1247-1257هـ/1831-1840م

طمع محمد علي بضّم سوريا إلى مصر لتأسيس دولة قوية، تحيي عهد الفاطميين والأيوبيين والمماليك، حين كانت مصر تضّم إلى رقعتها سوريا وجزيرة العرب. فأرسل إبنه إبراهيم باشا على رأس حملة قوية، لتنفيذ هذا المشروع.

*إبراهيم باشا يدخل بيروت من باب الدركاه نحو السرايا القديمة 1247هـ/1831 :

عندما حاول محمد علي باشا والي مصر، إقامة مُلك مستقل له، أرسل حملة بقيادة إبنه إبراهيم باشا لاحتلال بلاد الشام، معتمداً على مساعدة الأمير بشير الشهابي الثاني، الذي توطدت صداقته مع محمد علي باشا منه سنة 1238هـ/1822م عندما التجأ إليه في مصر، بعد أن عزلته الدولة العثمانية عن إمارة الجبل، ثم أصدرت عفوها عنه نتيجة تدخل محمد علي، فحفظ له الأمير بشير هذا الجميل، ووقف إلى جانبه في حملته هذه، معلِّقاً مصيره بمصير تلك الحملة. وبفضل تعاون الأمير والباشا، كان الاستيلاء على بلاد الشام أمراً يسيراً. وكانت بيروت تابعة لوالي صيدا عبد الله باشا، الذي رفض تسليم الفلاحين المصريين الفارين من الخدمة العسكرية إلى محمد علي، فتذرع هذا الأخير بهذا السبب ليقوم بحملته على بلاد الشام. وهكذا دخل الجيش المصري عكا ودمشق وطرابلس وحمص، أما بيروت فقد دخلها إبراهيم باشا من باب الدركاه وشق طريقه نحو السرايا القديمة، التي بناها الأمير فخر الدين الثاني، في موكب فخم تظلله أقواس النصر ومعالم الزين والقباب سنة 1247هـ/1831م.

*تعيين محمود بك محافظاً على بيروت 1249هـ/1833م :

وبعد دخوله بيروت، ألغى إبراهيم باشا التقسيمات الإدارية في بلاد الشام، وأتخذ مقره العام في إنطاكية. وعيَّن محمد شريف بك حاكماً على سوريا سنة 1248هـ/1832م، كما جعل سليمان باشا الفرنساوي حاكماً على ولاية عكا وذلك مكان عبد الله باشا، الذي سلَّم نفسه بعد سقوط عكا فأرسله إبراهيم باشا إلى الإسكندرية، حيث أحسن محمد علي باشا مثواه، وأنزله في قصر مخصَّص له.

ثم عيَّن إبراهيم باشا متسلمين على المدن الساحلية مثل بيروت وصيدا وصور وطرابلس. وسنة 1248هـ/1832م فوَّض الأمير بشير الشهابي الثاني بإدارة هذه المدن، فولَّى عليها متسلمين من أقاربه، وأرسل الأمير بشير إبنه الأمير ملحم حيدر متسلماً على بيروت، وقد بعث برسالة إلى قاضي بيروت الشيخ يونس البزري في 10 كانون الأول سنة 1832م يعلمه بتوجه إبنه ليتسلَّم بيروت. وظلَّت بيوت وصيدا وصور تابعة لحكم الأمير بشير، وفي كل منها ممثل لإبراهيم باشا. وقد عيَّن إبراهيم باشا محمود نامي بك محافظاً على بيروت لمدة سبع سنوات 1249-1256هـ/1833-1840م، وهو أحد ضباط البحرية، تخصص بمادة الرياضيات في فرنسا، فانعكست ثقافته على تسيير أمور بيروت التي خطت خطوتها الأولى في سبيل رقيها الحديث. وكان محمد علي باشا وإبنه إبراهيم باشا وعامله على بيروت محمود نامي بك من الذين آمنوا بالأفكار الحديثة، فرغم سلطتهم المطلقة، شكَّلوا {مجلس شورى بيروت}، وديوان الصحة، وديوان التجارة، وتضّم كلها أعضاء من سكان بيروت، يتباحثون معهم في جميع الأعمال.

وقد برز أسم السيِّد عبد الفتَّاح آغا حمادة المشهور بالسيِّد فتيحة، كأحد معاوني محمود نامي بك.

عودة للفصل الرابع

عودة للباب الخامس

عودة للصفحة الرئيسية