320 - 357 هـ / 932 - 967 م
الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، أبو فراس.
شاعر أمير، فارس، ابن عم سيف الدولة. له وقائع كثيرة، قاتل بها بين يدي سيف الدولة، وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه، وقلده منبج وحران وأعمالها، فكان يسكن بمنبج ويتنقل في بلاد الشام.
جرح في معركة
مع
الروم، فأسروه وبقي في القسطنطينية أعواماً، ثم فداه سيف الدولة بأموال
عظيمة.
قال الذهبي: كانت له منبج، وتملك حمص وسار ليتملك حلب فقتل في تدمر.
وقال ابن خلّكان: مات قتيلاً في صدد (على مقربة من حمص)، قتله رجال خاله سعد الدولة.
أقَنَاعَة ً، مِنْ بَعدِ طُولِ جَفاءِ،
بدنوِّ طيفٍ منْ حبيبِ ناءِ! |
أقَنَاعَة ً، مِنْ بَعدِ طُولِ جَفاءِ، |
نَفْدِيكَ بِالأمّاتِ وَالآباءِ |
بأبي وأمي شادنٌ قلنا لهُ : |
كانتْ لهُ سبباً إلى الفحشاءِ |
رشأ إذا لحظَ العفيفَ بنظرة ٍ |
ببديعِ ما فيها من اللألآءِ |
وَجَنَاتُهُ تَجْني عَلى عُشّاقِهِ |
مثلَ المدامِ خلطتها بالماءِ |
بِيضٌ عَلَتها حُمْرَة ٌ فَتَوَرّدَتْ |
بَيْضَاءَ تَحْتَ غِلالَة ٍ حَمْرَاءِ |
فكأنما برزتْ لنا بغلالة ٍ |
طُرُقٌ لأسْهُمِهَا إلى الأحْشاءِ؟ |
كيفَ اتقاءُ لحاظهِ ؛ وعيوننا |
فكأنهُ يبكي بمثلِ بكائي |
صَبَغَ الحَيَا خَدّيْهِ لَوْنَ مدامعي |
بظُبى الصّوَارِمِ من عيونِ ظِباءِ؟ |
كيفَ اتقاءُ جآذرٍ يرميننا |
حاشاكَ ممَّـا ضمنتْ أحشائي؟ |
يا ربِّ تلكَ المقلة ِ النجلاءِ ، |
وَمَنَحْتَني غَدْراً بِحُسْنِ وَفائي |
جازيتني بعداً بقربي في الهوى |
عَرّاضة ٌ مِنْ أصْدَقِ الأنْواءِ! |
جَادتْ عِرَاصكِ يا شآمُ سَحَابَة ٌ |
وَمَحَلُّ كُلِّ فُتُوّة ٍ وَفَتَاءِ |
بَلَدُ المَجَانَة ِ وَالخَلاعَة ِ وَالصِّبَا |
وَصَفَاءُ مَاءٍ وَاعْتِدالُ هَوَاءِ |
أنْوَاعُ زَهْرٍ وَالتِفَافُ حَدَائِقِ |
كَأسَيْنِ مِنْ لَحْظٍ وَمن صَهْبَاءِ |
وَخَرَائِدٌ مِثْلُ الدُّمَى يَسْقِينَنَا |
غَنّيْنَنَا شِعْرَ ابنِ أوْسِ الطّائي |
وَإذا أدَرْنَ على النَّدامَى كَأسَهَا |
وتركتُ أحوالَ السرورِ ورائي |
فارقتُ ، حينَ شخصتُ عنها ، لذتي |
خلواً من الخلطاءِ والندماءِ |
و نزلتُ منْ بلدِ " الجزيرة ِ " منزلاً |
من رِيْقِهَا وَيَضِيقُ كُلُّ فَضَاءِ |
فَيُمِرُّ عِنْدي كُلُّ طَعْمٍ طَيّبٍ |
و " قويق " لا ماءُ " الفراتِ " منائي |
ألشّامُ لا بَلَدُ الجَزيرة ِ لَذّتي |
ـوداءِ لا " بالرقة ِ " البيضاءِ |
وَأبِيتُ مُرْتَهَنَ الفُؤادِ بِمَنبجَ السّـ |
أُمْسِي نَديمَ كوَاكِبِ الجَوْزَاءِ؟ |
منْ مبلغُ الندماءِ : أني بعدهمْ |
منكمْ على بعدِ الديارِ إخائي؟ |
ولَقد رَعَيْتُ فليتَ شِعرِي من رَعى |
إنّي لَمُشْتَاقٌ إلى العَلْيَاءِ |
فحمَ الغبيُّ وقلتُ غيرَ ملجلجٍ: |
مُتَعَرّضٌ في الشّعْرِ بِالشّعَرَاءِ |
وَصِناعَتي ضَرْبُ السّيُوفِ وَإنّني |
و سلامة ٍ موصولة ٍ ببقاءِ |
و اللهُ يجمعنا بعزٍ دائمٍ |
أما يردعُ الموتُ أهلَ النهى
وَيَمْنَعُ عَنْ غَيّهِ مَنْ غَوَى ! |
أما يردعُ الموتُ أهلَ النهى |
يروحُ ويغدو قصيرَ الخطا |
