كان المجتمع الأندلسي في القرن الخامس الهجري مزيجاً من الأجناس, إذ امتزج العرب بالمولدين والصقالبة والبربر والزنوج واليهود. ورغم هذا الاختلاف العرقي فقد استطاعت الثقافة العربيّة أن تحافظ على وحدتها.
مظاهر من الحياة اليومية للسكان
اشتهر أهل الأندلس بحبهم للنظافة في ملبسهم ومأكلهم وفرشهم, وكل ما يتعلق بهم "وفيهم من لا يكون عنده إلاّ ما يقوته يومه, فيطويه صائماً, ويبتاع صابوناً يغسل به ثيابه, ولا يظهر فيها ساعة على حالة تنبو العين عنها.
واعتاد سائر الناس أن يسيروا في الشوارع ورؤوسهم عارية, أما الفقهاء والقضاة فالغالب عليهم وضع العمائم في غرب الأندلس, أما في الشرق فيرى القاضي أو الفقيه عاري الرأس ويندر أن يتعمّم. ويلبس الخاصّة منهم الطيلسان, أما غفائر الصّوف فكانوا يلبسون الخضراء والحمراء منها, حيث اختص اليهود بلبس الصّفراء, ولا سبيل لليهود أن يتخذوا العمائم ولا يجوز أن يرخي الذّؤابة إلاّ عالم.
وكانت الأوضاع التي تلبس بها العمائم في المشرق غير معروفة عند الأندلسيين فإذا رأوا مشرقياً أظهروا التعجّب والاستطراف, وكانت ثيابهم تفصل على طريقتهم الخاصّة حيث لم تكن الطريقة المشرقية في تفصيل الثياب متبعة لديهم.
وكانت منازل الأندلسيين لا تختلف كثيراً عن بقيّة المنازل في العالم الإسلامي وكانوا يستعملون في بنائها الآجر والحجر, وكان للحجر عندهم أنواع منها الخمري والأحمر والأبيض, وكانوا يجعلون لبيوتهم جدراناً عالية, أمّا الأبواب والنوافذ فكانت صغيرة, وكانوا يحرصون على أن يكون للبيت ساحة واسعة.
وكان لسكان الأندلس عدّة هوايات يمضون بها أوقات فراغهم, فقد كانوا ينظمون سباقات الخيل, ويقيمون مباريات بين الفرسان وهم يتقاذفون كرة خشبية, كما كانت مباريات المصارعة بالعصيّ تحظى لديهم بالعناية, وكان اللّعب بالشطرنج والنّرد رائجاً عندهم رواجاً كبيراً.
وقد اشتهر الأندلسيون ببراعتهم وحذقهم وذكائهم وثباتهم وصمودهم في الحروب مع أعدائهم ومواظبتهم على التعلم والتحصيل وحيويتهم وخفّة دمهم وكانوا شديدي التعصب لبلادهم, نرى ذلك من أنسابهم, فلا نكاد نجد عالماً ولا أديباً إلاّ وينسب لبلده.