ الوجدَ في حِّبكُمُ |
لو وَصَلتم من قَطعتُمْ سَببَهْ |
يا نزول الخَيْفِ ما ضرَّكم |
بعُدتْ أظعانكم ما قربَهْ |
مُستهامٌ خانَه الصَّبرُ فمذْ |
وإذا هبَّ نسيمٌ أطربَهْ |
كلَّما لاحَ بريقٌ شاقَه |
ما أساغَ الدَّهرُ يوماً مشربَهْ |
منذُ أقصتهُ النَّوى عن داركم |
هزَّه الشوقُ إليكمْ فانتَبهْ |
وإذا رام هُجوعاً طَرفُه |
بدرُ حُسنٍ منه في البدر شَبَهْ |
وبشرقيَّ الحِمى من ضارِجٍ |
وسَبى العقلَ غراماً وسبَهْ |
أضرمَ الأحشاءَ وجداً وأسى ً |
هاجمَ الصُبح عليه غَلبَه |
أسمرٌ لو غالبَ اللَّيلُ به |
عتبَ الصبُّ دلالاً أعتبَهْ |
لا يرى في الحبِّ عتباً وإذا |
وحكى الإدلالُ منه غضبَه |
مزجَ الدلَّ بأعراض الجَفا |
خفي الأمرُ عليه واشتبَهْ |
فإذا رام محبٌّ عتبَهُ |