أمَا عَالِمٌ، عَارِفٌ بالزّمانِ |
إليهِ سريعٌ ، قريبُ المدى |
فَيَا لاهِياً، آمِناً، وَالحِمَامُ |
و يأمنُ شيئاً كأنْ قد أتى |
يُسَرّ بِشَيْءٍ كَأَنْ قَدْ مَضَى ، |
تيقنتَ أنكَ منهمْ غدا |
إذا مَا مَرَرْتَ بِأهْلِ القُبُورِ |
سَوَاءٌ إذا أُسْلِمَا لِلْبِلَى |
و أنَّ العزيزَ ، بها ، والذليلَ |
وَحِيدَيْنِ، تَحْتَ طِبَاقِ الثّرَى |
غَرِيبَيْنِ، مَا لَهُمَا مُؤنِسٌ، |
وَلا عَمَلٌ غَيْرُ مَا قَدْ مَضَى |
فلا أملٌ غيرُ عفوِ الإلهِ |
و إنْ كانَ شراً فشراً يرى |
فَإنْ كَانَ خَيْراً فَخَيْراً تَنَالُ؛ |
و ما أنسَ لا أنسَ يومَ المغارِ
محجبة ً لفظتها الحجبْ |
و ما أنسَ لا أنسَ يومَ المغارِ |
لِمَا لا تَشَاءُ، وَمَا لا تُحِبّ |
دَعَاكَ ذَوُوهَا بِسُوءِ الفِعَالِ |
و قدْ رأتِ الموتَ منْ عنْ كثبْ |
فَوَافَتْكَ تَعْثُرُ في مِرْطِهَا، |
ـتَ دَلَّ الجَمَالِ بِذُلْ الرُّعُبْ |
وَقَدْ خَلَطَ الخَوْفُ لَمّا طَلَعْـ |
و تهتزُّ في المشيِ لا منْ طربْ |
تُسَارِعُ في الخَطْوِ لا خِفّة ً، |
بدا لكَ منهنَّ جيشَ لجبْ |
فلمَّـا بدتْ لكَ فوقَ البيوتِ |
و كنتَ أباهنَّ إذْ ليسَ أبْ |
فكنتَ أخاهنَّ إذْ لا أخٌ |
و تحمي الحريمَ ، وترعى النسبْ |
وَمَا زِلتَ مُذْ كُنتَ تأتي الجَمِيلَ |
أطَعْتَ الرّضا، وَعَصَيْتَ الغَضَبْ |
و تغضبُ حتى إذا ما ملكتَ |
وَيَرْفَعنَ مِن ذَيْلِها ما انسَحَبْ |
فَوَلّيْنَ عَنْكَ يُفَدّينَهَا، |
تِ: لا يَقطَعِ اللَّهُ نَسْلَ العَرَبْ |
يُنَادِينَ بينَ خِلالِ البُيُو |
ببذلِ الأمانِ وردِ السلبْ |
أمرتَ - وأنتَ المطاعُ الكريمُ - |
بأوفرِ غنمٍ وأغلى نشبْ |
و قدْ رحنَ منْ مهجاتِ القلوبِ |
رددنَ القلوبَ رددنا النهبْ |
فإنْ هُنّ يَابْنَ السَّرَاة ِ الكِرَامِ، |
احذرْ مقاربة َ اللئامِ ! فإنهُ
ينبيكَ ، عنهمْ في الأمورِ ، مجربُ |
احذرْ مقاربة َ اللئامِ ! فإنهُ |
و إذا تربتَ ، تفرقوا وتجنبوا |
قومٌ ، إذا أيسرتَ ، كانوا إخوة ً |
بالصّبرِ تُدْرِكُ كلّ ما تَتَطَلّبُ |
اصبرْ على ريبِ الزمانِ فإنهُ |
زائرٍ حببهُ إغبابهُ
طَالَ عَلى رَغمِ السُّرَى اجتِنابُهُ |
و زائرٍ حببهُ إغبابهُ |
واجتابَ بطنانَ العجاجِ جابهُ |
وافاهُ دهرٌ عصلٌ أنيابهُ |
وَأرْفَدَتْ خَيْرَاتُهُ وَرَابُهُ |
يدأبُ ما ردَّ الزمانُ دابهُ |
باكٍ حزينٌ ، رعدهُ انتحابهُ |
وافى أمامَ هطلهِ ربابهُ |
رَائِحَة ٌ هُبُوبُهَا هِبَابُهُ |
جاءتْ بهِ ، مسيلة ً أهدابهُ ، |
ركبُ حيَّا كانَ الصبا ركابهُ |
ذيالة ً ذلتْ لها صعابهُ |
وضربتْ على الثرى عقابهُ |
حَتى إذَا مَا اتّصَلَتْ أسْبَابُهُ |
وَامْتَدّ في أرْجَائِهِ أطْنَابُهُ |
و ضربتْ على الربا قبابهُ |
وَرَدَفَ اصْطِفَاقَهُ اضْطِرَابُهُ |
وَتَبِعَ انْسِجَامَهُ انْسِكَابُهُ |
ركنَ شروري واصطفتْ هضابهُ |
كأنما قدْ حملتْ سحابهُ |
وَشَرِقَتْ بِمَائِهَا شِعَابُهُ |
جَلّى عَلى وَجْهِ الثّرى كِتَابُهُ |
كَأنّهُ لَمّا انْجَلَى مُنْجَابُهُ |
و حليتْ بنورها رحابهُ |
شيخٌ كبيرٌ عادهُ شبابهُ |
و لمْ يؤمنْ فقدهُ إيابهُ |